ترجمات عبرية

يوآف ليمور / تجربة ليبرمان العسكرية

إسرائيل اليوم – بقلم  يوآف ليمور – 17/8/2018

من الصعب أن نفهم  العاصفة السياسية التي نشبت هذا الاسبوع في موضوع غزة، وكأن الحديث يدور عن اكتشاف علمي صاخب: فمنذ اشهر وعناوين الصحف تمتلىء بالمنشورات عن اتصالات بين اسرائيل وحماس غايتها اعادة الهدوء الى منطقة الجنوب. وعلى مدى كل هذا الزمن كان واضحا بان حماس لا تريد المعركة ولكنها قد تنجر اليها اذا لم تنجح في ان تحقق بشرى انسانية ما لسكان القطاع. اسرائيل هي الاخرى لم ترغب في المعركة. وقد اوضح هذا حتى النهاية في ما يكفي من المداولات في الكابينت، حيث  توفرت الامكانية لتغيير الاتجاه. يمكن لنا ان نجادل فيما اذا كان هذا منطقيا وهل هو استسلام. فتحت السياسة التي عرفت بصراحة بان المصلحة الاسرائيلية هي اعادة الهدوء الى الجنوب، فان حقيقة ان هذا حصل (على ما يبدو) دون معركة – اي دون قتلى وضرر – هو انجاز.

لا أساس للادعاءات بان حماس  انتصرت: فالوضع في غزة اسوأ مليون ضعف مما في اسرائيل، سيبقى كذلك غدا أيضا مع أو بدون ساعتين اخريين من الكهرباء. كما أنه لا اساس للادعاءات بان حماس ستتسلح الان وستصبح تهديدا استراتيجيا؛ فقدراتها كانت وستبقى محدودة، وهي بالتأكيد لا تقف في اي توازن مقابل قدرات الجيش الاسرائيلي.

اذا كان لحماس انجاز واحد، فهو ليس  في رفع الحصار عن القطاع بل بالذات في غدوها شرعية. حتى الان كان ابو مازن هو صاحب السيادة الرسمية في القطاع ايضا: معه تحدثوا، وعبره عملوا. اما الان فتعترف حماس – ومعها مصر، الامم المتحدة وكل جهة اخرى تشارك في الامر ايضا – بان حماس هي العنوان.

مثلما في كل أمر، في هذا الامر ايضا توجد فضائل وتوجد نواقص. ابو مازن ضعيف ليس جيدا لاسرائيل، وحماس قوية بالتأكيد ليست جيدة لها. بالمقابل، فانها تصبح هشة اكثر – سياسيا، اقتصاديا وعسكريا. فهذا سيعمق فقط الردع حيالها لانه سيكون لديها الكثير مما ستخسره، وضمنيا – سيبعد الحرب التالية.

مسألة تجربة

يئير غولان لن يكون رئيس الاركان التالي. رسما هذا لم يحسم بعد، ولكن احتمال أن يحصل هذا صفري. غولان يفهم هذا، وليس من اليوم، ولهذا خرج قبل بضعة اشهر الى اجازة تسريح معناها – أنا في الطريق الى البيت. اذا اردتموني، فأستدعى الى العلم واعود.

ليس مؤكدا ان غولان هو رئيس  الاركان المثالي للجيش الاسرائيلي في هذا الوقت. كما ليس مؤكدا أنه ليس كذلك. والاختبار الذي يسعى وزير الدفاع الى انتهاجه – من سيقود الجيش في الحرب بالشكل الافضل – هو اختبار اشكالي جدا. اولا، لان الجيش الاسرائيلي ينفذ تعليمات القيادة السياسية، ودور رئيس الاركان يتقرر من جودة القرارات التي يتخذها وزير الدفاع والحكومة. ثانيا، لا يوجد مختبر يمكنه أن يدخل كل المرشحين الاربعة الى تجربة ليخرج نتيجة واضحة في النهاية. وثالثا، لان دور رئيس الاركان في الحياة العادية معقد اكثر بأضعاف مما في الطواريء.

ومع ذلك، هناك شيء واحد يمكن أن يعطي مؤشرا واحدا على ما هو متوقع في المستقبل: التجربة. ما فعله كل واحد من  المرشحين يحيث يصل الى منصب رئيس الاركان ناضجا بما فيه الكفاية. في هذا الجانب (وليس فيه فقط)، للواء افيف كوخافي تفوق واضح على المرشحين الاخرين. ليس فقط تجربته في الميدان – في لبنان، كقائد كتيبة ولواء، في الضفة كقائد لواء نظامي في السور الواقي، في غزة كقائد فرقة، في الشمال كقائد منطقة – بل وايضا سجله في هيئة الاركان، كرئيس شعبة العمليات، كرئيس شعبة الاستخبارات وكنائب رئيس الاركان، مما يجعله المرشح الطبيعي للمنصب.

غولان هو الثاني من ناحية التجربة. لواء في لبنان (منصب اصيب في اثنائه) وكذا لواء نظامي، قيادة على فرقتين (الجليل والضفة) على قيادتي منطقة (الداخلية والشمال) ونائب رئيس الاركان. بعده نيتسان الون وايال زمير، ولكليهما نقص في السجل ولا سيما في منصب نائب رئيس الاركان – مدير عام الجيش عمليا، ودرجة ضرورية في الطريق لرئاسة الاركان حتى الان – وتنقص ايضا الاقدمية، وهي موضوع ذو وزن في الجهاز المراتبي.

التخوف: قادة جبناء

في لقاءاته مع المرشحين الاربعة سألهم ليبرمان عن رأيهم في جملة من المواضيع. الشمال وغزة، خطط التسلح، مبنى الجيش. في مثل هذه المقابلات يوجد تناقض بنيوي. فالسبيل السهل هو ان تقول للوزير ما يريد أن يسمعه، فتحسن فرصك في النجاح. اما السبيل المناسب – ويدور الحديث عن ضباط، اي ان واجبهم هو للعلم والوطن – فهو ان يقولوا الحقيقة المهنية والتورط بالتالي في أن يعتبروا اشكاليين.

ما يعيدنا الى غولان. يمكن الاختلاف مع ما قاله في الخطاب الشهير عشية يوم الكارثة، ويمكن الاتفاق معه. والرأيان شرعيان. ما ليس شرعيا هو أن تدار حوله حملة تحريض بشعة وحقيرة تقوم على اساس الاكاذيب، كجزء من نزع الشرعية الرامية الى ردعه وردع غيره من الحديث. هذه ستكون مأساة، ليس أقل، وليس فقط لانها ستخلق قادة جبناء. الخطوة التالية ستكون ان يخاف الضباط في أن يقولوا رأيهم حتى في المسائل المهنية، خوفا من أن ترتكب بحقهم عملية فتك جماهيرية اذا ما عارضوا مثلا احتلال غزة او لبنان.

الجيش الاسرائيلي هو جيش الشعب. قادته هم مربون ايضا وكجزء من ذلك فانهم يحافظون على القيم. لا يمكن الادعاء بان الجيش الاسرائيلي هو الجيش الاكثر اخلاقية في العالم، وفي نفس الوقت ان نسد الفم لقادته. فليس من حق الضباط ان يتكلموا فقط، بل هذا يجب ان يكون واجبهم. الديمقراطية هنا قوية بما يكفي لمواجهة اقوال قاسية ايضا.

خير فعل وزير الدفاع حين وقف دفاعا عن غولان. خسارة أن زملاءه الوزراء لم يفعلوا مثله واختاروا الصمت. يستحق غولان حمايتهم ليس فقط لسجله بل وايضا لانه كان محقا. اما الاداء بانه يفضل حياة الفلسطينيين على حياة الاسرائيليين فهو هراء، وبحث قصير على غوغل كان سيبين بانه كاد يلقى به من الجيش بعد ان أقر حين كان قائدا لفرقة الضفة تنفيذ “اجراء الجار” في خلاف صريح لقرار المحكمة العليا وذلك كي يحمي حياة جنوده.

ولكن غولان ليس وحيدا. من خلف الكواليس يخطط البعض لما لا يقل عن حملتين بشعتين اخريين: ضد كوخافي عن اختطاف جلعاد شاليط في ورديته كقائد فرقة غزة وضد الون في ظل تكرار الادعاءات القديمة بان زوجته يسارية. فليس لمن يحاول التخويف او التأثير كوابح: بعدهم الطوفان. لا يهمهم ان يطوروا ضباطا جبناء وان يفهم قادة آخرون الرسالة فيفضلوا الا يربطوا مصيرهم بخدمة الدولة.

دور القيادة السياسية هي أن يوقفوا هذا، فيقرروا بسرعة تعيين رئيس الاركان فيوقفوا رقصة الشيطان التي تضر بالضبط، بالجيش وبالدولة.

خير يفعل ليبرمان اذا ما اعلن على الفور من هو مرشحه. اما أي تأخير اضافي فسيدخل المنظومة في حالة معمعان ويضمن ان من سينتخب سيدخل الى منصبه دون اجماع واسع. فالدعم الجماهيري للجيش وقائده هام للانتصار في الحرب بقدر لا يقل عن هوية رئيس الاركان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى