ترجمات عبرية

يديعوت – ناحوم برنياع – الصفقة والعاصفة .. لا توجد وجبات بالمجان

يديعوت – ناحوم برنياع – 19/8/2020

بعد يوم من التصريحات المتضاربة في القضية التي حظيت بلقب السلام مقابل الطائرات هناك حاجة لان نحاول ترتيب الامور في ما نعرفه عن المفاوضات الثلاثية بين الولايات المتحدة، اسرائيل والامارات.

اتفقت اسرائيل والامارات على التطبيع بينهما – اصطلاح موازٍ للسلام. هذه بشرى عظيمة والانجاز السياسي الاهم لرئيس الوزراء نتنياهو. ليس الاتفاق هو المقلق بل العروض العابثة التي تترافق  والتوقيع عليه. خسارة ان اتفاقا جيدا يولد بينما ينغمس في مرق من عدم الحقيقة.

لماذا يعد كل تطبيع في العلاقات مع دول عربية هاما لاسرائيل هو أمر واضح للجميع؛ أما دوافع اتحاد الامارات فأكثر تعقيدا. يحوم فوقها الظل المهدد لايران، تقليص التواجد العسكري الامريكي في المنطقة، الفاعلية السياسية والعسكرية لحاكم الامارات محمد بن زايد وليس اقل اهمية، منظومات السلاح المتطورة التي ترغب ادارة ترامب في بيعها للامارات ولكن لا يمكنها.

يعد اتحاد الامارات الزبون رقم واحد أو رقم اثنين (بعد السعودية) في صناعة السلاح الامريكية. تطلب الامارات شراء طائرات اف 35 منذ 2011. وحسب منشورات الصحف المهنية يدور الحديث عن 24  طائرة، عن طائرات مُسيرة هجومية، غالية جدا، من نوع “جارديان” و “بلاك جاك” ورزمة هائلة اخرى من منظومات عسكرية متقدمة، يصل ثمنها الى عشرات مليارات الدولارات. ثلاثة عوامل تكبح تطلعات المشتريات: الالتزام الامريكي في الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لاسرائيل؛ النشاط المقلق للاستخبارات الايرانية والصينية في الامارات؛ ومذبحة المواطنين الابرياء في قصف طائرات الامارات والسعودية في الحرب في اليمن.

لقد ولد الالتزام الامريكي لاسرائيل في حرب يوم الغفران. وفي 2017 نص عليه في مجلس الكونغرس في القانون. كل بيع لسلاح متطور لدول في المنطقة ملزم الان للتشاور مع حكومة اسرائيل. على اساس القانون، بضغط من اللوبي الاسرائيلي فرض الكونغرس حظرا على الصفقات المتقدمة مع السعودية والامارات. الى جانب الحظر صوت كل الديمقراطيين وجزء من الجمهوريين. الرئيس ترامب، الذي مجد الربح المتوقع لصناعة السلاح الامريكي قاتل ضد الحظر بكل قوته وهدد باستخدام الفيتو على القرار، ولكنه فهم بان فرصته متدنية فتراجع.

جارد كوشنير، صهر ترامب ويده اليمنى، مقرب جدا من الامراء المسيطرين في السعودية وفي الامارات. بعد ان فهم بان لا فرصة لخطة السلام التي وضعها صهره أن تتحقق قريبا تبنى خطة بديلة. اسرائيل تحصل على التطبيع مع دولة عربية ثالثة؛ الامارات تحصل على انجاز هام في الساحة العربية – الغاء الضم؛ وترامب يحصل على اتفاق سياسي واحد يمكنه أن يتباهى به ومليارات لصناعة السلاح. لا يمكن استبعاد امكانية ان يكون بادر الى الخطة الاماراتيون. على اي حال تفصيل واحد آخر كان مخبأ في الرزمة التي عرضناها: اقرار صفقة السلاح.

كان منطق ما في ادعائهم: اذا كان الفيتو الاسرائيلي يمنع الصفقة، فيمكن للتطبيع أن يسوغها. وأكثر من هذا: في 1994 أقر اسحق رابين لكلينتون ان يبيع للامارات طائرات اف 16، التي كانت في حينه الطائرات الاكثر تطورا في الترسانة الامريكية. وحصلت اسرائيل بالمقابل على رفع عظيم لمستوى علاقاتها مع الامارات. عمليا – نصف تطبيع. ما فعله رابين يمكن لنتنياهو ايضا ان يفعله.

لقد أدار نتنياهو المفاوضات من خلال موظفين يأتمرون لامرته شخصيا، ولكنه اختار ان يخفيها عن شركائه في الحكومة. هكذا تصرف ايضا بعض من اسلافه. المشكلة تبدأ في محاولة ترتيب حجة غيبة لنفسه: فقد التقى غانتس في 29 تموز، لقاء حسب رواية غانتس استغرق نحو ساعة وبحث فيه عشرة مواضيع. والى الحديث سرب جملة عن أنه متمسك بمعارضته لبيع سلاح متطور لدولة عربية. لم يتصور غانتس عن ماذا وعمن يدور الحديث. وأمس نشر نتنياهو أمر اللقاء، في محاولة للاثبات بان غانتس اطلع على الموضوع. ليس هكذا يتم اطلاع وزير الدفاع على موضوع ما.

حسب روايته، حرص على ان يقول للامريكيين ثلاث مرات على مدى المفاوضات ان اسرائيل ستعارض صفقة السلاح. ومجرد حقيقة أنه اضطر لان يكرر ويقول هذا، خطيا ايضا، تدل على مركزية الموضوع في المحادثات. في الامارات فهموا نتنياهو بشكل مختلف: مثلما قال مصدر مخول في حكومة الامارات لمبعوث “يديعوت احرونوت” في دبي ينيف خليلي، عرف نتنياهو بالصفقة واعطاها موافقة.

أما ما قيل في المحادثات بالضبط فنحن لا نعرف. اتفاق كهذا يجر بطبيعته محاولات من كل طرف  لتجميل انجازه. ولكن حتى لمثل هذه المحاولات توجد حدود.

ستصل صفقة السلاح الى البحث في لجان خارجية مجلس الشيوخ ومجلس النواب. وهناك سيجري الاختبار الحقيقي: هل سيستخدم اللوبي الاسرائيلي كل قوته كي يفشل الصفقة (فيخاطر بذلك بالغاء التطبيع وباهانة ترامب) ام سيكتفي بتحفظ ما، من الشفة الى الخارج، ويسلم عمليا باقرار الصفقة. ماذا سيفعل نتنياهو، هل سيلقي خطابا في مجلسي الكونغرس ويندد بالرئيس ترامب على اتفاقه المعيب، اتفاق الكارثة الذي وقعه مع حاكم الامارات؟ غير معقول.

ينطوي الاتفاق على دفع أثمان. احدها هو التخلي عن الضم؛ الثاني هو التخلي عن الفيتو الاسرائيلي على بيع منظومات السلاح للامارات. والمنفعة تبرر الاثمان. ولكن نتنياهو اسير المفهوم المغلوط في أنه توجد وجبات بالمجان. هو يقول للاسرائيليين: لا توجد أثمان. الضم خلف الزاوية. بعد لحظة ينهي جارد كوشنير وجبة الغداء وهوب، يوجد اقرار للضم. وكذا صفقة سلاح لا توجد. لم نبحث في هذا على الاطلاق. في واقع الامر، نعم بحثنا، ولكن هذا لن يكون. جلبت سلاما بالمجان.

هذا كذب، بالطبع. كذب  نتنياهو هو الوحيد الذي يصدقه. كان  يحسن عملا لو روى للاسرائيليين الحقيقة. يوجد سلام، ولكنه ينطوي على اثمان. هكذا تصرف بيغن؛ هكذا تصرف رابين؛ هكذا تصرف تشرتشل. ولكن نتنياهو يروي لنا قصصا عن مئات مليارات الدولارات ومئات الاف السياح وصفر ثمن.

هذه اساطير اطفال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى