ترجمات عبرية

يديعوت / في اعقاب القتل في برقان – اسطورة “منفذ العملية الفرد”

يديعوت – بقلم  اليكس فيشمان  – 11/10/2018

قبل نحو اسبوع من العملية الاجرامية في المنطقة الصناعية برقان جرى في المدينة الفلسطينية الجديدة روابي مهرجان موسيقي ضخم شارك فيه عشرات آلاف الشباب والشابات الفلسطينيين. لم تتجول هناك أي امرأة مع برقع، وأحد لم يطلق النار في الهواء. مهرجان آخر بروح غربية من النوع الذي نراه في اشهر الصيف في حديقة اليركون. ما أزعج القيادة الفلسطينية هو حقيقة أن المهرجان جرى يوم السبت، بعد يوم من الصدامات الدموية على حدود غزة والتي قتل خلالها سبعة شبان وأصيب 500. ولكن هذا لم يزعج عشرات آلاف الشباب الذين تدفقوا الى روابي من كل ارجاء الضفة للاحتفاء بالحياة، تماما مثلما كانت صراعات القوى في القيادة الفلسطينية قبيل انعقاد المجلس المركزي لـ م.ت.ف في نهاية الشهر تعنيهم كما تعنيهم قشرة الثوم.

لا شيء في ما يسمى “اجواء العنف في الضفة” لم يتغير جوهريا في الايام ما قبل القتل في برقان، ولا في الايام التي بعده. فالاحاديث عن شارع محرض الآن اكثر من أي وقت مضى – والذي العملية في برقان هي كما يُزعم أحد اعراضه – هي تخمين عاقل آخر من الجيش عن المزاج العام في الجمهور الفلسطيني. وهذه هي المشكلة. فالجمهور في اسرائيل يتعرف على ما يجري في الشارع الفلسطيني من زاوية النظر المحدودة لجهاز الامن. فالحديث يدور عن قشة رفيعة جدا، تعنى اساسا بمواجهة التهديدات. وبالتالي، فلا غرو في أنه حتى بعد العملية في برقان قصف الجمهور في البلاد بوابل من الرسائل الثابتة لدى جهاز الامن: يوجد ارتفاع في التوتر في المناطق، قوات الامن تستعد لعمليات التقليد.

“عمليات التقليد” هي مفهوم تبناه الجيش من مجال علم النفس، كي يدخل منطقا ما في ظاهرة “منفذي العمليات الافراد” الذين يطلون من مكان ما ويكشفون الجهاز بعريه. ولكن التقليد هو فقط سبب واحد، وهو ليس المركزي بينها، لأن يقوم شخص ما لديه مشكلة شخصية – نفسية فيمتشق سلاحا ويخرج في حملة قتل بادعاء “مقاتل حرية”. من بين 800 قضية امنية من انواع مختلفة، حلل الجيش والمخابرات هذه السنة لغزها في الضفة، فان 8 – 9 في المئة لم تمنع؛ فبعض هؤلاء تسللوا الجدار ووسائل الحراسة وقاموا بالقتل.

الولايات المتحدة تعاني هي الاخرى بتواتر متصاعد، من ظاهرة “منفذ العملية الفرد”: ذاك الشاب الذي قرر أن يدخل الى مدرسة، مكان عمل أو ناد، فيقتل الناس. في الولايات المتحدة يعمل القاتل باسم الرب، باسم العنصرية، باسم الانتقام من النظام وما شابه. أما عندنا، فهو يجتاز طريق النبل الوطني. هذه الطقوس تجر في اعقابها ايضا طقوسا دائمة مثل البث الحي والمباشر من مكان الحدث، عناوين رئيسة ضخمة، جنازات جماهيرية، مسيرات للسياسيين، توصيات من الخبراء لما ينبغي عمله في المستقبل. وعندها، بعد بضعة ايام، يعود الناس الى الحياة العادية، وعملية القتل التالية تمحو ذاكرة القاتل السابق.

في اسرائيل وفي الولايات المتحدة على حد سواء يعرف الناس أنه يمكن تقليص كمية نوبات الجنون هذه، ولكن أحدا لا يفعل حقا أي شيء كي يقلص الظاهرة. في الولايات المتحدة هذه قصة سياسية داخلية، موضع خلاف، حول وفرة السلاح الناري. فاذا فرضت قيود متشددة على شراء السلاح، وحراسة معقولة على المنشآت والمؤسسات، معقول الافتراض بأن عدد القتلة الافراد سيقل. عندنا ايضا يدور الحديث عن قصة سياسية موضع خلاف. فاذا نشأت اجواء حوار مع الفلسطينيين، يمكن الافتراض بأن كمية منفذي العمليات الافراد ستنخفض. صحيح أن منظمات الارهاب التي لن تكون راضية ستواصل انتاج العمليات، ولكن ظاهرة المنفذ الذي لا يوجد تحت أي مظلة تنظيمية، ستتقلص. هكذا على الاقل حصل في الماضي. والادعاء بأن العقاب القائم ليس رادعا بما فيه الكفاية هو ديماغوجيا، وذلك لأن القانون والمصلحة الامنية لا يسمحان بعمل اكثر بكثير مما يتم اليوم.

في مجال الحراسة ايضا يوجد عندنا الطقس الثابت إياه: يشكلون لجانا، يتخذون قرارات، ولكن في معظم الحالات فان التنفيذ إما جزئي أو عدمي. بعد فضيحة البوابات الالكترونية في الحرم اصدرت الشرطة عطاءات لافضل الشركات في مجال الحراسة. وتحمست الشرطة للخطط ولكن عندما رأت كم سيكلف هذا تراجعت. فمن اجل حراسة المنطقة الصناعية برقان وكل مصنع على حدة، فان الحكومة وارباب العمل على حد سواء سيتعين عليهم أن يستثمروا مبالغ طائلة. هذا لن يحصل. هذا ثمن اعتيادنا على الجمود مع الفلسطينيين، والذي له انماط سلوك ثابتة: انفجارات شعبية، هدوء، منفذ عملية فرد، ضحايا، حداد وطني، تهديدات، عقاب، نسيان، هدوء وهكذا دواليك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى