ترجمات عبرية

يديعوت – مقال -14/10/2012 تفضيل التطبيع

بقلم: سمدار بيري

مقالة للكاتب السعودي عبد اللطيف ملحم تثير جدلا واسعا في العالم العربي لأنه يرى فيها ان اسرائيل ليست هي العدو الحقيقي للعرب بل ان المستبدين والمضطهدين من الحكام هم العدو الحقيقي.

       يهب علينا من العربية السعودية نسيم عليل مفاجيء شجاع مباشر يثير الفضول – وقائمة النعوت طويلة. ان عبد اللطيف ملحم، وهو ضابط رفيع المستوى سابق في سلاح بحرية المملكة ومحلل سياسي مطلوب لوسائل الاعلام العربية، نزع القفازين ويصفي الحساب مع الحكام ومع المثقفين في العالم العربي، ومع الساسة وقادة الجيش ومع الجيل الشاب الغاضب ومع من ما يزالون يُقطرون الدعاية عليهم. فقد أطلق رشقة علامات سؤال تحت عنوان “الربيع العربي والعدو الاسرائيلي”. وأصبح يُخيل الينا للحظة انه يوجد هنا نبش اسرائيلي.

          وعدتُ بأن تكون المقالة مفاجئة، وأُذكر مرة اخرى ان الكاتب عربي مسلم – وهو شخص معروف – وهو يرانا عن مبعدة آلاف الكيلومترات. يُبين ملحم في المقالة الافتتاحية التي تنشر بالعربية والانجليزية في الصحيفة اليومية “عرب نيوز”، قائلا: قررت ان أكتب بعد ان رأيت في التلفاز صورا مزعزعة: رأيت ولدا جائعا في اليمن، ومئات القتلى بسيارات مفخخة في العراق، وموقعا أثريا أُحرق في سوريا، وفقرا مدقعا في سيناء. ورأيت طياري سلاح الجو السوري يُمطرون مواطني دولتهم بالقذائف ويعودون في الغد فيقتلون النساء والاولاد. واسأل: من هو العدو الحقيقي؟ ومن الذي تحاربونه؟ والى متى سترفضون الاعتراف بدولة اسرائيل؟ ولماذا لا تستغل الدول العربية الميزانيات الامنية الضخمة – مئات مليارات الدولارات – لخطط تربية وصحة وبنى عامة جديدة وتحسين ظروف العيش؟ هل يتجرأ أحد ما على ان يسأل بصوت مرتفع كم أهدرنا الى اليوم وماذا كنا نستطيع ان نفعل بهذه المليارات؟.

          ويُلح ملحم قائلا: أنا اسأل مرة اخرى أربما يكون عدونا موجودا أصلا في مكان يستغل فيه المستبدون الصراع الاسرائيلي العربي – مهما يكن قاسيا ومعقدا – لاضطهاد المواطن الصغير وتجاهل حاجاته الأساسية وحقوقه الأساسية؟ ان الدمار والخراب هما من فعل أيدينا، ولا توجد أية علاقة لاسرائيل بالغربة بين المستبد العربي ومواطنيه الشفافين. هل جعلتم اسرائيل عدوا، لكن العدو الحق هو الفساد والاستهانة بحياة الناس وعدم وجود خطط تربية وخدمات صحة.

          أنظروا الى ما يحدث عند الاسرائيليين: انهم متقدمون بالعلم والتقنية ولهم جامعات على مستوى عال وبنى تحتية متطورة. بل ان مدة حياة عرب اسرائيل، برغم الشكاوى والانتقاد، أكبر من مدة حياة مواطني الدول العربية.

          ويتابع الكاتب التأثر الشديد بصورة الولد الجائع في اليمن، ذات الارض الخصبة التي كانوا يستطيعون استغلالها لولا اصوات الحرب. ما الذي عند اليمن على اسرائيل؟ ولا أفهم ايضا لماذا يهرب العراقيون من دولة تربح 110 مليارات دولار من تصدير النفط؟ وكيف يمكن ان يكون طاغية تونس قد سرق من فقراء بلاده 13 مليار دولار؟ قولوا أنتم أنفسكم، من هو العدو هنا؟.

          ويقول بلغة لاذعة: خرجتم لحروب على اسرائيل وهُزمتم لا في ميادين القتال فقط، فقد تحول مئات آلاف الفلسطينيين الى لاجئين. والآن، في خضم فوضى الربيع العربي، أصبح العدو بيننا ولا يوجد عند أحد لا زمن ولا عقل لعلاج الشأن الفلسطيني. صحيح أننا نلاحظ بين الفينة والاخرى طائرات اسرائيلية في سماء الدول العربية، لكن عشرات آلاف السوريين لا يهربون بسبب قصف سلاح الجو الاسرائيلي بل سلاح الجو السوري هو الذي يقتل بأمر من الطاغية في دمشق. وماذا عن اسرائيل؟ ان مواطنيها العرب لهم حرية تعبير ومشاركة في حياة الدولة. ألم يكن قاض عربي هو الذي أرسل رئيس اسرائيل الى السجن؟.

          الى هنا المقالة. ووجدت الى الآن ألف رد عليها. أول هذه الردود لا يقل إدهاشا، فقد كتب شوقي بدير، وهو طالب جامعي عربي من كفر قاسم قائلا: “كل كلمة صحيحة”، ويتحدث عن حياته باعتباره مواطنا مساويا في الحقوق، عن اصدقائه اليهود وعن دراسة علم الحاسوب في جامعة تل ابيب.

          صحيح ان ملحم هو مدافع وحيد في ساحة معادية لكنه بدأ جدلا. شاعت مقالته في وسائل الاعلام العربية وأُخذ الطالب بدير لاجراء لقاء معه في الـ “بي.بي.سي” وصحيح انه يوجد شاتمون ايضا. لكن صديقنا السعودي يُصر على ان يترك للمثقفين العرب مواد للتفكير تقول: ربما يكفينا ألعاب العدو الاسرائيلي وربما حان الوقت لنُجنب الجيل الشاب الغضب وخيبات الأمل التي توجه الى الاتجاه غير الصحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى