ترجمات عبرية

يوسي ملمان / الخجل يغيب عن سياسة اسرائيل الخارجية

معاريف – بقلم  يوسي ملمان  – 4/9/2018

زيارة رودريغو دوتريتا، الرئيس الفلبيني موضع الخلاف، الى اسرائيل تلخص جيدا سياسة اسرائيل الخارجية، بما فيها من تهكم والمصالح التي تحركها، بغياب كل ادعاء اخلاقي أو قيمي. دوتريتا، الذي تشهد تصريحاته القاسية والمهينة على فكر عنصري، عصابي، يحتقر النساء، شبه نفسه بهتلر وأشار بأنه لم يُبد في الكارثة سوى ثلاثة ملايين يهودي. هذا لم يزعج اسرائيل من المسارعة لأن تكون الدولة الغربية الوحيدة التي وافقت بعد نحو سنتين من انتخابه للرئاسة مع 40 في المئة من الاصوات، لاستضافته. ورغم كل شيء فقد نال هنا شرفا محفوظا لرؤساء الدول ووفقا لكل قواعد التشريفات: لقاء مع رئيس الوزراء ومع رئيس الدولة. بقدر ما يمكننا أن نأخذ الانطباع، فقد استقبلت زيارته من المؤسسة السياسية – الامنية والاقتصادية باجماع واسع، دون ذرة تحفظ.

صحيح، محظور علينا أن نزايد ونتعالى. فعلاقات اسرائيل مع ديكتاتوريين متوحشين ومع انظمة طاغية وقامعة ليست ظاهرة جديدة. فلم يبدأ هذا في عهد رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو. رئيس الوزراء الاول دافيد بن غوريون، فهم هو الآخر بأنه من اجل العيش في الحي العنيف للشرق الاوسط تحتاج اسرائيل الى حلفاء سياسيين، موردين للسلاح ومستثمرين اقتصاديين. بقيادته، ارتبطت اسرائيل بمؤامرة مع القوى العظمى العنصرية لبريطانيا وفرنسا لتقاتل ضد مصر في حملة سيناء في 1956.

في السبعينيات، تحت حكم حزب العمل بقيادة اسحق رابين وشمعون بيرس، ادارت اسرائيل منظومة علاقات سرية مع نظام الاقلية البيضاء العنصري والاجرامي في جنوب افريقيا في ظل خرق عقوبات الامم المتحدة.

علاقات غير مناسبة اخرى كانت لاسرائيل في ذلك العهد حتى مع انظمة الطغم العسكرية في تشيلي والارجنتين وامثالهما في امريكا الوسطى. وفي التسعينيات كشف النقاب عن أن حكومة رابين الثانية باعت السلاح لرواندا في افريقيا في اثناء وقوع مذبحة الشعب فيها.

لقد جرت كل هذه العلاقات انتقادا شديدا من دول في الغرب ومن منظمات حقوق الانسان في اسرائيل وفي الخارج. حكومات اسرائيل، التي تنكشف افعالها على الملأ، تظاهرت بأنها تخجل، تلوت واضطرت الى الشرح.

ليس بعد ذلك. يخيل أنه في العقد الاخير اختفى الخجل عن سياسة اسرائيل الخارجية. وهذا يحصل بالذات في عصر تكون فيه اسرائيل موضع مغازلة، ولها علاقات دبلوماسية مع اكثر من 100 دولة في العالم، وعليه فان بوسعها ايضا ان تكون اكثر انتقائية في اختيار اصدقائها.

ولكن بالذات في هذا الوقت تحصل مسيرة معاكسة. فكلما تعززت مكانتها الاقتصادية والامنية وكلما اندفع زعماء وشخصيات سياسية نحوها بسعادة، هكذا تزيل حكومة اسرائيل كل قناع أو غطاء عن وجه سياستها الخارجية. فهذه تقوم على اساس المصالح فقط، دون ذرة رغبة حتى ولا لدفع ضريبة لفظية للاخلاق، للقيم وللمعايير الدارجة.

فاسرائيل تتبادل التجارة ببساطة مع ديكتاتوريين، أو انظمة يمينية متطرفة وموضع خلاف – نحن نمنحكم شرعية دولية، نبيض مظاهر اللاسامية أو العنصرية في دولكم، نبيعكم السلاح والعلم الامني ونساعدكم في الصراع المشترك ضد الارهاب الاسلامي. وبالمقابل، تصوتون لنا في الامم المتحدة وفي محافل دولية اخرى وبالاساس تساعدونا على تخليد الاحتلال ومنع اقامة دولة فلسطينية.

وهناك مبرران آخران: الاول هو أنه اذا لم نفعل هذا، فان دول اخرى ستفعله بدلا منا. والثاني هو أن العالم مزدوج الاخلاق، ودول غربية متنورة اخرى مثل فرنسا، المانيا أو بريطانيا لا تتردد في بيع السلاح لانظمة اشكالية.

لاسرائيل ميزة اخرى من خلالها تعمل على دفع سياستها الى الامام. فهي تعد زعماء تلك الدول بأن تجند لهم يهود العالم، أو على الاقل اليمين اليهودي وغير الليبرالي وتفتح لهم ابواب البيت الابيض للصديق – دونالد ترامب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى