يديعوت: يُنصح بأن تعتمد الاستراتيجية الإسرائيلية في غزة على “النموذج اللبناني”

يديعوت 5/10/2025، ميخائيل ميلشتاين: يُنصح بأن تعتمد الاستراتيجية الإسرائيلية في غزة على “النموذج اللبناني”
ربما يُمثل إعلان ترامب قبوله رد حماس على “خطة الـ 21 نقطة” بداية نهاية حرب “السيوف الحديدية”، التي ستُكمل عامها الثاني غدًا. لقد أعطى ترامب الضوء الأخضر لرد حماس، رغم أنه لا يتوافق مع المطالب التي طرحها مع نتنياهو الأسبوع الماضي، ولا سيما أنه يُثير غموضًا في سياق مطلب تجريد القطاع ونزع سلاح الحركة. وكما هو الحال مع وقف إطلاق النار الذي فرضه على نتنياهو قبل نحو عام، يُثبت ترامب هذه المرة أيضًا أنه صاحب القرار النهائي في مسألة حرب غزة، حتى لو لم يكن ذلك متوافقًا مع مواقف الحكومة الإسرائيلية.
لا تختلف خطة ترامب في صيغتها الحالية اختلافًا جوهريًا عن خطة بايدن (التي صاغها نتنياهو)، والمبادرة المصرية، ومخطط ويتكوف. بالطبع، رحّبت حماس بالسعي لإنهاء الحرب، ووافقت على إطلاق سراح جميع المخطوفين وتشكيل حكومة فلسطينية في القطاع لا تُشارك فيها، لكنها أعربت عن معارضتها لتدخل هيئة دولية في القطاع، وأوضحت أن مسألة نزع السلاح بحاجة إلى توضيح (مع الإشارة إلى موافقتها على التخلي عن “الأسلحة الهجومية”، في إشارة إلى منظومة الصواريخ التي كادت تُدمر على أي حال)، وطالبت بتوضيحات بشأن خطة الانسحاب الإسرائيلي ومواعيده، بالإضافة إلى ضمانات بعدم عودة إسرائيل إلى القتال كما فعلت في 18 آذار من هذا العام.
في ظل الظروف الجديدة، من المرجح أن تسعى حماس لأن تصبح بمثابة “حزب الله غزة”. رسميًا، لن تتولى منصبًا قياديًا ولن تشارك في الحكومة المحلية، لكنها ستسعى خلف الكواليس للحفاظ على نفوذها في القطاع: الاستمرار في الحفاظ على قوة عسكرية، حتى لو كانت محدودة (مجهزة أساسًا بأسلحة خفيفة)، وممارسة نشاط سياسي وتنظيم مدني متفرع. سيُشكّل هذا واقعًا صعبًا على إسرائيل، يتطلب ليس فقط مراقبة دقيقة، بل أيضًا تخطيطًا معمقًا لكيفية اقتلاع خطر حماس من جذوره في المستقبل، وهذه المرة بطريقة رصينة وبمبادرة إسرائيلية، والتي يُوصى بأن تكون مصحوبة بإجماع محلي وشرعية دولية – وهي غير موجودة حاليًا.
يبدو أن قطر لعبت دورًا محوريًا في إقناع ترامب بالاتفاق بشكل عام، وفي تلقي رد حماس بشكل خاص. يُضاف هذا إلى الإنجازات التي حققتها الدوحة عقب الهجوم الإسرائيلي على أراضيها، وأبرزها توقيع اتفاقية دفاع استراتيجي مع واشنطن، وانتزاع اعتذار من نتنياهو، مما يُظهر أن تأثيرها على الرئيس الأمريكي لا يقل عن تأثير نتنياهو. وهكذا، يُمثل الهجوم على الدوحة منعطفًا دراماتيكيًا في الحرب. بعد ذلك، ازداد الضغط العربي على واشنطن لإنهاء الصراع، وعززت قطر مكانتها في نظر الولايات المتحدة، على عكس ما كان يأمله نتنياهو. في مثل هذا الوضع، من غير المؤكد إلى أي مدى يُمكن تحقيق رغبة إسرائيل في عدم دمج الدوحة في غزة في اليوم التالي، على الأقل بشكل كامل.
إن الواقع الذي ظهر في اليومين الماضيين يوضح أن إسرائيل قد اتخذت منعطفًا كبيرًا ومؤلمًا وصعبًا لمدة ستة أشهر (منذ عودتها إلى القتال) لتكتشف أنها عادت إلى نفس المعضلة بين خيارين عند مفترق طرق استراتيجي، حيث يتعين عليها اختيار أهون الشرين: إما احتلال كامل للقطاع والبقاء في المنطقة دون حد زمني، مع دفع ثمن باهظ ودون إطلاق سراح الرهائن، أو صفقة ستكون مصحوبة أيضًا بثمن باهظ، وفي المقام الأول إنهاء الحرب والانسحاب من القطاع وإطلاق سراح الإرهابيين، ولكنها قد تكون أفضل من احتلال غير محدد المدة لغزة، والأهم من ذلك – ستسمح بعودة الرهائن. في تحركاته الأخيرة، يبدو أن ترامب يتخذ الخيار لإسرائيل: إعطاء الأولوية لصفقة، حتى لو تميزت بثغرات، ووقف مؤقت وربما طويل الأمد للجهد العسكري في القطاع.
رغم المحادثات المقرر انطلاقها اليوم في القاهرة وتصريحات ترامب، لا يزال الطريق إلى اتفاقٍ مليء بالعقبات، وليس من المؤكد التوصل إليه في نهاية المطاف. أولًا، خفت حدة الاشتباكات على الأرض، لكنها لم تتوقف، وإذا وقعت هجمات خطيرة، وخاصةً محاولات اختطاف جنود، فمن المرجح أن يتطور تصعيدٌ سريع. ثانيًا، ليس من الواضح إطلاقًا ما إذا كان الطرفان سيتوصلان إلى اتفاقات، وخاصةً بشأن مسألة الأسلحة، الأمر الذي يتطلب تدخل ترامب، وربما حتى تطبيقًا حازمًا. ثالثًا، يكتنف الضباب آلية تنفيذ الاتفاق، لا سيما في سياق خطة إعادة الرهائن، وطبيعة الحكومة المستقبلية في غزة وقدرتها على التعامل مع حماس، بالإضافة إلى حرية عمل إسرائيل المستقبلية في القطاع. يُنصح بأن تعتمد الاستراتيجية الإسرائيلية في ظل الواقع الناشئ على مزيج من “النموذج اللبناني”، أي التصدي لأي تحدٍّ ناشئ رغم وقف إطلاق النار، وتطبيق رقابة دولية صارمة، بهدف تشكيل حكومة محلية جديدة في قطاع غزة ترتبط بالسلطة الفلسطينية. هذا الكيان، وإن كان سيواجه صعوبة في أن يكون عنوانًا فعالًا، إلا أنه أفضل من حكم عسكري إسرائيلي، أو حكم حماس، أو “الصوملة” التي قد تتطور في ظل الإصرار على تنمية الميليشيات والعصابات والعشائر كبديل ظاهري لحكومة حماس.
من منظور إسرائيلي داخلي، فإن نهاية الحرب سوف تسمح بالتعامل مع القضايا الحرجة التي تم تهميشها في العامين الماضيين: بدءاً من لجنة تحقيق حكومية في جذور المؤامرة وفشل السابع من أكتوبر، من خلال تسليط الضوء على المشاكل الأساسية التي تم الكشف عنها في الحرب، مثل العلاقة بين الدولة والحريديم والتجنيد في جيش الدفاع الإسرائيلي، وانتهاءً بعملية الإصلاح والشفاء التي تعتبر ضرورية للغاية لمجتمع كان على قطار جبال من حرب مستمرة بلا هوادة لمدة عامين، ولم يهضم صدمة السابع من أكتوبر، ويحتاج إلى إعادة صياغة رؤيته وأهدافه الاستراتيجية، ويفضل أن يكون ذلك مع تغيير القيادة.