يوسي ملمان : الخائفون
معاريف – بقلم يوسي ملمان – 11/6/2018
ما حصل في جلسة الكابنت السياسي الذي انعقد أمس للبحث في المواجهة مع غزة واقتراحات التخفيف من الحصار ومنع الازمة الانسانية في القطاع هو ما يسمى في لغة السيارات ضغط كامل على دواسة الوقود بينما المحرك في حالة العادم. فقد جلس الوزراء نحو أربع ساعات، طرحوا اقتراحات، نفسوا عن انفسهم، وفي النهاية لم يتخذوا أي قرار.
الامر المذهل هو انه في الاحاديث الخاصة يؤيد معظم الوزراء اتخاذ قرار يسمح بتحسين حياة مليونين من الفلسطينيين الذين يعيشون هناك في القمامة، بكل معنى الكلمة، دون شبكة مجاري، دون كهرباء، دون ماء مناسبة للشرب. غير أنهم قبل أن يصلوا الى البحث، تجدهم يغردون، يجرون المقابلات الصحفية ويطلقون البيانات المتناقضة مع موقفهم الاصلي. باختصار، واحد في الفم وآخر في القلب. تهكم في أجلى صورة له.
كما أن هذه هي السياسة في أسوأ صورة لها. فالوزراء يعرفون جيدا بان موقف جهاز الامن هو أن التخفيف من الوضع في غزة يمكنه ربما ان يبدد التوتر على الحدود، ويخفف من العنف، ولكن سواء يقع عليهم رعب عائلة غولدن، التي كل رغبتها ان ترى بقايا جثمان ابنها تنقل للدفن أم ان هذه اعتبارات اعلامية – فان النتيجة واحدة. وزراء الكابنت ورئيس الوزراء على رأسهم غير قادرين على أن يتخذوا قرارا عن المستقبل، وذلك حين يكون واضحا للجميع بان اتفاق وقف النار مع حماس الذي تحقق بعد حملة الجرف الصامد قبل نحو اربع سنوات آخذ في الانهيار.
وبدلا من محاولة بذل أي جهد لاتخاذ قرار، يتملص الوزراء منه. والوحيد الذي اظهر ذرة عامود فقري هو وزير المواصلات والاستخبارات اسرائيل كاتس الذي يقترح منذ بضع سنوات اقامة جزيرة وميناء في غزة. عندما تبين له بان لا أمل في أن يطرح اقتراحه للبحث، رغم أن له معنى استراتيجيا، سحب كاتس اقتراحه.
في خلفية الامور، يوجد موقف وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان الذي لا يؤمن باي تسوية تمنح تسهيلا للضائقة الاقتصادية لسكان غزة، طالما كانت حماس في الحكم. هذا الموقف يقف على نقيض من توصيات رئيس الاركان جادي أيزنكوت ومنسق اعمال الحكومة في المناطق الذي أعد خطة شاملة حول الموضوع. يوجد ليبرمان في موقف الاقلية. فمعظم الوزراء يعتقدون بانه يجب الاخذ بتوصيات جهاز الامن ولكن بسبب جبنهم والضغوط التي تمارسها عليهم عائلة غولدن والخوف من الرأي العام – رغم أن اغلبية الجمهور تؤيد التسهيلات – نجح وزير الدفاع في فرض موقفه على الكابنت. المشكلة الاصعب هي ان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي في الاسبوع الماضي فقط تحدث في صالح رزمة تسهيلات لغزة، غير مستعد لان يصطدم بليبرمان، بينما توجد التحقيقات ضده في الخلفية.
ان الاقتراحات لنقل المساعدة الانسانية والاعمال الاقتصادية في مجال المياه، المجاري والكهرباء موجودة بوفرة، وتوجد ايضا التزامات من جانب الاسرة الدولية – اوروبا، قطر، اتحاد الامارات، اليابان وغيرها – لنقل مليارات الدولارات الى هناك. ولكن حكومة اسرائيل تفضل عدم اتخاذ قرارات، وفي هذه الاثناء سيواصل سكان غلاف غزة دفع الثمن الباهظ، الذي لعل قرار الكابنت يخفف من موجة الارهاب الحالية في شكل حرائق لحقولهم بالطائرات الورقية والبالونات الحارقة. ان المساعدة الانسانية هي مصلحة اسرائيلية، حتى لو كانت افادت حماس ايضا.