ترجمات عبرية

يوسي ملمان – هكذا تحولت إسرائيل لعيون وآذان الغرب بكل ما يحدث في سوريا

معاريف – بقلم  يوسي ملمان – 14/9/2018

حذرت وسائل الإعلام وحكومات في الغرب خلال الأيام الماضية من أن الجيش السوري ينوي استخدام سلاح كيماوي مجددًا، أو على الأقل غاز الكلور، في المعركة على إدلب. الهجوم على المعقل الأكبر الأخير للمتمردين لم يبدأ بعد، لكن سلاحي الجو السوري والروسي بدءا فعليًا بمهاجمة أهداف في إقليم شمالي غرب الدولة.

غير واضح إن كانت تلك المعلومات والتحذيرات تستند لمعلومات استخباراتية حقيقية أو أنها جزء من حرب نفسية للولايات المتحدة، بهدف تشويه صورة فلاديمير بوتين وبشار الأسد. في جميع الأحوال، الاستخبارات الإسرائيلية أيضًا تتابع بيقظة كبيرة الاستعدادات للهجوم. مصادر أمريكية مطلعة قالت بأنهم يعتمدون – من بين جملة أمور – على عيون وآذان الاستخبارات الإسرائيلية في كل ما يتعلق بسوريا، وخصوصًا خطر استخدام سلاح كيماوي في إدلب.

قدرات سوريا الكيماوية كانت دائمًا على رأس مخاوف إسرائيل، ومن هنا جاءت المراقبة الدقيقة لمنشآت التصنيع، المخازن والصواريخ التي تحمل رؤوس “حيتس” الكيماوية. حين اضطر الأسد لتفكيك الترسانة الكيماوية الخاصة به خلال فترة أوباما، كانت الاستخبارات الإسرائيلية واحدة من أبرز الجهات التي زودت بمعلومات كان لها دور بتشجيع الخطوة. كانت تقديرات الاستخبارات وما زالت أن الأسد فكك أكثر من 90% من قدراته الكيميائية، لكن ما زال لديه قدرات متبقية، وقد نُشر تقرير للأمم المتحدة هذا الأسبوع يؤكد على أن النظام السوري مسؤول عن 33 هجوم كيماوي منذ 2013.

في إسرائيل، قليلًا ما يتحدثون عن الشأن السوري، في الواقع، كبار الضباط (بما فيهم رئيس الأركان غادي ايزنكوت، رئيس “الشاباك”، ورئيس “الموساد” يوسي كوهن) أشاروا في محادثات مغلقة إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية ساهمت في الصراع الدولي ضد “داعش” بسوريا وفي إحباط خطط نشطاء “الدولة الاسلامية” في تنفيذ هجمات إرهابية في أوروبا، لكن هذه إشارات بسيطة بالنسبة للدور الكبير للاستخبارات الاسرائيلية في هذا الشأن، مساهمة سمعت عن مداها من قبل مصادر امريكية. “الغطاء الاستخباراتي لإسرائيل أثبت نفسه طوال سنوات الحرب الأهلية في سوريا” أكد أحد المصادر، مضيفًا أن “المعلومات التي نقلتها إسرائيل للاستخبارات الأمريكية والائتلاف الدولي كانت مهمة جدًا وساعدت في اعداد أهداف لمهاجمة داعش”.

على مدى سنوات، لطالما كان للاستخبارات الإسرائيلية معلومات هائلة حول ما يحدث في سوريا. حسب تقارير مختلفة، وحدة خاصة للاستخبارات، مثل “سيرت ماتكال” عملت طوال سنوات في سوريا من أجل تثبيت أجهزة تجسس. حسب تقرير في “نيو يوركر” في إحدى المرات تسلل مقاتلو استخبارات لمنطقة دير الزور في شرق سوريا وأخذوا عينات من الأرض، التربة والمياه والموقع الذي بني فيه مفاعل نووي، قبل تفجيره على يد سلاح الجو قبل 11 عامًا، هذا الهجوم هو فقط نموذج واحد من مظاهر حقيقة بأن سلاح الجو الاسرائيلي يعمل في سماء سوريا من قبل الحرب الأهلية في مهام متنوعة، مثل تصوير وجمع معلومات.

حسب تقارير أجنبية، عمل مقاتلو “الموساد” أكثر من مرة في سوريا وكانوا متورطين في اغتيال أو محاولات اغتيال شخصيات من حماس وحزب الله. وهنا وقبل كل شيء تبرز العملية التي أدت لاغتيال عماد مغنية، وزير الأمن للتنظيم الشيعي اللبناني في فبراير 2008 في دمشق. باختصار، سوريا كانت دائمًا أرض معروفة للاستخبارات الاسرائيلية. حسب ما قالته مصادر امريكية “قدرات الاستخبارات الإسرائيلية هذه آتت ثمارها حتى في الحرب وساعدتنا في السابق وكذلك اليوم”.

حسب المصادر، إسرائيل لم تكتفِ بالمعلومات التي جمعتها قبل الحرب الأهلية. بطبيعة الحال، الحروب وحالات الفوضى تمنح دائمًا فرصة لجمع معلومات جديدة ومحدثة، والتوتر الذي خُلق وموجات اللاجئين هي بالغالب قناع ممتاز لتسلل استخباراتي وتجنيد العملاء.

علاوة على ذلك، تُشير مصادر أمريكية للعلاقات التي خلقتها اسرائيل خلال سنوات الحرب مع ميليشيات وحرس محليين شكلها سكان القرى على طول الحدود في هضبة الجولان، من أجل حماية نفسها. وفقًا لتقارير أجنبية، إسرائيل لم تكتفِ فقط بالمساعدات الإنسانية والرعاية الصحية، بل أيضًا زودت المتمردين بسلاح خفيف وذخيرة. يمكن افترض أنه من خلالهم أيضًا تم تجنيد عملاء والحصول على معلومات. يمكن الافتراض أيضًا بأن أبناء الجالية الدرزية في إسرائيل، الذين يقيمون علاقات وطيدة مع اخوانهم خلف الحدود هم بمثابة وسيلة أخرى مهمة، رغم ان أغلبهم يدعمون نظام الأسد.

كما أكدت المصادر الأمريكية أن العلاقات والتعاون الاستخباراتي لم يكن في اتجاه واحد، من إسرائيل للولايات المتحدة والائتلاف، فقد كان الأمر أيضًا في اتجاه معاكس. سوريا كانت، ومازالت بدرجة معينة، ساحة اختبار مباشر أو غير مباشر بالنسبة للجيوش وجهات استخباراتية من دول كثيرة، ومن ضمنها دول عربية مثل الأردن، السعودية، قطر، والامارات. هذه الحقيقة، حسب مصادر أمريكية، ساعدت الاستخبارات الإسرائيلية بصقل علاقاتها مع هذه الدول.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى