شوؤن دولية

يوسف يونس: الموقف القانوني لبعض قضايا الحدود الدولية: تجارة المخدرات، المجرمين، حرية التحرك للمواطنين عبر المحيطات

يوسف يونس 1-2-2004: الموقف القانوني لبعض قضايا الحدود الدولية: تجارة المخدرات، المجرمين، حرية التحرك للمواطنين عبر المحيطات

– الملخص –

أولا : موقف القانون الدولي من تجارة المخدرات

  • يتبلور الموقف القانوني في اتجاهين:
  • الاتجاه الأول العقاب على جرائم المخدرات.
  • الاتجاه الثاني قصر المخدرات على الأغراض العلمية والطبية.
  • بالنسبة للاتجاه الأول:
  • التزمت الدول في الاتفاقية الموحدة للمخدرات باتخاذ التدابير اللازمة الكفيلة باعتبار زراعة المخدرات وانتاجها وصنعها واستخرجها وتحضيرها وتقديمها وعرضها للبيع والسمسرة فيها وتوزيعها وشرائها وبيعها وتسليمها باية صفة من الصفات وارسالها وامدادها ونقلها واستيرادها وتصديرها، واي فعل تراه الدول مخالفا لاحكامها جرائم يعاقب عليها اذا ارتكبت عمدا، وكذلك باتخاذ التدابير الكفيلة بفرض العقوبات المناسبة، ولا سيما عقوبة السجن او غيرها من العقوبات السالبة للحرية.
  • كما استهدفت الاتفاقية الموحدة للمخدرات توسيع دائرة الرقابة الدولية على المخدرات من خلال مد الرقابة لتشمل مخدرات جديدة قد تظهر دون حاجة الى الانتظار لحين ابرام اتفاقية دولية في هذا المجال.
  • بالنسبة للاتجاه الثاني:
  • هذا المبدأ ارسته الاتفاقيات الدولية المبرمة في مجال مكافحة المخدرات وتأكد من بعد في الاتفاقية الموحدة للمخدرات حيث حددت تلك الاتفاقية انتاج المخدرات وصنعها وتصديرها واستيرادها وتوزيعها والاتجار فيها واستعمالها على الاغراض العلمية والطبية دون سواها وذلك بانشاء المؤسسات الحكومية التي تتولى الاشراف على زراعة وصناعة وتوزيع المخدرات.
  • كما تلزم الاتفاقية الموحدة للمخدرات الدول الموقعة عليها بتقديم نصوص جميع القوانين والانظمة التي تصدر فيها من حين لاخر ومدى امتثالها لاحكام الاتفاقية الموحدة الى الامين العام للامم المتحدة الذي يقوم بدوره بتوزيع هذه القوانين على الدول.

وجهة نظر الباحثين :

  • نظرا للخطورة التي تشكلها المخدرات على العالم اعتبرها واضعوا ميثاق الامم المتحدة من المشاكل الدولية الاجتماعية والصحية والاقتصادية التي تاخذ الامم المتحدة على عاتقها مهمة وضع الحلول لها، ومن ثم اعترفت الدول اطراف الاتفاقية الموحدة للمخدرات اعضاء وغير اعضاء في الامم المتحدة، ما للامم المتحدة من دور في مجال مكافحة المخدرات، من خلال الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات.
  • تعتبر الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات جهازا دوليا أنشأته الاتفاقية الموحدة للمخدرات لسنة 1961 لتطبيق احكام الاتفاقيات الدولية المستهدفة مكافحة المخدرات.
  • مهام ووظائف الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات:
  • ‌أ. الاشراف والرقابة على نظام المخدرات: فالهيئة هي التي تحدد المواعيد التي يجب فيها والطريقة التي ينبغي بها تقديم الدول اطراف الاتفاقية الموحدة لتقديراتها عن احتياجاتها من المخدرات وذلك عن طريق استمارات تقررها الهيئة لذلك.
  • ‌ب. الرقابة على حركة المخدرات في الدول: ويتم ذلك من خلال نظام احصائي يهدف الحيلولة دون ان تصبح أي دولة مركزا للاتجار غير المشروع في المخدرات.
  • ‌ج. مخاطبة الراي العام العالمي عن طريق ما تنشره الهيئة من تقارير: تتضمن هذه التقارير حركة المخدرات في العالم, ومن خلاله تعرف الدول ما قدرته كل دولة لنفسها من احتياجاتها للمخدرات.
  • يمكننا القول ان تشكيل الامم المتحدة هيئة دولية للرقابة على المخدرات يوضح لنا وجهة نظر الاخرين الممثلة باعضاء الامم المتحدة بضرورة مكافحة المخدرات وعدم السماح باستعمالها الا لاغراض علمية وطبية.

وجهة نظر الباحث :

  • لاشك ان مشكلة المخدرات تعتبر من اخطر المشكلات التي تواجه المجتمعات البشرية عامة بدون استثناء لما لها من تأثير على القدرات العقلية والنفسية للشخص والعلاقات الاجتماعات بين افراد المجتمع الواحد وما يترتب على ذلك من انتشار للجريمة والسرقة والرشوة والعلاقات الجنسية الشاذة، والتفكك الاسري الى غير ذلك من المشكلات، ولذلك نرى:
  • انه لابد من مكافحة هذا الوباء الخطير على كافة المستويات المحلية والعالمية بدافع الشعور بالمسؤولية الدولية والاحساس بما تتطلبه الانسانية من الحفاظ على سلامة البشرية، والتي باتت تحدق بها الاخطار من كل جانب ولذلك نجد انه من الضروري ان يكون هناك تعاون وتشاور وتنسيق مع كافة الهيئات والجهات الدولية المعنية بوضع الخطط اللازمة لمحاربة هذا الوباء.
  • ان يقتصر استعمال المخدرات على الاغراض العلمية والطبية من حيث الزراعة والصناعة والتداول وبترخيص حكومي وبعلم الجهات المسؤولة.
  • معالجة مدمني المخدرات والعمل على ادماجهم في مجتمعاتهم ليصبحوا اشخاص اسوياء.

ثانيا : موقف القانون الدولي من تسليم المجرمين:

  • واجب التسليم مستمد من القواعد العامة التي تحكم علاقات الدول، ويجوز اجراء التسليم ولو لم توجد اية رابطة تعاقدية بين هذه الدول، وسارت الدول بالفعل على ذلك في اوروبا وفي امريكا اللاتينية وتبادل الكثير منها تسليم المجرمين، دون ان يكون بينها اتفاق سابق، ولم يشذ عن ذلك غير ثلاث دول هي بلجيكا وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية فكانت لا تقبل التسليم الا بناءا على معاهدة بينها وبين الدولة التي تطلب التسليم.
  • ومن حيث ان التسليم عمل من اعمال السيادة العامة، فلا تباشره الا السلطة التنفيذية لكل من الدولتين طالبة التسليم والمطلوب اليها، وبالطرق الدبلوماسية العادية، ويرجع في معرفة الجهة التي تفحص طلبات التسليم في كل دولة الى قوانين الدولة ذاتها، وهي تختلف في هذه النقطة من دولة الى اخرى.
  • فمن الدول من تكتفي بفحص طلب التسليم بالطريق الاداري وبصفة سرية، وهو ما يحصل في اسبانيا والبرتغال وباناما وكوبا ومصر وغيرها، وكانت فرنسا ضمن هذه الدول حتى سنة 1927م، فكان الشخص المطلوب تسليمه يستدعى لابداء اقواله امام النائب العام او احد وكلائه في الجهة التي يقبض عليه فيها، فاذا رؤى اجابة طلب التسليم صدر به بعد ذلك مرسوم من رئيس الدولة.
  • ومن الدول من تفحص طلب التسليم بالطريق القضائي وبطريقة علنية، ففي بريطانيا للشخص المطلوب تسلميه ان يصطحب معه محاميا للدفاع عنه امام المحكمة التي تنظر الطلب، وله ان يطعن بالاستئناف في القرار الصادر من هذه المحكمة بتسليمه.
  • هذا ولتمكين الجهات المختصة من فحص طلب التسليم والبت فيه يجب على الدولة الطالبة له ان ترفق بطلبها الاوراق والمستندات المثبتة لشخصية وجنسية المتهم المطلوب تسليمه وصورة قرار الاتهام، ان كانت المطالبة بالتسليم لمحاكمته او صورة الحكم الصادر ضده ان كانت المطالبة لتنفيذ عقوبة عليه، كذلك على الدولة طالبة التسليم ان تبين في طلبها ما ترتكن عليه في طلب التسلم، فتشير الى المعاهدة او الاتفاق الذي بينها والدولة المطلوب اليها التسليم اذا كان هناك اتفاق في هذا الشان، فان لم يكن هناك اتفاق فالي ما جرى عليه العمل بينهما او ما اقره العرف، كذلك عليها ان تبين بوضوح التهمة المنسوبة الى المتهم وما يثبت اختصاص محاكمها بالنظر فيها، الى غير ذلك من البيانات الضرورية التي تحتاج الدولة المطلوب منها التسليم الرجوع اليها للفصل في الطلب.

وجهة نظر الباحثين :

  • تعبر الاتفاقيات الدولية المستهدفة مكافحة الجرائم ذات الطبيعة الدولية, عن وجهة نظر الاخرين الممثلة في المجتمع الدولي إزاء تلك الجرائم وضرورة التصدي لها.
  • ففي مجال الجرائم المخلة بالحياء أبرمت الدول اتفاقية سنة 1910 واخرى عام 1923 لمنع التداول في مطبوعات الفحش والدعارة وفي مجال تزييف العملة, ابرمت الدول عام 1929 اتفاقية دولية جماعية بهدف مكافحة جريمة تزييف العملة ضمانا للثقة المالية بينها.
  • وفي مجال الرق أبرمت الدول العديد من الاتفاقيات الدولية الجماعية المستهدفة مكافحة جريمة الرق والاتجار في النساء والاطفال.
  • وفي مجال مكافحة جريمة ابادة الاجناس ابرمت الدول اتفاقية جماعية دولية في سنة 1948.
  • وفي مجال مكافحة جريمة التمييز العنصري ابرمت الدول اتفاقية دولية جماعية سنة 1965.
  • هذه الاتفاقيات المبرمة بين دول العالم لمكافحة الجرائم تعتبر مؤشر صادق الدلالة عن وجهة نظر الاخرين تجاه الجرائم الواجب التصدي لها.

وجهة نظر الباحث :

  • من الضروري مكافحة وتسليم المجرمين لينالوا عقابهم جزاء ما اقترفوا من جرائم، فتسليم المجرمين يقوم كما نعتقد على فكرة العدالة وهي تقتص ان ينال كل شخص حسابا عما يقع منه من افعال مخلة بالقانون، والا سادت الفوضى وانتشر الاجرام، وتسليم المجرمين يقوم ايضا على فكرة المصلحة العامة، فللدول مصلحة مشتركة في منع الجرائم والضرب على ايدي الجناة محافظة على كيانها وعلى سلامة كل منها، وطبيعي ان لكل دولة مصلحة مباشرة في ان لا يصبح اقليمها مأوى للمجرمين اللاجئين فيتحصنون فيه ضد العدالة.

ثالثا : موقف القانون الدولي من حق الناس في التنقل عبر المحيطات:

  • كان لنمو العلاقات بين الدول وازدهار السياحة وازدياد حركة الهجرة اثر في تشجيع تنقل الاشخاص بطريق البحر وقد وضعت في شأن نقل الاشخاص بطريقة البحر ثلاث معاهدات دولية ابرمت في بروكسل بفضل مجهودات اللجنة البحرية الدولية.
  • المعاهدة الاولى: خاصة بالركاب المتسللين سنة 1957
  • المعاهدة الثانية: خاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بنقل الركاب بطريق البحر سنة 1961 وهي تعنى بوجه خاص بتنظيم مسؤولية الناقل البحري مثل الركاب.
  • المعاهدة الثالثة: خاصة بنقل امتعة الركاب بحرا سنة 1967.
  • ثم ابرمت معاهدة اثينا الخاصة بالنقل البحري للركاب وامتعتهم في سنة 1972 لتحل محل معاهدتي بروكسل الاخيرتين.
  • المعاهدات الدولية المتعلقة بنقل الركاب بطريق البحر تعني بوجه خاص بتنظيم مسؤولية الناقل البحري تجاه الركاب، ولا تنطبق المعاهدة الا على النقل الدولي الذي يكون فيه مكان القيام ومكان الوصول واقعين في دولتين مختلفتين او في دولة واحدة بشرط ان تمر السفينة على ميناء دولة اخرى ويشترط لتطبيق المعاهدة فضلا عن كون النقل دوليا ان يكون مكان الوصول واقعا في دولة متعاقدة.
  • ويكون الناقل مسؤولا طبقا للمعاهدة عن وفاة الراكب او اصابته اثناء النقل بسبب خطأ الناقل او خطأ تابعيه، وعلى المضرور اثبات خطأ الناقل او تابعيه، لكن خطأ الناقل او تابعيه يكون مفروضا اذا كانت الوفاة او الاصابة ناشئة عن الغرق، او التصادم، او الجنوح، او الانفجار، او الحريق، وذلك ما لم يثبت الناقل العكس، ويجوز للمحكمة ان تستبعد مسؤولية الناقل او ان تخفف منها اذا اثبت الناقل ان خطأ الراكب او اهماله هو الذي سبب الضرر او ساهم في وقوعه.
  • وفي ما يتعلق بمنظم الرحلة فانه يلتزم تجاه المشتركين فيها بتنفيذها وفقا للشروط المنصوص عليها في عقد تنظيم الرحلة، او الشروط المعلن عنها، ويسأل منظم الرحلة عن الاخلال بالالتزامات المبينة في تذكرة الرحلة وفي دفتر قسائم الخدمات، وكذلك يسأل منظم الرحلة من قبل المشترك عن تعويض الضرر الذي يصيب المسافر او امتعته اثناء تنفيذ عقد النقل البحري، وتسري على هذه المسؤولية نفس الاحكام المقررة بشأن مسؤولية الناقل وتحديدها وبطلان شروط الاعفاء منها وتقادمها والاختصاص بنظر الدعوى الخاصة المنصوص عليها في القانون البحري.

وجهة نظر الباحثين :    

  • لا شك ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان يعكس بكل وضوح وجهة نظر الاخرين الذين يمثلون المجتمع الدولي في اهمية احترام حقوق الانسان في الحركة والتنقل.
  • في ضوء ذلك يمكننا القول انه اضافة الى الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يعتبر المثل الاعلى المشترك لجميع الشعوب والامم الذي يجب ان يسعى الجميع الى ترسيخ احترام الحقوق الواردة فيه، فقد ورد حق الفرد في حرية التنقل وفي مغادرة بلده والعودة اليه في العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية والاقليمية المتعلقة بحقوق الانسان من بينها الاعلان الامريكي حول حقوق الانسان وواجباته لعام 1948م، والبروتوكول الرابع من الميثاق الاوروبي لحماية حقوق الانسان والحريات الاساسية لعام 1950م، والعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية لعام 1966م الذي اكد على حق الفرد في حرية التنقل داخل الدولة التي يقيم فيها، وعلى حريته في اختيار مكان اقامته داخل هذه الدولة، كما اكد على الحق في حرية مغادرة البلد الاصلي للفرد وحرية الدخول اليه.
  • وعلى الرغم من الاعتراف الدولي بهذا الحق الا انه اعتبر التقييدات التي تضعها بعض الدول على حرية الحركة والتنقل مشروعة اذا كان الهدف من وراءها الحفاظ على المصلحة العامة للدولة خاصة والمجتمع الدولي عامة لمنع انتشار الاوبئة والامراض المعدية كمرض السارس في الصين في هذه الايام.

وجهة نظر الباحث :

  • نؤيد بكل قوة ما جاء في نص المادة 13 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948م “لكل فرد حق في حرية التنقل وفي اختيار محل اقامته داخل حدود الدولة، لكل فرد حق في مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده وفي العودة الى بلده.
  • كما نؤيد بعض التقييدات التي تلجأ اليها بعض الدول للحد من حرية الحركة والتنقل مثل منع انتشار الاوبئة والامراض المعدية او منعا لمغادرة اشخاص قد يشكلوا عبئا على الدولة المستقبلة لهم مثل الاشخاص المدمنين على المخدرات او لحماية القاصرين الذين يحاولون مغادرة بلادهم دون موافقة اهاليهم، او لاسباب اقتصادية منها تقييد هجرة العقول والمهنيين والاخصائيين.

– يتبع –

 

الموقف القانوني لبعض قضايا الحدود الدولية

تجارة المخدرات – المجرمين – حق التنقل للناس عبر المحيطات

مقدمة:

  • ليس هناك من شك ان مشكلة تعاطي المخدرات والاتجار فيها اصبحت مشكلة ضخمة رهيبة يعاني منها العالم اجمع، لما لها من تأثير على القدرات العقلية والنفسية للفرد وتحطيم صحته وحياته الى جانب ما تسببه من كوارث اجتماعية واقتصادية تهدد كيان الدولة.
  • لذلك تعتبر جريمة تعاطي المخدرات والاتجار فيها كغيرها من الجرائم ذات طبيعة دولية كجريمة التمييز العنصري، وجريمة ابادة الاجناس البشرية، وجريمة الاتجار بالنساء والاطفال..الخ تستلزم تعاون دولي للتصدي لها والقضاء عليها لان مكافحة هذه الجرائم هو من الاهمية بمكان لكي يشعر الانسان بالامان والحرية في تحركاته وتنقلاته داخل دولته او من دولة الى دولة عبر الحدود الدولية.
  • ان شعور الانسان بالامان والحرية والتنقل وشعوره بالحماية من المجرمين والاتجار به، هو شعور كفلته المواثيق والاعراف الدولية التي تعترف بحقوق الانسان، فهذه الحقوق هي كل لا يقبل التجزئة، فلا معنى لتوفر حق او بعض من الحقوق سواء سياسية او اقتصادية او اجتماعية…الخ دون توفير الحقوق الاخرى.
  • ان قضايا حقوق الانسان ليست مسألة ثانوية تهم رجال القانون وحدهم وانما هي مسألة مدنية حضارية، وهي قضية اولا وقبل كل شيء قضية عالمية، تعبر عن احساس عام يجب ان يعيش وينمو في كل بقاع العالم. فنمو وتطور العلاقات بين الدول وازدهار السياحة وازدياد حركة الهجرة ، يستلزم وضع ضوابط دولية لضمان هذه الحقوق خصوصا ان هناك بعض من دول العالم من ينتهك هذه الحقوق سرا وعلانية، وأؤكد في هذا المجال على تجارة الرقيق من النساء والاطفال الذين هم ضحايا الفقر وانخفاض مستوى المعيشة في بلادهم.

أولا : موقف القانون الدولي من تجارة المخدرات

  • يطلق اسم المخدرات على مجموعة متباينة من العقاقير التي تختلف في تأثيراتها النفسية والجسدية ومن امثلة ذلك الافيون ومشتقاته، ومجموعة المنومات والمهدئات، كما تشمل مجموعة واسعة من العقاقير المنبهة ومن اهمها الكوكايين الذي يستخرج منه نبات الكوكا في البيرو وكولومبيا ونبات القات في اليمن والحبشة والصومال كما يشمل كذلك عقاقير تسبب الهلوسة مثل عقار S.D وبعض انواع الفطر والحشيش (القنب الهندي) او الماريجوانا.
  • ان الاعتماد على العقاقير Drug Dependence وهو اللفظ العلمي الصحيح لادمان المخدرات مشكلة واسعة الانتشار حقا، ويدخل في ذلك مشكلة تعاطي الخمور، فما لا يقل عن نصف سكان اوروبا الغربية والشرقية والولايات المتحدة وكندا وامريكا اللاتينية واستراليا وكثير من الدول الافريقية يستخدمون الخمر ومن المعلوم طبيا ان واحدا من كل عشرة يتناول الخمر يصبح مدمنا عليها.
  • وتذكر منظمة الصحة العالمية في تقريرها رقم 650 لسنة 1980 ان ما بين 4-10 بالمائة من السكان في كثير من البلدان هم مدمنو خمر وفي كثير من البلدان فان ادمان الخمر يفوق ادمان الحشيش والافيون والهروين.
  • وفي نشرة اصدرها مكتب العمل الدولي في جنيف بتاريخ 19/11/1986 اوضح ان هناك 50 مليون شخص يتعاطون المخدرات والحشيش والكوكايين والامنيون والهرويين وان عددا اكبر من هؤلاء يتناولون الامفيتامين (حبوب منبهة وتؤخذ احيانا بالوريد) واقراص الباربيتورات.
  • هذا ويلعب العامل السياسي دورا مهما في نشر المخدرات وخاصة في الدول التي تقع تحت الاحتلال فعلى سبيل المثال كان لبريطانيا دور بارز وهام في نشر المخدرات في مصر في العشرينات من القرن الماضي، حيث وصل عدد مدمني المخدرات الى نصف مليون شخص من بين 14 مليون هم سكان مصر في ذلك الوقت.
  • كما يلعب العامل الاقتصادي دورا مهما ايضا في نشر المخدرات فعامل الربح غير المحدود وتجارتها دفع التجار وبعض البنوك الكبيرة الى الاسهام في هذه التجارة فقد جاء في مجلة الامن والحياة التي تصدر عن المركز العربي للدراسات الامنية بالرياض في عددها ال59 ان الامم المتحدة اعلنت ان حجم تجارة المخدرات بلغ ثلاثمائة الف مليون دولار.
  • كما ساهمت الصناعات الدوائية في نشر المخدرات اذ لم تكتف هذه الصناعات بالمخدرات الطبيعية النباتية مثل الحشيش والافيون ومضغ اوراق الكوكا، بل استخرجت المواد الفعالة في هذه النباتات ثم قامت بصناعة مواد مخلقة منها.
  • وفيما يتعلق بمناطق زراعة المخدرات في العالم، نجد ان الخشخاش الذي تستخرج منه الافيون يزرع في شرق اسيا (المثلث الذهب) ثم الهلال الذهب ولبنان وتزرع الكوكا في امريكا اللاتينية (كولومبيا، البيرو، المكسيك) ويزرع الحشيش (الماريجوانا) في لبنان والمغرب والسودان وتركيا والاتحاد السوفياتي.

الموقف القانوني الدولي من المخدرات:

  • يتبلور الموقف القانون في اتجاهين:

الاتجاه الاول : العقاب على جرائم المخدرات :

  • في الاتفاقية الموحدة للمخدرات المبرمة التزمت الدول مع مراعاة احكامها الدستورية – باتجاه التدابير اللازمة الكفيلة باعتبار زراعة المخدرات وانتاجها وصنعها واستخرجها وتحضيرها وتقديمها وعرضها للبيع والسمسرة فيها وتوزيعها وشرائها وبيعها وتسليمها باية صفة من الصفات وارسالها وامدادها ونقلها واستيرادها وتصديرها، واي فعل تراه الدول مخالفا لاحكامها جرائم يعاقب عليها اذا ارتكبت عمدا، وكذلك باتخاذ التدابير الكفيلة بفرض العقوبات المناسبة، ولا سيما عقوبة السجن او غيرها من العقوبات السالبة للحرية.
  • ولتوسيع نطاق الرقابة الدولية على المخدرات مشمولة بدور لمنظمة الصحة العالمية، كان من الضروري مد هذه الرقابة وتوسيعها لتشمل مخدرات جديدة قد تظهر دون حاجة الى الانتظار لحين ابرام اتفاقية دولية في هذا المجال، وقد استهدفت الاتفاقية الموحدة توسيع دائرة الرقابة الدولية على المخدرات.

مبدأ عالمية العقاب والتجارة غير المشروعة في المخدرات:

  • اذا كان القضاء على التجارة غير المشروعة في المخدرات يتطلب الاخذ بمبدأ عالمية العقاب، فان اتفاقية سنة 1936 للمخدرات قد اخذت بهذا المبدأ لكن يلاحظ على هذه الاتفاقية انها لم تأخذ بفكرة مبدأ عالمية العقاب كفكرة ملزمة لاطرافها بل جعلت اعمال هذا المبدأ اختياريا وربما يرجع ذلك الى اختلاف سياسة ايديولوجية العقاب من دولة لاخرى.
  • كما اخذت الاتفاقية الموحدة للمخدرات لسنة 1961 بمبدأ عالمية العقاب، حيث قررت محاكمة الوطنيين والاجانب الذين يرتكبون جرائم المخدرات بواسطة الدولة الطرف التي ارتكبت الجريمة في اقليمها او التي يوجد المجرم في اقليمها وجعلت من اعمال مبدأ عالمية العقاب اختياريا بالنسبة للدول.

الانتربول الدولي في مكافحة المخدرات:

  • تضم الامانة العامة للانتربول اربعة اقسام منها قسم التعاون الشرطي والذي يضم بدوره اقسام فرعية منهم قسم التجارة غير المشروعة في المخدرات ولهذا القسم دور هام في مجال مكافحة المخدرات وذلك من خلال ما يصدره من نشرات واحصائيات شهرية يتناول فيها الدول التي تنشر فيها هذه التجارة والوسائل والطرق التي يتبعها ممارسيها واماكن المصانع السرية التي تصنع فيها المخدرات يقصد الاتجار فيها الامر الذي يكون له اهميته في مكافحة هذا النوع من التجارة غير المشروعة.

الاتجاه الثاني : قصر المخدرات على الاغراض العلمية والطبية :

  • هذا المبدأ ارسته الاتفاقيات الدولية المبرمة في مجال مكافحة المخدرات وتأكد من بعد في الاتفاقية الموحدة للمخدرات حيث قصرت تلك الاتفاقية انتاج المخدرات وصنعها وتصديرها واستيرادها وتوزيعها والاتجار فيها واستعمالها واحرازها على الاغراض العلمية والطبية دون سواها وهو مبدأ اساسي ارسته الاتفاقيات الدولية المبرمة في مجال مكافحة المخدرات.
  • وفي سبيل تحقيق فاعلية هذا المبدأ اخذت الاتفاقية الموحدة للمخدرات لسنة 1961 اساليب متعددة، تعتبر تقنينا للاساليب التي اقرتها الاتفاقيات المبرمة في مجال مكافحة المخدرات ومن هذه الاساليب:

أ)  قصر زراعة المخدرات على الاحتياجات العلمية والطبية وذلك بانشاء المؤسسات الحكومية التي تتولى احتكار هذه الزراعة وتنظيمها والتصرف فيها.

‌ب)  قصر صناعة المخدرات على الاغراض العلمية والطبية، وذلك باخضاع صناعة المخدرات لنظام الاجازة بترخيص مكتوب صادر عن السلطة المختصة في  الدولة بمعنى عدم ممارسة تصنيع المخدرات الا بمعرفة اشخاص مرخص لهم بذلك مع استثناء مؤسسات الدولة التي تقوم بالتصنيع من نظام الاجازة كذلك تلتزم الدول بمراقبة جميع من يعمل او يشترك في صنع المخدرات من اشخاص او مؤسسات واخضاع المنشآت والاماكن التي تصنع المخدرات لنظام الاجازة والزام صناع المخدرات المرخص لهم بذلك بالحصول على رخص دورية تحدد فيها انواع المخدرات وكمياتها وتلتزم هذه الدول بالعمل على منع تراكم المخدرات في حوزة صناعها بكميات تفوق الكميات اللازمة لسير العمل العادي.

  ‌ج)  قصر التداول في المخدرات على الاغراض العلمية والطبية، ويتمثل ذلك في التزام الدول باخضاع تجارة المخدرات وتوزيعها لنظام الاجازة وذلك بالنسبة للافراد ممارسي هذا النشاط الا اذا مارسته مؤسسة او اكثر من مؤسسات الدولة الحكومية، وحظرت الاتفاقية الموحدة على الدول اطرافها ان تسمح عن علم بتصدير المخدرات الى اية دولة ما لم يتم هذا وفقا للقوانين ونظم الدولة المستوردة.

  • ومن الجدير بالذكر ان الاتفاقية الموحدة للمخدرات تلزم اطرافها بتقديم نصوص جميع القوانين والانظمة التي تصدر فيها من حين لاخر لاعمال احكام الاتفاقية الى الامين العام للامم المتحدة الذي يقوم بدوره بتوزيع هذه القوانين على الدول.

وجهة نظر الباحثين :

  • نظرا للخطورة التي تشكلها المخدرات على العالم اعتبرها واضعوا ميثاق الامم المتحدة من المشاكل الدولية الاجتماعية والصحية والاقتصادية التي تاخذ الامم المتحدة على عاتقها مهمة وضع الحلول لها، ومن ثم اعترفت الدول اطراف الاتفاقية الموحدة للمخدرات اعضاء وغير اعضاء في الامم المتحدة، ما للامم المتحدة من دور في مجال مكافحة المخدرات، من خلال الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات.
  • تعتبر الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات جهازا دوليا أنشاته الاتفاقية الموحدة للمخدرات لسنة 1961 لتطبيق احكام الاتفاقيات الدولية المستهدفة مكافحة المخدرات.
  • مهام ووظائف الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات:
  • الاشراف والرقابة على نظام المخدرات: فالهيئة هي التي تحدد المواعيد التي يجب فيها، والطريقة التي ينبغي بها تقديم الدول اطراف الاتفاقية الموحدة لتقديراتها عن احتياجاتها من المخدرات وذلك عن طريق استمارات تقررها الهيئة لذلك.
  • الرقابة على حركة المخدرات في الدول: ويتم ذلك من خلال نظام احصائي يهدف الحيلولة دون ان تصبح أي دولة مركزا للاتجار غير المشروع في المخدرات.
  • مخاطبة الراي العام العالمي عن طريق ما تنشره الهيئة من تقارير: تتضمن هذه التقارير حركة المخدرات في العالم, ومن خلاله تعرف الدول ما قدرته كل دولة لنفسها من احتياجاتها للمخدرات.
  • يمكننا القول ان تشكيل الامم المتحدة هيئة دولية للرقابة على المخدرات يوضح لنا وجهة نظر الاخرين الممثلة باعضاء الامم المتحدة بضرورة مكافحة المخدرات وعدم السماح باستعمالها الا لاغراض علمية وطبية.

وجهة نظر الباحث :

  • لاشك ان مشكلة المخدرات تعتبر من اخطر المشكلات التي تواجه المجتمعات البشرية عامة بدون استثناء لما لها من تأثير على القدرات العقلية والنفسية للشخص والعلاقات الاجتماعات بين افراد المجتمع الواحد وما يترتب على ذلك من انتشار للجريمة والسرقة والرشوة والعلاقات الجنسية الشاذة، والتفكك الاسري الى غير ذلك من المشكلات، ولذلك نرى:
  • انه لابد من مكافحة هذا الوباء الخطير على كافة المستويات المحلية والعالمية بدافع الشعور بالمسؤولية الدولية والاحساس بما تتطلبه الانسانية من الحفاظ على سلامة البشرية، والتي باتت تحدق بها الاخطار من كل جانب ولذلك نجد انه من الضروري ان يكون هناك تعاون وتشاور وتنسيق مع كافة الهيئات والجهات الدولية المعنية بوضع الخطط اللازمة لمحاربة هذا الوباء.
  • ان يقتصر استعمال المخدرات على الاغراض العلمية والطبية من حيث الزراعة والصناعة والتداول وبترخيص حكومي وبعلم الجهات المسؤولة.
  • معالجة مدمني المخدرات والعمل على ادماجهم في مجتمعاتهم ليصبحوا اشخاص اسوياء.

ثانيا : موقف القانون الدولي من تسليم المجرمين

  • بامعان النظر في الواقع المعاصر للجماعة الدولية يتضح ان هذه الجماعة تسلك سبلا متعددة، اذ تقوم بتطبيق ما وضعته من قواعد دولية تستهدف مكافحة الجرائم ذات الطبعة الدولية، وذلك بتسليمهم الى دول تطلبهم لمحاكمتهم على جرائمهم، فتسليم المجرمين هو اجراء تتخلى الدولة بمقتضاه عن شخص موجود في اقليمها لدولة اخرى تطالب بتسليمه اليها لمحاكمته عن جريمة منسوب اليه ارتكابها، او لتنفيذ عقوبة مقضى عليه بها من محاكم هذه الدولة.
  • وقد بدأت الدولة تنظيم تبادل المجرمين بينها عن طريق المعاهدات الخاصة منذ القرن الثامن عشر، وكانت هذه المعاهدات في مبدأ الامر قليلة العدد قاصرا ابرامها على الدول المتجاورة فيما بينها، ثم اخذ عددها يزداد شيئا فشيئا في القرن التاسع عشر على اثر تقدم المواصلات وازدياد سرعتها وما تبع ذلك من امكان الجاني الفرار الى بلاد بعيدة قبل ان تمكن الدولة التي ارتكب فيها جريمته من وضع يدها عليه، كذلك سنت كثير من الدول تشريعات خاصة بتسليم المجرمين بينت فيها القواعد التي يتعين اتباعها في شأن التسليم حتى تتقيد بها سلطات الدولة ولا تتحكم في اجرائه تبعا للنزاعات السياسية والاهواء الخاصة.

القواعد العامة لتسليم المجرمين:

  • واجب التسليم مستمد من القواعد العامة التي تحكم علاقات الدول، ويجوز اجراء التسليم ولو لم توجد اية رابطة تعاقدية بين هذه الدول، وسارت الدول بالفعل على ذلك في اوروبا وفي امريكا وتبادل الكثير منها تسليم المجرمين، دون ان يكون بينها اتفاق سابق، ولم يشذ عن ذلك غير ثلاث دول بلجيكا وانجلترا والولايات المتحدة الامريكية فكانت لا تقبل التسليم الا بناءا على معاهدة بينها وبين الدولة التي تطلبه.

الاشخاص الذين يجوز تسليمهم:

  • الاصل جواز تسليم أي شخص التجأ الى اقليم دولة بعد ارتكابه جريمة على اقليم دولة اخرى لمحاكمته في هذه الدولة، او لتنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه من محاكمها، على ان لهذه القاعدة بعض استثناءات مرجعها اما صفة الشخص المطلوب تسليمه واما جنسيته واما ظروف التجائه الى الدولة المطلوب اليها التسليم.
  1. صفة الشخص المطلوب تسليمه:
  • يتمتع رؤساء الدول بالاعفاء من القضاء الاقليمي الاجنبي، ويستتبع ذلك انه اذا ارتكب احد هؤلاء جريمة في اقليم دولة ما ثم غادرها لاقليم دولة اخرى فلا يجوز تسليمه الى الدولة الاولى لامتناع محاكمته فيها وانما يجوز تسليم رئيس الدولة الاجنبي اذا زالت عنه هذه الصفة بتنازله او عزله او انتهاء مدة رئاسته على شرط ان يكون طلب التسليم من اجل افعال وقعت منه بعد زوال صفة الرئاسة عنه.
  • ولنفس السبب قيل بعدم جواز تسليم المبعوثين الدبلوماسيين من اجل الجرائم التي تقع منهم في اقاليم الدول التي يتمتعون فيها بالاعفاء من القضاء الاقليمي لامتناع محاكمتهم في هذه الدول انما ليس هناك ما يمنع من تسليمهم الى الدول التابعين لها لتتولى محاكمتهم وفقا لما تقضي به قوانينها الخاصة.
  1. جنسية الشخص المطلوب تسليمه:
  • اذا كان اللاجئ المطلوب تسليمه من رعايا الدولة طالبة التسليم فلا نزاع في جواز التسليم متى كانت الجريمة المنسوبة اليه تسمح بذلك، وكذلك الحال اذا كان من رعايا دولة ثالثة مع قيام الدولة المطلوب اليها التسليم باخطار هذه الدولة بذلك، ويحصل هذه الاخطار عادة من باب المجاملة ولا يترتب عليه التزام الدولة المطلوب اليها التسليم بالملاحظات التي قد تبديها الدولة التابع لها الشخص المراد تسليمه او بانتظار موافقتها على التسليم، ما لم يكن هناك اتفاق خاص بين الدولتين يقرر خلاف ذلك.
  • اما اذا كان الشخص المراد تسليمه من رعايا الدولة المقدم لها الطلب فيختلف الحكم، فبينما تاخذ دولة القارة الاوروبية وكثير من بلاد امريكا اللاتينية بمبدأ عام جواز تسليم الرعايا، تقبل انجلترا والولايات المتحدة تسليم رعاياها استنادا الى فكرة اقليمية الجرائم وخضوع الجريمة اساسا لقضاء الدول التي وقعت على اقليمها دون اعتبار لجنسية المجرم.
  1. ظروف الشخص المطلوب تسليمه:
  • قد يلجأ الشخص الى اقليم الدولة المطلوب الهيا تسليمه مكرها على اثر عاصفة مثلا، او نتيجة امر بالابعاد من دولة اخرى، او اثناء مطاردته على حدود الدولة المجاورة، او نتيجة هبوط لطائرة كان يستقلها، فما هو الموقف الذي تتخذه الدولة بالنسبة له؟ يرى بعض الشراح عدم جواز التسليم في هذه الحالة ويستندون في ذلك الى اعتبارات انسانية، ولكن الاغلبية لا تقر هذا الرأي وتقول بجواز التسليم، كما ان معاهدات التسليم المختلفة لا تميز بالنسبة للاشخاص الجائز تسليمهم بين اللاجئين الى اقليم الدولة المطلوب اليها التسليم باختيارهم واللاجئين اليها كرها عنهم.

4.الجرائم الجائز من اجلها التسليم:

  • تراعي الدول عادة النص في المعاهدات والتشريعات الخاصة بتسليم المجرمين على الجرائم التي يجور فيها التسليم، وهي غالبا الجنايات وبعض الجنح الهامة، على ان مثل هذا النص لا يمنع الدول من التسليم في غير ما ورد ذكره فيه من الجرائم وفقا لمقتضيات الظروف وعلى اساس التبادل الا اذا كانت قوانين الدولة ذاتها لا تبيح ذلك، كما هو الحال في انجلترا وبلجيكا وهولندا، فحكومات هذه الدول مقيدة في اجراء التسليم بالجرائم الوارد ذكرها في قوانينها الخاصة.
  • وبجانب ما تقدم يجوز لجواز التسليم من اجل الجريمة المنسوبة الى الشخص المطلوب تسليمه توافر شرطين:
  1. ان تكون الجريمة معاقبا عليها في قانوني الدولتين: لا خلاف اولا في ان التسليم لا يجوز الا اذا كان الفعل المطلوب من اجله التسليم معاقبا عليه كجريمة في قانون الدولة التي تطلبه، لان الغرض من التسليم هو المحاكمة الجنائية او تنفيذ العقوبة المحكومة بها وفقا لقانون هذه الدولة.
  2. الا تكون الجريمة مما جرى العرف على عدم التسلم فيه: جرى العرف على عدم جواز التسليم بالنسبة لجرائم معينة منها الجرائم الموجهة ضد الدين وبعض الجرائم العسكرية والجرائم السياسية.
  • فبالنسبة للجرائم الموجهة ضد الدين ومثلها القذف في دين من الاديان والعبث بحرية الاديان وتعطيل المشاعر الدينية، وقد جرى العرف في فرنسا على عدم جواز التسليم من اجلها، ونصت قوانين بعض الدول مثل البرازيل وروسيا على نفس الامر.
  • اما الجرائم العسكرية فقد جرى العرف على عدم التسليم في جريمة الفرار من الخدمة العسكرية، ونصت على ذلك كثير من معاهدات التسليم، على ان هذا يقتصر على الفرار من الخدمة العسكرية البرية، اما الفرار من الخدمة البحرية فيجوز فيه التسليم، وذلك لان فرار البحارة اشد خطرا على الدولة التابعين لها من قرار القوات البرية، اذ انه يضر من جهة بمصالحها الاقتصادية لما يترتب عليه من تعطيل ملاحة سفنها، ويعرض من جهة اخرى سلامة هذه السفن للخطر وقد اقر هذه التفرقة بين جريمتي الفرار من الخدمة البرية والخدمة البحرية مجمع القانون الدولي في اجتماع اكسفورد سنة 1880م ويمتد عدم جواز التسليم الى بعض الجرائم العسكرية الاخرى غير الفرار من الخدمة، كالتمرد والخيانة والجاسوسية، اما الجرائم العادية التي تقع من عسكريين فيجوز فيها التسليم، شأنها شأن الجرائم التي تقع من مدنيين.
  • اما عدم تسليم اللاجئين السياسيين فقد استند الى فكرة ان الجريمة السياسية ليست مظهرا لنفسية خطرة لدى مرتكبها، اذ الباعث عليها عقيد وطنيه ورغبة في اصلاح النظم القائمة، وان وصفها كجريمة امر نسبي يتوقف على الظروف المحيطة بها، والجهة التي وقعت فيها، والنظام السياسي التي ارتكبت ضده، فمن يعتبر مجرما في ظل نظام سياسي معين قد يكون وطنيا غيورا في ظل نظام اخر، ومن يعاقب في بلد بوصفه مجرما قد ينظر اليه كشهيد من شهداء الحرية في بلد اخر، وهكذا فالصفة الاجرامية للجريمة السياسية ليست اذا مطلقة كما هو الحال بالنسبة للجريمة العادية، واختلاف النظر فيها من بلد الى بلد ومن نظام الى نظام لا يستقيم مع القول بان للدول مصلحة مشتركة تقتضي التعاون بينها لمكافحتها كما هو الحال بالنسبة للجرائم العادية.

إجراءات التسليم:

  • التسليم عمل من اعمال السيادة العامة، فلا تباشره الا السلطة التنفيذية لكل من الدولتين طالبة التسليم والمطلوب اليها، وبالطرق الدبلوماسية العادية، ويرجع في معرفة الجهة التي تفحص طلبات التسليم في كل دولة الى قوانين الدولة ذاتها، وهي تختلف في هذه النقطة من دولة الى اخرى.
  • فمن الدول من تكتفي بفحص طلب التسليم بالطريق الاداري وبصفة سرية، وهو ما يحصل في اسبانيا والبرتغال وباناما وكوبا ومصر وغيرها، وكانت فرنسا ضمن هذه الدول حتى سنة 1927م، فكان الشخص المطلوب تسليمه يستدعى لابداء اقواله امام النائب العام او احد وكلائه في الجهة التي يقبض عليه فيها، فاذا رؤى اجابة طلب التسليم صدر به بعد ذلك مرسوم من رئيس الدولة.
  • ومن الدول من تفحص طلب التسليم بالطريق القضائي وبصفة علنية، ففي انجلترا للشخص المطلوب تسلميه ان يصطحب معه محاميا للدفاع عنه امام المحكمة التي تنظر الطلب، وله ان يطعن بالاستئناف في القرار الصادر من هذه المحكمة بتسليمه.
  • ومن الدول من تتبع طريقا وسطا، فتاخذ الحكومة رأى غرفة الاتهام في محكمة الاستئناف من ناحية قانونية طلب التسليم، لكن دون ان تتقيد في تصرفها بهذه الرأي، ويتبع هذا الطريق بلجيكا وهولندا وايطاليا واليابان وبولونيا وغيرها، وقد اخذت به فرنسا بمقتضى القانون الخاص بالتسليم الذي اصدرته في 1927م.
  • هذا ولتمكين الجهات المختصة من فحص طلب التسليم والبت فيه يجب على الدولة الطالبة له ان ترفق بطلبها الاوراق والمستندات المثبتة لشخصية وجنسية المتهم المطلوب تسليمه وصورة قرار الاتهام، ان كانت المطالبة بالتسليم لمحاكمته او صورة الحكم الصادر ضده ان كانت المطالبة لتنفيذ عقوبة عليه، كذلك على الدولة طالبة التسليم ان تبين في طلبها ما ترتكن عليه في طلب التسلم، فتشير الى المعاهدة او الاتفاق الذي بينها والدولة المطلوب اليها التسليم اذا كان هناك اتفاق في هذا الشان، فان لم يكن هناك اتفاق فالي ما جرى عليه العمل بينها او ما اقره العرف، كذلك عليها ان تبين بوضوح التهمة المنسوبة الى المتهم وما يثبت اختصاص محاكمتها بالنظر فيها الى غير ذلك من البيانات الضرورية التي تحتاج الدولة المطلوب منها التسليم الرجوع اليها للفصل في الطلب.

آثار التسليم :

  • اذا تم التسليم كان للدولة التي تسلمت المتهم ان تقدمه للمحاكمة عن الجريمة التي طلبت التسليم من اجلها او تنفذ عليه العقوبة المحكوم بها عليها اذا كان ذلك هو الغرض من تسليمه، ولا تجوز محاكمة المتهم من اجل جريمة غير التي طلب التسليم من اجلها الا اذا كانت متصلة بهذه الجريمة، فاذا ارادت الدولة التي تسلمته محاكمة عن جريمة اخرى سابقة على التسليم فلا تملك الا اذا قبل المتهم ذلك صراحة واختيارا، او اعطته فرصة الخيار بين ترك اقليمها في خلال مدة معينة او يحاكم فاختار البقاء وتستعيض بعض الدول عن رضاء المتهم في هذه الحالة باخطار الدولة التي سلمته وقبول هذه الدولة اجراء المحاكمة، وقد نصت على ذلك كثير من معاهدات التسليم القائمة.
  • كذلك اذا طلبت دولة ثالثة الى الدولة التي سلم اليها المتهم تسليمه من جديد لمحاكمته عن فعل سابق وقع منه قبل التسليم الاول، وجب اولا قبل اجابة هذا الطلب اخطار الدولة الاولى التي سلمته والحصول على موافقتها.

مثال لتسليم المجرمين:

  • مثالنا هو من مصر, لم تبرم مصر اتفاقات لتبادل تسليم المجرمين سوق الوفاق المصري السوداني في سنة 1902 واتفاق مع فلسطين سنة 1921 واخر مع العراق سنة 1931.
  • وتاخذ مصر بالقاعدة اللاتينية التي تقضي بعد تسليم الرعايا, وقد نص على ذلك في قرار للحكومة المصرية سنة 1901 جاء فيه لا يمكن تسليم المتهم اذا كان مصريا، وكذلك تقرر في المعاهدة المصرية العراقية احتفاظ كل من الحكومتين بحقها المطلق في تسليم أو عدم تسليم رعاياها.
  • وتطلب الحكومة المصرية لجواز التسلم ان تكون الجريمة المطلوب التسليم من اجلها على درجة جسامة معينة, أي تعتبر جناية بحسب احكام قانون البلاد التي ارتكبت الجريمة فيها وبحسب قانون العقوبات المصري. واذا كان طلب التسليم بناء على حكم فيجب ان يكون هذا الحكم بالاعدام أو السجن لمدة سنة على الاقل في حوادث جنايات أو جنح وقعت في دائرة المحكمة التي صدر منها، بشرط ان يكون عقاب هذه الجنايات والجنح بموجب القانون المصري بالاعدام او بالسجن لمدة لا يكون اقصاها اقل من سنة.
  • وقد نص على نفس الشيء في الاتفاقيات المبرمة مع فلسطين والعراق, واكتفى في الوفاق السوداني بالنسبة للجنح بان يكون معاقبا عليه بالسجن لمدة لا يكون اقصاها اقل من ستة شهور.
  • تتبادل الحكومة المصرية طلبات تسليم المجرمين مع الحكومات الاخرى بالطرق الدبلوماسية المعتادة, فالطلبات الصادرة من مصر تبعث بها وزارة الخارجية بناء على طلب وزارة العدل, الطلبات التي توجه اليها ترد عن طريق وزارة الخارجية التي تحيلها بعد فحصها من الوجهة السياسية الى وزارة العدل للنظر فيها وتقرير احقيتها من عدمها.
  • ويجب ان يرفق بطلب التسليم الذي تتقدم به الحكومة المصرية أو الذي يقدم اليها جميع البيانات اللازمة لفحصه شكلا وموضوعا من امر القبض الصادر ضد الشخص المطلوب تسليمه أو صورة من هذا الامر, الى صورة من شهادة الشهود أو الادلة الاخرى القائمة ضده, الى بيان النص القانوني المطبق على الفعل المنسوب اليه, وذلك اذا كان الغرض من طلب التسلم تقديم المتهم للمحاكمة, اما اذا كان الغرض من طلب التسليم تنفيذ حكم صادر على الشخص المطلوب تسليمه وجب ان يرفق بالطلب صورة من الحكم حرفيا والمستندات التي يثبت منها ان المحكوم عليه قد دعى للحضور امام المحكمة للدفاع عن نفسه.
  • ويفحص طلب التسليم في مصر بالطريق الاداري بمعرفة وزارة العدل، الا اذا كان الشخص المطلوب تسليمه من الاجانب الخاضعين لقضاء المحاكم المختلطة، فكان يتبع بشانه الطرق القضائي وذلك بناء على تصريح الحكومة المصرية الملحق باتفاقية مونترو والذي جاء فيه انه وفقا لما جرى عليه العمل بوجه عام في شان تسليم المجرمين الفارين تنوي الحكومة الملكية المصرية ان تتبع في هذا الصدد الاجراءات القضائية وعلى ذلك يكون للمحاكم المختلطة كلما كان الامر متعلقا باجنبي خاضعا لقضائها ان تنظر في تحقيق طلب التسليم.
  • وأخيرا يصدر الامر بالتسليم بعد التثبت مما يأتي:
  1. ان امر القبض أو الحكم صادر ضد الشخص المطلوب تسليمه فعلا.
  2. ان هذا الشخص ليس من رعايا الحكومة المصرية.
  3. ان الجريمة معاقب عليها بمقتضى احكام قانون العقوبات المصري وانها ليست من الجرائم التي جرى العرف الدولي على عدم التسليم فيها.
  4. ان الادلة المقدمة كافية لتبرير المحكمة أو لتبرير الحكم الصادر.

وجهة نظر الباحثين :

  • تعبر الاتفاقيات الدولية المستهدفة مكافحة الجرائم ذات الطبيعة الدولية, عن وجهة نظر الاخرين الممثلة في المجتمع الدولي إزاء تلك الجرائم وضرورة التصدي لها.
  • ففي مجال الجرائم المخلة بالحياء أبرمت الدول اتفاقية سنة 1910 واخرى عام 1923 لمنع التداول في مطبوعات الفحش والدعارة وفي مجال تزييف العملة, ابرمت الدول عام 1929 اتفاقية دولية جماعية بهدف مكافحة جريمة تزييف العملة ضمانا للثقة المالية بينها.
  • وفي مجال الرق أبرمت الدول العديد من الاتفاقيات الدولية الجماعية المستهدفة مكافحة جريمة الرق والاتجار في النساء والاطفال.
  • وفي مجال مكافحة جريمة ابادة الاجناس ابرمت الدول اتفاقية جماعية دولية في سنة 1948.
  • وفي مجال مكافحة جريمة التمييز العنصري ابرمت الدول اتفاقية دولية جماعية سنة 1965.
  • هذه الاتفاقيات المبرمة بين دول العالم لمكافحة الجرائم تعتبر مؤشر صادق الدلالة عن وجهة نظر الاخرين تجاه الجرائم الواجب التصدي لها.

وجهة نظر الباحث :

–        من الضروري مكافحة وتسليم المجرمين لينالوا عقابهم جزاء ما اقترفوا من جرائم، فتسليم المجرمين يقوم كما نعتقد على فكرة العدالة وهي تقتص ان ينال كل شخص حسابا عما يقع منه من افعال مخلة بالقانون، والا سادت الفوضى وانتشر الاجرام، وتسليم المجرمين يقوم ايضا على فكرة المصلحة العامة، فللدول مصلحة مشتركة في منع الجرائم والضرب على ايدي الجناة محافظة على كيانها وعلى سلامة كل منها، وطبيعي ان لكل دولة مصلحة مباشرة في ان لا يصبح اقليمها مأوى للمجرمين اللاجئين فيتحصنون فيه ضد العدالة.

 

–        ثالثا : موقف القانون الدولي من حق الناس في التنقل عبر المحيطات

 

  • كان تنقل الاشخاص بطريق البحر ذائعا منتشرا الى وقت قريب بالنظر الى استتباب الامن في البحار وانتظام المواصلات البحرية ونمو العلاقات بين الدول المختلفة وازدهار السياحة وازدياد حركة الهجرة.
  • وقد وضعت في شأن نقل الاشخاص بطريقة البحر ثلاث معاهدات دولية ابرمت في بروكسل بفضل مجهودات اللجنة البحرية الدولية.
  • الاولى: خاصة بالركاب المتسللين سنة 1957:
  • الثانية: خاص بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بنقل الركاب بطريق البحر سنة 1961 وهي تعنى بوجه خاص بتنظيم مسؤولية الناقل البحري مثل الركاب.
  • الثالثة: خاصة بنقل امتعة الركاب بحرا سنة 1967.
  • ثم ابرمت معاهدة اثينا الخاصة بالنقل البحري للركاب وامتعتهم في سنة 1972 لتحل محل معاهدتي بروكسل الاخيرتين.

نقل الاشخاص:

  • حق الشخص في النقل مرتبط بعقد نقل عبر البحر يعرف العقد باسم تذكرة السفر ويذكر في تذكرة السفر على وجه الخصوص: اسم كل من الناقل والمسافر، اسم السفينة، ميناء القيام وتاريخه وميناء الوصول، اجرة النقل، شروط الاقامة في السفينة، تاريخ اصدار التذكرة.

التزامات الناقل:

  • يلتزم الناقل بنقل الشخص من ميناء القيام الى ميناء الوصول على سفينة معينة في الميعاد المتفق عليه، ومن ثم يلتزم الناقل باعداد السفينة وتجهيزها بما يلزم لتكون صالحة للملاحة ولتنفيذ السفر المتفق عليه. ويجب على الناقل ان يتبع خط السير المعتاد وان يقف بالموانئ المحددة فلا يسوغ للربان ان يرسو في ميناء او يوقف السفينة اثناء السفر بناء على طلب مسافر او لاجل مصلحته الخاصة ولكن اذا اصيب مسافر بمرض معد جاز للربان انزاله في اقرب مكان يمكن علاجه فيه، وعلى الناقل ان يهيء للمسافر مكانا في الدرجة المتفق عليها ويلتزم الناقل بتقديم الطعام والعلاج والخدمة للمسافر اثناء السفر ما لم يوجد شرط بخلاف ذلك.
  • ويلتزم الناقل ايضا بنقل امتعة المسافر في الحدود التي يعينها العقد او العرف ولا يلتزم المسافر بدفع اجره عن نقلها بشرط الا تزيد عن الحد الذي يعينه العقد او العرف فاذا زادت عن هذا الحد وجب على المسافر ان يدفع اجره عن نقلها بشرط الا تزيد عن الحد الذي يعينه العقد او العرف.

التزامات المسافر:

  • يلتزم المسافر بدفع اجره السفر المتفق عليها وتختلف اجرة السفر باختلاف الدرجة المراد السفر عليها، وهي تدفع عادة عند تسليم تذكرة السفر، واذا تخلف المسافر عن السفر وتأخر عن الميعاد المحدد فللربان ان يسافر دون ان يلتزم بانتظاره وعلى المسافر دفع الاجرة كاملة واذا حالت قوة قاهرة دون سفر المسافر فسخ العقد بشرط ان يحظر هو او ورثه الناقل قبل الميعاد المعين للسفر بثلاث ايام على الاقل فاذا تم الاخطار فلا يستحق الناقل الا ربع الاجرة وتسري هذه الاحكام على افراد عائلة المسافر وتابعيه الذين كان مقررا ان يسافروا معه اذا طلبوا ذلك اذ كانوا لا يستطيعون السفر دون رب العائلة.
  • كما يلتزم المسافر بمراعاة جميع احكام الربان المتعلقة بحسن النظام في السفينة وهو يخضع لسلطة الربان التأديبية واذا رفض المسافر الامتثال للتدابير التي يأمر بها الربان جاز توقيع العقوبات التأديبية عليه.

مسؤولية الناقل:

  • كان القضاء يأخذ قديما بمبدأ مسؤولية الناقل التقصيرية عن الحوادث التي تصيب المسافر اثناء النقل، ويلزم مدعي التعويض اثبات خطأ الناقل، اما في الوقت الحاضر فقد استقر القضاء على ان مسؤولية الناقل هي مسؤولية يحكمها عقد النقل الذي يتضمن التزاما على عائق الناقل بضمان سلامة المسافر، وهو التزام بنتيجة يتحقق الاخلال به بمجرد عدم تحقيق النتيجة وبثبوت وقوع الحادث، ولا ترتفع مسؤولية الناقل عن هذا الاخلال الا باثبات القوة القاهرة او خطأ المصاب او خطأ الغير، ولا يقبل من الناقل اثبات انه بذل جهده وتوخي الحيطة في تنفيذ ما التزم به لان هذا انما يكون بالنسبة الى الالتزام ببذل عناية حيث يكفي ان يقيم المدين الدليل على انه بذل عناية الشخص المعتاد ولو لم يتحقق الغرض المقصود.

 

  • وقد اخذ التقنين البحري الجديد بالقواعد المتقدمة والتي تتضمن:
  • سؤال الناقل عن الضرر الناشئ عن وفاة المسافر او اصابته البدنية اذا وقع الحادث الذي نشأ عنه الضرر خلال تنفيذ عقد التقل.
  • يعد الحادث واقعا خلال تنفيذ عقد النقل اذا وقع اثناء السفر، او اثناء صعود المسافر الى السفينة، او نزوله منها في ميناء القيام او في ميناء الوصول، او في ميناء متوسط، او اثناء المدة التي يكون فيها المسافر في حراسة الناقل قبل صعوده السفينة او بعد نزوله منها.
  • يعفى الناقل من المسؤولية المنصوص عليها في المادة السابقة اذا ثبت ان وفاة الراكب او اصابته ترجع الى سبب لا دخل للناقل فيه.

المعاهدات الدولية الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بنقل الركاب بطريق البحر:

  • وضعت المعاهدات الدولية الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بنقل الركاب بطريق البحر في بروكسل 1961، وهي تعني بوجه خاص بتنظيم مسؤولية الناقل البحري تجاه الركاب، ولا تنطبق المعاهدة الا على النقل الدولي الذي يكون فيه مكان القيام ومكان الوصول واقعين في دولتين مختلفتين او في دولة واحدة بشرط ان تمر السفينة على ميناء دولة اخرى ويشترط لتطبيق المعاهدة فضلا عن كون النقل دوليا او مكان الوصول واقعا في دولة متعاقدة.
  • ويكون الناقل مسؤولا طبقا للمعاهدة عن وفاة الراكب او اصابته اثناء النقل بسبب خطأ الناقل او خطأ تابعيه، وعلى المضرور اثبات خطأ الناقل او تابعيه، بيد ان خطأ الناقل او تابعيه يكون مفروضا اذا كانت الوفاة او الاصابة ناشئة عن الغرق، او التصادم، او الجنوح، او الانفجار، او الحريق، وذلك ما لم يثبت الناقل العكس ويجوز للمحكمة ان تستبعد مسؤولية الناقل او ان تخفف منها اذا اثبت الناقل ان خطأ الراكب او اهماله هو الذي سبب الضرر او ساهم في وقوعه.
  • ولما كانت المعاهدات لا يمكن ان تحقق الغاية المقصودة منها الا اذا كان لها طابع الالزام، فقد نصت على بطلان كل شرط يهدف الى اعفاء الناقل من المسؤولية، او تحديد مسؤوليته بمبلغ اقل من الحد المقرر فيها.
  • وترفع دعوى المسؤولية من الراكب نفسه في حالة اصابته البدنية، اما في حالة وفاته، فلا ترفع الدعوى الا من خلفاء الراكب المتوفي او الاشخاص الذين في كنفه اذا كان لهم الحق في ذلك، وفقا لقانون المحكمة المرفوعة اليها الدعوى ويجب على الراكب في حالة اصابته بضرر بدني ان يوجه الى الناقل احتجاجات كتابية خلال خمسة عشر يوما على الاكثر من مغادرته السفينة، ولا يترتب على عدم القيام بهذا الواجب سقوط حق الراكب في التعويض، بل مجرد قرينه قابلة للاثبات العكسي على ان المسافر قد غادر السفينة سليما معافى. وتتقادم دعوى المسؤولية بسنتين تبدأ في حالة الاصابة بضرر بدني من يوم مغادرة السفينة، وفي حالة الوفاة خلال النقل من اليوم الذي كان يجب وصول الراكب فيه، وفي حالة الوفاة بعد مغادرة السفينة من يوم الوفاه بشرط الا تتجاوز ثلاث سنوات من تاريخ مغادرة السفينة.

انقضاء عقد نقل الاشخاص:

  • ينقضي عقد نقل الاشخاص بتنفيذه، أي بنقل المسافر من ميناء القيام الى ميناء الوصول، انما قد ينقضي العقد قبل ذلك بالفسخ فاذا تعذر السفر بسبب لا يرجع الى الناقل فسخ العقد دون تعويض، واذا ثبت ان المانع من السفر راجع الى فعل الناقل التزم بتعويض يعادل نصف الاجرة، ويفترض ان تعذر السفر راجع الى فعل الناقل حتى يقوم الدليل على ذلك.
  • واذا توقف السفر لمدة تجاوز ثلاثة ايام جاز للمسافر فسخ العقد مع التعويض المناسب عند الانقضاء، ويعفي الناقل من الالتزام بالتعويض اذا ثبت ان سبب توقف السفر غير راجع اليه ولا يجوز الفسخ اذا قام الناقل بنقل المسافر الى مكان الوصول المتفق عليه في ميعاد معقول وعلى سفينة من ذات المستوى، وللمسافر ان يطلب فسخ العقد مع التعويض عند الاقتضاء اذا اجرى الناقل تعديلا جوهريا في مواعيد السفر، او في خط سير السفينة، او في موانئ الرسو المتوسطة المعلن عنها، ومع ذلك يعفي الناقل من التعويض اذا اثبت انه بذل العناية المعتادة لتفادي هذا التعديل.

الرحلات البحرية السياحية:

  • جاء في قانون التجارة البحرية ان المسافر المشترك في الرحلة لا يتعاقد مع الناقل مباشرة وانما مع منظم الرحلة، الذي يتعهد بابرام عقد النقل مع الناقل وتنفيذ الرحلة بما قد تشتمل عليه من خدمات لا تتعلق بالنقل وانما بالسياحة كزيارة الاماكن الاثرية في المواني التي ترسو فيها السفينة وحجز الاماكن في المسارح والفنادق وغيرها، وتتولى مكاتب السياحة القيام بهذا العمل ويتم التعاقد معها عادة بأحد اسلوبين، فاما ان يعلن المكتب عن الرحلة وشروطها فيعتبر ذلك ايجابا من جانبه حتى اذا ما تقدم المشترك بطلب الاشتراك اعتبر ذلك قبولا فيتم العقد بالشروط المعلن عنها واما ان تتقدم جماعة من المشتركين الى مكتب السياحة بطلب تنظيم الرحلة وتتفق معه على شروطها كالتالي:
  • عقد تنظيم الرحلة: يسليم منظم الرحلة لكل مشترك او لكل مجموعة من المشتركين تذكرة الرحلة، والا كان عقد تنظيم الرحلة باطلا وللمشترك وحده حق التمسك بهذا البطلان.
  • يبين في تذكرة الرحلة على وجه الخصوص، اسم السفينة، اسم منظم الرحلة وعنوانه، اسم المسافر المشترك في الرحلة وعنوانه شروط الاقامة في السفينة، ثمن التذكرة وبيان النفقات التي يشملها هذا الثمن، ميناء القيام وميناء الوصول والموانئ المتوسطية المعينة لرسو السفينة، تاريخ القيام وتاريخ العودة، الخدمات التي يتعهد منظم الرحلة بتقديمها للمسافر والمشترك فيها، يسلم منظم الرحلة للمسافر بالاضافة الى تذكرة الرحلة دفترا يشتمل على قسائم تبين في كل منها الخدمات التي يتعهد منظم الرحلة بتقديمها للمسافر على البر في الميناء المذكور في القسيمة.

التزامات منظم الرحلة ومسؤوليته:

  • يلتزم منظم الرحلة تجاه المشتركين فيها بتنفيذها وفقا للشروط المنصوص عليها في عقد تنظيم الرحلة، او الشروط المعلن عنها، ويسأل منظم الرحلة عن الاخلال بالالتزامات المبينة في تذكرة الرحلة وفي دفتر قسائم الخدمات، وكذلك يسأل منظم الرحلة من قبل المشترك عن تعويض الضرر الذي يصيب المسافر او امتعته اثناء تنفيذ عقد النقل البحري، وتسري على هذه المسؤولية نفس الاحكام المقررة بشأن مسؤولية الناقل وتحديدها وبطلان شروط الاعفاء منها وتقادمها والاختصاص بنظر الدعوى الخاصة المنصوص عليها في القانون البحري.

وجهة نظر الباحثين :    

  • لا شك ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان يعكس بكل وضوح وجهة نظر الاخرين الذين يمثلون المجتمع الدولي في اهمية احترام حقوق الانسان في الحركة والتنقل.
  • في ضوء ذلك يمكننا القول انه اضافة الى الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يعتبر المثل الاعلى المشترك لجميع الشعوب والامم الذي يجب ان يسعى الجميع الى ترسيخ احترام الحقوق الواردة فيه، فقد ورد حق الفرد في حرية التنقل وفي مغادرة بلده والعودة اليه في العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية والاقليمية المتعلقة بحقوق الانسان من بينها الاعلان الامريكي حول حقوق الانسان وواجباته لعام 1948م، والبروتوكول الرابع من الميثاق الاوروبي لحماية حقوق الانسان والحريات الاساسية لعام 1950م، والعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية لعام 1966م الذي اكد على حق الفرد في حرية التنقل داخل الدولة التي يقيم فيها، وعلى حريته في اختيار مكان اقامته داخل هذه الدولة، كما اكد على الحق في حرية مغادرة البلد الاصلي للفرد وحرية الدخول اليه.
  • وعلى الرغم من الاعتراف الدولي بهذا الحق الا انه اعتبر التقييدات التي تضعها بعض الدول على حرية الحركة والتنقل مشروعة اذا كان الهدف من وراءها الحفاظ على المصلحة العامة للدولة خاصة والمجتمع الدولي عامة لمنع انتشار الاوبئة والامراض المعدية كمرض السارس في الصين في هذه الايام.

وجهة نظر الباحث :

  • نؤيد بكل قوة ما جاء في نص المادة 13 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948م “لكل فرد حق في حرية التنقل وفي اختيار محل اقامته داخل حدود الدولة، لكل فرد حق في مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده وفي العودة الى بلده.
  • كما نؤيد بعض التقييدات التي تلجأ اليها بعض الدول للحد من حرية الحركة والتنقل مثل منع انتشار الاوبئة والامراض المعدية او منعا لمغادرة اشخاص قد يشكلوا عبئا على الدولة المستقبلة لهم مثل الاشخاص المدمنين على المخدرات او لحماية القاصرين الذين يحاولون مغادرة بلادهم دون موافقة اهاليهم، او لاسباب اقتصادية منها تقييد هجرة العقول والمهنيين والاخصائيين.

 

المراجع:

  1. مصطفى صخري – الاتفاقيات القضائية الدولية – مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع – ط1- عمان – الاردن – 1998.
  2. د.محمد علي البار – المخدرات – دار القلم – ط2 – دمشق – 1998.
  3. د.علي صادق ابو هيف – القانون الدولي العام – منشأة المعارف بالاسكندرية – ط12-الاسكندرية 1990.
  4. د.مصطفى كمال طه – دار الجامعة الجديدة للنشر – ط 1– الاسكندرية – 1995.
  5. الانسان وحقوقه في القانون الدولي – مركز زايد للتنسيق والمتابعة – ط1 – دولة الامارات العربية المتحدة – 2000.
  6. د.محمد منصور الصاور – احكام القانون الدولي – دار المطبوعات الجامعية – ط1-الاسكندرية – 1988.
  7. د.محمد شرف – المخدرات والآراء – الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة – 1985.
  8. فؤاد شباط – الحقوق الدولية العامة.
  9. عبد القادر القادري – القانون الدولي العام – مكتبة المعارف – الرباط – المغرب 1964.
  10. محمد عزيز شكري – مدخل الى القانون الدولي العام – مطبعة الداودي – دمشق سوريا -1991.
  11. لواء د. محمد فتحي عيد – المخدرات جريمة ام لا – الهيئة المصرية العامة للكتاب – القاهرة – 1985.

– انتهى-

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى