ترجمات عبرية

يديعوت – نصف سنة على حارس الاسوار هدوء قصير،  ضرر  طويل

يديعوت– بقلم  ميخائيل ميلشتاين- 11/11/2021

” على غياب الحسم تحاول اسرائيل أن تغطي بواسطة “السلام الاقتصادي”، والذي كما اسلفنا يوفر هدوء بالمدى القصير ولكنه ينطوي على ضرر في المدى البعيد: في الحالة الغزية، كما اسلفنا، في شكل تحول حماس الى حقيقة قائمة والى تهديد متعاظم، وفي الضفة – في شكل سير متواصل، غير واعٍ وغير مخطط نحو واقع الدولة الواحدة”.

بعد نصف سنة من حملة “حارس  الاسوار” يسود في قطاع غزة هدوء نسبي، يشبه جدا ذاك الذي كان قائما في المنطقة الى أن فتحت حركة حماس المعركة في 10 ايار في اعقاب التوتر في القدس، وهكذا خرقت بشكل فظ التسوية التي كانت قائمة بين الطرفين حتى ذلك الحين. يحل محل التسوية القديمة اليوم تسوية جديدة في اساسها  خطوات مدنية غير مسبوقة تعمل اسرائيل عليها تجاه القطاع بما فيها التوسيع الكبير لحجم البضائع وعدد العمال الذين يخرجون الى اسرائيل وازالة الموانع عن التصدير والاستيراد. وبالتالي فان حماس استعادت الى نفسها عموم الذخائر التي فقدتها في اعقاب المواجهة بل وحققت انجازات لم تكن لديها حتى قبل نصف سنة. 

تسجل اسرائيل ظاهرا انجازا في شكل هدوء طويل، ولكنها لم تنجح في تحقيق معظم الاهداف الاستراتيجية التي وضعتها مع نهاية المعركة ووعدها بان يطرأ تغيير جذري في قواعد اللعب بينها وبين حماس. عمليا، تواصل الحركة السيطرة في المنطقة بل  وان قبضتها عليها تتعزز بفضل التحسن في الوضع الاقتصادي؛ نفوذ السلطة في القطاع يتقلص بالتدريج؛ وقطر – جهة اشكالية من اساسها – تواصل لعب دور اساس وتشكل الجهة الخارجية الاكثر تأثيرا الى جانب مصر، على الواقع الغزي. 

ان التسوية الجديدة –القديمة في القطاع تترسخدون أن تكون حماس مطالبة بتنازلاتفي مسائل جوهرية كالاسرى والمفقودين، استمرار تعاظمها العسكري وتوجيه الارهاب في الضفة، وبعد أن نفذت الحركة احتكاكات عنيفة في القطاع في نصف السنة الاخيرة وفي ذروتها قتل مقاتل حرس الحدود. تقف حماس عمليا امام مطلب واحد فقط: حفظ الهدوء الامني في غزة، الوضع الذي مجرد وجوده على مدى الزمن يثبت السيطرة الكاملة للحركة على المنطقة.

وبالتالي فان التسوية تمنح اسرائيل هدوء في المدى القصير، ولكنها تنطوي على احتمال لتعاظم التهديدات في المدى البعيد. فضلا عن ذلك فان الواقع المتشكل في غزة يشكل الاعتراف الاكثر صراحة من اسرائيل حتى اليوم بحماس كحقيقة قائمة للمدى البعيد وبقدر كبير  بشكل يشبه الشكل الذي ينظر فيه الى حزب الله. 

يعكس الامر الحقيقة المرة والتي تقضي ان ليس لدى اسرائيل بدائل استراتيجية بالنسبة لغزة. فكون اسقاط حكم حماس وتجريد القطاع ونشر قوة دولية في المنطقة ليست سيناريوهات واقعية، فليس امام اسرائيل غير الحسم بين مناوشات متواصلة معناها انعدام هدوء امني وبين تسوية بعيدة المدى ستستغلها حماس بالطبع لغرض التموضع والتعاظم تمهيدا لمعارك المستقبل. 

رغم التقدم المتسارع في تحقيق التسوية لا يدور الحديث عن مسار حتمي بل عن مسيرة لا يزال يمكن لاسرائيل أن تؤثر على شكلها. في هذا الاطار نوصي بالاشتراط بتصميم، الان ايضا، استمرار تنفيذ خطوات مدنية بتلبية مطالب اسرائيل، وعلى رأسها التقدم في مسألة الاسرى والمفقودين. من غير المستبعد أن يكون من شأن مثل هذا الموقف ان يثير من جديد احتكاكات، لكن الامر حيوي لغرض تعزيز صورة اسرائيل في نظر حماس والتي تآكلت بقدر ما في الاشهر الاخيرة. 

ان التسوية المتحققة في غزة تجسد اكثر من اي شيء آخر غياب استراتيجية اسرائيلية في الموضوع الفلسطيني، سواء بسبب انعدام الرغبة أم بسبب انعدام القوة. على غياب الحسم تحاول اسرائيل أن تغطي بواسطة “السلام الاقتصادي”، والذي كما اسلفنا يوفر هدوء بالمدى القصير ولكنه ينطوي على ضرر في المدى البعيد: في الحالة الغزية، كما اسلفنا، في شكل تحول حماس الى حقيقة قائمة والى تهديد متعاظم، وفي الضفة – في شكل سير متواصل، غير واعٍ وغير مخطط نحو واقع الدولة الواحدة. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى