يديعوت – مقال -23/10/2012 لا نتنياهو جديد، لا درعي جديد
بقلم: باروخ ليشم
ليس مهما ما يقوله نتنياهو ودرعي بل ما يفكر به الجمهور الذي في داخله يتواجدان. جمهور ناخبيهما هو يميني وقومي ولن يسمح لزعمائه بالخروج عن مواقفه.
في التسعينيات كنت مستشارا اعلاميا للوزراء. نشيط مركزي في يهدوت هتوراة طلب من أن التقي بالنائب الحاخام أبراهام رابتس “كي اقدم له بعض النصائح في الحملات الانتخابية”. وقد أثارت الفكرة فضولي، فذهبت الى بيت الحاخام في حي بيت فجان في القدس. وعلى مدى ساعة طويلة رويت له عن تاريخ الدعاية الانتخابية الحديثة، بما في ذلك خيانات بيل كلينتون. وعلى خلفية المكتبات المحملة بالكتب الدينية في الغرفة، فقد بدا لي اللقاء هاذيا تماما.
بعد اللقاء تبادلت الحديث مع مستشار اعلامي ديني عمل معه. سألته: كيف يحتمل أن تكون يهدوت هتوراة أيدت بنيامين نتنياهو في انتخابات 1996، عندما اعترف هذا بالتلفزيون بانه ارتكب معصية الزنا. فاجاب المستشار بتسامح: “انت ببساطة لا تفهم الامور – فالليكود والعمل على حد سواء هما حكومة اغيار في نظرنا، ونحن لا ننبش في أخلاقيات الاغيار. من يعطينا أكثر نؤيده”.
تذكرت هذا الحديث مع عودة آريه درعي الى شاس، حيث موجة من التفاؤل ألمت بالطبقة المثقفة العلمانية. الكاتب ايال مجيد حتى كتب يقول: “درعي هو الحلقة الاخيرة القادرة على ربط المتدينين مع العلمانيين، وقيادته المعتدلة والمتنازلة في هذه الساعة أهم من قيادة فلسطينية معتدلة ومتنازلة، لان الوحش الداخلي أخطر علينا في هذه اللحظة من الوحش الخارجي”. لا اقل.
ولادة درعي الجديد تذكر بولادة نتنياهو الجديد بعد فشله في انتخابات 1999. من صورة السلس والمخادع التي تبقت في وعي الجمهور في ولايته لم يبقَ أي ذكر. نتنياهو الرسمي، المعتدل والمتنازل انبعث من جديد كالعنقاء من رماد الصورة القديمة. عندما انتخب لرئاسة الوزراء كُتبت تحليلات تقول ان نتنياهو الجديد هو الذي سيقود المسيرة السياسية ويوحد أطراف الساحة السياسية الممزقة. وهكذا وصلنا حتى الصدمة، حين تبين أن نتنياهو أ ونتنياهو ب هما توأمان سياميان لم يفصلا عند مولدهما.
آريه درعي الجديد ولد من السجن. حتى ذلك الحين كان هو واحدا من مصممي شاس كجسد غير ديمقراطي، يؤيد الانعزال عن المجتمع الاسرائيلي. هو الذي قاد جهازه التعليمي، الذي لا يتضمن تعليم المواضيع الاساسية، الامر الذي يجعل من الصعب انخراط الاصوليين في سوق العمل. وها هو، هذا الرجل اصبح أحد أعزاء اليسار، كمن سيعمل على توحيد القلوب ومن أجل العدالة الاجتماعية.
ما هو مشابه لدى نتنياهو ودرعي هو فهمهما العميق لمبادىء عملية الاتصال الجماهيري والقدرة على استخدامها. في اسرائيل، مثلما في العالم الغربي بأسره، الاتصال او الاعلام هو ذو مفهوم ليبرالي وديمقراطي في معظمه، يؤيد حقوق الفرد ويعارض احتلال شعب آخر. لقد فهم الرجلان بان غرس صورتهما الجديدة يجب أن يكون مطابقا لهذا الاجماع.
وفي استعارة للمثل المعروف: انظروا الى الاناء وليس الى ما فيه. ليس مهما ما يقوله نتنياهو ودرعي بل ما يفكر به الجمهور الذي في داخله يتواجدان. جمهور ناخبيهما هو يميني وقومي ولن يسمح لزعمائه بالخروج عن مواقفه. وهكذا أيضا بالنسبة لـ “الحملة الاجتماعية” لدرعي: جادة شاس ليست جادة روتشيلد، وعدالتهم الاجتماعية هي زيادة المخصصات الخاصة للوسط الاصولي وغير المنتج، الامر الذي سيسيء أكثر فأكثر من وضع الطبقة الوسطى.
المستشار الاعلامي لدرعي لا بد سيشرح له: كل المرشحين الاخرين هم حكومة أغيار، ولكن يوجد فقط واحد، نتنياهو، أعطانا أكثر في الماضي، وسيعطينا أكثر في المستقبل.