ترجمات عبرية

يورم شفايتسر: هل ترد على عمليات إسرائيل ضدها في سوريا بعمليات في الخارج؟

معهد دراسات الأمن القومي – بقلم  يورم شفايتسر – 23/5/2018

إطلاق حوالي عشرين صاروخًا في ليلة 9 – 10 مايو بتوجيه من إيران باتجاهه الأراضي الإسرائيلية أنهى فصلًا من النقاش الذي جرى في إسرائيل حول السؤال “هل وكيف ومن أين ستحاول إيران الانتقام لمقتل رجال الحرس الثوري في الهجمات التي نفذتها إسرائيل على الأرض السورية؟”، بعد الرد الإيراني الأول على الهجمات، والذي لم يتسبب بخسائر لإسرائيل؛ ردت إسرائيل على إطلاق الصواريخ بمهاجمة البنى التحتية العسكرية الإيرانية في سوريا، وأوقعت فيها خسائر فادحة. وعلى ضوء الالتزام العلني على لسان المتحدثين الإيرانيين الكبار بأن إسرائيل ستبكي جنودها كما ثكلت إيران جنودها، لم يبقَ إلا أن نرى “هل وكيف ستنتقم إيران من إسرائيل على الهجوم المضاد الموسع أيضًا؟ وكيف ستكون قوة الرد وخصائصه ومكانه؟”.

تركز التصريحات الإيرانية الرد بعمليات ضد أهداف عسكرية في إسرائيل، لكن وفي ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية في سوريا، بالإضافة إلى التأثير المنسوب إلى إسرائيل على قرار الرئيس ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي، وإحراج إيران مع كشف أرشيفها النووي أمام العالم، وكذلك التهديدات العلنية التي أطلقها المسؤولون الإسرائيليون بأنها ستحبط التوجه الإيراني بإنشاء بنية عسكرية في سوريا، تضاف إلى الشعور الإيراني بالمذلة، ويُحتمل أيضًا ان توسع نطاق احتمالات ردها.

بالإضافة إلى الحرس الثوري، فلدى إيران مخزون من التنظيمات الوكيلة والميليشيات التي فيها أعضاء من النشطاء اللبنانيين والعراقيين والسوريين والفلسطينيين والأفغان والباكستانيين؛ بعضُ هؤلاء قد يُسخر للعمل ضد إسرائيل. رغم التصريحات الواردة على ألسنة القادة الإيرانيين بأن استمرار العمليات الإسرائيلية ضد قواتها ووكلائها سيتسبب بدمار حيفا وتل أبيب؛ يبدو ان إيران غير معنية بالانجرار إلى التصعيد، وعلى وجه التحديد ليس على الأرض السورية أو في لبنان، بسبب الخوف من الانعكاسات على بقاء نظام الأسد وموقف حزب الله (إسرائيل أيضًا ليست معنية بحرب واسعة)؛ من هنا فإن اللكمات اللفظية المتبادلة بين إسرائيل وبين إيران تلزم الطرفيْن بالحرص على أن تكون عملياتهما من جهة مؤلمة، وفي ذات الوقت مدروسة ومحسوبة لكي لا يقع التصعيد.

من جهة إيران؛ فالساحة المحتملة للرد على ما ينظر إليه على أنه “استفزاز إسرائيلي لا يُحتمل” هي الساحة الدولية، رغم أنها لا تخلو هي أيضًا من المخاطر والقيود، إسرائيل تعلمت من تجارب الماضي بخصوص استخدام إيران قدراتها وعناصرها الوكيلة لضرب الأهداف الإسرائيلية واليهودية في الخارج، وهي مستعدة لاحتمال ان تختار إيران أيضًا هذه المرة نفس الطريقة، والمرشحون الرئيسيون للتنفيذ هم رجال الحرس الثوري أنفسهم أو بالتعاون مع مقاولي التنفيذ من جهاز العمليات الخارجية التابعة لحزب الله، بل وربما بمساعدة عناصر شيعية محلية في مختلف الدول.

العمليات “الإرهابية” ضد الأهداف الإسرائيلية في الخارج أو ضد الأهداف المحسوبة عليها لها مزايا ونواقص بالنسبة لإيران، والقرار بهذا الشأن يُتخذ حسب التالي:

– هل عملية أو عمليات ضد إسرائيل أو اليهود في الخارج ستكون ردًا مناسبًا على الخسائر الكبيرة التي تكبدتها إيران في سوريا، وبالتالي يتحقق الالتزام الإيراني المعلن بالرد على إسرائيل انتقامًا؟

– إلى أي حد ستردع مثل هذه العملية إسرائيل عن استمرارها في مهاجمة التمركز الإيراني في سوريا؟

– ما هو احتمال تنفيذ عملية دون أن يضبط المنفذون أو مساعدوهم أو أن يتركوا آثارًا تقود إلى إيران؟

– هل من الممكن تحقيق هذا التوجه في مدة زمنية معقولة، بحيث يكون الربط بين العمليات الإسرائيلية والرد عليها واضحًا؟ هجوم فعال في الخارج يستلزم إنشاء بنية لوجستية وبشرية محلية وجمع الجهات الخارجية المنفذة، حتى وإن كانت هناك بنية أساسية فإن تأهيلها يستغرق وقتًا من أجل ضمان التنفيذ، وبالتالي منع ربطه بإيران وتجريمها. هجوم فعال يستوجب جمع معلومات استخبارية دقيقة ومستحدثة، سواء عن الأهداف التي يراد مهاجمتها أو عن الترتيبات الأمنية الإسرائيلية المشددة في حراسة ممثليها وممثلياتها في الخارج، كما ان على المخططين ان يأخذوا بالحسبان ان عناصر الأمن الإسرائيليين متأهبون، وسيما في الوقت الحالي؛ بل إنهم يحظون بالتعاون مع عناصر الأمن المحليين.

– كيف يمكن منع إحداث ضرر آخر في صورة إيران وعزلتها، وسيما في هذه الأيام، حيث تقود الولايات المتحدة معركة دولية لتسويد سيرتها كدولة تستخدم الخداع والحيل في المجال النووي، وكمن تقوم بدور مركزي في نشر “الإرهاب” الدولي؟ كشف تدخل إيران في عملية “إرهابية” على الساحة الدولية، سواء نفذتها بنفسها أو من خلال وكيل، من شأنه ان يدعم المسعى الأمريكي لفرض عقوبات عليها بسبب “الإرهاب”، ربما في إطار تحالف دولي، وربما أيضًا في السياق النووي. ليس لإيران مصلحة في تصعيب الأمور في وجه مجهود الدول الغربية لمنع انهيار الاتفاق النووي في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة منه.

– ساحة العملية: الحاجة إلى تقليص المخاطرة بالانكشاف وإلحاق ضرر دبلوماسي كبير بإيران يُتوقع ان يوجه المخططين للهجوم إلى منطقة من العالم فيها مخاطر حدوث ذلك قليلة نسبيًا، دول في افريقيا أو في جنوب شرق آسيا أو في أمريكا الوسطى والجنوبية تبدو أكثر مواءمة وفق هذا المنطق من الدول الغربية الرائدة (الولايات المتحدة أو الدول المركزية في أوروبا).

– شكل العمليات والتقدير بشأن عدد المصابين قدر ما كان الأمر خاضعًا للتقدير، انتقاء أسلوب العمل: هناك توتر بين الرغبة بتدفيع إسرائيل ثمنًا باهظًا وبين الخوف من الرد الإسرائيلي المباشر، وسيما من الرد الدولي الخطير، ردود الفعل هذه ستتأثر مباشرة بعدد الضحايا المباشرين وغير المباشرين نتيجة العملية، فعملية في طائرة ركاب هي عملية فيها احتمال حدوث قتل جماعي، وسيكون من شأنها ان تجعل إسرائيل ترد بطريقة أصعب وأقسى، وتجر إلى تصعيد كبير في عملياتها ضد إيران، وكذلك اثارة غضب دولي كبير، في المقابل فإن المساس المحدود بالممثلين أو الممثليات الإسرائيلية سيخلف توترًا على المستوى الثنائي إن لم يكن هناك الكثير من المصابين المحليين. لدى إيران طبعًا إمكانية تنفيذ عملية أو أكثر في أهداف يهودية محسوبة على إسرائيل أو في مواطنين وسياح إسرائيليين محصنين بطريقة أقل كثافة، الكثير من الشباب الإسرائيليين ممّن يخرجون في نزهات بعد الجيش في أمريكا اللاتينية وفي الشرق الأقصى قد يشكلون هدفًا جذابًا للضرب، بل والاختطاف؛ إذ ان إيران وحزب الله بالفعل يمكنهما تقديمهم على أنهم جنود إسرائيليون.

عليه، “الإرهاب” في الخارج هو أداة قتال تمتلكها إيران في الحالات التي يكون فيها المطلوب منها الرد من أجل الانتقام من إسرائيل، والتلميح برسائل ردع بطريقة تسمح لها بأن تنفي المسؤولية والتنصل منها. في السنوات الأخيرة، لوحظ لدى الشعب الإسرائيلي الميل لراحة الرأس من احتمال وقوع الضرر الكامن في “الإرهاب” من قبل إيران أو حزب الله، والذي مصدره الرد الإيراني الخفيف نسبيًا على المساس بعالمها النووي في السنوات الأخيرة (والمنسوبة إلى إسرائيل)، وفي رد حزب الله الفاشل على مقتل عماد مغنية في 2008؛ والذي على إثره وعد نصر الله برد فعل أقوى وفشل. إيران وحزب الله حاولا سوية تنفيذ حوالي 15 عملية في الخارج، ومن بين الكثير من العمليات نفذا عمليات استهدفت أهدافًا إسرائيلية في الهند وبلغاريا، لكن إيران ووكلاءها لم يكفوا عن محاولة المساس بإسرائيل خارج أراضيها؛ وهذه الحقيقة يجب ان تمثل أمام أعين من يميلون إلى إراحة رؤوسهم. التنفيذ غير المهني في بعض الحالات، ونجاح إسرائيل – بالتعاون مع العناصر الأمنية الأجنبية – في إحباط أغلب الهجمات التي أعدت ضدها؛ ليسوا ضمانًا لئلا تحسّن كلٌ من إيران وحزب الله عمليتهما في المستقبل حسب ميزان اعتباراتهما.

إسرائيل لم تنجح إلى الآن في ردع إيران وحزب الله عن استخدام الساحات الخارجية في عمليات الانتقام ومحاولات ردعها، عملية إيران الصغيرة نسبيًا على هذه الساحات نبعت بشكل أساس من ضبط النفس الذاتي في ظل احتمال التورط الدولي أو بسبب تفضيل ساحات عمل أخرى أكثر توفرًا، “الحساب المفتوح” خاصة حزب الله مع إسرائيل، والذي صرح به نصر الله بعد مقتل مغنية لم يغلق بعد. إضافة إلى ذلك، فقد انضمت إليه “حسابات أخرى” بسبب مقتل المسؤول في حزب الله، والآن أيضًا رجال الحرس الثوري الإيرانيين الذين أصيبوا بأيدي إسرائيل في سوريا؛ هذا كله من شأنه ان يقود إيران وحزب الله للعودة لاستخدام الساحات الخارجية، حيث يُتوقع هذه المرة ان تحرص إيران على تنفيذ مهني وأكثر فاعلية، واختيار ساحات مريحة نسبيًا للعمل ويكون خطر إحباطها فيها والضرر الناتج عن كشف تورطها قليلًا.

في هذه المرحلة، من غير الواضح فيما إذا كانت إيران ستكتفي بمجهودات المساس بإسرائيل على ساحة القتال في سوريا أم أنها ستقرر أن تضيف إليها ساحات أخرى على الحدود الإسرائيلية، وربما غير ذلك. على كل حال، يبدو ان المواجهة الجبهوية الحالية مع إسرائيل ستقود إيران إلى تحديث قدرتها على تنفيذ عمليات “إرهابية” في الخارج لكي يكون لديها إذا ما قررت الذهاب نحو هذه الخطوة بنية وقدرات تشغيلية أكثر جودة من تلك التي أظهرتها هي وحزب الله في السنوات الأخيرة.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى