يوسي بيلين – الصعوبة الامريكية في الاستناد الى السعودية
بقلم: يوسي بيلين، اسرائيل اليوم ١٩-١٠-٢٠١٨
تعتمد نية ادارة ترامب بنشر خطتها للسلام لان تحقق اخيرا “صفقة القرن”، بقدر كبير على السعودية. اما قضية جمال الخاشقجي المنتقد الحاد لولي العهد محمد بن سلمان، فتضع امام البيت الابيض صعوبة جديدة في الاستعانة بمملكة الصحراء.
تؤدي السعودية دورا مركزيا في السياقات السياسية في منطقتنا – احيانا كمعرقلة، احيانا كمبادرة. في الاسرة المالكة السعودية لا يوجد عطف خاص على الموضوع الفلسطيني، ولكن في المملكة نفسها – مثلما في الدول العربية الاخرى – يوجد عطف كهذا، والحكم لا يمكنه ان يتجاهل ذلك.
خطة فهد (الذي كان ولي العهد وبعد ذلك ملك السعودية)، في آب 1981 كانت اختراقا ما للطريق، لان واحدا من ثماني بنودها تضمن اعترافا بحق كل دول المنطقة للعيش بسلام. وتبنت الجامعة العربية الخطة، التي دعت الى انسحاب اسرائيلي كامل من المناطق التي احتلت في حرب الايام الستة واقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس (الشرقية)، رفضتها حكومة بيغن رفضا تاما، ولكنها شكلت تغييرا حقيقيا عن قرار “اللاءات الثلاثة” الشهيرة للجامعة العربية اياها: لا اعتراف، لا صلح ولا مفاوضات مع اسرائيل.
في اثناء مباحثات كامب ديفيد في تموز 2000، بقيادة الرئيس كلينتون، كانت السعودية هي التي عرقلت كل احتمال لحل مسألة القدس، بدعوى ان هذه ليست مسألة فلسطينية اسرائيلية بل موضوع عموم اسلامي يهم العديد من الدول الاخرى. ولكن بعد سنتين من ذلك بادر ولي العهد في حينه، عبدالله، للمشروع السعودي، والذي تبنته الجامعة العربية في بيروت بعد ذلك. هذه المرة جرى الحديث عن اسرائيل بشكل صريح، وتقرر أن السلام سيؤدي الى التطبيع مع العالم العربي. في موضوع اللاجئين الفلسطينيين من العام 1948 قيل ان الحل المستقبلي يجب أن يكون “متفقا عليه”، ومعنى الامر ازالة مطلب تحقيق “حق العودة” الفلسطينية بشكل كامل وتلقائي. والتقدير الوارد هو ان المبادرة العربية كانت محاولة سعودية ناجحة للتملص من مطالبات الرئيس بوش الابن للتحول الديمقراطي في المملكة ولتحقيق حقوق الانسان فيها. اما حكومة شارون فرفضت الخطة.
عبدالله، كولي عهد وكملك، كان يعتبر ذكيا ومعتدلا نسبيا، نجح في احداث تغييرات معينة في مجال الحقوق السياسية للنساء وفي مجالات داخلية اخرى، ولكنه كان حذرا من اثارة غضب الوهابيين، رجال الدين المتشددين. اما التوقعات من اخيه وخليفته سلمان فكانت متدنية جدا، ولكن عندما تبين ان ابن سلمان، محمد، يصبح الرجل القوي في المملكة ومستعد لتغييرات دراماتيكية، فانه اصبح عزيز الغرب.
وكانت الصداقة التي نشأت بين محمد وبين صهر الرئيس ترامب جارد كوشنير، وزيارة ترامب الى السعودية، والتي تضمنت رقصة السيوف الشهيرة، هي الامور الجديدة الرئيسة في العلاقات بين الدولتين، الى جانب التوقيع على اتفاقات لشراء عتاد امني امريكي بحجوم ضخمة. وقدر البيت الابيض بانه سيكون ممكنا الاعتماد على ولي العهد الشاب الذي سيوافق على الضغط على القيادة الفلسطينية لقبول الخطة الامريكية، حتى لو لم تكن تجسيدا كاملا للحلم الفلسطيني.
ولكن سلسلة من الاحداث غطت في الاشهر الاخيرة على ضوء محمد بن سلمان. فالاعتقال الغريب لاغنياء بلاده في فندق ريتس كارليتون الى أن يتقاسموا اموالهم مع الحكم، اعتقال النساء اللواتي دعون الى توسيع حقوقهن، قطع العلاقات الدبلوماسية مع كندا على خلفية انتقاد كندي لوضع حقوق الانسان في السعودية، ومؤخرا، قتل الصحافي الذي تجرأ على انتقاد النظام. يخيل أن احد اسباب التأخير في كشف خطة ترامب للسلام هي الصعوبة، المتزايدة للتعويل على ولي العهد لخلق الغلاف العربي الذي ستحتاجه.