يديعوت: مسيرة السخافة في الطريق الى الحرب

يديعوت 25/6/2024، عوفر شيلح: مسيرة السخافة في الطريق الى الحرب
من يوم الى يوم، تصعيد واسع حيال حزب الله في لبنان يبدو كسيناريو محتم، وان كان احد لا يشر بعد الى أي ميزة ستنشأ عنه: لا يوجد سيناريو نهاية معقول يتيح تغيير الوضع من أساسه وعودة سكان الشمال الى بيوتهم. لا توجد حتى أي فكرة ما هو الإنجاز الحقيقي الذي سيبرر الضرر المؤكد الذي سيلحق بالجبهة الداخلية.
ان للسير الاعمى هذا الى تبادل للضربات على نطاق لم نشهده من قبل، مما سيلحق دمارا هائلا عندهم وكثيرا جدا عندنا، وفي نهايته مشكوك لاي شيء ان يتغير تشارك القيادة السياسية وجهاز الامن كله – احد لا يطرح مقابل هذا بديلا، كون البديل الوحيد يستوجب وقف الحرب في غزة – وكذا القيادة العسكرية، الجمهور والاعلام. هذه ليست مسيرة سخافة، بل شيء ما أسوأ بكثير.
لم يعد لمعظمنا منذ الان أمل حقيقي من الساحة السياسية، من الجيش (الذي عرف مسبقا الحقيقة أيضا بالنسبة للانجازات المحدودة بالضرورة للمعركة في غزة، بنى ونفذ خطة تضمن الا يكون اكثر من انجاز محدود والان يحاول ان يسوق هناك نصرا كبيرا أساسا كي لا يقولوا له اذهب الى لبنان)، او من وسائل الاعلام. وعليه فمشوق على نحو خاص موقف الجمهور. في الاستطلاع الأخير لمعهد بحوث الامن القومي قالت 46 في المئة من المستطلعين ان على إسرائيل أن تبادل الى عمل عسكري واسع في الشمال، حتى بثمن حرب إقليمية. كانت هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها استطلاع للمعهد اغلبية لمؤيدي التصعيد الواسع. في نفس الوقت، انخفض عدد المؤمنين بانه اذا كانت حرب كهذه، سيعرف الجيش الإسرائيلي كيف ينتصر فيها من 91 في المئة في تشرين الأول الماضي الى 67 في المئة فقط – درك اسفل تاريخي في الثقة بقدرة الجيش على الإيفاء باهدافه. كما أن معدلات الثقة برئيس الأركان وبتقارير الناطق العسكري هبطت الى درك اسفل غير مسبوق.
هذا التناقض الظاهر لا يشهد على جمهور اختفى فهمه بل على الترنح والاحساس بانعدام المخرج. نصر حقيقي في غزة لن يكون، صفقة مخطوفين (كفيلة بان تكون أيضا مخرجا لوقف الحرب) تبتعد من يوم الى يوم، القيادة تعمل بشكل يتعارض والمصلحة الإسرائيلية (لكن لا يعرض لها أي سياسي بديلا فكريا)، أداء الجيش مخيبة للامال وضائقة سكان الشمال المجليين من بيوتهم منذ ثمانية اشهر، تفطر القلب. وبالتالي اذا كان هكذا هو الحال، فهيا نقاتل ونرى اذا كان سيحصل شيء ما، حتى اذا كنا نقدر بانه لن يحصل أي شيء طيب، ونعرف اننا سيكون لنا انفسنا شر – وانظروا الى فزع شراء المولدات بعد قول واحد لمدير عام شركة إدارة شبكة الكهرباء.
يجدر بنا ان نتوقف عند كلمات “حتى بثمن حرب إقليمية” – وبالذات في جانب جاهزية الجيش الإسرائيلي لحرب كهذه. يمكن ان نجادل في أهلية الجيش للمعركة في لبنان، بعد ثمانية اشهر من القتال في غزة والتي افرغت مخزونات الجاهزية في جوانب الأدوات والذخيرة، عصرت قوات النظامي والاحتياط بشكل غير مسبوق وافرغت الشرعية في العالم لعمل إسرائيل. اؤمن بان للجيش الاسرائيلي على تنفيذ خطوة هجومية، والتي كما اسلفنا المشكلة معها هي أولا وقبل كل شيء في جدواها المشكوك فيها وفي اضرارها المؤكدة. لكن حرب إقليمية؟ هل كرس احد ما ذات مرة تفكيرا في كيف ستبدو هذه؟
في اذار 2023 نشر في “بين الأقطاب”، النشرة المركزية الناطقة بلسان مركز ددو – مركز التفكير الأساس للجيش الإسرائيلي – مقال بقلم قائد الذراع البري اللواء تمير يداعي والعميد عيران اورتال، يعرفان فيه على النحو التالي “المفتاح للتصدي لإيران”: “بناء قدرة بث قوة إسرائيلية مباشرة (وان كانت محدودة) في ايران وفي المنطقة وقدرة عملياتية لإزالة تهديد حزب الله وحماس في حدود إسرائيل في حرب قصيرة وحاسمة. في أسوأ حالات الحرب، ستتحقق هذه القدرة وسيزال تهديد حزب الله في لبنان بشكل يقطع ذراع الردع الإيراني، الأساس تجاه إسرائيل… حجر الرحى هو وجود قوة ردع مصداقة، في نظر الطرفين، حيال جيوش الإرهاب في الدائرة الأولى”.
هل الجيش الاسرائيلي اليوم، الذي يغرق في غزة منذ ثمانية اشهر، هو في نظر العدو قوة حسم مصداقة قادرة على إزالة تهديد حزب الله وحماس في حرب قصيرة وحاسمة؟ هل الجيش الإسرائيلي نفسه يؤمن بذلك؟ هل كان بث لقوة إسرائيلية مباشرة في ايران وفي المنطقة، فيما أن – ردا على تصفية منفعتها مشكوك فيها لكبير إيراني، وبخلاف التقدير الاستخباري المسبق – اطلقت ايران ووكلاؤها مئات الرؤوس المتفجرة الى إسرائيل في هجوم منسق؟ هل بنينا باي شكل كان، ليس فقط في الجيش الإسرائيلي بل في احلاف إقليمية، في علاقة شجاعة وتفاهمات مفصلة مع الولايات المتحدة وباقي الأطراف، شيئا من القدرة التي يؤمن كبار رجالات الجيش الإسرائيلي انفسهم لانها ضرورية؟ ان الطريق الوحيد ليس فقط الامتناع عن استمرار الضرر لامن إسرائيل، بل وأيضا البدء ببناء القدرات اللازمة لاجل الخروج كمنتصرين من المواجهة مع محور المقاومة الذي تقوده ايران، هو وقف الحرب في غزة (اذا كان ممكنا في صفقة مخطوفين)؛ الوصول الى تسوية في الشمال والتي إضافة الى الانتشار الدفاعي ستتيح عودة السكان الى بيوتهم؛ والبدء ببناء القوة بكل عناصرها – سياسية، إقليمية، عسكرية وغيرها – استعدادا للمعركة الحقيقية. كل شيء آخر هو مثابة سخافة عظيمة الضرر، ثمة من يسير اليها بعيون مفتوحة وباعتبارات غريبة، وثمة من ينجر اليها انطلاقا من الترنح ورفع الايدي.