يديعوت: في الطريق الى لحظة الصحوة
يديعوت 28/4/2024، رونين بيرغمان: في الطريق الى لحظة الصحوة
حكاية تروى عن مربي دجاج أصيب فراخه بمرض باتت تموت له كل يوم. فراح يستشير الحاخام في بلدته في شرقي أوروبا فأوصاه بان يعزل 100 دجاجة في القبو وفي الغداة ماتت الـ 100 دجاجة. فراح مرة أخرى الى الحاخام فأوصاه بان يعزل 100 أخرى في العلية واذا بها تموت هي الأخرى. ولا تتوقف القصة حيث كانت للحاخام دوما حلول يقدمها وتتكرر مأساة مربي الدجاج المرة تلو الأخرى.
في النكتة الاصلية توجد جولات متعددة للاملاء الواثق الذي يقدمه الحاخام ولجولات من الدجاجات النافقة في كل صباح. الى أن جاء الرجل في نهاية المطاف ليسأل حاخامه ما العمل وعندها يجيبه الحاخام: “إسمع – الحلول توجد عندي منها الكثير. هل تبقى لديك دجاج؟”.
هذه هي الحكاية، لكن بدون النكتة. وبالطبع بدون التشبيه، روى أمس احد الأكثر اطلاعا على موضوع “المفاوضات على المخطوفين” كما اسماها وشدد قائلا: أنا عن قصد لا اسمي هذه مفاوضات لاعادة المخطوفين، فلو كان هذا هو هدف المفاوضات ولو كانت دولة إسرائيل فعلت كل شيء، لكانوا هنا منذ زمن بعيد. روى لي الحكاية ليضرب مثلا لما تفعله دولة إسرائيل، قادة المستوى السياسي وللأسف أيضا معظم جهاز الامن الذين يحاولون اقناع الجمهور هنا به. “في البداية قالوا ان فقط المناورة البرية ستجلب المخطوفين، رغم أننا نعرف بان حماس وضعت على الطاولة اقتراحا مشابها تقريبا، بل وحتى افضل لإسرائيل حتى قبل أن يتقرر الدخول الى غزة”، شرح قائلا وأضاف “بعد أن تفجرت الصفقة الأولى، قبل خمسة اشهر، قالوا ان فقط احتلال خانيونس، فقط هذا، فقط اذا ما ضربنا، بالجرافات من فوق رأس السنوار، فقط عندها سيجبر على ان يحرر المخطوفين، فتبين انه شدد شروطه فقط”.
“والان يقولون ان فقط اذا احتلينا رفح، فسيحقق هذا لنا النصر المطلق وكذا تحرير المخطوفين ورأس السنوار”، أنهى أقواله وأضاف “وانا أقول مثل الحاخام، يمكن أن نجرب أمورا كثيرة أخرى لكن مشكوك أن بعد رفح سيبقى مخطوفون على قيد الحياة كي نجري عليهم مفاوضات”.
إسرائيل تتصرف في محورين متوازيين – صفقة ام رفح. وحتى وزير الخارجية إسرائيل كاتس قال امس ان الصفقة سترجيء احتلال رفح، كلمات لو كان قالها بايدن لقال نتنياهو انها تشجع السنوار، ولقال بن غفير انه عدو إسرائيل.
لكن يخيل أنه يوجد في الحكومة وحتى في جهاز الامن عناصر تفهم بانه توجد حدود لكم مرة يمكن المحاولة وخداع الجمهور الإسرائيلي وتفهم بان قريبا ستحل اللحظة – ليس لحظة الحسم فهذه حلت منذ زمن بعيد، بل اللحظة التي تنكشف فيها كمية التضليل، ان لم يكن أسوأ من ذلك التي اغدقت على الجمهور الإسرائيلي في الستة اشهر والنصف الأخيرة. هم يفهمون بانه لعله هذه المرة سيستوعب الجمهور بان حلول الحاخام هي كذب مدعوم باجزاء واسعة من الاعلام الذي تضمن وعودا في أن إسرائيل تخرج الى الحرب كي تحقق هدفين؛ وان الهدف الثاني، تحرير المخطوفين لا يمكن تحقيقه الا بضغط عسكري. وانه اذا لم يتحقق فهذا فقط لان حماس لا تريد صفقة، وانه لا يمكن انهاء هذه الحرب دون القضاء على لواء حماس في رفح.
“محظور التشوش، فأمام إسرائيل يوجد خياران، وخياران فقط. إما هذا او ذاك، ولا يوجد خيار ثالث بينهما. إما صفقة تعيد المخطوفين كله الى الديار، نساء، أطفال، شيوخ، مجندات وجنود”، كتبنا هنا بعد أسبوعين ونصف من هجمة حماس على إسرائيل، قبل الدخول البري، “او ان تحرر إسرائيل الرفاص… لتحقيق الأهداف العسكرية للحرب – تفكيك البنى العسكرية، التنظيمية والسياسية لحركة حماس. واضفنا بانه في هذا المفترق يمكن التوجه يمينا، الى حملة تثبت انه حان يوم الثأر ويمكن التوجه يسارا، واحترام قول الرمبام انه لا توجد فريضة اكبر من فريضة فداء الاسرى. حذرنا من انه اذا لم تكن الحرب قصيرة ومركزة، فانا لتحقق أيا من هذين اهدفين.
لم تكن حاجة لان يكون المرء حكيما عظيما كي يكتب هذا في حينه. فقط التفكير بمنطق وعدم التأثر بتجحات المسؤولين. بروح شعارات النصر المطلق يعتقد أحد المسؤولين الذين تحدثت معهم بان دمج الهدفين هو “جنون مطلق”.
بالنسبة لصفقة المخطوفين اذا ما كانت مثل هذه الصفقة سيتبين ان إسرائيل وافقت على شروط طرحتها المرة تلو الأخرى وبثبات حماس التي زعم المستوى السياسي بانها لا تريد صفقة أصبحت هي موضع البحث في المفاوضات الحالية. يقول الوسطاء القطريون والمصريون ان إسرائيل في كل مرة تطرح شروطا تبدو أنها تستهدف عرقلة الأمور. كما ان هناك إسرائيليون كبار يتفقون معهم تماما في أن رئيس الوزراء وفريقه طرحوا شروطا لا معنى لها سوى مواصلة المراوحة في المكان.
إسرائيل كفيلة بان توافق بالضبط على ما فجر المفاوضات قبل ذلك – ان تتعهد حماس بان تحرر اقل بكثير من 40 حيا حسب المنشورات – مدنيين وخمس مجندات – في تلك المرحلة الأولى، وهذا لا يتضمن الجنود والرجال. حماس مستعدة لان تتعهد فقط بـ 18 وتدعي بان ليس لها معرفة او سيطرة واضحة على الباقين. حتى هنا، رفضت إسرائيل كل صفقة لم تتعهد فيها إسرائيل بكل هذا والان كفيلة بان تغير الاتجاه.
والموضوع الثاني – طلب حماس إزالة البتر بين قسمي القطاع. إسرائيل رفضت هذا من قبل والان أعطت الوسائل المصريين الامكانية للبحث في هذا الاتجاه.
فجوة أخرى بالنسبة لتحرير الجنود الرجال في القسم الثاني، مقابل وقف نار نهائي، كفيل بان يكون مصيري من ناحية نتنياهو على المستوى الشخصي أيضا. يمكن التقدير بان الأطراف تقترب من صيغة يقال فيها ذلك، لكن أيضا ان يتم هذا بعد مفاوضات ذات مغزى بين المراحل، تسمح عمليا لكل طرف بان يغير الاتجاه. في السطر الأخير – إسرائيل ستوافق اغلب النظن على كل المطالب. كان يمكنهم ان يوقعوا على الاتفاق منذ زمن بعيد، وعندها كان سيكون عدد اكبر من المخطوفين على قيد الحياة وحتى من نجو كانوا سيعانون اقل. التأخير الأخير في الصفقة يجب أن يعزى أيضا بالجيش الذي أصر على عدم إزالة البتر قبل شهرين والان يكاد يدفع في هذا الاتجاه دون أن يكون تغير أي شيء في هذه الاثناء باستثناء التردي الشديد في مكانة إسرائيل الدولية، والاذى الذي لحق بمتطوعي المطبخ العالمي والذي كان نقطة انعطافة في الحرب، ومزيد من المخطوفين القتلى والذين يذوون حتى الموت.
قوات الجيش تتطلع الى المناورة، حالة حرب تكراه الوضع الراهن. الجيش يراوح دون أن يغير شيئا هاما في ميدان المعركة منذ منتصف كانون الثاني، والجمود، هناك أيضا، في الصفقة أيضا، يؤدي الى الرغبة في عمل شيء ما. وهذا الشيء ما يسمى “رفح”، التي خطة احتلالها دشنت مؤخرا. كثيرون في الجيش وفي وزارة الدفاع يأملون جدا في ان تكون صفقة وان تنقذهم، تنقذنا جميعا من الحاجة لاحتلال رفح، التي لم تكن في أي مرة مركز قوة مركزي لحماس، وفجأة بسبب الشعارات في أن احتلال المكان متعلق بالنصر المطلق أصبحت رمزا.
في الجيش الإسرائيلي يقدرون بانهم سيحتاجون لشهر آخر لاخلاء السكان من هناك، وبضعة أشهر أخرى لاحتلال المكان. بهذه الوتيرة، مشكوك جدا، بتقدير الخبراء، ان يكون الكثير من المخطوفين على قيد الحياة بعد ذلك.
في جهاز الامن يدعون بانهم ملزمون بالسيطرة على محور فيلادلفيا وعلى معبر رفح لاجل منع التهريب من داخل القطاع، بينما يعترفون بان المنفعة من تصفية لواء آخر من حماس محدودة. وعلى أي حال فان الولايات المتحدة تعارض العملية بشدة.
احد اكثر الخبراء في المجال كتب لمحفل ضيق تقديره لما سيحصل في رفح. “الى جانب المس بنشطاء وبنى حماس، باحتمالية عالية سيصاب أيضا جنود، غير مشاركين ومخطوفون”، بدأ تقديره. الى جانب ذلك يشير الى أن: “حماس سترفض إدارة المفاوضات في كل القتال وستطالب كشرط مسبق وقف القتال. سنكون في النقطة ذاتها في أن الخروج من رفح معناه عودة نشطاء حماس لادارة المكان”. وبرأيه أيضا، حماس ستحاول عقد كمين اعلامي في شكل مس بمخيم اللاجئين ينسب الينا. العالم سيمارس علينا ضغطا مجنونا”.
والاهم، الشخص ذاته، ومسؤولون آخرون واثقون في امر آخر – “اثمان الصفقة لن تهبط، ثبت بانه كلما مر الوقت ترتفع الاثمان”، أي العكس تماما للاحبولة التي يحاولون اطعام الاعلام بها الان. ويلخص الشخص إياه أقواله بنقطة أخيرة في الوثيقة: “باختصار… احلى حل”.