أبو شريف رباح: بين دخان القصف على لبنان ولهيب الصواريخ في غزة هل المنطقة متجهة لحرب جديدة؟

أبو شريف رباح 29\9\3025: بين دخان القصف على لبنان ولهيب الصواريخ في غزة هل المنطقة متجهة لحرب جديدة؟
لم تغادر الطائرات الحربية الإسرائيلية سماء لبنان ولم يتوقف هدير الصواريخ رغم الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار، القرى اللبنانية ما زالت تحت المطر الناري وأزيز الطائرات يخترق ليل البلاد ونهارها فيما تتكدس الحشود العسكرية الإسرائيلية على الحدود وكأنها تنتظر ساعة الصفر.
المشهد برمته يوحي بأن الحرب على وشك الانفجار من جديد وأن المنطقة تسير نحو حافة هاوية أخرى لكن الحرب ليست فقط دبابات وصواريخ بل هي قرار يصاغ في غرف السياسة ببرودة أعصاب، والسؤال هنا هل ما يجري مجرد رسائل نارية في لعبة أكبر تدار بين واشنطن وتل أبيب وطهران أم تمهيد لمعركة شاملة؟
فالجرح اللبناني ما زال مفتوحا ففي القرى الجنوبية يعرف الناس طعم الحرب جيدا فكل بيت يحمل ذاكرة قصف ودمار وكل عائلة تحفظ أسماء شهدائها، الجميع لا يريد حربا جديدة لكن لا أحد يستطيع أن يضمن أن الشرارة الصغيرة لن تتحول إلى حريق يلتهم الأخضر واليابس، وإسرائيل تدرك أن لبنان ليس ساحة سهلة لكنها تمارس سياسة الاستنزاف تقصف حينا وتلوح بالحرب حينا آخر لتبقي الخوف سيد الموقف، أما بالنسبة لإيران فكلما ضاق الخناق عليها بفعل العقوبات الدولية ازدادت احتمالات التصعيد وقد تجد نفسها في مواجهة إسرائيل وأميركا، والجميع يعرف ان ايران تمتلك أوراق ضغط في الساحة العربية، كغزة ولبنان واليمن والعراق، فهل تتحول هذه الساحات إلى صناديق بريد لرسائل متفجرة بين طهران من جهة وتل أبيب و واشنطن من جهة أخرى.
وفي الأفق يلوح لقاء يجمع ترامب ونتنياهو وكلاهما سياسي محنك وثعلب ماكر يجيد فن المناورات، ترامب يبحث عن إنجاز يقدمه لجمهوره بصفته “صانع الصفقات”، بينما يحاول نتنياهو الموازنة بين ضغط اليمين المتطرف المطالب بمواصلة الحرب، وبين الضغوط الدولية الداعية لوقف شلال الدم، وهذا اللقاء قد يثمر هدنة أو صفقة مؤقتة لكن الجميع يدرك أن نار غزة لا تطفأ بالاتفاقيات المرحلية بل بوقف شامل للعدوان.
ويبقى السؤال الأهم هل ستتوقف الحرب في غزة، قد تسكت المدافع يوما أو شهرا لكن جذور الصراع أعمق بكثير من أن تطفأ بوقف إطلاق نار مؤقت، فغزة اليوم تعيش فوق صفيح ساخن وأهلها يسألون العالم إلى متى سنبقى ندفع الثمن.
الشرق الأوسط يقف اليوم على مفترق طرق خطير فلبنان يترقب مصيرا مجهولا بين الحرب واللاحرب، وإيران تواجه حصارا خانقا قد يدفعها لردود غير متوقعة، وغزة تنزف في انتظار أن يستيقظ الضمير العالمي، فهل سنشهد شتاء ينهي الصيف الطويل الحار، أم غيوما سوداء محملة بالحمم بدل المطر لتفتح فصلا جديدا من كتاب الدم والألم.