يوسي ميلمان يكتب – القوة المشتركة
بقلم: يوسي ميلمان، معاريف ١٩-١٠-٢٠١٨
الحلف بين اسرائيل والدول العربية السنية يرتفع درجة: من اتصالات سرية في الغرف المغلقة يصبح اكثر علنية وانكشافا. وان كان لا يزال يدار برعاية منتديات دولية او في هوامشها. فقد التقى هذا الاسبوع في واشنطن رئيس الاركان جادي ايزنكوت بنظيره السعودي فهد بن حامد الرويل، كما افادت الصحافية غيلي كوهن في كان 11. عقد اللقاء على هامش مؤتمر عشرات رؤساء الاركان من ارجاء العالم. ورفض الناطق العسكري الاسرائيلي التعقيب على النبأ.
في الشهر الماضي شارك وخطب رئيس الموساد يوسي كوهن في مؤتمر دولي في نيويورك شارك فيه ايضا وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ودبلوماسيون كبار من اتحاد الامارات العربية، البحرين ومن اليمن. من غير المستبعد ان يكون كوهن استغل زيارته لعقد لقاءات سرية مع مندوبين عرب.
بين هذا وذاك يتبين أن اسرائيل تواصل المشاركة في قوة مهامة دولة خاصة تعمل في الاردن، يتقاسم اعضاؤها المعلومات الاستخبارية ويتشاركون في المجال العسكري – كما أفادت مؤخرا نشرة الاخبارة الفرنسية “انتليجنس اون لاين”. وحسب هذا النبأ فان هذه قوة مهامة تشارك فيها قوات خاصة واستخبارات من 21 دولة، بينها الاردن، الولايات المتحدة، المانيا، بريطانيا، فرنسا، ايطاليا، السعودية، اتحاد الامارات، مصر وغيرها. ويجري التعاون الدولي تحت اسم ” Gallant phoenix operation“.
بعد وقت قصير من نشوب الحرب الاهلية في سوريا، في اذار 2011، اصبح الاردن قاعدة العمل ضد داعش. ووصلت الى قواعده البرية والجوية وحدات خاصة من الولايات المتحدة، الدول العربية واوروبا. الى جانب طائراتهم القتالية. وكانت هذه مجرد اضافة للتعاون الامني، الاستخباري والعسكري متعدد السنين. وحسب منشورات اجنبية، يجري بين اسرائيل والاردن ايضا منذ عشرات السنين اتصال مشابه، بما في ذلك مشاركة اسلحة الجو لاسرائيل والاردن في مناورات جوية برعاية دولية، ولا سيما امريكية.
انطلقت الحملة في 2014 بمبادرة القيادة المشتركة للقوات الخاصة الامريكية ومشاركة ثماني دول، وكانت المهمة هي توثيق التعاون الاستخباري بين قوات التحالف في حربها ضد داعش. وفي مرحلة متأخرة انضمت الى الحملة مزيد من الدول.
كانت المهامة الاولى العثور على معبر رجال داعش من العراق وسوريا واغلاقه. ولاحقا وسعت صلاحيات الحملة ومهامها. رئيس الاركان الامريكي جوزيف دانفورد شرح في حزيران 2016 بان هدف القوة هو “ليس اقتسام المعلومات الاستخبارية في الكفاح ضد داعش فقط بل وايضا السماح بنقل هذه المعلومات الى قوات أمن، شرطة وسلطات انفاذ القانون كي تتلقى صورة افضل وتتمكن من مواجه تحدي الاجانب”.
واشارت الصحيفة الالمانية “دير شبيغل” بان أحد اهداف الدول الاوروبية هو الاستعانة بقوة المهامة لجمع الوثائق والتفاصيل عن هوية المقاتلين الاجانب، والحصول على عينات دي.ان.ايه وبصمات ممن امسك بهم احياء او اموات في الميدان. وحسب المجلة، فان مصلحة الاستخبارات الالمانية تولي اهمية كبيرة للمهامة الرامية الى احباط عمليات المقاتلين الاجانب ممن يعودون الى بلدانهم الاصلية. ويشار في هذا السياق الى أنه سواء رئيس الموساد يوسي كوهن ام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سبق ان قالا في عدة مناسبات بان المعلومات من اسرائيل ساعدت على احباط عمليات ارهابية في عشرات الدول في العالم.
نشدد هنا على أن قوة المهامة في الحملة هي جسم اركان، لا يقاتل بل يوجه الوحدات المقاتلة والقوات الجوية للتحالف للعمل ومهاجمة رجال داعش. بقدر ما هو معروف، ففضلا عن الاعمال الاستخبارية واقامة الاتصالات على مقربة من الحدود في هضبة الجولان، فان قوات الجيش الاسرائيلي لم تعمل في الحرب في سوريا.
وعودة الى زيارة آيزنكوت الى الولايات المتحدة. فلقاء رؤساء الاركان في واشنطن يتم كل سنة بمبادرة رئيس الاركان الامريكي دانفورت. وكانت رحلة آيزنكوت لحضور المؤتمر بداية رحلة وداع قبيل انهائه مهام منصبه في نهاية السنة. هذا على فرض أن التعقيدات في تعيين اعضاء كبار المسؤولين لن تعرقل اعتزاله. وعلى اي حال فان آيزنكوت يأمل ويتمنى بانه حتى 31 كانون الاول 2018، موعد اعتزاله المخطط له، لن يضطر الى ان يأمر الجيش الاسرائيلي بالخروج الى حرب في غزة.
شارك في المؤتمر في واشنطن قادة جيوش من دول عربية بينها السعودية، الكويت، قطر، مصر، الاردن، السودان وموريتانيا، ومن دول اسلامية مثل اندونيسيا. يمكن التقدير بان آيزنكوت التقى اضافة الى رئيس الاركان السعودي مع نظراء عرب آخرين، بالتأكيد من مصر ومن الاردن. ونشر الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي صورة مشتركة، مثابة صورة دورية لكل المشاركين. ولكن رئيس الاركان لا يحتاج الى منتديات دولية برعاية الجيش الامريكي او الناتو كي يلتقي مع نظرائه من الدول العربية. من غير المستبعد انه في الـ 46 شهرا من ولايته التقى مع قسم منهم، ان لم يكن معهم كلهم. وهذه اللقاءات هي تعبير آخر عن التعاون، على شكل حملة “عنقاء الفروسية”، التي تتم بين اسرائيل والدول العربية.
ولكن لا حاجة الى الانفعال. فلقاءات كبار مسؤولي جهاز الامن مع نظرائهم من الدول العربية هي ذات هدف ومصلحة: الصراع ضد ايران. ومشاركة اسرائيل في الحملة المشتركة في الاردن هي تعبير عن مساهمتها الاستخبارية في الحرب ضد داعش. ولكن باستثناء الاردن ومصر، الموقعين على اتفاقات سلام مع اسرائيل، طالما لم يكن تقدم في المستوى الفلسطيني، فان هذه اللقاءات وغيرها ستبقى محدودة ولن ترتفع الى السطح بشكل علني. من السابق لاوانه ان يخطط الاسرائيليون للسفر الى الرياض، البحرين، ابو ظبي أو دبي، الا اذا كنتم تجار سلاح او خبراء في السايبر وامن الوطن.