ترجمات أجنبية

أحوال تركيا – ديفيد ليبسكا يكتب – الأويغور يحتاجون إلى مزيد من الدعم العالمي

أحوال تركيا – ديفيد ليبسكا * –  12/8/2020

ظهرت موجة من الدعم العالمي في الأسابيع الأخيرة لشعب الأويغور (وهم أقلية تركية) المضطهد في مقاطعة شينجيانغ غربي الصين، لكن هذا الزخم لم يلهم أي دولة ذات أغلبية مسلمة، بما في ذلك تركيا؛ حليفة الأويغور المفترضة، للتنديد بحملة بكين القمعية ضد الأويغور، التي يصفها البعض بالإبادة الجماعية.

نشرت “بي بي سي” مؤخراً أشرطة فيديو ورسائل نصية أرسلها ممثل الأويغور والناشط، مردان غابار، من داخل أحد معسكرات شينجيانغ؛ حيث قُدمت أدلة مرئية مفصلة عن كيفية إجبار الصين لما يصل إلى مليونين من الأويغور والأقليات المسلمة الأخرى على التخلي عن ثقافتهم ودينهم، في أكبر اعتقال جماعي لمجموعة عرقية منذ الحرب العالمية الثانية. وقد أبلغ المعتقلون الهاربون عن كل شيء، من إجبارهم على أكل لحم الخنزير إلى الاغتصاب والتعذيب.

كانت عمليات التنديد بسياسات بكين في شينجيانغ منتشرة في كل مكان منذ تقرير وكالة “أسوشيتد برس” في أواخر شهر حزيران (يونيو) الذي وجد أن الحكومة الصينية تفرض العقم والإجهاض على نساء الأويغور كجزء من حملة خفضت معدلات المواليد في بعض المناطق بنسبة 60 بالمائة.

كما خصص جون أوليفر، مقدم البرامج الحوارية، حلقة في أواخر تموز (يوليو) من برنامجه على شبكة قنوات “إتش بي أو” للأويغور، داعيًا الأمم المتحدة والحكومات الغربية إلى بذل المزيد من الجهد. وقد اجتذبت الحلقة حوالي 6.5 مليون مشاهدة على موقع “يوتيوب” وحده. ووصف وزير الخارجية الفرنسي الوضع في شينجيانغ بأنه غير مقبول، ودعا البرلمانيون الأوروبيون الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على بكين بسبب سياساتها في شينجيانغ، كما فعلت صحيفة “الغارديان” مع الحكومة البريطانية.

وأظهرت تقارير صدرت الشهر الماضي أن مئات الآلاف من الأويغور المحتجزين قد أُجبروا على العمل، وصنعوا منتجات لشركات كبرى مثل “نايك”، و”فولكس فاجن” وعلامات تجارية رائدة في مجال الأزياء. وتواجه هذه الشركات الآن ضغوطًا لضمان عدم مشاركة عمال من الأويغور قسريًا في الإنتاج؛ وقدم الكونغرس الأميركي هذا الشهر مشروع قانون لمنع التوظيف الجبري للأويغور.

وفي الأيام الأخيرة أيضًا، فرضت إدارة ترامب عقوبات على فيلق شينجيانغ للإنتاج والبناء، الذي يشرف على المعسكرات، وعلى اثنين من كبار المسؤولين السابقين في الفيلق.

يشغل دولكون عيسى، وظيفة رئيس “المؤتمر العالمي للأويغور”، وهي المنظمة الدولية الرائدة التي تناضل من أجل حقوق الأويغور، وهم شعب تركي مسلم أصله من شينجيانغ، أو تركستان الشرقية. ودعا إلى مزيد من الضغط على بكين.

وقال لموقع (أحوال تركية) في تدوينة صوتية: “لقد رأينا بعض الإيجابيات من المجتمع الدولي”، مشيرًا إلى العقوبات الأميركية والقائمة الاقتصادية السوداء التي تضم ما يقرب من 50 شركة صينية. وأضاف: “ولكن ما تزال هناك الكثير من الدول التي تدعم سياسة الصين. وما تزال العديد من الدول صامتة، ولا سيما الدول الإسلامية”.

لم يكن الحزب الشيوعي الصيني أبدًا صديقًا للدين، الذي يعتبره تهديدًا محتملاً لسلطته. وقد استهدف الأويغور، إلى جانب القرغيز والكازاخ والأقليات المسلمة الأخرى، مثل البوذيين التبتيين، بالتمييز والمضايقات على مدى عقود.

وفي العام 2009، أدت هذه الممارسات إلى قيام الأويغور باحتجاجات حاشدة. لكن بكين ردت بقوة، ودمرت المساجد وبعض أحياء الأويغور في أورومتشي، عاصمة شينجيانغ.

وسرعان ما أعلنت حكومة الرئيس الصيني شي جين بينغ الإسلام مرضًا أيديولوجيًا معديًا وفتحت معسكرات الاعتقال، التي تم الإبلاغ عنها لأول مرة في العام 2018. ويعيش سكان شينجيانغ اليوم في الدولة البوليسية الأكثر تقدمًا في العالم. وتظهر نقاط التفتيش على بعد كل بضع بنايات، بينما تراقب مئات الآلاف من كاميرات المراقبة عمليات الدخول والخروج.

وتحتجز الشرطة أي شخص ينتهك أياً من 75 مؤشراً مفترضاً للتطرف الديني، مثل تخزين كميات كبيرة من الطعام، أو التقدم بطلب للحصول علىجواز سفر، أو الإقلاع عن الشرب أو التدخين. ويضطر السكان المحليون إلى تحميل تطبيقات على هواتفهم تفحص سجلات الدردشة بحثًا عن آيات قرآنية أو نص عربي أو أي شيء إسلامي مثير للريبة.

وقال عيسى “تهاجم الحكومة الصينية القيم الإسلامية وتستهدفها، ولكن لا توجد دولة إسلامية واحدة تكسر صمتها وتتحدث ضد الفظائع الصينية”.

ويمتد هذا إلى تركيا أيضًا، حيث ينظر القوميون إلى الأويغور على أنهم إخوانهم المسلمون الترك بسبب الروابط اللغوية والدينية. ومنذ أن شنت بكين حملتها القمعية في شينغيانغ، استقبلت تركيا حوالي 20 ألفاً من الأويغور اللاجئين، أكثر من أي دولة أخرى. ومع ذلك، أعربت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان عن دعم ضئيل لقضية الأويغور.

وقال عيسى: “يحاول الشعب التركي، لأننا نتشارك التاريخ نفسه، والمجموعة اللغوية نفسها، مساعدتنا وإظهار التضامن. لكن الحكومة، بسبب التبعية التجارية والاقتصادية، تظل صامتة”.

وفي الشهر الماضي، وجد تقرير لصحيفة “التلغراف” أن اعتماد تركيا الاقتصادي المتزايد على بكين، لا سيما فيما يتعلق بمبادرة الحزام والطريق، يقوض قدرتها على حماية الأويغور. وبدلاً من ترحيل الأويغور إلى الصين، الأمر الذي ستواجه حكومة أردوغان بسببه انتقادات كبيرة من قاعدتها المحافظة، يبدو أن الحكومة التركية ترسلهم سراً إلى دول ثالثة.

وأشار مقال التلغراف إلى أمثلة عدة، بما في ذلك الأم الأويغورية، زينيتغول تورسون، وبناتها الرضيعات، اللواتي تم ترحيلهن العام الماضي إلى طاجيكستان، حيث لا تربطهن بالبلد أي صلات أو تاريخ، ومن هناك أعيد إرسالهن إلى الصين. وقال عيسى “لا ترغب تركيا في ترحيل الأويغور إلى الصين، لكن الدول الثالثة هي التي تقوم بترحيلهم. وهذا عار كبير”.

في العام 2009، أصبح رئيس الوزراء آنذاك، أردوغان، من أوائل قادة العالم الذين وصفوا معاملة الصين للأويغور بأنها “إبادة جماعية”، ولم يتحدث عنهم أو يدافع عنهم بعد ذلك أبداً. وفي العام الماضي، أعرب وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عن قلقه بشأن انتهاكات حقوق الأويغور.

وقال عيسى إن هذه التعليقات بعثت الأمل بين الأويغور، لكن هذه التعليقات تحطمت في كلتا الحالتين عندما واصلت أنقرة الوقوف إلى جانب بكين. وقال محامي الترحيل التركي، إبراهيم إرجين، لصحيفة التلغراف، إن لديه قائمة تضم 200 من الأكاديميين الأويغور في تركيا وإن الصين قدمت طلبات تسليمهم جميعًا، متطلعين إلى ممارسة ضغوط أكبر.

وقال عيسى: “ذراع الصين الطويلة تطول أكثر”، مضيفاً أن بكين صنفت الأويغور كهدف إرهابي كبير.

وما يزال عيسى يشعر بالثقة بأنه بسبب الدعم من القوميين والمحافظين والسياسيين المعارضين والمجتمع المدني، فإن الغالبية العظمى من الأويغور في تركيا ما تزال آمنة. وأشار إلى قضية زعيم الأويغور، عبد القادر يابكان، حيث ضغطت بكين على أنقرة لمدة عامين لترحيله وفشلت.

وقال عيسى: “أعتقد أن الأويغور في تركيا ليسوا في وضع خطير”، داعياً أنقرة لبذل المزيد. “يجب على الحكومة التركية كسر حاجز الصمت ودعمنا فقط، لأن الشعب التركي والمجتمع المدني التركي يدعمون الأويغور بشكل جيد”.

شهدت بكين تراجع دعمها في واشنطن العام الماضي، وذلك بسبب الخلافات حول التجارة ووباء فيروس كورونا وأدوات وسائل التواصل الاجتماعي صينية المنشأ.

وفي الآونة الأخيرة، أخبر وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، مجلس الشيوخ أن الحزب الشيوعي الصيني يمثل التهديد الرئيسي لعصرنا، ثم أصدر ترامب أوامر تنفيذية تحظر تطبيقي “تيك توك”، و”وي تشات” من السوق الأميركية اعتبارًا من الشهر المقبل.

وعلى الرغم من أن ترامب قال للزعيم الصيني شي جين بينغ العام الماضي إن معسكرات شينغيانغ هي الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله، فقد عاقبت حكومته بكين مرات عدة بسبب المعسكرات، مع المزيد من العقوبات المحتملة قيد التنفيذ. ويعتقد بعض المحللين أن تركيز واشنطن الأخير على شينغيانغ يعكس إجماعًا متزايدًا من الحزبين على الحاجة إلى معاقبة الصين.

إن فيلق شينجيانغ للإنتاج والبناء، الذي أنشأه ماو تسي تونغ في العام 1954 لاستعمار شينغيانغ، هو اليوم جماعة شبه عسكرية قوية قوامها 3 ملايين تدير مدنها ومصانعها ومزارعها ووسائل الإعلام الخاصة بها، وتسيطر على أكثر من 20 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للمقاطعة.

ورأى عيسى أن العقوبات الأميركية المفروضة على فيلق شينجيانغ للإنتاج والبناء لها تأثير كبير، لكنه يعتقد أن تغيير سياسات بكين سيتطلب استجابة منسقة. وقال: “على الدول الأوروبية، وخاصة ألمانيا، أن تستيقظ. الضغط الدولي هو السبيل الوحيد لوقف هذه الفظائع، ولكن، حتى الآن لم نشهد أي إجراء ملموس كبير بعد”.

*كاتب يختص بالشأن التركي وشؤون الأكراد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى