يوآف ليمور يكتب / كعمق الهزة – عمق الفرصة للاصلاح
إسرائيل اليوم – بقلم يوآف ليمور – 9/11/2018
من الصعب ايجاد كلمات دراماتيكية تكفي لوصف ملف 3000، الا وهو قضية الغواصات. ومع ان توصيات الشرطة هي مجرد توصيات كما تسمى، الا ان ما انكشف من القضية وعرف منها حتى الان حتى استنادا الى تحقيقات الشرطة، فان هذه ليست فقط ملف الفساد الامني الاخطر في تاريخ الدولة بل هزة ارضية يفترض بها أن تهز كل من تعز دولة اسرائيل على قلبه.
في لباب القضية، كما تفيد نتائج تحقيق الشرطة، مجموعة من كبار المسؤولين، الواصلين وذوي العلاقات ممن عملوا انطلاقا من جشع المال من أجل التأثير على القرارات التي يفترض بها أن تتخذ فقط وحصريا من دوافع مهنية وموضوعية. حاولوا الان ان تقنعوا أم المسؤول عن الناظور في الغواصة (او أم رجل الدبابة، المدفعية وفي الواقع كل مقاتل آخر) بان الادارة التي تخدم ابنها اشتريت لانها حيوية وضرورية وليس لان احدا ما نزع منها مكسبا على الطريق.
وهذا بايجاز هو اساس الضرر: المس بثقة الجمهور في المنظومة. المعرفة بان كل شيء للبيع، وعلى كل شيء يمكن التحايل، وانه لم يعد هناك اي شيء مقدس. ولا حتى صفقات السلاح الاكثر حساسية. وانه في نهاية كل “ذراع استراتيجي” يوجد وسيط استراتيجي يستفيد فائدة استراتيجية ويفيد مقربيه الاستراتيجيين وان كل المتبقين يمكنهم ان يغرقوا في الغواصات. كل شيء بالطبع ظاهرا ووفقا للاشتباه حتى رفع لوائح اتهام وادانة، اذا ما وعندما.
المأساة هي ان الغواصات ضرورية حقا. والغواصات التي اشتراها الجيش الاسرائيلي هي حقا الافضل في العالم، وبالتأكيد هي الاكثر ملاءمة لسلاح البحرية. وربما ايضا السفن التي اشتريت كي تدافع عن المياه الاقتصادية هي الاكثر ملاءمة. ولكن من اللحظة التي تلوثت فيها المسيرة – ولا شك انها تلوثت – فان القرارات باتت موضع شك؛ ولن يجدي نفعا ان نعرف ان من اتخذها – في الجيش الاسرائيلي، في وزارة الدفاع، في الكابنت – ليسوا مشبوهين في شيء: يتبين انه كان هناك من استخدموهم كدمى الخيوط.
مثلما في كل قضية، في هذه ايضا توجد جوانب ايجابية، مثلا حقيقة انه رغم تحذيرات حكومة المانيا المسبقة بانها ستلغي الصفقة اذا ما تبين بانها مصابة بالفساد الجنائي، فانها لا تسارع الى عمل ذلك. او حقيقة أن التحقيق أظهر بانه لا يشتبه باي جهة في الجيش الاسرائيلي بشيء: هذا يعني انه رغم المال الكبير، يوجد للناس ضمائر واخلاق ومنطق سليم. وكذا حقيقة ان رئيس الورزاء بقي خارج دائرة الشبهات: الويل للدولة لو انه تبين فيها خلاف ذلك.
ولا يزال فان حقيقة ان اناسا على هذا المستوى الرفيع، في الاماكن الحساسة بهذا القدر، كانوا مشاركين يجب ان تقض مضاجع كل مواطن، بما في ذلك ذاك الذي يجلس في مكتب رئيس الوزراء. وهي بالتأكيد تستوجب ان يعقد الكابنت على الفور لان يقرر قواعد واضحة للرقابة ورفع التقارير واعطاء صلاحيات اكثر تماسكا للجنة الفرعية للتسلح والمشتريات في لجنة الخارجية والامن في الكنيست، وفحصا جذريا لمن يتوسطون هنا ومجالات للتأكيد بانه لا توجد نماذج من نوع ميكي غانور يلعبون بقدس الاقداس، والحرص الاشد في الجيش بان مسؤولين صادقين فيه لا يتجولون في الاروقة يؤثروا على اتخاذ القرارات.
يجب على الاصلاح ان يكون شاملا، فهذه مصلحة الحكومة ورئيسها، مصلحة جهاز الامن ورئيسه. لا يدور الحديث عن موضوع جنائي فقط إذ محظور ان ينظر الى كل شيء من زاوية الادلة فقط: فهناك قيم، ونظام سليم، وسلوك مناسب ومنطق صحي – جملة من الامور التي غابت في القضية الحالية، ويجب ان ترافق المنظومات في كل قرار مشابه في المستقبل.
“فلتعلم كل أم عبرية” تصرخ الجملة الشهيرة التي قالها بن غوريون. والامور صحيحة ليس فقط للقيادة العسكرية بل وايضا للقيادة المدنية. قضية الغواصات هي فرصة لعلاج جذري. في اجزائها الجنائية يعالجها الجهاز القضائي ولكن سيكون من الصحيح الاستعانة بها لاحداث اعادة ترتيب للقطاع العام بشكل عام، بحيث يشغل بقدر اقل محققي الشرطة وصفحات الجنايات في الصحافة