أقلام وأراء

يونس السيد يكتب – وماذا عن «أوسلو»؟

يونس السيد – 23/5/2020

ليست المرة الأولى التي يهدد فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإلغاء الاتفاقات والتفاهمات مع «إسرائيل» والولايات المتحدة، بما في ذلك التنسيق الأمني؛ لكنها المرة الأولى التي يلوح فيها بإمكانية اتخاذ خطوات توحي بالجدية رداً على «صفقة القرن» ومخطط ضم أجزاء واسعة من أراضي الضفة الغربية.

جدية عباس المشوبة بالحذر الشديد ظهرت في مؤشرات فورية عندما أعطى أوامره للأجهزة الأمنية، وإلى اثنين من كبار مساعديه المسؤولين مباشرة عن التنسيق الأمني مع «إسرائيل» بوقف هذا التنسيق، كما ظهرت في اتخاذ الحكومة الفلسطينية خطوات عملية وإجراءات عاجلة؛ لتنفيذ قرارات القيادة الفلسطينية التي أعلنها عباس. لكن، وبغض النظر عن التشكيك «الإسرائيلي»، هناك ما يدفع للاعتقاد بأن قرارات القيادة الفلسطينية تحمل في مضمونها إيحاءات تحذيرية أكثر مما هي قرارات حاسمة ونهائية؛ إذ إن صياغتها جاءت مبهمة على نحو يترك الباب موارباً أمام رهانات التسوية، كما أن السلطة أبلغت «إسرائيل» رسمياً بأنها لن تسمح بانتشار ما سمته «العنف» في الضفة الغربية حتى في ظل وقف التنسيق الأمني، وأيضاً لأن القرارات، وهذا هو الأهم، لم تأتِ، لا من قريب ولا من بعيد، على ذكر اتفاق «أوسلو» أو حل «السلطة» وتسليم مفاتيح «المقاطعة» في رام الله إلى الاحتلال، كما كان يتم التلويح به من قبل. ذلك أن السلطة الفلسطينية تدرك حساسية الموقف في اللحظة الراهنة، وأن حل السلطة يرتبط بإلغاء اتفاق أوسلو، وأن التنسيق الأمني هو العمود الفقري لبقاء «أوسلو والسلطة» معاً، ومن هذا المنطلق تلجأ السلطة لتكريس مفهوم؛ وهو أن مجرد إنشائها يعد إنجازاً للشعب الفلسطيني، بينما هو في الوقائع لم يحقق شيئاً لهذا الشعب، فمنذ قيامها لم تستطع «السلطة» حتى توفير الحماية الدولية للفلسطينيين، بقدر ما أغرقتهم في واقع اقتصادي واجتماعي مرير عنوانه قروض البنوك وكيفية تسديدها، ما يبعدهم عن مقاومة الاحتلال. والسؤال الذي يكرر نفسه، ما الذي قدمه اتفاق أوسلو للفلسطينيين منذ نحو 27 عاماً؟، ألم تكن كل تلك السنوات كافية لإثبات أنه فاشل وغير قابل للتطور إلى دولة مستقلة، حتى أتت «صفقة القرن» ومخططات الضم المنبثقة لنعيه رسمياً ونعي «حل الدولتين» معه. ثم ألم تقم «إسرائيل» بإلغاء اتفاق أوسلو قبل أن يجف الحبر الذي كتب به؛ إذ تضاعف الاستيطان وعدد المستوطنين أضعافاً كثيرة، ولم تتوقف عمليات القمع والتهجير والتهويد وهدم المنازل الفلسطينية لحظة واحدة. وفي ظل أوسلو جرى نقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس، والاعتراف بالقدس «عاصمة موحدة لإسرائيل»، ناهيك عن أن «إسرائيل» لم تنفذ أياً من الالتزامات المتعلقة بموجب الاتفاق، لا في الشق الاقتصادي وملحقاته (اتفاق باريس مثلاً) ولا في الشق الأمني أو السياسي. لماذا إذاً لا يتم الإعلان عملياً عن إلغاء اتفاق أوسلو من الجانب الفلسطيني؟ وما الفائدة من التشبث بهذ الاتفاق الذي لم يجلب سوى الضرر للقضية الفلسطينية؟ ألم تدرك القيادة الفلسطينية بعد أن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى مسار جديد يقطع جذرياً نهج أوسلو، ويعيد الاعتبار لبرنامج التحرر الوطني وفتح طرق المقاومة والكفاح؛ لانتزاع الحرية والاستقلال؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى