يديعوت – مقال افتتاحي – 13/11/2012 لا حل عسكريا
بقلم: ايتان هابر
اعتدنا ان نؤمن ونعتقد ان رئيس الوزراء ووزراءه وجنرالات الجيش الاسرائيلي يعرفون أفضل منا كيف يتصرفون وماذا يفعلون بسياسة الامن والخارجية. هل هم يعلمون أكثر حقا؟ هذا صحيح. فرئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان يعرفون كل شيء، أو كل شيء تقريبا، أكثر بكثير جدا من الوزراء والجنرالات الآخرين، فهم يملكون مخزون معلومات عظيما وهم يستهزئون أكثر من مرة واحدة في اليوم بتحليلات يسمعونها لأنهم يعرفون الحقيقة حقا، المتعلقة بالحقائق على الأقل.
لكن نقول هنا بصراحة انه دائما لا يوجد ناس أكثر حكمة من اولئك الذين يمكن ان نجدهم في السوق الحرة في جميع حكومات اسرائيل وهيئات الاركان على اختلاف الحقب بلا شاذ على الاطلاق. فقد كان يوفال شتاينينتس أو جلعاد أردان أو ليمور لفنات أو اللواء تال روسو وما يزالون مع نفس القدر من الحكمة خارج الحكومة وداخلها، وفي هيئة القيادة العامة وفي داخلها. اذا كانت الحقائق هي كالتي يعلمها الجمهور وهو لا يعلم الكثير، فلا توجد عندهم حلول اخرى للمشكلات الصعبة في المجال الامني والسياسي أكثر من المواطن العادي و”رجل الشارع” (وفي هذا قال ذات مرة يوسف بورغ الراحل: “يتعلق الامر بأي شارع نلقى “رجل الشارع””).
كما قلنا آنفا اذا كان رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان يملكون فقط معلومات قد “تُفسد” الأجوبة والحلول فانه لا توجد قيمة للمقترحات التي تثور في أذهاننا المحمومة بازاء الوضع القاسي في هذه الايام في منطقة الجنوب مثلا.
إليكم اقتراحا: ان نحتل غزة من جديد. و”ان نضربهم سريعا وبقوة”، كما تم الاقتراح أمس. هذا كلام غوغائي سيحظى بهتاف عاصف من “رجل الشارع”. حسن، سنحتل غزة، وماذا سيكون آنذاك؟ هل نُطعم مليون ونصف مليون انسان مرة اخرى؟ هل نهتم بمجاريهم؟ وبالفصول الدراسية؟ وبأرغفة طازجة كل يوم؟ لقد شاهدنا هذا الفيلم من قبل عشرات السنين وكلفنا مليارات وكلفنا مستوى حياتنا المنخفض. فهل نريد العودة الى هذا المشهد؟.
يقولون سيتحسن الوضع الامني آنذاك وهذا سخافة وهراء وشرارة نفس. فقد كنا في غزة وحكمنا هناك وكنا نستطيع ان نطرق كل باب وان ننبش الخزائن وتحت الأسرة لكل واحد وواحدة. وقد أنفقنا خمس سنوات كاملة وعشرات آلاف ساعات العمل وملايين الشواقل كي نضع أيدينا على أكبر المخربين يحيى عياش المسمى “المهندس”. ووجدناه وقتلناه حينما كنا قد أصبحنا خارج غزة. فهل توجد حاجة الى ان نُذكر أصحاب الذاكرة القصيرة كم قُتل في داخل غزة من جنود الجيش الاسرائيلي ومن المدنيين؟ أربما يذكر أحد ما أبناء أرويو الموتى وكيف أصابتنا الصدمة على أثر قتلهم؟.
حسن لن نحتل غزة اذا. لكن سنستعمل قوة عسكرية كبيرة وشيئا يشبه “الرصاص المصبوب الثانية”. سنسقط سلطة حماس. وهذا بالضبط، وهذا بالضبط الحلم اللذيذ للجهاد الاسلامي والقاعدة ومنظمات ارهاب اخرى لأنها ستحل في محل حماس وستكون بلا شك اسوأ كثيرا علينا. نحن بالطبع قادرون (؟) على اسقاط سلطة حماس والقيام بالعمل القذر من اجل ايران وتابعاتها. ألم نفرح كثيرا لأنهم أسقطوا رئيس مصر مبارك. هذا ما يسمى العمل في مصلحة الأشد تطرفا وملاءمتهم في ايقاعهم.
من المؤكد أننا نستطيع ايضا ان نعمل في داخل غزة وان ندخل وان نقتل من يجب قتله (وان نخطيء احيانا) وان نعود الى البيت مع أو من غير مصابين. ويستطيع هذا ان يصيب بالخوف وان يوقف اطلاق النار وقتا ما بل ربما يجدد الردع الذي ضاع. لكن ماذا سيحل هذا؟ لا شيء. ستظل صواريخ غراد تنغص حياة السكان في الجنوب.
وهناك شيء آخر وهو ان احتلال غزة من المؤكد انه يجدد شيئا ما لكنه يجدد ايضا العمليات العسكرية في داخلها التي قد تحث رئيس مصر محمد مرسي على ما يحلم به منذ زمن كما يبدو وهو الغاء اتفاق السلام مع اسرائيل المتعلق حتى في هذه الحال بشعرة. هذا السلام ضروري لنا ولا حاجة للتفسير.
ماذا اذا، أربما نقصف أحياءا وشوارع وبيوتا؟ في الجو الدولي الذي هو سلب دولة اسرائيل شرعيتها هذا فقط ما ينقصنا الآن، مع اوروبا التي تنتظر في الركن ومع رئيس الولايات المتحدة الذي فتح الحساب معنا.
هذه اذا مقالة مستكينة. لا يوجد حل عسكري للمشكلة في الجنوب، وليس صدفة ان كبار الحكماء ايضا في الحكومة وفي الجيش لا يهبون الى الزناد والمعركة لأنهم يعرفون نتائج ذلك السياسة. إننا في مشكلة ليس لها حل عسكري. والشكر لأبينا الحكومة ولأمنا هيئة القيادة العامة اللذين يجعلانا نكف.