يديعوت – مقال افتتاحي – 1/3/2012 مفترق اليأس الفلسطيني
بقلم: اليكس فيشمان
“الفرصة الاخيرة” – هكذا يمكن ان نُعرف الرسالة التي أرسلها في الايام الاخيرة رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن الى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والى دول الرباعية. “تتوقعون منا ان نسلك مثل سلطة”، كتب، “لكنكم لا تعطوننا سلطة”. وتابع أبو مازن وفصل ما يبدو في نظره أنه قائمة الاخفاقات الاسرائيلية في مسار التفاوض وبخاصة محاولة المحادثة الاخيرة التي تمت برعاية اردنية بين صائب عريقات والمحامي اسحق مولخو. وفي الختام جاء التحذير الآتي ايضا: اذا لم تلتزم اسرائيل بأعمالا حقيقية خلال شهر آذار فان “جميع الخيارات مفتوحة”.
يوجد في القدس من يفسرون هذا بأنه انذار. ويوجد في المقابل من يرون الرسالة صرخة يأس من أبو مازن تقول لن أكون مسؤولا عما سيقع اذا لم يتحرك شيء في المسيرة السياسية، فاذا اشتعلت الارض فلا تلوموني. ورئيس السلطة الفلسطينية من هذه الجهة على شفا يأس حقا: فمصالحته مع حماس ورطة وفرضت حماس في غزة تحفظات محبطة على اتفاق مشعل مع أبو مازن في قطر. وفي واقع الامر فان حماس في الداخل في غزة تلقي بحماس الخارج الى الجحيم، أعني خالد مشعل. فهم يرون أنه لا توجد سوى حكومة واحدة يرأسها اسماعيل هنية، والتفاوض مع اسرائيل ايضا غير موجود في الحقيقة.
ان تهديد أبو مازن بالتوجه الى الامم المتحدة والى اليونسكو والى مجلس الامن يقلق اسرائيل حقا لكنه يحطم السلطة الفلسطينية ايضا من جهة اقتصادية – فمجلس النواب الامريكي يرى هذه الاجراءات من طرف واحد نقضا جوهريا للاتفاقات يوجب عقابا، هذا الى كون أبو مازن لا يستطيع ان يعرض انجازات في مجال التطوير والبناء والبنى التحتية. فاسرائيل ترفض ان تحرر المنطقة (ج) للسلطة وترفض ان تفرج عن أسرى فتح.
وهكذا فان هذه الورطة تعبر عنها الرسالة الى اسرائيل والى الولايات المتحدة والى الاوروبيين وتقول: نحن ندخل في فراغ سلطوي. والولايات المتحدة غير مستعدة لأن تحرك ساكنا في الشأن الفلسطيني الى ما بعد الانتخابات في تشرين الثاني، وقد تتفكك السلطة حتى ذلك الحين. وستُمحى حركة فتح التي يرأسها أبو مازن وتغرقها موجة حماس والاخوان المسلمين الذين يكتسحون الشرق الاوسط.
يوجد في قيادة السلطة الفلسطينية من يتحدثون اليوم ايضا عن احتمال تفكك السلطة واعادة التفويض الى اسرائيل. وهذا واحد من أكبر كوابيس جهاز الامن، فقد أوضح بحث أُجري في الفترة الاخيرة ان اسرائيل اذا تلقت المناطق مرة اخرى فسيكلف ذلك أكثر من 12 مليار شيكل كل سنة من غير ان نتحدث عن سائر التأثيرات.
وفي المقابل يوجد في السلطة الفلسطينية من يقولون هلّم نقامر على الخزانة السياسية – الدبلوماسية كلها في الساحة الدولية وليس مهما ما سيفعله مجلس النواب الامريكي. لنمض مرة اخرى الى مجلس الامن والى الجمعية العامة ولنحصل على اعتراف سياسي ولنُحي مطلب الاشتغال باستنتاجات تقرير غولدستون في لجنة حقوق الانسان ولنضايق اسرائيل في كل ساحة دبلوماسية ممكنة. بل هناك خواطر عن اتجاه الى الصليب الاحمر في جنيف كي يبدأ اجراءا يمنح أسرى فتح في اسرائيل مكانة أسرى حرب. وقد استجابت حكومة سويسرا ولم يكن هذا مفاجئا بابتهاج للتوجه الفلسطيني وهي مستعدة لأن تساعدهم على النهوض بهذا بازاء وثيقة جنيف الرابعة التي تتناول السكان المدنيين في وضع حرب.
توجد بالطبع اصوات في السلطة ايضا تتحدث عن وقف أو مضاءلة التعاون الامني بين اجهزة الامن الفلسطينية واسرائيل بحيث يكون معنى هذا ضبطا أقل للشارع الفلسطيني في الضفة وعناية أقل بعناصر حماس والجهاد. وقد أخذوا في جهاز الامن يشمون بخار وقود في الجو فهناك اضطرابات في جبل الهيكل واضطرابات في قلندية ورمي حجارة وزجاجات حارقة.
بيد ان هذا ليس انذارا في الحقيقة في نهاية الامر بل هو رسالة يأس من شخص يمكن ألا يوجد في كل لحظة وان يترك كل شيء ويسافر الى بيت ينتظره في قطر قرب قبر ابنه. وماذا عنا؟ سنشتاق الى فترة أبو مازن في السلطة الفلسطينية.