يوسف يونس: النزاعات الدولية ودور المجتمع الدولي في حلها

يوسف يونس 1-4-2004: النزاعات الدولية ودور المجتمع الدولي في حلها
– الملخص –
اولا: النزاع العراقي – الكويتي:
- بدأ الاستياء العراقي من الكويت وغيرها من دول الخليج يتصاعد منذ انتهاء الحرب مع ايران في عام 1988، وقد اكد العراقيون انهم تحملوا العبء الكامل في مقاومة ايران واشتكوا من ان تضحياتهم لم يعترف بها جيرانهم اعترافا كافيا، وانها لم تعوض تعويضا مناسبا.
- وتركز الاستياء العراقي على المحنة المالية ولذلك بدأ يركز جهوده على رفع اسعار النفط، وبدأ يضغط بقوة على جيرانه في الخليج لتخفيض الانتاج، وكانت الكويت والامارات من بين الدول الاكثر رفضا لمطالب العراق بعدم تجاوز الحدود المتفق عليها من الانتاج.
- صعد العراق مطالبه من الكويت، وطالبها ان تدفع الكويت 2.4 مليار دولار تعويضا عن النفط الذي اتهمها بانها اخذته من اراضي عراقية، كما طالبها بان تتنازل عن اية مطالب قد تكون لها في حقل نفط الرميلة وان تدفع للعراق معونة مالية قدرها 12 مليار دولار تعويضا عن الانخفاض في اسعار النفط بسبب تجاوزها لحصتها في الانتاج، وان تعفى العراق من حوالي 10 مليار دولار من ديون الحرب وان تؤجر لبغداد او تتخلى لها عن جزيرة بوبيان التي تسيطر على مداخل ميناء ام قصر العراقي.
- رفض الكويت مطالب العراق وخاصة التنازل عن جزيرة بوبيان او تأجيرها ونتيجة لهذا الرفض غزا العراق الكويت في الثاني من اغسطس 1990.
- اهتمت كثير من دول العالم بهذا الحدث الكبير لانه مرتبط ارتباطا وثيقا وكليا بالخليج العربي الذي ينتج ما نسبته 35% من الانتاج العالمي للنفط، كما انه يحتفظ بقرابة 65% من الاحتياطات العالمية، يضاف الى هذا الموقع الجغرافي الذي اكسبه اهمية خاصة في موازين السياسة الدولية، باعتباره طريقا بحريا بالغ الاهمية يربط الشرق بالغرب، والشمال بالجنوب، لهذا بدأت دول العالم تبحث عن حل لهذا النزاع وقد كانت امريكا اكثر دول العالم تحمسا لحل هذا النزاع بشتى الوسائل.
ثانيا: النزاع العربي – الاسرائيلي:
- بعد حوالي 50 عاما من انعقاد المؤتمر الصهيوني الاول في 1897 في مدينة بازل السويسرية تحقق ما توقعه تيودر هرتزل من قيام دولة لليهود، حين اعلن عن ميلاد هذه الدولة في قرار التقسيم بواسطة الامم المتحدة عام 1947.
- مع مرور مائة عام على بداية المشروع الصهيوني تحقق ما توقعه هرتزل الى قوة اقليمية هي اسرائيل، التي ضمت احزاب مختلفة وتتفاوت في عدائها نحو العرب عموما والفلسطينيين خصوصا.
- احتدم الصراع بين العرب واسرائيل بعد قرار التقسيم ونشبت عدة حروب هي حرب 1948، 1956، 1967، 1973، كان المبدأ الذي فرض نفسه على كل جولات الصراع العربي – الاسرائيلي وما زال قائما حتى الان هو اعتبار الصراع مع اسرائيل عملية شاقة معقدة بعيدة المدى، ولا تقتصر على جولة بمفردها، او على اداة بعينها، فرغم اهمية الاداة العسكرية في كل جولات الصراع، الا ان الاداة الحاكمة كانت وما زالت وستظل هي ادوات القوة الشاملة، فالصراع حضاري في جوهره، شامل في ابعاده، والخيار العسكري لا يتم من فراغ، وانما في مناخ كامل لادوات القوة التي تستخدم في الصراع.
- الى جانب هذه الحروب العربية – الاسرائيلية والتي كان الاساس في نشوبها القضية الفلسطينية، كان لزاما ان نذكر الانتفاضة الفلسطينية التي تعتبر من ابرز احداث العقدين الاخيرين من القرن العشرين, فقد تمكنت هذه الانتفاضة بفضل صراعها ضد الاحتلال واستمراريتها وشموليتها من استقطاب الجماهير الفلسطينية داخل الاراضي المحتلة وخارجها, مما اهلها لطرح اهدافها بدحر الاحتلال واقامة دولة فلسطين المستقلة.
- والانتفاضة في سبيل تحقيقها لاهدافها اتجهت الى تنويع اشكال النضال الشعبي من افعال بسيطة الى افعال ثورية وهي مستمرة الى الان، وتبذل جهود حثيثة لانهاء الاحتلال الاسرائيلي الذي كان سببا جوهريا في اندلاع الانتفاضة.
الجهود الدولية التي بذلت لحل هذين النزاعين:
أ – النزاع العراقي – الكويتي:
- بذل الزعماء العرب جهودا مضنية لحل الخلاف العراقي الكويتي، والحيلولة دون مهاجمة العراق للكويت، ولكن هذه الجهود باءت بالفشل، حيث احتل العراق الكويت.
- بعد دخول العراق الى الكويت اكد الزعماء العرب على اهمية التوصل الى حل عربي – عربي للغزو العراقي، وحثوا امريكا على عدم التدخل، لكن ادانة الجامعة العربية للعراق جعلت التسوية معه امر مستحيلا.
- ومع وقوف الجامعة العربية ضد العراق اخذت الولايات المتحدة تتولى الامور وتقنع الزعماء العرب والاخرين بانهم يحتاجون الى مساعدة امريكية وانه يجب الحيلولة بين صدام حسين وسيطرته على الخليج العربي .
- نتيجة لذلك قامت امريكا ومعها اوروبا بحملة اعلامية ودبلوماسية ضد العراق تمحورت حول مقولتي الشعرية الدولية والقانون الدولي، وتحت هذا الغطاء استنفرت القوة العسكرية وقد تبنت بعض الدول العربية الموقف الامريكي اذ رفعت بدورها لواء الدفاع عن هذين المفهومين.
- في اغسطس 1990 اصدر مجلس الامن القرار “660” دان الغزو العراقي ودعا الى انسحاب القوات دون قيد او شرط وفي 6 اغسطس 1990 أي بعد اربعة ايام من الغزو، فرض المجلس الحظر الاقتصادي والمالي والعسكري على العراق، وفي 25 اغسطس من نفس السنة اجاز المجلس استخدام القوة لتطبيق قرار الحظر رقم 665، وفي 25 سبتمبر 1990 صدر القرار 670 الذي يفرض الحظر الجوي على العراق.
- استمر اداء المجلس بهذه الوتيرة نفسها حتى وصل في 29 نوفمبر 1990 الى تبني القرار رقم 978 الخاص بمنح مهلة للعراق حتى 15 يناير للانسحاب من الكويت وتنفيذ جميع قرارات الامم المتحدة التي بلغ عددها حتى ذلك التاريخ 11 قرارا، واذا لم يمتثل العراق يجيز مجلس الامن للحلف الدولي استخدام جميع الوسائل لتنفيذ قرارات الامم المتحدة.
- تجدر الاشارة الى انه كانت هناك محاولات من قبل بعض الدول العربية وبعض دول العالم لاقناع العراق بالانسحاب من الكويت تجنبا للحرب، ولكن العراق اصر على موقفه بعدم الانسحاب، وشن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة حربا على العراق اسفرت عن انسحابه من الكويت وفرض قرارات عليه قبلها بدون قيد او شرط، ومن بين هذه القرارات ضرورة ان يقوم العراق بتدمير كافة الاسلحة غير التقليدية والصواريخ ذات المدى البعيد والمتوسط وان يضع حد لقمع الاكراد، وبتسهيل امدادهم بالمعونات الانسانية وفي 7 ابريل 1991 تم تحديد منطقة خطر جوي شمال خط 36 ثم في 18 ابريل 1991 تقرر تشكيل لجنة يونسكوم المكلفة بنزع السلاح من العراق، كما قبل العراق القرار الدولي النفط مقابل الغذاء، لكن في 13 يناير 1998 منعت بغداد فريقا من المفتشين التابعين لليونسكوم بالدخول الى المواقع الاستراتيجية وفي 27 يناير 1998 اعلن الرئيس الامريكي كلنتون عن اختياره للخيار العسكري ضد العراق، لكن الامين العام للامم المتحدة يوقع مذكرة تفاهم مع العراق لعودة المفتشين يقبلها مجلس الامن.
- على الرغم من ان فرق التفتيش الدولية مارست مهامها في العراق بحرية كاملة ولفترة زمنية طويلة الا ان تقاريرها كانت تشير بعدم التعاون الكامل من جانب العراق، وهو الامن الذي مثل ازمة للقوى الدولية الساعية الى رفع الحصار المفروض على العراق والتي تمثلت في روسيا الاتحادية والصين وفرنسا.
- اتهم العراق فرق التفتيش التي يتزعمها ريتشارد باتلر بالتجسس لصالح الولايات المتحدة مما ادى الى اندلاع ازمة اتجهت معها الولايات المتحدة وبريطانيا الى حشد قواتهما والاستعداد لتوجيه ضربات عسكرية جديدة للعراق، في الوقت نفسه حرصت روسيا الاتحادية وفرنسا والصين على تأكيد ان الازمة تخص العراق والامم المتحدة، ومن ثم فان ادارتها يجب ان تتم بين الجانبين أي ان الولايات المتحدة ليست طرفا فيها، ودورها يأتي من خلال مجلس الامن باعتبارها احدى الدول الخمس دائمة العضوية، وبمرور الوقت تزايدت المعارضة داخل المنطقة وخارجها لفكرة ضرب العراق ولذلك بدأت الادارة الامريكية تناقش فكرة، اعطاء الاولوية للخيار الدبلوماسي من خلال الامم المتحدة، وهو الامر الذي وتمخض عنه تكليف مجلس الامن للامين العام للامم المتحدة كوفي عنان بزيارة بغداد والتباحث مع المسؤولين العراقيين مباشرة، حيث قام عنان بزيارة بغداد وبعد مباحثات مكثفة مع القيادة العراقية، تم توقيع اتفاق بين الجانبين وصفه عنان بانه ينهي الازمة بعد ان تجاوب العراق مع كافة المطالب التي حددها مجلس الامن.
- تطورت الامور بعد ذلك حيث طردت لجنة اليونسكوم برئاسة ريتشارد باتلر في شهر اكتوبر 1998، اعقبها عملية ثعلب الصحراء، وبقي العراق من دون لجنة تفتيش حتى العام 2002 عندما عادت لجان التفتيش برئاسة هانز بليكس في شهر نوفمبر من نفس العام ولم تعثر على اسلحة دمار شامل، واتهم العراق باخفائها وبانه يتلاعب في تقاريره، كما اتهم النظام العراقي بانه على علاقة مع تنظيم القاعدة، في هذه الاثناء اعلن الرئيس الامريكي انه سيتم نزع سلاح العراق بطريقة او باخرى، وهذه اشارة الى ان الادارة الامريكية اعتمدت الخيار العسكري لنزع اسلحة العراق واسقاط نظام صدام حسين، وكان لها ما ارادت حيث شنت امريكا الحرب، واسقطت النظام العراقي ودخلت القوات الامريكية بغداد.
ب – الصراع العربي – الاسرائيلي:
- ظل تعبير عملية السلام الشرق اوسطية تستخدم كتعبير لوصف المحاولات الامريكية والسوفياتية – الاوروبية لاحتواء الصراع العربي – الاسرائيلي، ولكن هذا التعبير بدأ يستخدم منذ العام 1991 لاول مرة للاشارة الى جهود حقيقية لبناء السلام، ذلك انه على الرغم من ان النزاع العربي – الاسرائيلي لم تتم تسويته الا انه قابل للتسوية، وهناك مجموعة من التطورات الاقليمية والدولية التي ادت الى هذا المنعطف، مثل واقعية منظمة التحرير الفلسطينية، وتغيير الحكومة الاسرائيلية التي جاءت مشاركتها في محادثات مدريد نتيجة لخضوعها للضغط الامريكي ولم تكن وليدة قناعة، وكان هناك ايضا مسألة فقدان الموقع الاستراتيجي التي كان على سوريا واسرائيل بشكل خاص ان تواجهها لدى انتهاء الحرب الباردة، الى ذلك فقد ادرك العراق خلالا لعامين 1990-1991 انه لم يعد في الامكان استغلال تناقضات القوى العظمى، كذلك كانت هناك عوامل جعلت القوى الاقليمية اكثر استعدادا للتسوية السلمية هزيمة العراق في حربه على الكويت، وينطبق الامر نفسه على اسرائيل عندما قصفت بصواريخ السكود العراقية ما برهن عن طريق القوة على انه لم يعد في الامكان حسبان ان هناك حدود امنة لا يمكن اختراقها.
- لقد بات السلام الاقليمي في الشرق الاوسط ممكنا، الا انه لا يزال غير مؤكد، على الرغم من توقيع الاتفاقيات الفلسطينية – الاسرائيلية واهمها اتفاقية اوسلو عام 1993 وغيرها من الاتفاقيات ومعاهدات السلام الاردنية – الاسرائيلية في اكتوبر 1994، وقبل ذلك بنحو 15 عام وقعت مصر واسرائيل اتفاقية كامب ديفيد.
- ويمكن القول ان عملية السلام لا تزال هشة سواء بين مصر واسرائيل او الاردن واسرائيل او بين الفلسطينيين واسرائيل، وسبب الوهن في عملية السلام راجع الى ان لب الصراع في الشرق الاوسط وهي القضية الفلسطينية ما زالت بدون حل، رغم تعدد المحاولات الدولية واخرها خطة خارطة الطريق.
رؤية مستقبلية تبين وجهة نظر الباحث في كيف يمكن للامم المتحدة المساعدة في حل المنازعات الدولية:
- يرى الباحث ان حل المنازعات الدولية يجب ان يكون من خلال تعاون دولي، والذي لا يمكن ان يتم الا من خلال اصلاح الامم المتحدة واعادة هيكلتها حتى لا تخضع لهيمنة بعض الدول في اصدار قرارتها.
- وعليه فان اصلاح الامم المتحدة يكمن في الخطوات التالية:
1 – ان تتبنى الامم المتحدة الاسلوب الديمقراطي في اتخاذ قراراتها فالقاعدة الاساسية في اية ممارسة ديمقراطية هي قاعدة الاغلبية، وواقع الامم المتحدة واداؤها لا يعكس صورة الديمقراطية الذي يفترض انها رمزا له، بل تكاد تعمل على النقيض من ذلك، حيث تمارس الاقليمة وتحديدا الخمسة الكبار الاعضاء الدائمون في مجلس الامن صلاحيات مطلقة في مجال اصدار القرارات وتوقيع العقوبات العسكرية والاقتصادية، بينما تحرم الاغلبية من المساهمة في ذلك.
2 – ان تحتفظ الجمعية العامة بجمع الصلاحيات من اتخاذ قرارات في مجال الامن والسلم وتوقيع العقوبات بوصفها المنبر الديمقراطي العالمي، حيث تقرر الاغلبية ما تراه في هذا المجال، وان يقتصر دور مجلس الامن على التنفيذ بوصفه هيئة تنفيذية.
3 – ان توزع الصلاحيات في هذا المجال بين كل من الجمعية العامة ومجلس الامن بشكل متوازن، وفق مجموعة القوى البشرية لكل من مجلس الامن واعضائه الدائمين وغير الدائمين واعضاء الجمعية العامة، بحيث يختص مجلس الامن بصلاحيات محددة كالصلاحيات الاقتصادية والدبلوماسية، وان تختص الجمعية العامة بصلاحيات استخدام القوة لحفظ الامن والسلم، او ما شابه ذلك من اختصاصات.
4 – الغاء حق الفيتو واستبداله بمعادل من الاصوات وفقا للقوى الكبرى وذلك يقتضي النظر في مبدأ المساواة بين الدول في القانون الدولي.
5 – في جميع الحالات ينبغي للجمعية العامة ان تمارس الرقابة على الادارة التنفيذية، أي مجلس الامن، للتأكد من التزامه بمضمون الميثاق الذي هو الدستور، ورقابة ادائه والتدخل في حالة تجاوزه صلاحياته او تجاوزه لروح الميثاق وغايته.
6 – تكوين جيش للسلام يخضع لقيادة دولية باشراف الامم المتحدة حتى لا يستخدم كأداة من قبل القوى الكبرى لتنفيذ سياستها واهدافها الخاصة.
7 – تنازل الدول عن بعض سيادتها للامم المتحدة في حال تكوين جيش للسلام وفي غيرها من الاحوال.
8 – تنويع المصادر لدى وضع قوانين جديدة، بحيث لا تقتصر على المصدر الغربي القائم على العقل الغربي، بل يجب مراعاة الحضارة القديمة ذات المكوث الديني الهام، كالهند والعالم العربي والاسلامي.
- ان ما قلناه عن الاصلاح في الامم المتحدة تستلهمه من تلك الجملة الشهيرة للسكرتير الاسبق للامم المتحدة داغ همرشولد: “ان الامم المتحدة ليس بمقدورها ان تقود العالم الى الجنة ولكن يمكنها ان تجنب العالم ويلات الجحيم”.
- في ضوء ذلك نرى ان السند الحقيقي لامكان اصلاح الامم المتحدة في احاب الضمير الحر والحي من الرجال والنساء الذين يرون في انسانيتهم الاخر ماثلا امام اعينهم ويتجاوز مفهومهم لهويتهم الحدود الجغرافية الضيقة ليدخل في اطار انتماء واسع الانسانية تواجه مصيرا واحدا.
- ويوجد هؤلاء في حركات السلام في فرنسا والمانيا وايطاليا وامريكا والبلدان العربية التي وقفت ضد مشروع حرب الخليج، وكذلك الحركات التي تدعو للحفاظ على البيئة “حركة الخضر” التي عارضت الحرب من منطلق التعارض بين الحرب والبيئة في اوروبا وغيرها من المناطق في العالم، كذلك منظمات حقوق الانسان الدولية والاقليمية ممكن ان تقود حملة واسعة تحت شعار “الحق في الحياة” الحق في السلام باعتباره حقوقا اساسية للانسان في كل مكان.
- باختصار المطلوب هو خلق حركة عالمية لاصلاح الامم المتحدة بين المتخصصين واوساط الرأي العالمي في عالم يتحول شئنا ام ابينا الى مدينة واحدة، رغم ما بين مركزها ومحيطها من فوارق وتناقضات.
التفاصيل: النزاعات الدولية ودور المجتمع الدولي في حلها
مقدمة:
- يتناول هذا البحث الموجز موضوعين الاول النزاع العراقي – الكويتي والثاني الصراع العربي – اسرائيلي.
- بالنسبة للنزاع الاول ويتمثل في النزاع العراقي – الكويتي وما ترتب عنه من حروب عرقت بحرب الخليج الثانية وحرب الخليج الثالثة، ويمكن النظر الى هذه الحروب على انها كانت صراعا حادا حول وبين وبواسطة العناصر التالية: الثروة والقوة والقانون والحق والايديولوجيا، الثورة المقصودة هنا هي الثروة النفطية، والقوة هنا تشير الى القوة العسكرية والتكنولوجيا، والقانون يقصد به القانون الدولي الذي يستمد منه ما يسمى بالمشروعية الدولية، والحق يراد هنا بمعناه الواسع ابتداء من الحقوق التاريخية الى حق الوجود بالنسبة لهذه الدولة او تلك الى حق الطموح والنهضة بالنسبة للامة كلها.
- ويمكن القول ان محور الصراع في حرب الخليج كان الثورة النفطية اذا سعده امريكا ومن ورائها الدول الاخرى وخاصة الحليفة الى السيطرة على نفط الخليج العربي، مما يمكنها من انعاش الاقتصاد وبالتالي تحقيق الامن الاقتصادي عبر حقول النفط العربية وما احتلال العراق الا جزء من هذا المخطط الكبير، والمستقبل حافل بكل التوقعات لباقي دول المنطقة.
- اما فيما يتعلق بالصراع العرب – الاسرائيلي فانه يمتد الى ما وراء جنوب شرق المتوسط شاملا في آن معا دول الخليج العربي ودول المغرب في صورة هامشية وهناك داخل هذا النظام تشكيلان نزاعيان رئيسيان ومجموعة من التشكيلات الثانوية والتشكيلان الرئيسيان هما النزاع العرب – الاسرائيلي او النزاع في الشرق الاوسط والنزاع في الخليج العرب.
- الصراع العربي الاسرائيلي له جذوره التاريخية، تداخلت فيه عوامل سياسية واقتصادية وعقائدية وانسانية، واسرائيل تقفز فوق كل هذه العوامل، ولا تنظر الا لفرض الحقائق الجغرافية على الارض، وما جدار الفصل الذي تقيمه فوق الاراضي الفلسطينية الا مثالا لفرض الامر الواقع باستخدام القوة، وبذلك اصبح الصراع مصيريا يظهر فيه التناقض بين طموحات الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة، ومن اطماع اسرائيل التوسعية على حساب الارض العربية.
الخلاف العراقي – الكويتي من حيث الاسباب والنتائج:
- كان الاستياء العراقي من الكويت وغيرها من دول الخليج يتصاعد منذ انتهاء الحرب مع ايران في عام 1988، وقد اكد العراقيون انهم تحملوا العبء الكامل في مقاومة ايران واشتكوا من ان تضحياتهم لم يعترف بها جيرانهم اعترافا كافيا، وانها لم تعوض تعويضا مناسبا.
- وتركز الاستياء العراقي على المحنة المالية المنذرة بكارثة على العراق، وعلى فشل دول الخليج في تقديم المساعدة، وطبقا للتقديرات الامريكية فان الحرب مع ايران كلفت العراق 500 مليار دولار وطوال الحرب خصص العراقيون 40% من اجمالي ناتجهم المحلي للانفاق العسكري، فاقتطعوا من فاقتطعوا من الانفاق الاستهلاكي والانفاق على التنمية الاقتصادية، وعندما انتهت الحرب مع ايران وبحلول منتصف 1990 هبط الدينار العراقي الواحد الى واحد من 12 من قيمته الرسمية ويضاف الى التضخم مشكلة بطالة هامة نجمت عن تسريح الجنود ووجود الاف بلا مأوى وجرحى لابد من اسكانهم ورعايتهم.
- ولذلك لم يكن مستغربا ان ركز العراق جهوده على رفع اسعار النفط، وبدأ يضغط بقوة على جيرانه في الخليج لتخفيض الانتاج، وكانت الكويت والامارات من بين الدول الاكثر رفضا على الاصلاح في تجاوزها لحدود الانتاج المتفق عليها صعد العراق مطالبة من الكويت فبالاضافة الى الحد من انتاجها الضخم فوق حصتها اصر العراق ان تدفع الكويت 2.4 مليار دولار تعويضا عن النفط الذي اتهمها بان اخذته من اراضي عراقية، كما طالبها بان تنبذ الكويت اية مطالب قد تكون لها في حقل نفط متنازع عليه (الرميلة) وان تدفع للعراق معونة مالية قدرها 12 مليار دولار عن تعويضا عن الانخفاض في اسعار النفط الذي نجم عن تجاوز الكويت لحصتها في الانتاج، وان تعفى العراق من حوالي 10 مليار دولار من ديون الحرب وان تؤجر لبغداد او تتخلى لها عن جزيرة بوبيان التي تسيطر على مداخل ميناء ام قصر العراقي.
- كانت الكويت مستعدة للتخلي عن حقل الرميلة وعلى ان تدفع للعراق مبلغا كبيرا من المال كتعويض لكن الحكومة الكويتية بدت مصممة على عدم التنازل للمطالبة بتسليم جزيرة بوبيان او تأجيرها للعراق، بسبب عمليات حفر متوقعة في مياه يتجاذبها المد والجزر في المنطقة.
- نتيجة لتصميم الكويت على عدم التنازل عن جزيرة بوبيان نشبت ازمة بين العراق والكويت، تدخلت كلا من السعودية ومصر والاردن لحلها في اجتماع عقد بمدينة جدة لكن هذا الاجتماع فشل ونتيجة لهذا الفشل قرر العراق غزو الكويت.
- وفي اول بيان بعد الاحتلال العراقي للكويت اعلنت فيه الحكومة العراقية بان الغزو حدث استجابة من ثوريين شباب في الكويت طلبوا المساندة في انقلاب لاقامة حكومة حرة جديدة، لكن البيان لم يكشف عن هوية الثوريين الشباب.
- بعد ان سيطر صدام حسين بشكل كامل على الكويت، كانت الخيارات امام الولايات المتحدة محدودة ومن حلفاء امريكا الاوروبيين كانت بريطانيا وحدها القلقة، بينما كانت القوى الكبرى الاخرى روسيا والصين واليابان قد تقبلت الاحتلال بلا تردد وكان هناك افتراض بان صدام سيأخذ الارض الت يريدها وينسحب بسرعة، وسوف يقيم العراقيون حكومة جديدة اكثر طواعية في الكويت تلبي مطالب العراق.
- في الجانب العربي اكد الزعماء العرب على اهمية التوصل الى حل عربي للغزو وحثا امريكا على عدم التدخل لكن ادانة الجامعة العربية للغزو العراقي جعل التسوية مع العراق امر مستحيلا.
- ومع وقوف الجامعة العربية ضد العراق اخذت الولايات المتحدة تتولى الامور وتقنع الزعماء العرب والاخرين بان يحتاجون الى مساعدة امريكية وانه يجب الحيلولة بين صدام حسين وسيطرته على الخليج العربي، كما ساندت بريطانيا امريكا وخشيت هي الاخرى على الدول الاخرى التي اوجدتها في الخليج فهذه الدول تسيطر على العالم وتنتج 35% من الانتاج العالمي للنفط.
سبب الاهتمام العالمي بالخلاف العراقي – الكويتي:
- اهتم العالم بهذا الخلاف لانه مرتبط ارتباطا وثيقا وكليا بالخليج العربي والذي اكتسب اهمية دولية لعاملين اساسيين تضاعفا عبر التاريخ:
- العامل الاول:
- الموقع الجغرافي المهم الذي اكسبه اهمية خاصة في موازين السياسة الدولية، باعتباره طريقا بحريا بالغ الاهمية يربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب.
- العامل الثاني:
- الثروة النفطية التي هي اهم مصدر للطاقة في الوقت الراهن وخاصة للدولة الصناعية الكبرى، اذ يمثل انتاج النفط في الخليج ما نسبته 35% من الانتاج العالمي كما انها تحتفظ في باطنها بقرابة 65% من الاحتياطات العالمية المعلنة، وهي المنطقة الوحيدة التي يمكنها تلبية الزيادة المتواصلة في الطلب العالمي للنفط.
- فالسعودية التي تختزن في جوفها قرابة 262 مليار برميل، تحتفظ بربع احتياط النفط العالمي، كما انها تعد اكبر منتجة له، لكن العراق وبالرغم من ظروفه الصعبة يظل مصدرا رئيسيا للنفط، فاحتياطاته المعلنة تبلغ 112 مليار برميل تجعل العراق في المرتبة الثانية بعد السعودية، وبالنظر الى ان اعمال التنقيب لم تكتمل كما يجب في اجزاء كبيرة من الاراضي العراقية فهناك فرصة طيبة في ان تكون احتياطاته اكبر بكثير مما هو معلن.
- مما لا شكل فيه ان هذين العاملين جعلا الدول التي احتلت منطقة الخليج حتى بعد رحيلها ترسم استراتيجية تضمن استمرارية هيمنتها على المنطقة بكاملها وتنحصر هذه الاستراتيجية فيما يلي:
- ترسيم حدود المنطقة حتى تخلق اوضاعا يمكن ان توفر اسبابا للدول الاستعمارية لمواصلة عودتها.
- زرع انظمة سياسة متناقضة تجعل المنطقة قابلة للتفجير في أي وقت تحدده الدول الاستعمارية فلا نظام سياسي يوجد بين قطرين حيث نجد النظام الملكي والجمهوري والجمهوري الاسلامي ونظام السلطة والامارة والمشيخة.
- من الناحية الايدلوجية تعاني اقطار الخليج تطرفا في المواقف، فالعراق يوصف بالتقدمية المتطرفة، والسعودية باليمينية المنغلقة ، وباقي الاقطار توصف بالتبعية، والسمة الغالبة عليها اليمينية والمحافظة. هذه الاستراتيجية التي رسمها العقل الاستعماري هي التي تحدد مكانة الخليج العربي في السياسة الدولية وتفرض على اقطاره تحالفات بين الشرق والغرب.
- اذا استثنينا الامن العسكري الذي لا يتحقق في الخليج الا بقوى خارجية، فانه لا يتوفر على امنه الاقتصادي، فمعظم اقطار الخليج تفتقد المقومات الصناعية او الزراعية، ويعتمد اقتصادها اساسا على النفط الذي يقوم بسد كافة الاحتياجات، اما فيما عدا ذلك فان اقطار الخليج تعاني عجزا كبيرا في ميزانها التجاري، وقطاع الزراعة يعاني ضمورا سواء في مستوى الاراضي الصالحة للزارعة او الموارد المائية، مما يجعل المنطقة لا تتوفر على امنها المائي او الغذائي باستثناء العراق، وهذا العجز في ميزان الاقتصاد وقطاع الزراعة يحرك جانبا من جوانب الصراع في الخليج، ففي امكان الدول الغربية ان تستورد النفط وتسترجع عوائده في نفس اليوم، فتضمن لنفسها الطاعة ولمنتوجاتها السوق.
- ان هذه العوامل جميعا جعلت الدول الكبرى تتنافس في تثبيت اقدامها في الخليج العربي، وعلى الاخص الولايات المتحدة، فوضعت لسياسة تدخلها استراتيجية تنفذها عبر مراحل زمنية متفاوتة وحسب ما تقتضيه ظروف كل مرحلة، فمثلا في حال تنصيب نظام تابع للولايات المتحدة في العراق، فان ذلك سيوفر لشركات النفط الامريكية فرصة افضل في الحصول على حصص اكبر من النفط العراقي خلال الاعوام الثلاثين القادمة.
- لقد ظهر واضحا، اكثر من أي وقت مضى، ان القوى الكبرى تتلهف على الثروة البترولية في المنطقة العربية، كما كانت في الماضي تتلهف على موقعها الاستراتيجي، وكما تم في الماضي بسط نفوذها على امتداد الوطن العربي.
الولايات المتحدة وازمة الخليج:
- ان ما يميز ازمة الخليج انها تختلف عن الازمات التقليدية اذ توسعت عن اطارها المحلي او القومي المرتبط بالصراع القومي الاجتماعي، الى الاطار الدولي بسبب ما احدثته من تغير في المواقف، اتسمت بكثافة الصراع بين دولتين جارتين، وفي وقت ضيق سيؤدي حتما الى تغير الوضع القائم في المنطقة، بدءا من الازمة المحلية بين العراق والكويت، الى الاطراف الشقيقة المجاورة التي صعدت الازمة اولا الى النظام القومي الجماعي، وفي ظل العجز الذي يعانيه هذا النظام في صنع قرار يعمل على حل الازمة في مهدها وثانيا تحولت الازمة الى الاطراف الدولية وتحتل مكان الصدارة فيها الولايات المتحدة التي حاولت من خلال ادارتها للازمة ان تستفيد من استراتجيتها في المنطقة والتي تتمثل في كيفية استخدام القوة العسكرية المباشرة اداة لتدعيم الاقتصاد ومعالجة الخلل الناشب في قطاعاته المختلفة.
- وقد استهدف التدخل الامريكي والكثيف في ازمة الخليج وانتشار قواتها في معظم البلدان الخليجية، تأمين السيطرة الامريكية مع منابع النفط في المنطقة بما يكفل لها احتكار السيطرة والتحكم في اهم مصادر الطاقة في العالم وسواء على صعيد الانتاج او على صعيد الاحتياطي العالمي، ولا شك ان ذلك يمنح الولايات المتحدة تفوقا ساحقا على الاقطاب المرشحة للظهور على الصعيد العالمي في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، أي اوروبا واليابان حيث تعتمدان بشكل اساسي على هذه المنطقة للتزود بالطاقة، وخصوصا ان تكلفة الانتشار العسكري الامريكي يقع الجانب الاكبر منها على عاتق دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية والكويت، اضافة الى اليابان والمانيا.
- فضلا عن ذلك فان الوجود العسكري الامريكي في المنطقة يمنح الولايات المتحدة مزايا عدة، فهو يؤمن في المدى المنظور والمتوسط والبعيد امدادات النفط باسعار لا تفاقم من مشكلات الاقتصاد الامريكي، ويؤمن للولايات المتحدة شغل الفراغ العسكري الناجم عن زوال خطر الاتحاد السوفياتي على اوروبا واستغناء هذه الاخيرة عن المظلة الامريكية، سواء التقليدية او النووية، ويحقق لها حلما قديما بالسيطرة على النفط رسمت معالمه منذ الصدمة النفطية الاولى في اثناء حرب اكتوبر 1973، واعتبار الخليج ضمن منظار الامن القومي للولايات المتحدة، الحلم الذي لم يبرح مخيلة الادارة الامريكية منذ عهد الرئيس نيكسون مرورا بكارتر وريغان وبوش وكلينتون وانتهاء بالرئيس الحالي بوش الابن. وذلك يفسر في جانب كبير منه الطريقة التي تدير الولايات المتحدة بها ازمة الخليج، اذ طلبت من حلفاءها في اوروبا وجنوب شرق اسيا بضرورة المساهمة في تحمل تكلفة تشغيل الالة العسكرية الامريكية الضخمة.
- ان الهدف المعلن للتدخل العسكري الامريكي في الخليج هو استعادة الكويت لسيادتها وعودة اسرة الصباح للحكم، لكن الهدف الحقيقي والاهم والذي يلح في ذهن الادارة الامريكية هو ضرب وتقليص ان لم يكن تصفية القوة العراقية العسكرية والحؤول دون تملك العراق اسلحة استراتيجية كيميائية وبيولوجية ونووية في المستقبل واعادة ميزان القوى بين اسرائيل والعرب الى ما كان عليه قبل نهاية الحرب العراقية – الايرانية، أي ضمان التفوق الساحق والنوعي لاسرائيل على العرب مجتمعين.
- يضاف الى هذه الاهداف هدف اخر، وهو تمرير مخطط الملف الامني الامريكي – الخليجي والشرق اوسطي، وبذلك تدخل دول اخرى غير عربية فيه، مثل تركيا وايران واسرائيل ايضا، وخصوصا ان السياسة الامريكية تحاول منذ اواخر الثمانينات احداث تغييرات في النظم الاقليمية الفرعية وبالذات في النظام الاقليمي العربي، الذي ساد حتى ازمة الخليج، اذ كانت تركيا تدعو عبر خطابها الرسمي الجديد الى انشاء كونفيدرالية اسيوية اسلامية – اوروبية تحت قيادتها وتحاول ان تقوم بدور جديد رسمت ملامحه في الدوائر الغربية.
- وتتعدد الشواهد على ذلك فالتوتر المتصاعد بين تركيا وايران وبينها وبين كل من العراق وسوريا، بخصوص مياه الفرات يدل على الرغبة المتنامية للسياسة الامريكية في اعادة تكوين نظام شرق اوسطي جديد في ضوء التغير في معطيات الصراع على الصعيد العالمي.
دور الامم المتحدة في الازمة العراقية:
- كان لابد مع اقتراب لحظة التدخل العسكري الجديد من تنشيط الجهود الدبلوماسية في محاولة لحفظ السلام في المنطقة، وعلى هذا اتفق الجميع على ان يتولى الامين العام لمنظمة الامم المتحدة المهمة الصعبة باقناع النظام العراقي بالامتثال لقرارات الجماعة الدولية، وقد نجح كوفي عنان في التوصل الى توقيع مذكرة تفاهم مع نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز حول تنظيم عملية التفتيش التي انيطت بها لجنة “اليونسكوم” من اجل نزع كافة اسلحة الدمار الشامل من العراق.
- على الرغم من ان فرق التفتيش الدولية مارست مهامها في العراق بحرية كاملة ولفترة زمنية طويلة، الا ان تقاريرها كانت تشير الى قضايا عالقة بفعل ما اسمته بعدم التعاون الكامل من جانب النظام العراقي وهو الامر الذي مثل ازمة للقوى الدولية الساعية الى رفع الحصار المفروض على الشعب العراقي، والتي تمثلت في روسيا الاتحادية والصين وفرنسا.
- وقد بدت غلبة الاعتبارات السياسية على مهام اللجان الدولية في موقف اللجنة التي كان يترأسها الاسترالي ريتشارد بتلر الذي خرج عن قواعد العمل المتعارف عليها وادلى بتصريحات اعلن فيها ان العراق يملك من الاسلحة البيولوجية ما يكفي للقضاء على سكان تل ابيب ويكمن تجاوز قواعد العمل في مثل هذا التصريح في ان بتلر ادلى بهذا التصريح قبل ان يقدم تقريره الى مجلس الامن، اضافة الى اقحام تل ابيب في الموضوع وهو الامر الذي احتجت عليه روسيا والصين وفرنسا على اساس انه يمثل تجاوزا لمهام واختصاص فرق التفتيش الدولية.
- وبمجرد اندلاع الازمة اتجهت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا الى حشد قواتها والاستعداد لتوجيه ضربات عسكرية جديدة ضد العراق، في الوقت نفسه حرصت روسيا الاتحادية وفرنسا والصين على تأكيد ان الازمة تخص العراق والامم المتحدة ومن ثم فان ادارتها يجب ان تتم بين الجانبين أي ان الولايات المتحدة ليست طرفا في الازمة، ودورها يأتي من خلال مجلس الامن باعتبارها احدى دول الخمس دائمة العضوية، وبمرور الوقت تزايدت المعارضة داخل المنطقة وخارجها لفكرة ضرب العراق، ولذلك بدأت الادارة الامريكية تناقش فكرة اعطاء الاولوية للخيار الدبلوماسي من خلال الامم المتحدة، وهو الامر الذي تمخض عنه تكليف مجلس الامن للامين العام للامم المتحدة كوفي عنان بزيارة بغداد والتباحث مع المسؤولين العراقيين مباشرة، حيث قام عنان بزيارة بغداد وبعد مباحثات مكثفة مع القيادة العراقية، تم توقيع اتفاق بين الجانبين وصفه عنان بانه ينهي الازمة بعد ان تجاوب العراق مع كافة المطالب التي حددها مجلس الامن لنزع فتيل الازمة.
الجدل حول الاتفاق في مجلس الامن:
- على الرغم من نجاح الامين العام للامم المتحدة في التوصل الى اتفاق متوازن مع القيادة العراقية على النحو الذي اعاد المنظمة الدولية الى صادرة الاحداث من خلال ممارستها لمهامها المنوطة بها بموجب الميثاق الا ان الولايات المتحدة حرصت على ان يتضمن قرار مجلس الامن الجديد حول الاتفاق مع العراق ترخيصا بضرب العراق في حال تكرر الازمة، دون العودة الى مجلس الامن وهو الامر الذي رفضته مجددا روسيا الاتحادية وفرنسا والصين عندما عارضت مشروع القرار الذي قدمته بريطانيا، واكد السفير الروسي لدى المنظمة الدولية سيرجي لافروف ان مذكرة لاتفاهم التي وقعها الامين العام مع الحكومة العراقية تمثل في حد ذاتها وثيقة قانونية دولية، واذا كانت هناك الحاجة الى قرار جديد من مجلس الامن فيجب ان ينص على ان المجلس وافق بالاجماع وصادق على ما وقعه الامين العام في بغداد وفي حالة عدم تنفيذ مذكرة التفاهم فان مجلس الامن عليه ان يقرر نوعية العواقب المترتبة على ذلك.
