يديعوت 13/3/2012 يراوحون في المكان.. يتحدثون ويطلقون النار../
من اليكس فيشمان
ليلة أمس طرأت انعطافة دراماتيكية في المحاولات لانهاء القتال في القطاع: فقد دخل المصريون، بكامل القوة، الى الصورة وبدأوا يمارسون روافع الضغط التي لديهم على حماس، بما في ذلك التهديد الاقتصادي الذي يعني اطفاء الكهرباء في القطاع. ولكن توجد مشكلة واحدة صغيرة فقط: المصريون يعملون حيال حماس وليس حيال قيادة الجهاد الاسلامي. وحتى لو اقتنعت حماس بالتعاون، وحتى لو وافقت اسرائيل على وقف النار، فلا توجد أي ثقة في ان تقبل الجهاد الاسلامي الاملاء المصري.
هذه الانعطافة – حتى وإن بدت أكثر جدية – هي حلقة اخرى في سلسلة الجهود السياسية التي فشلت في اليومين الاخيرين. في عالم الرياضة يسمون المرحلة الحالية في جولة العنف حيال غزة “بالوقت الضائع” أو المراوحة في المكان انتظارا لأن ينتهي الامر.
حتى ليلة أمس لم يتحرك شيء. المبعوث الاسرائيلي المحامي اسحق مولخو كان يفترض أن يصل الى القاهرة امس – ولم يصل. المحادثات التي أدارها اللواء احتياط عاموس جلعاد ورئيس شعبة التخطيط اللواء أمير ايشل مع قادة المخابرات المصرية وصفت كمحادثات جد هامة لتهدئة الوضع، ولكنها هي أيضا مرت من فوق راس الجهاد الاسلامي. هذه المنظمة تتلقى التعليمات من قيادتها الرئيسة في دمشق ومن السيد في طهران. لاسرائيل، لمصر وحتى لحماس لا توجد حقا روافع ضغط مباشرة على الجهاد الاسلامي باستثناء استخدام القوة. المحادثات التي ادارها حماس حتى الان مع قادة الجهاد في غزة لم تؤثر حقا. ناهيك عن ان القيادات في الخارج أمرت الجهاد الاسلامي في القطاع صراحة: لا يمكنكم أن تنهوا هذه المواجهة مع النتائج التي تمليها اسرائيل. الى أن تكون جثث اسرائيليين في الشوارع وهستيريا في الرأي العام الاسرائيلي – فانكم لا تتوقفون.
منذ عدة سنوات والايرانيين يعدون الجهاد الاسلامي لايام طويلة من القتال مع قدرة على اطلاق الصواريخ الى العمق الاسرائيلي بصليات ولزمن طويل. وبالفعل، فاليوم تنشأ الجولة الاعنف التي ادارتها غزة حيال اسرائيل في غضون وقت قصير. لسوء حظهم، فان هذا الهجوم الوحشي يجد الجبهة الاسرائيلية الداخلية والجيش الاسرائيلي أكثر استعدادا من أي وقت مضى ولهذا فان نتائجه، حاليا، بائسة ومحبطة من ناحيتهم.
اقتراحات وقف النار التي نقلتها اسرائيل في اليومين الاخيرين لحماس – من خلال رجال المخابرات المصرية – ردت باحتقار. ولكن المصريين واصلوا التفاؤل. وذلك لانهم يملكون ورقة اقتصادية هامة: غزة متعلقة، تماما، بتوريد الطاقة من مصر. فاذا لم تنزل حماس عن الجدار، ولم تجبر الجهاد الاسلامي على وقف النار؟ فلن يكون سولار وغزة ستدخل في ظلام دامس. فضلا عن ذلك، فقد وضع المصريون خطة، بالتعاون مع حماس، لاقامة خطوط كهرباء في غزة في غضون سنة ونصف وخطة لاصلاح المولدات. واذا لم تطع حماس؟ مصر لن تسارع الى تنفيذ دورها في الخطة. هذا هو السوط الذي في يد المصريين.
لحماس توجد مصلحة في انهاء القصة حتى دون الضغط المصري. قتال الجهاد الاسلامي وحده يعرض حماس كأداة فارغة في نظر الشارع الفلسطيني، كعميل تقريبا للسلطة الفلسطينية الخائنة في رام الله. اما الجهاد الاسلامي فتعد حامية للشعب وتأخذ على عاتقها الدور التقليدي لحماس. ويؤمن المصريون بانه مع مزيد من الاقناع ومزيد من المرونة الاسرائيلية ستصحو حماس في غضون فترة زمنية قصيرة وتجد الطريق الى لجم الجهاد.
اسرائيل من جهتها حاولت منذ أمس الاشارة الى استعدادها لوقف النار وخفضت كمية الهجمات الجوية على القطاع. ولكن هذه كانت محاولة عابثة. صحيح أنه كانت بضع ساعات من الهدوء النسبي في نار الصواريخ وكان لاسرائيل للحظة احساس بان الاشارات العسكرية تفعل فعلها. ولكن ما أن مرت الظهيرة – مثل أول أمس – حتى انقلب كل شيء مرة اخرى. في الليل احصوا الصواريخ التي اطلقت ومرة اخرى تمسكوا ببارقة التفاؤل: ربما مع ذلك تكون منظمة الجهاد الاسلامي قد تخلت عن الثأر في الجولة الحالية وهي ناضجة لوقف النار.
أحد الاستنتاجات الاسرائيلية من ايام القتال الاربعة الاخيرة هي أن حماس التي هي الجهة الحاكمة في القطاع والجهة الوحيدة التي يمكن لاسرائيل أن تضغط عليها هناك، لا تشعر بالضغط حقا. والسبب: من يتضرر من هجمات سلاح الجو هم أساسا المسلحون. السكان في غزة تقريبا لم يصابوا بأذى. بحيث أنه لا يوجد على حكم حماس ضغط من جهة الشارع. نشأ وضع من المفارقة يلزم اسرائيل ظاهرا بعملية أكثر عدوانية وأقل جراحية. تشديد الضغط العسكري سيزيد على أي حال، من معاناة الشارع وفي اعقاب ذلك الضغط على حكم حماس للقيام بعمل ما.
ولكننا لا نزال في عصر الوقت الضائع، ولا نزال نعطي المصريين وقتا محدودا لاحلال وقف للنار. الجميع ينبشون في هذا المعمعان: الاوروبيين، الامريكيين وحتى الاردنيين. واذا لم يجلب المصريون البضاعة، ففي الجيش الاسرائيلي ينتظرون أمر القيادة السياسية للانتقال الى المرحلة التالية، الاكثر عنفا. الادوات للمرحلة التالية جاهزة منذ الان والجميع يأملون الا نضطر الى استخدامها.