يوعز هندل : يصنع التاريخ، ويقع في الهستيريا

يديعوت – بقلم يوعز هندل – 4/6/2018
نجاحات نتنياهو في الشهرين الاخيرين تستوجب تفكيرا متجددا في دوره في التاريخ. نتنياهو، الذي اختص لسنوات طويلة بـ “ايديولوجيا بلا تحقق”، وحتى بخطوات معاكسة للايديولوجيا (انظروا: الخليل، فك الارتباط، خطاب بار ايلان وصفقة شاليط)، يحققها الان وبوتيرة مثيرة للانطباع.
وسواء كان الحديث يدور عن نضجه كزعيم أم عن الحظ وحده – مثلما يدعي معارضوه – فالنتيجة مماثلة. هناك حاجة لشخص مع حظ كي يخلق حلفا كهذا مع الامريكيين والروس، هناك حاجة لحظ كي يقنع الدول العربية المعتدلة بالتقرب، هناك حاجة لحظ كي يجتاز بامان منطقة مليئة بهذيان عابث من المسلمين المتطرفين ورجال السلام المتطرفين. ونعم، هناك ايضا حاجة لتجربة وعقل. كل هذه هي جزء من صفحة تاريخ نتنياهو الجديد. هذا هو السبب الذي يجعله يرتفع في الاستطلاعات، كما أن هذا هو السبب الذي يجعل من الصعب جدا فهم ما يحصل له في داخل البيت، في كل نقطة يشعر فيها انه يتعرض للهجوم.
ثمة ما يكفي من الاسرائيليين الاذكياء والفهيمين ممن يجرون في حالة نتنياهو حسابات الكلفة مقابل المنفعة. وهم يثقون به في الا يدخل الدولة الى حروب زائدة، وأنا اتفق معهم. يثقون به أن يعرف كيف يناور على الولايات المتحدة والرئيس ترامب خدمة لمصالحنا. يثقون به الا يراهن مرة اخرى على الارض مقابل الاتفاق مع الفلسطينيين، وانا اميل لان اصدق بانهم محقون. هؤلاء الاسرائيليون يعتقدون انه يكفيه ذلك كي يكون زعيما. اما ما تبقى فيمكن ابتلاعه. “احد ليس كاملا، وعلى أي حال فالاعلام يبالغ ايضا”، هكذا يقولون لانفسهم. حجتهم معقولة ومنطقية. اما المشكلة فهي كل ما تبقى. اولئك الذين يختارون غمض اعينهم، مثل معارضيه، من الجانب الاخر فقط. الكذب كل مرة تظهر فيه مشكلة، الخداع، الازدواجية او الجهل الطوعي. اما الادعاء بانه لا يوجد شيء، لم يكن شيء وكل من يعارض نتنياهو هو لا شيء.
دعكم من القدوة الشخصية الفاسدة وقضايا الفساد المعروفة التي توجد امام قرار المستشار القانوني. ركزوا على موقفه من معارضيه. موقفه من نفسه كزعيم. فها هو الاسبوع الماضي فقط تتخذ لنتنياهو الصور كي يوضح مسألة شخصية مع زوجته (موضوع آخر في سلسلة تلك التي “دوما لم تكن”) على خلفية اعلان عزاء لمقاتل سقط. لو كان الحديث يدور عن احد ما من المعارضة، لكنت مزقته بالكلمات – وهكذا كل اليمين والوسط. فمن الاهانة للشهيد خلط السياسة بالثكل على هذا النحو. اما لدى نتنياهو فهذا امر مقبول لسبب ما.
هكذا، وبالقوة ذاتها، بما في ذلك حالة تمير باردو، رئيس الموساد السابق الذي اجري اللقاء معه في “عوفدا”. باردو، رجل كثير الحقوق، تجرأ على ان يروي قصصا من زاوية نظره، وردا عليه تلقى خازوقا شخصيا وكأن به مقتلع اسرائيل. بالمناسبة، على المستوى الموضوعي، قصة الطلب صحيحة، وردا يورام كوهن مع الكلمة “بشكل محدد” يؤكد ذلك فقط. كان يمكن لنتنياهو أن يتجاهل برنامج “عوفدا” أو ان يؤكد انه فحص احتمال الفحص الرسمي لقائمة المشاركين خوفا من التسريب. هذا مشروع. مسموح الاستيضاح مع رئيس المخابرات كيف يمنع تسريب المعلومات في المواضيع الحساسة.
في الجرف الصامد كما يذكر، تسرب استعراض، وهذا خطير جدا. مسموح، بل وحتى مرغوب فيه الجدال مع باردو عن موقفه وعن موقف سلفه من الهجوم في ايران (في هذا الجدال انا مع نتنياهو)، غير أنه بدلا من ذلك بدأ نتنياهو باحابيل رخيصة واخرج عن قصد كلمات باردو عن سياقها.
الرسالة واضحة: في الليكود يفهمون، في اليمين يفهمون، رجال الامن السابقون الذين كانوا شجعانا في ميدان المعارك يفهمون، والفاهم في ذاك الوقت يصمت، او يركض الى الاستديوهات لبيع الكذب. والا فان المعقبين في رقبته. إذن ها هي ميزة الصحافي مثلي، أنا لا احتاج لاقرار من احد لاقرار ارائي السياسية ونواياي. نتنياهو هو المعضلة الحقيقية. في نظري، رغم النجاحات الهائلة التي حققها، فانه يشكل درسا في اهمية قيود القيوة. وبالذات من يريد ان يحول انسانا الى مسطح وكامل يخاطر. فالنجاحات الاخيرة لنتنياهو تلقي بظلها على المشاكل، ونتنياهو يصنع التاريخ وبالمقابل يقع في الهستيريا.