يديعوت – مقال افتتاحي – 7/3/2012 عن باراك (اهود) وبراك (اوباما)
بقلم: ايتان هابر
سأُخمّن اذا سُمح لي : تقرير مراقب الدولة الذي سينشر نهائيا بعد شهر أو شهرين عن الاحداث المؤسفة بين مكتب وزير الدفاع ومكتب رئيس هيئة الاركان، لن يقتلع الجبال ولن يطحنها. ان هذه القصة المأساوية قد بلغت محطتها النهائية تقريبا (إلا اذا كانت تنتظرنا “قنبلة” ليست من هذا العالم). ستكون مقالة اخرى ورد آخر من هنا ومن هناك ايضا وهذه النهاية: فالتقرير الذي انتظره كثيرون جدا وافترضوا ان يُحدث “حربا عالمية” سيوضع منذ الآن في مهده بسلام.
ان مراقب الدولة ومكتبه يستحقان المدح خاصة: فهما لم ينجرا الى وشايات من نوع “هو قال” و”هي قالت”، بل عرضا تقريرا مخيفا وقيميا في الأساس عما يجري في قيادة جهاز الامن. لم يتحقق هكذا حلم الأم العبرية لبن غوريون الذي أراد ان “تعلم أنها سلمت أبناءها للقادة الذين يستحقون ذلك”.
ينبغي ألا يوجد عدم فهم: فقد كانت في الماضي في قيادة الجيش الاسرائيلي اعمال تمرد من جنرالات كبار وحدثت اضطرابات وسلوك سافل مُذل من القادة الذين يسجد لهم شعب اسرائيل بأكثره. ووجدت حالات انتهت الى مآسي وحالات اخرى أثقل ظلها على العلاقات في القيادة العليا سنين طويلة. فلو أنه كان معلوما للجمهور مثلا كيف حاول موشيه ليفي واصدقاؤه في القيادة العليا للجيش الاسرائيلي ان يمنعوا تعيين دان شومرون رئيسا للاركان لاقشعر شعر الصلعان ايضا وغير ذلك كثير. فتاريخ الجيش الاسرائيلي مشحون بخصومات شديدة أُخفيت عن الجمهور بعمل صعب من الرقابة.
ما الذي كان عندنا هنا اذا؟ انه سهل جدا وواضح: ان الحديث عن وزير دفاع هو اهود باراك، عظيم القدرات وذو سلطة لا يرى أحدا على مبعدة متر واحد، وعن رئيس هيئة اركان هو غابي اشكنازي جعل الصداقة و”الصاحبية” أمرا شعبيا. للاول صديقان ونصف إن وجدا أصلا وللثاني طنان ونصف طن من الاصدقاء، وهذا حمل زائد.
من البدء، منذ اللحظة الاولى، يوجد توتر راسخ بين وزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان. فوزير الدفاع، كل وزير دفاع، يتولى عمله فيظن أنه ملك العالم ومن المؤكد انه رفيع القدر وقدره بلا شك أعلى من قدر رئيس الاركان – ثم يتبين له سريعا جدا اثناء العمل اليومي انه متعلق برئيس هيئة الاركان تعلقا ضخما. فاذا أراد أكل واذا لم يُرد أكل، كما قال دان بن أموتس. ويستطيع رئيس هيئة الاركان ان يعوق كل قرار واقتراح وطلب من وزير الدفاع من غير ان يطرف له جفن، ولم يوجد من قبل وزير دفاع تقريبا (ما عدا اهود باراك) أراد مشاجرة رئيس هيئة اركانه. لأنه يتم دائما الجري الدائم بين المكتبين الموجودين في الطابق نفسه للتوصل الى تفاهمات ومصالحات من اجل عدم التشاجر على رؤوس الأشهاد. وقد تخلى اهود باراك عن هذا الامكان.
انه خطاب آخر في كبّة اللهب: ان رئيس الاركان هو دائما أكثر شعبية من وزير الدفاع برغم ان وزير الدفاع أو كل واحد في هذا المنصب هو في الثلاثة الوزراء الكبار ذوي الشعبية.
أية مفارقة: ان وزير الدفاع، أي وزير دفاع، يجب ان ينتخبه الجمهور وهو متعطش لحب الجمهور (وصوته) يتبين له ان الشخص مقابله والذي يكون قد انتخبه لولايته في أكثر الحالات، أكثر شعبية منه. وهذا سطو وشعور بانكسار. ان رئيس الاركان يمثل وحدة الشعب على اختلاف فصائله، وجميع القيم الاجتماعية السامية، أما وزير الدفاع أو في حالة اهود باراك على الأقل، فيُعرض على أنه طماع وغير ذي شعبية يهتم بنفسه أكثر مما يهتم بجيشه.
واليكم تقييما خاصا: ان غابي اشكنازي إذ كان رئيس الاركان شوش على اهود باراك وزير الدفاع لمجرد وجوده هناك. وكل واحد آخر في منصب رئيس الاركان كان يحظى بمعاملة مشابهة وهذا ما سيحدث كما يبدو ايضا لمن حل محل اشكنازي، بني غانتس.
أخطر من هذا بأضعاف التقرير عما يجري في مجال “الوسائل الخاصة” التي ارتبط بها اسم بوعز هرباز. لكن هذا لا يهم الجمهور ولا يعنيه. لا توجد هنا غرائز شخصية ولا توجد دسائس ومؤامرات.
وماذا عن اوباما ونتنياهو وشمعون بيرس وايران والقنبلة؟ قد يكون هذا أهم لحياتنا وأعظم شأنا من رونيت اشكنازي والـ 1242 الرسالة النصية. لا يبدو أننا بالغنا هذه المرة.