يديعوت: في الجيش يدعون: هذه هي حجوم الدمار الحقيقية

يديعوت 27/6/2024، يوآف زيتون: في الجيش يدعون: هذه هي حجوم الدمار الحقيقية
فجوات هائلة – تصل أحيانا حتى الى اكثر من 70 في المئة – بين ادعاءات دولة إسرائيل ومحافل دولية أخرى، حول مدى الضرر الحقيقي الذي لحق بقطاع غزة منذ نشوب حرب السيوف الحديدية.
من معطيات رسمية للجيش الإسرائيلي يكشف النقاب عنها هنا لأول مرة، يتبين أن فقط 16 في المئة من المباني الدائمة في قطاع غزة دمرت منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023 حتى الشهر الماضي. إضافة الى ذلك، حسب هذه المعطيات، دمر الجيش الإسرائيلي في عملياته الهجومية 36 في المئة من المباني المؤقتة في القطاع مثل الاكواخ، الحظائر، الخيام، المواقع الزراعية، التي استخدمها مخربون.
في أعداد مطلقة يدور الحديث عن 35.952 مبنى دائم دمرها الجيش الإسرائيلي في القطاع وعن 84.276 مبان مؤقتة دمرت. حسب معطيات الجيش – في اعقاب مسح رقمي جوي اجري في منظومة 9900 من شعبة الاستخبارات أمان في سماء القطاع في السنة التي سبقت نشوب الحرب – عشية الحرب كان في قطاع غزة 453.188 مبنى، 235.427 منها مؤقتة والباقي مبان دائمة، بما فيها بيوت، مبان سكنية ومبان حكومية وتجارية.
معطيات الجيش الإسرائيلي صحيحة حتى 21 أيار ومعقول الا يكون فيها تغيير ذو مغزى لاحقا أيضا، وذلك لان الجيش الإسرائيلي سينهي في الفترة القريبة القادمة الاعمال شديدة القوة التي تبقت فيه في اطار المرحلة الثانية من الحرب ضد حماس – في مجال مدينة رفح. بعد ذلك في رفح أيضا سينتقل الجيش الى مرحلة الاجتياحات المتكررة التي تتضمن أيضا مسا بالمباني التي يستخدمها مخربون او تلك التي تعرض القوات للخطر، لكن في مديات اصغر بكثير مما كان حتى الان.
معطيات الجيش الإسرائيلي اصغر بشكل ذي مغزى من معطيات محافل مختلفة بينها الأمم المتحدة، وكذا وسائل اعلام اجنبية، نشرت معطيات اعلى بعشرات في المئة. هكذا مثلا، في تقدير مفصل للأمم المتحدة استند الى تحليلات صور أقمار صناعية واقتبس في وسائل اعلام دولية، زعيم في بداية الشهر بان اكثر من نصف المباني الدائمة في القطاع دمرها الجيش الإسرائيلي في اشهر القتال الطويلة، بشكل لا يمكن استخدامها مرة أخرى. قذيفة واحدة او صاروخ صغير الحق ضررا بمبنى لكنه لم يخرجه عن الاستخدام، لم يدرج في هذه المعطيات او في معطيات الجيش الإسرائيلي التي تتناول التدمير الكامل – أي تسوية المبنى حتى اساساته او الضرر الكبير مثل تدمير درج وحيطان المباني بشكل يعرض كل من يكون فيه للخطر.
في الصحافة الدولية كانت التقارير اكثر خطورة حتى من تقرير الأمم المتحدة. ففي “وول ستريت جورنال” كتب في كانون الأول 2023 بان 70 في المئة من المباني في قطاع غزة تضررت في الحرب بـ “حجوم دمار تذكر بالهجمات التدميرية للحلفاء على مدينة دريزدن الألمانية في نهاية الحرب العالمية الثانية”. وحسب ذاك التقرير في الصحيفة الامريكية، فان معظم المنازل السكنية في القطاع تضررت أو دمرت. وسائل اعلام غربية كبيرة أخرى عرضت تحقيقات مشابهة مع ارقام دمار سماوية.
غير انه بخلاف تقرير الأمم المتحدة وتحقيقات الصحف الأجنبية، تستند معطيات الجيش الإسرائيلي الى جمع مسحي شبه يومي، استهدف هذا الهدف وقامت به مُسيرات متطورة، حوامات كبيرة وتوثيق تكنولوجي قريب ومتطور ثلاثي الابعاد، بعضه أيضا على ارتفاع الشارع وليس فقط من خلال صور أقمار صناعية. وعليه فليس بلا أساس الافتراض بان معطيات الجيش الإسرائيلي اقرب الى الواقع، وهي كفيلة بان تعرض على هيئات المحاكم الدولية ولجان التحقيق الأجنبية التي ستحقق مع الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل في نهاية الحرب، المرحلة التي سيسمح فيه بالدخول الى أراضي القطاع محافل تحقيق اجنبية من منظمات دولية.
الاف من المباني التي دمرها الجيش الإسرائيلي لا تعود بالضرورة لمخربين او لحماس بل توجد على مقربة من الحدود مع إسرائيل، والجيش الإسرائيلي يدمرها كي يخلق منطقة فصل بين النقب الغربي وبين مدن وقرى قطاع غزة. يدور الحديث عن قاطع إقليمي بعرض نحو كيلو متر واحد بالمتوسط، في الأراضي الغزية، على مقربة من الجدار الحدودي الحالي. وتحظى الخطوة بمعارضة حادة من جانب الولايات المتحدة والاسرة الدولية إذ انها تتضمن مصادرة أراض فلسطينية على نطاق واسع، وبينها أراضٍ زراعية للغزيين.
لقد أنهى الجيش الإسرائيلي حتى الان معظم هدم المنازل في هذه الأماكن، التي سيكون ممكنا منها التحكم في المراقبة وفي النار على البلدات الإسرائيلية امامه. هكذا مثلا سويت بالأرض مئات المباني في احياء الشجاعية والدرج والتفاح المجاورة لناحل عوز، وقصفت أبراج من حي الضباط في بيت حانون والتي كانت تشرف على سديروت المجاورة.
لقد اكتشف الجيش الإسرائيلي في اشهر الحرب مدى بيوت الإرهاب في القطاع بشكل لم تتوقعه أي استخبارات: حماس، حسب عشرات القادة العسكريين الذين اداروا القتال في الميدان استخدمت تقريبا كل بيت ومبنى في الاحياء التي ناور فيها الجيش الإسرائيلي في صالح تخزين الوسائل القتالية، اعداد المواقع القتالية والغرف الحربية لادارة القتال. دمرت القوات كل بيت كهذا، فيما ان قذائف الدبابات الحقت ضررا اقل بالمباني، وقذائف سلاح الجو ابقيت للهجوم على الاف المباني ذات قيمة عملياتية اكبر. كما ان جرافات D9 التابعة لسلاح الهندسة – وهي مقدر محدود في الحرب “تنازع” عليه غير قليل من قادة السرايا والكتائب – دمرت غير قليل من المباني الى جانب المساعدة التي منحتها في العثور والمس بمدن الإرهاب التي بنتها حماس من تحت الأرض.
ان الحاجة الهائلة لوسيلة تدمير البنى التحتية الهائلة للارهاب أدت الى شراء الغام وقدرات تفجير قديمة من دول مختلفة بل ولخطوة موضع خلاف حظرت لاحقا من القادمة الكبار في الجيش: جنود احرقوا منازل مخربين لانهم لم يجدوا طريقا آخر لتدميرها.