#شؤون إسرائيلية

آخر مستجدات المشهد الانتخابي : نتنياهو يعمّق تحالفه مع أتباع “كاخ” وقد يصطدم مع حلفاء آخرين !

برهوم جرايسي *-  15/2/2021

يعمّق رئيس الحكومة الإسرائيلية ورئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو تحالفه مع القائمة الانتخابية، التي تضم حركة “قوة يهودية” (عوتسما يهوديت)، المنبثقة عن حركة “كاخ” الإرهابية، المحظورة بموجب القانون الإسرائيلي، كما أنها محظورة في الكثير من الدول بينها الولايات المتحدة. وتبين أن اتفاق الليكود مع هذه القائمة، على “فائض الأصوات”، يشمل تعهد نتنياهو بضم “ممثلين” عن القائمة وزراء في حكومته. وهذا من شأنه أن يخلق حالة صدام مع حلفاء آخرين في الحكومة سيرفضون ضم وزير من “قوة يهودية”. كما أن هذا التحالف بات يقلق كتلتي المتدينين المتزمتين الحريديم الأكثر ارتباطا بالليكود. ومن ناحية أخرى، تُظهر استطلاعات الرأي حالة تأرجح عند نسبة الحسم، أو الابتعاد منها، لعدد من القوائم، بينها لأول مرة قائمة ميرتس.

فقد ثارت، في الأيام الأخيرة، ضجة في الصحافة الإسرائيلية، وفي بعض جوانب الحلبة السياسية، حول مضمون اتفاق فائض الأصوات الذي أبرمه نتنياهو مع قائمة “الصهيونية المتدينة” التي تضم حركة “قوة يهودية”، لأن الاتفاق يضمن “تمثيلا لممثلي القائمة في الحكومة التي سيرأسها نتنياهو”. ما يعني أن التمثيل قد يشمل وزيرا من حركة “قوة يهودية”، وهذا ما قد يخلق عقبات أمام نتنياهو، في حال كان هو الشخص الذي سيشكل الحكومة.

ويُبرم اتفاق فائض الأصوات بين قائمتين، كي يتم الجمع بين فائض أصوات القائمتين، عما حققته بعد ضمان مقاعد كاملة، وتحظى بفائض القائمتين، إذا كان يكفي لمقعد، القائمة التي حققت فائضا أكبر. وحتى نهاية الأسبوع، تم إبرام أربع اتفاقيات، بين الليكود و”الصهيونية المتدينة”، وبين القائمة التي يترأسها جدعون ساعر والقائمة التي يترأسها نفتالي بينيت، وبين حزب “يوجد مستقبل” برئاسة يائير لبيد وقائمة “إسرائيل بيتنا” بزعامة أفيغدور ليبرمان. أما بيني غانتس، فلم يجد سوى قائمة “الحزب الاقتصادي” برئاسة البروفسور يارون زليخا، التي فرص اجتيازها نسبة الحسم شبه معدومة، ما يلغي الاتفاق فورا.

ومن المتوقع إبرام اتفاقيات أخرى، بين كتلتي المتدينين المتزمتين الحريديم، شاس ويهدوت هتوراة، وبين حزبي العمل وميرتس، وأيضا بين القائمة المشتركة والقائمة العربية الموحدة.

وعودة للعلاقة بين الليكود والقائمة الأشد تطرفا، “الصهيونية المتدينة”، فكما ذكر سابقا في الأسابيع الأخيرة ضغط نتنياهو شخصيا على رئيس حزب “الصهيونية المتدينة”، بتسلئيل سموتريتش، كي يتحالف مع حركة “قوة يهودية”. ومن أجل ضمان هذا التحالف الذي يضمن انشقاق تحالف “يمينا” وخلق كتلة داعمة فورية له، فقد ضمن نتنياهو المقعد 28 في قائمة الليكود لعضو من حزب سموتريتش.

وجاء في نص اتفاق فائض الأصوات “إن الليكود يوقّع على اتفاق ائتلاف مع الصهيونية المتدينة، ورئيس الحكومة يهتم بدمج ممثلي الحزب (القائمة) لكل حكومة سيقيمها، وإن الاتفاق يشمل إقامة حكومة تعمل على الحفاظ على أرض إسرائيل، والهوية اليهودية للدولة، وتوطيد الحكم، ودفع الاقتصاد والرفاه للمجتمع الإسرائيلي”.

وفي حال حصل نتنياهو على تكليف بتشكيل الحكومة المقبلة بعد الانتخابات، وأراد تطبيق الاتفاق، وضم وزير من “قوة يهودية”، وفي هذه الحالة العنصري إيتمار بن غفير، فإنه سيواجه عقبات أمام باقي الشركاء المحتملين، الذين من المفترض أن يرفضوا المشاركة في حكومة يشارك فيها بن غفير. وحتى أن الاعتراض قد يكون من كتلة اليمين الاستيطاني “يمينا” برئاسة نفتالي بينيت. إلا أن المفاجأة، التي عرضها الصحافي أنشيل بيبر، في مقال له في صحيفة “هآرتس”، هي أن الاعتراض قد يشمل كتلتي الحريديم، إذ أنه استعرض كيفية تغلغل حركة “قوة يهودية” في شارع الحريديم، وكيف أنها تستقطب آلاف الأصوات من هذا الشارع، الذي يصوّت بنسبة 92% وحتى 95% لقائمتي شاس ويهدوت هتوراة.

وبحسب بيبر، فإن “قوة يهودية” ستكون عنوانا لعدة آلاف من أصوات الحريديم، وهذه ستكون على حساب قوة قائمتي شاس ويهدوت هتوراة، فعلى الرغم من قلة الأصوات نسبيا، إلا أن بضعة آلاف قد تكون مصيرية لحسم مقعد إضافي، لواحدة من القائمتين. ولكن عدا هذا، فإن قائمتي الحريديم، والقادة الدينيين، يرفضون اختراقات من هذا النوع لمجتمع الحريديم.

وما يذكره بيبر مهم، حول ما يجري في مجتمع الحريديم المغلق على نفسه. ولكن من جهة أخرى، نذكر أن “قوة يهودية” خاضت الانتخابات وحدها، في أيلول 2019، وحصلت على ما يزيد عن 83 ألف صوت، وكما يبدو اقتطعت من الحريديم آلاف الأصوات. ولكن القائمة ذاتها، انهارت إلى 19400 صوت في انتخابات آذار 2020 الأخيرة، بعد أن ابتعد عنها جمهورها، منعا لحرق الأصوات، ما يعني أن جمهور الحريديم الذي يضع ضمن خياراته هذه القائمة ليس ملتصقا بها.

ونذكر أيضا، أنه في انتخابات العام 2015 تحالفت “قوة يهودية”، مع المنشق عن حركة شاس الوزير الأسبق إيلي يشاي، وحصلت القائمة على 125 ألف صوت، أقل بـ 11 ألف صوت مما احتاجته نسبة الحسم في حينه، وكما يبدو أن تلك الانتخابات، فسحت المجال أمام “قوة يهودية” لوضع “موطئ قدم” في مجتمع الحريديم.

وواجه نتنياهو في الأيام الأخيرة مقالات غاضبة على نهجه هذا، من أبرز الكتّاب وصنّاع الرأي، ولكن في الفرضية الأولى، هناك شك في ما إذا سيتأثر نتنياهو كثيرا من هذا التحالف، لأنه كان قائما بتفاصيله الحالية، في انتخابات نيسان 2019، وعمليا استأنف نتنياهو هذا التحالف، في سعي لضمان أغلبية فورية تشمل كتلتي الحريديم، وعلى الأغلب تحالف “يمينا”.

أما في الفرضية الثانية، فإنه في هذه الانتخابات يواجه نتنياهو قائمة ليكود ثانية، برئاسة جدعون ساعر، وتضم خمسة نواب سابقين من الليكود، أربعة منهم غادروا الكتلة قبل بضعة أسابيع لغرض الانضمام إلى ساعر، والخامس هو الوزير الأسبق بنيامين بيغن. ما يعني أن هذه القائمة قد تستقطب أصواتا تقليدية لحزب الليكود، ولكنها ترفض نهج نتنياهو على المستوى السياسي وأيضا بما يتعلق بنزاهة الحكم.

ويستذكر بيبر، كما العديد من الكتّاب والصحافيين، نفور حزب الليكود في سنوات الثمانين، من حركة “كاخ” التي أسسها الراب مئير كهانا، الذي نجح في دخول الكنيست، ممثلا بشخصه فقط، في انتخابات العام 1984، وفي العام 1988 حظرت المحكمة العليا مشاركته في الانتخابات بعد تعديل قانون الانتخابات في الولاية البرلمانية التي سبقت، في ما يخص حظر التحريض العنصري. وبسبب تطرفه، حينما كان كهانا يقف على منبر الكنيست لإلقاء خطاب، كانت الغالبية الساحقة من النواب تغادر القاعة، ومن بينهم نواب حزب الليكود، أما اليوم فإن اتباع كهانا باتوا من أبرز حلفاء نتنياهو.

تأرجح قوائم عند نسبة الحسم

أظهر عدد من استطلاعات الأسبوع الماضي أن ميرتس التي حصلت في استطلاعات الرأي على ما بين 5 إلى 7 مقاعد، في الشهر الماضي، أظهرت تراجعا في الأسبوع الماضي، وباتت بين حافة نسبة الحسم 3.25%، التي تضمن تمثيل 4 نواب، وبين الابتعاد عن نسبة الحسم بشكل ملحوظ. ومثلها أيضا “القائمة العربية الموحدة”، الذراع البرلماني للحركة الإسلامية (الشق الجنوبي) ويترأس القائمة عضو الكنيست منصور عباس. كما أن الاستطلاعات تتنبأ بحصول قوائم على نسب ملحوظة، ما بين 1% إلى 2.4%، وهي ستحرق بذلك عشرات آلاف كثيرة من الأصوات.

ليس واضحا حتى الآن ما هو سبب تراجع ميرتس، التي تعد من الحركات والأحزاب التي لها قاعدة انتخابية ثابتة، رغم تقلصها في العقد الأخير بشكل كبير. ولكنها في كل مرّة كانت مهدّدة فيها بعدم اجتياز نسبة الحسم كانت تجتازها. وكما يبدو فإن ميرتس وحزب العمل يتنافسان على قاعدة انتخابية واحدة، وأن ميرتس تدفع ثمن “عودة العمل إلى الحياة” إن صح التعبير، وبات يحصل في استطلاعات الرأي على ما بين 5 إلى 7 مقاعد، وهذه القوة وجهت ضربة استباقية للحزب الذي أقامه رئيس بلدية تل أبيب رون خولدائي قبل أكثر من شهرين، ما دفعه للتراجع عن المنافسة، ومثله النائب المنشق عن حزب “يوجد مستقبل” عوفر شيلح. والاستنتاج الذي من الممكن تبنيه منذ الآن، هو أن القاعدة الانتخابية لما يسمى “اليسار الصهيوني”، وفق التعريفات الإسرائيلية لليسار، تقلصت إلى قدر كبير، ما أضعف الأحزاب والحركات التي تمثلها. ففي الأشهر الستة الأخيرة ظهرت عدة مبادرات في الشارع الإسرائيلي، تنسب نفسها لما يسمى “اليسار الصهيوني”، ولكنها لم تنضج إلى مستوى الدخول للمنافسة البرلمانية.

فإلى جانب القائمتين السابق ذكرهما، برئاسة خولدائي وشيلح، كانت هناك مبادرة لرئيس بلدية حيفا السابق، يونا ياهف، الذي أعلن عن تشكيل “قائمة يهودية- عربية”، وحتى بدأ يتحرك، ومعه أسماء عربية، إلا أنه خفت صوته قبل فتح باب الترشيحات بكثير، ولم يطرق باب لجنة الانتخابات المركزية.

وكذا أيضا الرئيس الأسبق للوكالة الصهيونية والكنيست أبراهام بورغ، الذي أصدر سوية مع عدد من الشخصيات السابقة في أحزاب العمل وميرتس وكديما بيانا يطرح تصورات الحزب المتبلور، ونشر يوم 25 آب الماضي في صحيفة “هآرتس”، وأظهر البيان الطابع الصهيوني الواضح لهذه المجموعة، التي ترفض الاعتراف بالفلسطينيين في إسرائيل كأقلية قومية، إذ دعا لضمان المساواة في الحقوق المدنية فقط لهم. في المقابل، فقد صدر بيان عن عدد من العرب، يطرحون تصورهم، وكان التخطيط بأن تتلاقى المجموعتان في قائمة “عربية يهودية متساوية”، ولكن هذه المبادرة خفتت كليا، وقبل وقت من تقديم الترشيحات للانتخابات البرلمانية.

إلى ذلك، وفي المنافسة الحالية، هناك قائمة “الحزب الاقتصادي”، التي يترأسها المحاسب العام للدولة الأسبق، يارون زليخا، الذي تمنحه استطلاعات الرأي ما بين 1.7% إلى 2.1%، أي ما بين 80 ألفا إلى 95 ألف صوت، وهذا بعيد جدا عن نسبة الحسم، التي تقدر الأصوات التي تحتاجها إلى ما يزيد عن 150 ألف صوت. وهذه القائمة ستكون على حساب ما يسمى إسرائيليا الوسط- اليسار، وحسب التقديرات، إذا واصل زليخا عند هذه النسبة، فقد يتلقى توجهات للانسحاب من المنافسة، دعما للقوائم المنافسة من ذات القطاع الانتخابي.

وأيضا في محيط نسبة الحسم، نجد قائمة “أزرق أبيض” برئاسة بيني غانتس، التي تمنحها كل استطلاعات الرأي 4 مقاعد، وهذا يجعلها تحت تهديد عدم اجتياز نسبة الحسم، ولو بقليل، وقد حدث مشهد كهذا في انتخابات نيسان 2019، حينما حصلت قائمة “يمينا” برئاسة نفتالي بينيت، على 138400 صوت، وكانت بعيدة بنحو 1400 صوت عن المطلوب لاحتياز نسبة الحسم، ولم تتمثل في البرلمان. وسيتضح مصير “أزرق أبيض” في الأسابيع الثلاثة المقبلة، وفي حال بقي عند حافة نسبة الحسم، فليس من المستبعد أن يغادر غانتس الحلبة مبكرا، مع حصوله على ضمانات مالية من قوائم أخرى، تسد الالتزامات المالية التي تكبدها للانتخابات.

وفي الشارع العربي فإن غالبية استطلاعات الرأي حتى الآن لا تمنح “القائمة العربية الموحدة” السابق ذكرها، التي انشقت عن القائمة المشتركة، إمكانية اجتياز نسبة الحسم، ولكن الاستطلاعات القليلة التي تمنحها هذه الإمكانية، لا تمنحها أكثر من الحد الأدنى للتمثيل البرلماني، 4 مقاعد، في حين أن القائمة المشتركة، تحصل في غالبية الاستطلاعات على ما بين 9 إلى 10 مقاعد، واستطلاع واحد منحها 7 مقاعد.

كذلك هناك قائمة “معا” التي يترأسها محمد دراوشة، وهي تحصل في استطلاعات الرأي على أقل من 1% من إجمالي الأصوات، وليس واضحا مصير هذه القائمة، إذا ما استمرت حالها على هذا النحو حتى الأسبوع الأخير قبل يوم الانتخابات في 23 آذار المقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى