يوآف ليمور يكتب – حدث مغير للواقع
اسرائيل اليوم – بقلم يوآف ليمور – 18/10/2018
الصاروخ الذي اصاب المنزل في بئر السبع هو حدث مغير للواقع يستوجب من اسرائيل وحماس اتخاذ قرارات حاسمة في اي اتجاه تسيران بعد الان. فحقيقة أن سكان البيت انهوا ليلتهم وهم على قيد الحياة، بفضل يقظة الام، هي موضوع للمعجزات او لكراس الارشاد للسلوك المناسب الذي اصدرته قيادة الجبهة الداخلية. اما عمليا، فيفترض ان تكون عديمة الاهمية. ففي سلاح الجو درج على استخدام الاصطلاح المتشدد “كاد يصاب” على احداث وقعت ولم تنتهي بحادثة او بمصيبة: هكذا فقط سيكون ممكنا التعلم، التحقيق واستخلاص الدروس منعا للاحداث المشابهة في المستقبل..
هذا هو السبيل الذي ينبغي من خلاله ايضا فحص اصابة الصاروخ في بئر السبع: وكأنه قتل. هكذا فقط تمنع اسرائيل الصاروخ التالي، الذي من شأنه ان يقتل. لنضع للحظة جانبا موضوع الاستخبارات لماذا لم يقدر احد بانه ستطلق صواريخ الى قلب اسرائيل. ولكن السؤال المقلق هو سؤال آخر. فقد نصب الصاروخان مسبقا وهما موجهان للاصابة – الاول في بئر السبع والثاني في مدينة في وسط البلاد. ويفترض بحماس ان تحافظ كما ينبغي على صواريخها، وبالتأكيد على تلك التي تعد استراتيجية. واذا لم تكن فعلت ذلك (ويبدو أنها كذلك)، فانه واحد من اثنين: إما ان تكون غلطة النظر بالغمز، الامر الذي يبدو انه لم يحصل، او أنها لا تتحكم برجالها.
هذه وضعية مقلقة، لان فرضية السياقات الجارية في الاشهر الاخير حيال غزة هي ان حماس هي رب البيت الحصري. اذا اراد تتصاعد النار، واذا اراد تنخفض. اما الحدث الاخير فمن شأنه ان يفيد بان حماس تفقد السيطرة؛ واذا كان كذلك – المعضلة الاسرائيلية تصبح ظاهرا اسهل، لانه لن يكون هناك من يعتمد عليه لتنفيذ الاتفاقات المستقبلية اذا ما تم التوصل اليها.
ان السبيل الى فحص ذلك هو في الميدان. امام اسرائيل كانت امس ثلاث امكانيات للرد: الاولى، مهما تبدو سيئة، فهي الا تعمل شيئا: ان تواصل الوضع القائم والامل بالخير.
الثانية، اشكالية ولكنها تحظى بمزيد فمزيد من التأييد (وبالاساس من جانب وزير الدفاع، ولكن ايضا من وزراء آخرين ومسؤولين كبار في الجيش الاسرائيلي)، وهي الخروج الى معركة واسعة تغير الوضع حيال غزة.
الثالثة، التي تبدو كمفضلة على رئيس الوزراء، هي محاولة تغيير الوضع بوسائل اخرى – دبلوماسية في اساسها.
حماس، كما تعطي الانطباع، تستعد للخيار الثاني ولكنها تفضل الثالث. فقد فوجئت من الغاء وصول رئيس المخابرات المصرية (بناء على طلب اسرائيل)، ونقلت جملة رسائل بانها ستعمل على التهدئة. على اسرائيل أن تضع امامها الاختبار الوحيد الهام: اختبار النتيجة. ان تطالب بوقف تام للارهاب على الجدار بما في ذلك الطائرات الورقية والبالونات. واذا التزمت حماس بذلك على مدى الزمن، فسيكون ممكنا الحديث عن عما سيأتي – تسهيلات انسانية، فتح معابر وغيرها.
مثل هذه الخطوة ستنقل المعضلة الى غزة. اذا اختارت حماس الحرب، فانها ستعد مذنبة في بدئها بخلاف كل الاتفاقات المتحققة، وستفقد مسبقا تأييد مصر والدول العربية. البديل من ناحيتها هو ابتلاع الضفدع وطأطأة الرأس – كي لا تفقد الراس. هذا هو الخط الذي يتصدره في هذه اللحظة السنوار، مع نجمة: قتلى كثيرين في غزة سيلزموه برد من شأنه ان يجر سلسلة نهايتها التصعيد.
في الماضي فضلت اسرائيل ان تبدأ الحملات بخطوة بدء مفاجئة، خطوة تعطيها تفوقا من اللحظة الاولى. وفي ظل التأهب العالي في القطاع سيكون من الصعب انتاج مثل هذه الخطوة الان، مما يعني ان الحملة – اذا ما قررتها اسرائيل – من شأنها ان تراوح في المكان، ان تستمر لزمن ما، وان تنجر الى الشتاء، وبالطبع ايضا تسفر عن مصابين كثيرين، في الجبهة الداخلية وفي الجبهة مما سيجر انتقادا على خلفية الميل الجماهيري الطبيعي لتحويل التأييد للحرب الى نقد على خطواتها.
هذه معضلة غير بسيطة للقيادة السياسية لسنة الانتخابات. فوقوع قتلى في بئر السبع كان سيستوجب قرارا من نوع واضح جدا؛ فلو أن المجندة التي تجلس في غرفة قيادة الجبهة الداخلية وتتابع الصواريخ قررت تشغيل الصافرات في غوش دان (لم تفعل ذلك لان الرادار حسب بان الصاروخ سيسقط في البحر) لكان من المعقول ان نكون استيقظنا امس الى صباح آخر. الدرس هو انه من غير المناسب ان تتخذ القرارات اضطرارا بل اختيارا. هذا لا يزال ممكنا، ولكن يخيل أن ساعة الزمن تنفد بسرعة.