*اتجاهات امريكيان متعارضان حول الحرب على العراق:
- ساد الحياة السياسية الامريكية اتجاهين متعارضين فيما يتصل بالموقف من قرار ادارة بوش بخوض الحرب المحتملة ضد العراق وهذان الاتجاهان على النحو الاتي:
الاتجاه الاول:
- معسكر المؤيدين للحرب وهؤلاء برز دورهم منذ مدة وهم جميعا من الشخصيات المدنية المصنفة ضمن مجموعة المحافظين الجدد الذين تعود جذورهم الى عهد ادارة الرئيس رونالد ريغان، ويشمل اسماء هذه المجموعة ريتشارد بيرل، مايكل ليدين، دوجلاس فيش، بول ولفوفيتر، اليوت ابرامز، وزالمي خليلر دار، اما كبار قادتهم فهم دونالد رامسفيلد وزير الدفاع، وديك تشيني نائب الرئيس وغيرهما، ولهؤلاء جميعا معركة طويلة مع صدام حسين ذلك انهم يرون في العراق الهدف الامثل لتطبيق مبدأ الضربات الاحترازية كاستراتيجية جديدة تتبناها الولايات المتحدة بهدف الهيمنة العسكرية الامريكية، وتغيير منطقة الشرق الاوسط برمتها، بدءا من التحول الديمقراطي للعراق، وتصفية الحسابات مع الدول التي تدعم الارهاب في نظرهم، وفي رأيهم ان كل ذلك سيتم تحقيقه تحت مظلة دور امريكي امبريالي حميد.
- وبالنسبة لافراد هذا الاتجاه فان ما يؤرقهم هو سلسلة من الاعتبارات منها اسلحة الدمار الشامل، مهددات الامن الاسرائيلي، الارهاب، ثم الصورة العامة لسمعة الولايات المتحدة عالميا ودورها كقوة عظمى.
- كما يطلق على اصحاب هذا الاتجاه اللاكلينتونيين كناية عن تعارضهم التام مع السياسة الخارجية للرئيس كلينتون السابق جملة وتفصيلا، ضمن ذلك فهم يوجهون سهام نقدهم الى جورج بوش الاب لعدم مضيه في الحرب مع العراق شوطا ابعد من اشعالها، وتستمد هذه المجموعة صلابة موقفها من صلابة نظرتها الايدلوجية للامور فما يتعلق بالعراق، ومما يدعيه هؤلاء هو الخوف من ان نصاب سمعة الولايات المتحدة عالميا ان هي لم تستأصل صدام حسين.
الاتجاه الثاني:
- وهو المعسكر المعادي للحرب وهؤلاء قلة وبعيدون كل البعد عن مراكز السلطة مواقع اتخاذ القرار، ويشمل هذا المعسكر او تلك الذي يعترضون على الحرب من حيث المبدأ مثل طلاب بعض الجامعات، وناشطي السلام، والقادة الدينيين، والمثقفين الا ان اصواتهم بدأت تعلو مع تصعيد وتيرة الحرب على الجانب الاخر، اما الحجج التي يثيرها اعضاء هذا المعسكر فتبدأ من الاخلاق نزولا الى السياسات العملية.
- ويبدي هؤلاء خوفا من ردة الفعل المحتملة في حال خوض حرب احترازية ضد العراق دون توفر مبرر واضح لها، ومن افراد هذه المعسكر عامة من يساوره قلق من ان يكون الولايات المتحدة قد اخطأت في ترتيب اولوياتها، لذا فانهم يرون ان التصدي للخطر الذي تمثله كوريا الشمالية هو الاهم مع علمهم التام بعجز واشنطن عن مواجهة اكثر من ازمة في وقت واحد.
موقف دول مجلس الامن الدائمين وغير الدائمين من الحرب على العراق:
- عبرت الدول الـ15 الاعضاء في مجلس الامن عن مواقعها بعد التقرير الذي قدمه كبير المفتشين هانز بليكس لنزع اسلحة العراق.
- اولا: موقف الدول الخمس الدائمة العضوية
- الولايات المتحدة:
- اعلن وزير خارجيتها كولن باول علينا في المستقبل القريب جدا ان نقرر ما اذا كان الوقت قد حان لدرسة العواقب الوخيمة كتلك التي ينص عليها القرار 1441، وان ما نحتاجه ليس المزيد من عمليات التفتيش ما نحتاجه هو ان نصل فورا الى المواقع المشبوهة وتعاون كامل وغير مشروط من قبل العراق.
- بريطانيا:
- قال وزير خارجيتها جاك سترو نامل ونؤمن بأنه لا يزال من الممكن التوصل الى تسوية سلمية لهذه الازمة الا ان ذلك يتطلب حصول تغير كامل وفوري من جانب صدام حسين ويجب التمسك بالقرارات التي اتخذت وشددت على ان العراق سيواجه عواقب وخيمة في حال لم يلتزم بهذه القرارات.
- روسيا:
- اكد وزير خارجيتها على استمرار تقديم المساعدة اللازمة للمفتشين في العراق لان ذلك يعتبر تحرك في الاتجاه الصحيح.
- فرنسا:
- اكدت من خلال وزير خارجيتها دوفيلبان انه لا يوجد ما يبرر استخدام القوة ضد العراق خصوصا وان التقرير الذي قدمه هانز بليكس والبرادعي يوضح ان عمليات التفتيش تعطي ناتج فاستمرار عمليات التفتيش المتواصلة تعتبر بديل للحرب لان اللجوء الى الخيار العسكري له عواقب وخيمة على البشر والمنطقة وعلى الاستقرار الدولي ولا يجب التفكير فيها الا كحل اخير.
- الصين:
- اكد وزير خارجيتها تانغ جياكسو ان عمليات التفتيش احرزت تقدما واضحا لعدد من المسائل وهي تسير على ما يرام ويجب الاستمرار في منح المفتشين الوقت الذي يحتاجونه.
ثانيا: الدول العشر الاعضاء غير الدائمين في مجلس الامن
- المانيا:
- قال وزير خارجيتها يوشكا فيشر يجب ان يمنح المفتشون الوقت الذي يحتاجونه لانهاء مهمتهم بنجاح فالحرب لها مخاطرها على الاستقرار والامن الدوليين، لذلك لا بد من استكشاف كل البدائل الممكنة.
- انغولا:
- طالب سفيرها لدى الامم المتحدة اسماعيل غاسبار وتينز بانه يجب منح المفتشون ما يكفي من الوقت لجمع ما يكفي من المعلومات.
- بلغاريا:
- اعلن سفيرها لدى الامم المتحدة ستيفان تافري ان بلاده مع تسوية سلمية للازمة العراقية وان الاولوية بالنسبة لبلغاريا استخدام كل السبل الممكنة لايجاد حل سلمي للازمة.
- الكاميرون:
- مارتن بلير سفيرها في الامم المتحدة قال ان التقدم الذي تحقيق من قبل المفتشين يكشف تغيرا مهما في السلوك العراقي.
- التشيلي:
- قالت وزيرة خارجيتها ان عمليات التفتيش يجب ان تتواصل وتتعمق.
- اسبانيا:
- قالت وزيرة خارجيتها انابالاسيو ان المطالبة بتعزيز عمليات التفتيش في العراق هو بمثابة رسالة ضعف من مجلس الامن الذي سيبدو وكأنه مستعد لاعادة مناقشة البنود المرجعية للقرار 1441.
- غينيا:
- محمد تردي سفيرها في الامم المتحدة اكد انه تم تحقق تقدم في عملية التفتيش منذ ان تم اعطاء مهلة اضافية الى المفتشين.
- المكسيك:
- اعلن وزير خارجيتها ارنستو دبر بيرز ان المكسيك لا تزال تثق بالمفتشين.
- الباكستان:
- اعلن سفيرها منير كرم لدى الامم المتحدة ان كل شخص لديه نية حسنة يرغب باستنفاذ كل امكاناته التوصل الى تسوية سلمية قبل ان يضع مجلس الامن اليه الحرب.
- سوريا:
- قال وزير خارجيتها فاروق الشرع ان نزع اسلحة العراق ممكن من خلال دعم مهمة التفتيش ومنحهم الوقت الكافي لانجازها فقد حققت عمليات التفتيش انجازات هامة لم تستطيع القوة العسكرية تحقيقها.
- رغم ان معظم دول مجلس الامن الدولي وكذلك معظم دول العالم كانت ترى بضرورة حل الازمة سلميا من خلال اعطاء مزيد من الوقت للمفتشين الدوليين متزامنا مع تطبيق نظام مراقبة اكثر صرامة الا ان الادارة الامريكية اصرت على موقفها حيث اعلن رئيسها جورج بوش انه سيتم نزع سلاح العراق بطريقة او باخرى وكان هذا اشارة الى ان الادارة الامريكية اعتمدت الخيار العسكري لنزع اسلحة العراق وازالة نظام صدام حسين وكان لها ما ارادت حيث شنت الحرب وتم اسقاط نظام صدام حسين ودخلت القوات الامريكية بغداد.
الصراع العربي الاسرائيلي
جذور الصراع العربي الاسرائيلي:
- في عام 1897 انعقد المؤتمر الصهيوني الاول في مدينة بازل السويسرية وفي اعقاب المؤتمر قال يتودر هرتزل انني في مؤتمر بازل قد خلقت الدولة اليهودية ولكني لم اجرؤ ان اقول ذلك علنا والا ضحك العالم ساخرا مني بما في ذلك اغلبية اليهود ربما في خلال خمس سنوات وبالقطع خلال خمسين سنة سيدرك العالم واغلبية اليهود انني لم اكن اهزل وان يضحكوا ساخرين مني عندئذ.
- وبالفعل قبل ان تكتمل المدة الزمنية القصوى التي حددها هرتزل وهي خمسين عاما كانت الدولة اليهودية قد ولدت بالفعل حيث اعلن هذا الميلاد رسميا في قرار التقسيم بواسطة الامم المتحدة عام 1947 (القرار 181).
- ان الجدية التي اخذ بها الصهيونيون الاوائل حلمهم تخطيطا وعملا وتنفيذا كان يقابلها غفلة عربية – اسلامية عامة فلم ينتبه العرب والمسلمون للمخطط الصهيوني الا مع وعد بلفور البريطاني في نوفمبر 1917 للحركة الصهيونية العالمية، بمساعدة اليهود بانشاء وطن قومي لهم في فلسطين، وحتى عندئذ كانت الاغلبية العربية شعوبا وحكاما منشغلة بالاثار الوخيمة للحرب العالمية الاولى من تقسيم او انتداب واستعمار او بمقاومة الاحتلال الاجنبي الذي بليت به عدة اقطار عربية اخرى منذ القرن التاسع عشر مثل الجزائر ومصر وتونس والسودان ودول الخليج العربية.
- مع مرور مائة عام على بداية المشروع الصهيوني تحول حلم هرتزل الى قوة اقليمية هي اسرائيل، التي ضمت اجنحة مختلفة وتتفاوت مع عداوتها نحو العرب عموما والفلسطينيين خصوصا، فهناك جناح عمالي اشتراكي ليبرالي كان اقل حدة في عدائه للعرب وانكاره لحقوقهم، ويرغب في التعايش معهم والاعتراف ببعض حقوقهم في فلسطين وليس كلها، في مقابل ذلك كان وما يزال هناك جناح يميني متشدد ومتعصب ينكر وجود الفلسطينيين، وبالتالي لا يعترف بهم باي حقوق، واذا جوبه هذا الجناح بحقيقة وجود فلسطينيين فانه ينكر عليهم كونهم “شعبا” او “امة” ويعتقد ان الطريقة المثلى للتعامل معهم هو نفس طريقة التعامل مع الافاعي والعقارب والحشرات السامة الاخرى وتعنى هذه الطريقة في التعامل “الابادة” الفردية او الجماعية لقد كان اول وابرز رموز هذا الجناح المتشدد جابوتنسكي والذي تتلمذ في مدرسته كل من مناحيم بيجن واسحاق شامير وهؤلاء هم الذين قادوا العمليات العسكرية وحوادث الاغتيال ضد الشخصيات الغربية التي حاولت ان تجد حلولا وسط مثل اللورد موين البريطاني في القاهرة، وممثل مبعوث الامم المتحدة الكونت برنادوت (السويدي) كما نسفت فندق الملك داود في القدس، والذي كان مقرا للقيادة البريطانية في الاربعينات، حينما احست بان بريطانيا تفكر مجرد التفكير في اخذ مواقف اكثر حيادية بين العرب واليهود وبعد طول تحيز لليهود، هؤلاء هم ايضا الذين ارتكبوا المذابح ضد الفلسطينيين في دير ياسين وكفر قاسم وقبية لترويعهم حتى يتركوا قراهم ومدنهم في فلسطين.
الحروب العربية الاسرائيلية:
- المبدأ الحاكم الذي فرض نفسه على كل جولات الصراع العربي – الاسرائيلي وما زال قائما حتى الان هو اعتبار الصراع مع اسرائيل عملية شاقة معقدة بعيدة المدى، ولا تقتصر على جولة بمفردها، او على اداة بعينها، فرغم اهمية الاداة العسكرية في كل جولات الصراع، الا ان الاداة الحاكمة كانت وما زالت وستظل هي ادوات القوة الشاملة، فالصراع حضاري في جوهرة، شامل في ابعاده، والخيار العسكري لا يتم من فراغ، وانما في مناخ كامل لادوات القوة التي تستخدم في الصراع.
- حرب 1948: تعتبر حدثا فاصلا في التاريخ العرب، وتاريخ منطقة الشرق الاوسط بكاملها، وهي في الوقت نفسه جولة الصراع الاولى بين العرب واسرائيل والتي كان جوهرها الاعتداء على فلسطين العربية.
- وحيث لم تكن ابعادها قد توسعت بعد لتشمل البعد العربي، وهو الامر الذي تم في اعقاب حرب يونيو 1967 حينما احتلت اسرائيل اضافة لفلسطين ارضا عربية اخرى، وقد خلقت الحرب اثارا واضحة في كافة المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية.
- لقد جسدت حرب 1948 امرين بصورة واضحة الاول عدم قدرة العرب على التنسيق فيما بينهم ولو مرحليا حتى امام عدو مشترك والثاني ان الدول العربية دفعت بجيوشها في الحرب باهداف متباينة في اطار مصالحها الذاتية وحيث لم تتبين هذه الاهداف الاخلال سير الحرب, وبعد ان وضعت الحرب اوزارها كشفت هذه الحرب عن امرين عدم قدرة الجيوش العربية على تحقيق أي من الاهداف القومية أو العسكرية بل ونتج عنها فقدان الجزء الاكبر من فلسطين ثم الاعتراف الدولي بدولة اسرائيل.
حرب 1956
- كان مجئ اسرائيل وظروف تكوينها بمثابة متغير جديد في المنطقة العربية, ادى الى سلسلة من جولات الصراع المسلح, ما زالت قائمة حتى الان ثم جاء متغير جوهري هو قيام ثورة يوليو 1952 في مصر, والذي انجرف بمسارات الصراع الى مناطق لم تكن في الحسبان, وكان اول اختبار حقيقي لثورة يوليو هو حرب 1956 كان السبب الظاهري لهذه الحرب هو تاميم قناة السويس, حيث شنت بريطانيا وفرنسا واسرائيل عدوانا ثلاثيا على مصر وكانت الاهداف الحقيقية لهذا العدوان ثلاثة اهداف:
- الهدف الاول: حول ضرورة ايقاف العمل السياسي لعبد الناصر ووأد افكار السياسة التي كانت تهدف الى بناء العمل العربي الموحد, وهو ما اعتبرته اطراف العدوان معاديات لسياستهم في المنطقة ومعوقا لاستكمال بناء الدولة اليهودية في الشرق الاوسط.
- الهدف الثاني: تحطيم القوة العسكرية المصرية شرق القناة, لحرمان مصر من اهم ادوات القوة وبالتالي استبعاد احتمال استخدام القوة المسلحة ضد اسرائيل وهي ما زالت بعد في مرحلة التكوين والبناء.
- الهدف الثالث: هو دخول مصر واحتلالها دون مقاومة بعد تحطيم قواتها المسلحة واعادة احتلال قاعدة قناة السويس, الامر الذي يضع مصر من وجهة نظر المعتدين في حجمها الطبيعي الذي يتوأم مع اعادة تشكيل المنطقة طبقا لرؤية القوى الغربية المشتركة في العدوان.
- تشكلت هذه الاهداف كلها نتيجة مقاومة مصر لكافة الاحلاف الغربية في المنطقة كحلف بغداد والتي كانت تسعى لحصر واحتواء الاتحاد السوفيتي وسعيه لكسر السلاح في المنطقة والذي كلل بالنجاح اثناء مؤتمر باندونج عام 1955 والذي حصلت مصر في اعقابه على صفقات سلاح من الكتلة الشرقية كما تشكلت هذه الاهداف لانهاء اتجاهات القومية العربية التي تبنتها مصر, وايقاف نشاط مصر السياسي الحيادي المؤيد لحركات التحرر في العالم, وايقاف دعمها لثورة الجزائر واحباط محاولاتها لبناء السد العالي لتحجيم قدرتها على بناء القوة الاقتصادية وحسم الموقف السياسي والعسكري في المنطقة لصالح اسرائيل.
حرب 1967
- في تحليل اسباب قيام هذه الحرب استنادا على ثنائية العلاقة بينه الهجرة والارض يمكن ان يكون احد اسباب الازمة التحليل التالي:
- نتيجة لتحليل الموقف السياسي والعسكري قررت اسرائيل ان عام 1967 ضروري لنشوء ازمة مع الدول العربية تؤدي الى حرب تستخدم فيه قوتها العسكرية لتحقيق هدف الاستيلاء على مزيد من الاراضي العربية لتامين الدولة واعدادها لاستقبال المهاجرين اليهود الجدد.
- جندت اسرائيل كافة امكانيات الدولة لدعم قواتها المسلحة لتنفيذ العمليات العسكرية لتحقيق الهدف القومي المطلوب, وهو هزيمة القوات العسكرية العربية, والاستيلاء على مزيد من الاراضي.
- مهدت اسرائيل المسرح السياسي الدولي والعالمي لقبول قيامها بالاعمال العسكرية المطلوبة, ولضمان السيطرة على الازمة طوال فترة حدوثها لضمان تحقيق الغايات والاهداف المحددة.
- وبديهي لم تكن اسرائيل لتفعل ما لم تكن قد وضعت مثل هذه الازمة ضمن اطار تخطيطها الاستراتيجي طويل المدى لذا توضع حرب 1967 في منظور جديد وضعت على اساسه السياسة الخارجية وسياسة الدفاع الاسرائيلي وخط اعداد وتدريب القوات المسلحة واعداد خط الخداع السياسي والاستراتيجي وقد نجحت اسرائيل تماما فيما خطت له وحققت جميع اهدافها السياسية والعسكرية من الحرب.
- على الجانب المصري يمكن احصاء الاسباب المعلنة للحرب بدءا من مد القومية العربية وتأثيراتها السلبية على المصالح الغربية واسرائيل وتهديد الدول الصديقة والحليفة للولايات المتحدة في المنطقة, ورغبة اسرائيل في عمل مضاد بعد نتائج اشتراكها السلبي في العدوان الثلاثي على مصر, وتطبيق القوانين الاشتراكية في مصر كنموذج مهدد لانظمة اخرى في المنطقة, حدوث ثورة اليمن وتأثيراتها الاستراتيجية على معدلات القوة في الشرق الاوسط, وبدء الاهتمام العربي بمياه المنطقة وعقد قمة عربية خصيصا لها.
- على ان افضل ما جاء به هذا الحدث التاريخي هو التغير في علاقة القوتين العظميين في ذلك الوقت, الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي فرغم العلاقات السوفيتية المصرية الوثيقة في ذلك الوقت فقد جاء اتفاق الاتحاد السوفيتي و الولايات المتحدة على خداع مصر في هذا الامر, فالبيانات الاولى عن الحشود العسكرية ضد سوريا جاءت من موسكو ثبت انها غير صحيحة والدعوة الامريكية لزكريا محي الدين نائب الرئيس المصري لزيارة واشنطن يوم 5 يونيو 1967 لحل الازمة عن طريق الوسائل السياسية والدبلوماسية جاءت من واشنطن وفي اليوم المحدد لذلك بدات اسرائيل الحرب، واسفرت عن احتلال اسرائيل لمزيد من الاراضي العربية حيث احتلت سيناء وهضبة الجولان والضفة الغربية وقطاع غزة.
حرب 1973 :
- بعد هزيمة حرب 1967 وشعور مصر انها خدعت من اطراف دولية عديدة ورطتها في الحرب, تبين لها بوضوح ضرورة دخول حربا تستعد لها وتختار مكانها وزمانها, وحددت ثلاث مهام رئيسية للقوات المسلحة الاولى اعادة بناء القوات المسلحة, والثانية ضرورة ازالة الحاجز النفسي من نفوس افراد القوات المسلحة, والثالثة الاستعداد لحرب جديدة هي حرب 1973 لم تكن القوات المسلحة قد عرفت توقيتها بعد.
- كانت الملامح العامة لحرب 1973 ان تكون الحرب محدودة على الجبهتين المصرية والسورية بهدف تغيير موازين القوى في المنطقة وهدم نظرية الامن الاسرائيلية, وان تمتد الحرب الى الفترة التي تكفي لمشاركة عربية بما يسمح باستخدام القوى العربية الشاملة, مع ضرورة عمل خطة خداع سياسي واستراتيجي واخفاء الاستراتيجية المصرية للاستعداد للحرب وشنها لمنع اسرائيل من القيام بعملية مضادة أو ضربة احباط كما حدث في عام 1967, عقب اعلان التعبئة العامة في مصر, وعلى ضوء الامكانيات العسكرية والاقتصادية لمصر واسرائيل, قام خبراء السياسة والاستراتيجية المصريون والذين تم اختيارهم على ضوء خبراتهم العالمية في تخصصاتهم بتحديد بدائل القرار المصري, ينتج عن اتخاذها عدد من النتائج صالحة للتطبيق, كما يسفر عنها فوائد استراتيجية وتكلفة استراتيجية, وفي هذه الحرب كانت المرة الاولى منذ فترة طويلة تعمل القيادتان السياسية والعسكرية المصرية طبقا لاساليب علمية حديثة وطبقا لحسابات سياسية واستراتيجية دقيقة تدخل في حساباتها تأثيرات المناخ الدولي والاقليمي والمناخ المحلي لاطراف الصراع.
الانتفاضة الفلسطينية:
- اصبحت الانتفاضة مصطلحا دالا على الثورة الشعبية المناهضة للاحتلال الاسرائيلي, وبنظرة موضوعية يمكن القول ان انتفاضة ديسمبر 1987 التي ما زال اوارها مشتعلا هي واحد من ابرز احداث السدس الاخير من القرن العشرين, فهي فعل اصيل وتعبير عن ارادة شعب رفض الاستسلام لسياسة الامر الواقع, فقد تمكنت هذه الانتفاضة بفضل صراعها ضد الاحتلال واستمراريتها وشموليتها من استقطاب الجماهير الفلسطينية داخل الاراضي المحتلة وخارجها, مما اهلها لطرح اهدافها بدحر الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال باعتبارها الاهداف الوطنية الفلسطينية لهذه المرحلة التاريخية الهامة.
- لقد اربكت الانتفاضة الاستراتيجية العسكرية والسياسية للجيش الاسرائيلي فبعد اعتماده على ضربات الطيران الاجهاضية وفعالية الياته العسكرية, اصبح يواجه للمرة الاولى في تاريخه تحديا صعبا لم يكن متأهبا له لان المشكلة التي يتعاطى معها غير قابلة للحل بالقوة فالجيش يواجه لاول مرة الارادة الثورية للشعب الفلسطيني في الداخل, ولا يواجه جيوشا نظامية لقد فرضت الانتفاضة وقدرتها على مقاومة الاحتلال عنصرا جديدا لا بد ان تاخذه اسرائيل في الحسبان, فهي لم تكن مستعدة لمواجهة اضطرابات جماعية ولا سيما تلك التي تقوم بها نساء واطفال.
- لقد شكلت الانتفاضة الفلسطينية منعطفا نضاليا قويا في سياق تطور المقاومة الفلسطينية ضد اسرائيل, وقد فجرت منذ انطلاقتها اليات نضالية لا حدود لها, كما ساهمت في فتح افق جديد لتصعيد الكفاح الشعبي.
- وواصلت تاججها دون انقطاع معلنة ان الحق الفلسطيني في الوطن والدولة لا يمكن التراجع عنه ابدا. فقد تنامت عمليات النضال الجماهيرية وتطورت من الافعال البسيطة الى الافعال الثورية ذات الطبيعة العامة من حيث المكان والزمان ورفضها للاحتلال, وان عملية تواتر الاساليب النضالية للجماهير الفلسطينية تحت الاحتلال اتجهت دائما نحو التصاعد التراكمي حتى استمرت الى الان, واذا كان الاختلاف واضحا من حيث طبيعة التطور والدرجة الا ان توافق وتشابه الاساليب والوسائل النضالية واضح سواء قذف جنود الاحتلال بالحجارة أو طعنهم بالسكاكين, واطلاق النار عليهم أو التظاهرات أو الاعتصامات الى غير ذلك من اشكال النضال الشعبي.
الجهود التي بذلت لحل هذين النزاعين:
أ – النزاع العراقي – الكويتي:
- بذل الزعماء العرب جهودا مضنية لحل الخلاف العراقي الكويتي، والحيلولة دون مهاجمة العراق للكويت، ولكن هذه الجهود باءت بالفشل، حيث احتل العراق الكويت.
- بعد دخول العراق الى الكويت اكد الزعماء العرب على اهمية التوصل الى حل عربي – عربي للغزو العراقي، وحثوا امريكا على عدم التدخل، لكن ادانة الجامعة العربية للعراق جعلت التسوية معه امر مستحيلا.
- ومع وقوف الجامعة العربية ضد العراق اخذت الولايات المتحدة تتولى الامور وتقنع الزعماء العرب والاخرين بانهم يحتاجون الى مساعدة امريكية وانه يجب الحيلولة بين صدام حسين وسيطرته على الخليج العربي .
- نتيجة لذلك قامت امريكا ومعها اوروبا بحملة اعلامية ودبلوماسية ضد العراق تمحورت حول مقولتي الشعرية الدولية والقانون الدولي، وتحت هذا الغطاء استنفرت القوة العسكرية وقد تبنت بعض الدول العربية الموقف الامريكي اذ رفعت بدورها لواء الدفاع عن هذين المفهومين.
- في اغسطس 1990 اصدر مجلس الامن القرار “660” دان الغزو العراقي ودعا الى انسحاب القوات دون قيد او شرط وفي 6 اغسطس 1990 أي بعد اربعة ايام من الغزو، فرض المجلس الحظر الاقتصادي والمالي والعسكري على العراق، وفي 25 اغسطس من نفس السنة اجاز المجلس استخدام القوة لتطبيق قرار الحظر رقم 665، وفي 25 سبتمبر 1990 صدر القرار 670 الذي يفرض الحظر الجوي على العراق.
- استمر اداء المجلس بهذه الوتيرة نفسها حتى وصل في 29 نوفمبر 1990 الى تبني القرار رقم 978 الخاص بمنح مهلة للعراق حتى 15 يناير للانسحاب من الكويت وتنفيذ جميع قرارات الامم المتحدة التي بلغ عددها حتى ذلك التاريخ 11 قرارا، واذا لم يمتثل العراق يجيز مجلس الامن للحلف الدولي استخدام جميع الوسائل لتنفيذ قرارات الامم المتحدة.
- تجدر الاشارة الى انه كانت هناك محاولات من قبل بعض الدول العربية وبعض دول العالم لاقناع العراق بالانسحاب من الكويت تجنبا للحرب، ولكن العراق اصر على موقفه بعدم الانسحاب، وشن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة حربا على العراق اسفرت عن انسحابه من الكويت وفرض قرارات عليه قبلها بدون قيد او شرط، ومن بين هذه القرارات ضرورة ان يقوم العراق بتدمير كافة الاسلحة غير التقليدية والصواريخ ذات المدى البعيد والمتوسط وان يضع حد لقمع الاكراد، وبتسهيل امدادهم بالمعونات الانسانية وفي 7 ابريل 1991 تم تحديد منطقة خطر جوي شمال خط 36 ثم في 18 ابريل 1991 تقرر تشكيل لجنة يونسكوم المكلفة بنزع السلاح من العراق، كما قبل العراق القرار الدولي النفط مقابل الغذاء، لكن في 13 يناير 1998 منعت بغداد فريقا من المفتشين التابعين لليونسكوم بالدخول الى المواقع الاستراتيجية وفي 27 يناير 1998 اعلن الرئيس الامريكي كلنتون عن اختياره للخيار العسكري ضد العراق، لكن الامين العام للامم المتحدة يوقع مذكرة تفاهم مع العراق لعودة المفتشين يقبلها مجلس الامن.
- على الرغم من ان فرق التفتيش الدولية مارست مهامها في العراق بحرية كاملة ولفترة زمنية طويلة الا ان تقاريرها كانت تشير بعدم التعاون الكامل من جانب العراق، وهو الامن الذي مثل ازمة للقوى الدولية الساعية الى رفع الحصار المفروض على العراق والتي تمثلت في روسيا الاتحادية والصين وفرنسا.
- اتهم العراق فرق التفتيش التي يتزعمها ريتشارد باتلر بالتجسس لصالح الولايات المتحدة مما ادى الى اندلاع ازمة اتجهت معها الولايات المتحدة وبريطانيا الى حشد قواتهما والاستعداد لتوجيه ضربات عسكرية جديدة للعراق، في الوقت نفسه حرصت روسيا الاتحادية وفرنسا والصين على تأكيد ان الازمة تخص العراق والامم المتحدة، ومن ثم فان ادارتها يجب ان تتم بين الجانبين أي ان الولايات المتحدة ليست طرفا فيها، ودورها يأتي من خلال مجلس الامن باعتبارها احدى الدول الخمس دائمة العضوية، وبمرور الوقت تزايدت المعارضة داخل المنطقة وخارجها لفكرة ضرب العراق ولذلك بدأت الادارة الامريكية تناقش فكرة، اعطاء الاولوية للخيار الدبلوماسي من خلال الامم المتحدة، وهو الامر الذي وتمخض عنه تكليف مجلس الامن للامين العام للامم المتحدة كوفي عنان بزيارة بغداد والتباحث مع المسؤولين العراقيين مباشرة، حيث قام عنان بزيارة بغداد وبعد مباحثات مكثفة مع القيادة العراقية، تم توقيع اتفاق بين الجانبين وصفه عنان بانه ينهي الازمة بعد ان تجاوب العراق مع كافة المطالب التي حددها مجلس الامن.
- تطورت الامور بعد ذلك حيث طردت لجنة اليونسكوم برئاسة ريتشارد باتلر في شهر اكتوبر 1998، اعقبها عملية ثعلب الصحراء، وبقي العراق من دون لجنة تفتيش حتى العام 2002 عندما عادت لجان التفتيش برئاسة هانز بليكس في شهر نوفمبر من نفس العام ولم تعثر على اسلحة دمار شامل، واتهم العراق باخفائها وبانه يتلاعب في تقاريره، كما اتهم النظام العراقي بانه على علاقة مع تنظيم القاعدة، في هذه الاثناء اعلن الرئيس الامريكي انه سيتم نزع سلاح العراق بطريقة او باخرى، وهذه اشارة الى ان الادارة الامريكية اعتمدت الخيار العسكري لنزع اسلحة العراق واسقاط نظام صدام حسين، وكان لها ما ارادت حيث شنت امريكا الحرب، واسقطت النظام العراقي ودخلت القوات الامريكية بغداد.
ب – الصراع العربي – الاسرائيلي:
- ظل تعبير عملية السلام الشرق اوسطية تستخدم كتعبير لوصف المحاولات الامريكية والسوفياتية – الاوروبية لاحتواء الصراع العربي – الاسرائيلي، ولكن هذا التعبير بدأ يستخدم منذ العام 1991 لاول مرة للاشارة الى جهود حقيقية لبناء السلام، ذلك انه على الرغم من ان النزاع العربي – الاسرائيلي لم تتم تسويته الا انه قابل للتسوية، وهناك مجموعة من التطورات الاقليمية والدولية التي ادت الى هذا المنعطف، مثل واقعية منظمة التحرير الفلسطينية، وتغيير الحكومة الاسرائيلية التي جاءت مشاركتها في محادثات مدريد نتيجة لخضوعها للضغط الامريكي ولم تكن وليدة قناعة، وكان هناك ايضا مسألة فقدان الموقع الاستراتيجي التي كان على سوريا واسرائيل بشكل خاص ان تواجهها لدى انتهاء الحرب الباردة، الى ذلك فقد ادرك العراق خلالا لعامين 1990-1991 انه لم يعد في الامكان استغلال تناقضات القوى العظمى، كذلك كانت هناك عوامل جعلت القوى الاقليمية اكثر استعدادا للتسوية السلمية هزيمة العراق في حربه على الكويت، وينطبق الامر نفسه على اسرائيل عندما قصفت بصواريخ السكود العراقية ما برهن عن طريق القوة على انه لم يعد في الامكان حسبان ان هناك حدود امنة لا يمكن اختراقها.
- لقد بات السلام الاقليمي في الشرق الاوسط ممكنا، الا انه لا يزال غير مؤكد، على الرغم من توقيع الاتفاقيات الفلسطينية – الاسرائيلية واهمها اتفاقية اوسلو عام 1993 وغيرها من الاتفاقيات ومعاهدات السلام الاردنية – الاسرائيلية في اكتوبر 1994، وقبل ذلك بنحو 15 عام وقعت مصر واسرائيل اتفاقية كامب ديفيد.
- ويمكن القول ان عملية السلام لا تزال هشة سواء بين مصر واسرائيل او الاردن واسرائيل او بين الفلسطينيين واسرائيل، وسبب الوهن في عملية السلام راجع الى ان لب الصراع في الشرق الاوسط وهي القضية الفلسطينية ما زالت بدون حل، رغم تعدد المحاولات الدولية واخرها خطة خارطة الطريق.
رؤية مستقبلية تبين وجهة نظر الباحث في كيف يمكن للامم المتحدة المساعدة في حل المنازعات الدولية:
- يرى الباحث ان حل المنازعات الدولية يجب ان يكون من خلال تعاون دولي، والذي لا يمكن ان يتم الا من خلال اصلاح الامم المتحدة واعادة هيكلتها حتى لا تخضع لهيمنة بعض الدول في اصدار قرارتها.
- وعليه فان اصلاح الامم المتحدة يكمن في الخطوات التالية:
1 – ان تتبنى الامم المتحدة الاسلوب الديمقراطي في اتخاذ قراراتها فالقاعدة الاساسية في اية ممارسة ديمقراطية هي قاعدة الاغلبية، وواقع الامم المتحدة واداؤها لا يعكس صورة الديمقراطية الذي يفترض انها رمزا له، بل تكاد تعمل على النقيض من ذلك، حيث تمارس الاقليمة وتحديدا الخمسة الكبار الاعضاء الدائمون في مجلس الامن صلاحيات مطلقة في مجال اصدار القرارات وتوقيع العقوبات العسكرية والاقتصادية، بينما تحرم الاغلبية من المساهمة في ذلك.
2 – ان تحتفظ الجمعية العامة بجمع الصلاحيات من اتخاذ قرارات في مجال الامن والسلم وتوقيع العقوبات بوصفها المنبر الديمقراطي العالمي، حيث تقرر الاغلبية ما تراه في هذا المجال، وان يقتصر دور مجلس الامن على التنفيذ بوصفه هيئة تنفيذية.
3 – ان توزع الصلاحيات في هذا المجال بين كل من الجمعية العامة ومجلس الامن بشكل متوازن، وفق مجموعة القوى البشرية لكل من مجلس الامن واعضائه الدائمين وغير الدائمين واعضاء الجمعية العامة، بحيث يختص مجلس الامن بصلاحيات محددة كالصلاحيات الاقتصادية والدبلوماسية، وان تختص الجمعية العامة بصلاحيات استخدام القوة لحفظ الامن والسلم، او ما شابه ذلك من اختصاصات.
4 – الغاء حق الفيتو واستبداله بمعادل من الاصوات وفقا للقوى الكبرى وذلك يقتضي النظر في مبدأ المساواة بين الدول في القانون الدولي.
5 – في جميع الحالات ينبغي للجمعية العامة ان تمارس الرقابة على الادارة التنفيذية، أي مجلس الامن، للتأكد من التزامه بمضمون الميثاق الذي هو الدستور، ورقابة ادائه والتدخل في حالة تجاوزه صلاحياته او تجاوزه لروح الميثاق وغايته.
6 -تكوين جيش للسلام يخضع لقيادة دولية باشراف الامم المتحدة حتى لا يستخدم كأداة من قبل القوى الكبرى لتنفيذ سياستها واهدافها الخاصة.
7 – تنازل الدول عن بعض سيادتها للامم المتحدة في حال تكوين جيش للسلام وفي غيرها من الاحوال.
8 – تنويع المصادر لدى وضع قوانين جديدة، بحيث لا تقتصر على المصدر الغربي القائم على العقل الغربي، بل يجب مراعاة الحضارة القديمة ذات المكوث الديني الهام، كالهند والعالم العربي والاسلامي.
- ان ما قلناه عن الاصلاح في الامم المتحدة تستلهمه من تلك الجملة الشهيرة للسكرتير الاسبق للامم المتحدة داغ همرشولد: “ان الامم المتحدة ليس بمقدورها ان تقود العالم الى الجنة ولكن يمكنها ان تجنب العالم ويلات الجحيم”.
- في ضوء ذلك نرى ان السند الحقيقي لامكان اصلاح الامم المتحدة في احاب الضمير الحر والحي من الرجال والنساء الذين يرون في انسانيتهم الاخر ماثلا امام اعينهم ويتجاوز مفهومهم لهويتهم الحدود الجغرافية الضيقة ليدخل في اطار انتماء واسع الانسانية تواجه مصيرا واحدا.
- ويوجد هؤلاء في حركات السلام في فرنسا والمانيا وايطاليا وامريكا والبلدان العربية التي وقفت ضد مشروع حرب الخليج، وكذلك الحركات التي تدعو للحفاظ على البيئة “حركة الخضر” التي عارضت الحرب من منطلق التعارض بين الحرب والبيئة في اوروبا وغيرها من المناطق في العالم، كذلك منظمات حقوق الانسان الدولية والاقليمية ممكن ان تقود حملة واسعة تحت شعار “الحق في الحياة” الحق في السلام باعتباره حقوقا اساسية للانسان في كل مكان.
- باختصار المطلوب هو خلق حركة عالمية لاصلاح الامم المتحدة بين المتخصصين واوساط الرأي العالمي في عالم يتحول شئنا ام ابينا الى مدينة واحدة، رغم ما بين مركزها ومحيطها من فوارق وتناقضات.
المراجع
- جلال امين “العرب ونكبة الكويت” – القاهرة – مكتبة مدبولي 1991
- حازم البيلاوي “بعدا ن يهدأ الغبار” عمان، بيروت – دار الشرق 1990
- فيليب جلاب “الرأي الاخر في كارثة الخليج” القاهرة – مكتبة مدبولي – 1991
- سعد الدين ابراهيم واخرون “المستقبل العربي والقضية الفلسطينية بعد ازمة الخليج” القاهرة – مركز اتحاد المحامين العرب – 1991
- احمد عبد الله “ثلاثيات حرب الخليج الثانية” القاهرة الدار العربية للنشر 1991
- محمد حسنين هيكل “حرب الخليج اوهام القوة والنصر” القاهرة – مركز الاهرام 1992
- جواد الحمد “عملية السلام في الشرق الاوسط” عمان الاردن 1996
- عماد يوسف واروى الصباغ “مستقبل السياسات الدولية تجاه الشرق الاوسط” عمان – الاردن 1997
- جواد الحمد توجهات امريكية تجاه الشرق الاوسط” عمان – الاردن 1995
- محمد معالي واخرون “المفاوضات الثنائية ومتعددة الاطراف للسلام في الشرق الاوسط” عمان – الاردن 1995
- عطية حسين عطية ” قضية الشرق الاوسط بين الصراع والتسوية” القاهرة دار الموقف العربي 1981
- الامن العربي في مواجهة الامن الاسرائيلي – دار الطليعة – بيروت 1975
- عبد العليم محمد ” حرب الخليج – حصاد المواجهة بين التاريخ والمستقبل” مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث – بيروت 1993
- مجدي عمر “التغيرات في النظام الدولي وانعكاساتها على منطقة الشرق الاوسط” عمان – الاردن 1995
- محمد صقر واخرون “معاهدة السلام الاردنية – الاسرائيلية” بيروت 1994