ترجمات عبرية

يديعوت –  غرق السرية

يديعوت– بقلم  اليكس فيشمان – 8/4/2021

” يخيل أن ذاك المحفل الاسرائيلي الذي “اطلع” محفلا امريكيا كي يطلع هذا “النيويورك تايمز” لن يهدأ الى ان يرى سفينة اسرائيلية تتفجر بعصف الى السماء أو عندها ستندلع مواجهة وتكون له فرصة لان يلوح بعباءة سوبرمانه”.

يعرف الايرانيون بانهم ضربوا سفنا تعود لاسرائيليين بل ويعرفون بانهم تلقوا الضربات ردا على ذلك. فاي مصلحة توجد لمحافل في الساحة السياسية – الامنية في اسرائيل بنشر مثل هذا الحدث باستثناء الحاجة المهووسة لارتداء عباءة “السوبرمان” واجتراف الاعجاب الجماهيري؟

لم تدرج اسرائيل على اطلاع محافل اجنبية بعمليات قواتها الخاصة. وهذا متبادل. وكان هذا دارجا على الاقل على مدى سنوات طويلة. يدور الحديث عن عمليات في اعماق اراضي العدو او بعيدا عن حدود الدولة وتنطوي ليس فقط على خطر جسدي على المقاتلين بل وامكانية فشل العملية او انكشافها قد يلحق ضررا سياسيا جسيما. قادة الوحدات الخاصة – الكوماندو البحرية، سييرت متكال وامثالهما – على علم جيد بسكين الجراح الدقيقة التي وضعت في ايديهم وليس صدفة أن السفن لا تغرق بل تصاب فقط. كل عملية كهذه تدرس بعناية بميزان الكلفة قبالة المنفعة. كل عملية كهذه تقر على الاقل في مستوى رئيس وزراء ووزير دفاع. عدد شركاء السر ضيق جدا، والسرية تتيح لاسرائيل أن تنفي العملية. السرية هي اداة عمل. اما نشر عملية اسرائيلية خاصة فيلحق ضررا مزدوجا: يكشف طريقة العمل – مما يمنع تكرار نمط العمل في المستقبل وكذا يستدعي رد فعل من الطرف المصاب وحرج دولي.

وعليه، فان النشر امس في “نيويورك تايمز”والذي افاد بان محافل اسرائيلية اطلعت الادارة الامريكية بان اسرائيل هي المسؤولة عن الاصابة التي لحقت بالسفينة الايرانية “سفيز” في البحر الاحمر قبالة شواطيء ارتيريا هو حدث خطير. وان كان في السنوات الاخيرة، كما ينبغي أن نعترف، تشقق عرف السرية وصيغة محفل امني اسرائيلي يطلع محفلا امريكيا مسؤولا، يطلع بدوره وسيلة اعلام امريكية بشأن عملية سرية اسرائيلية يكرر نفسه بشكل غريب. لا يوجد لذلك اي تبرير: موضوعي، وعيي أو ردعي. فالبراغي التي يفترض بها أن تحمي المصالح الامنية – القومية تحلحلت وباتت خاضعة لاغراض شخصية. فما بالك أنه في السنوات الاخيرة ايضا يتبدل هنا وزراء دفاع مثلما يبدل المرء جراباته وليس ثمة من يمسك اللجام.  بدأ هذا مع الكشف الفضائحي لسرقة الارشيف النووي الايراني، تواصل التنقيط على التوالي حتى تصفية عالم الذرة النووي في ايران، والان وصلنا الى فصل عمليات الكوماندو البحرية في البحر الاحمر.

تلك المنشورات الاجنبية تكشف لنا بان حملات سلاح البحرية ضد سفن ايرانية تنقل النفط او السلاح الى سوريا تجري منذ اكثر من سنتين، وحتى الان اصيبت اكثر من   20 سفينة ايرانية. عندما تظهر سفينة محملة بالعتاد العسكري او الوقود  ومتجهة لتمويل  اعمال معادية في لبنان وفي سوريا يجب وقفها، ومرغوب فيه على مسافة ابعد عن حدود الدولة قدر الامكان. وتفترض مثل هذه العملية على اي حال تواجد دائم في المنطقة لغرض جمع المعلومات الاستخبارية والمتابعة في الزمن الحقيقي. ولما كان الحديث يدور عن عمليات على حدود القانون الدولي مع احتمال تورط سياسي، معقول جدا الافتراض بان مثل هذه العمليات تستوجب ايضا تواجد محفل عملياتي كبير يقرر على الفور: التنفيذ او ع دم التنفيذ. وبسبب التعقيدات العملياتية، فان كل محاولة لعزو توقيت العملية لذكاء سياسي ما يربطها ببدء المحادثات على استئناف اتفاقات النووي مع ايران، بهدف تشويشها هي محاولة مبالغ فيها.

       في الحالة الاخيرة، يعزى لاسرائيل ضرب للسفينة الام التابعة لذراع الحرس الثوري البحرية. يدور الحديث عن سفينة تحمل اللوجستيات، الوقود، العتاد العسكري، رجال كوماندو وما شابه. وتشكل نوعا من قاعدة توريد في البحر أو قاعدة انطلاق لوحدات تخرج الى عمليات خاصة. وكل ذلك تحت غطاء سفينة شحن بريئة.  ويدعي النشر في “نيويورك تايمز” بان اسرائيل “عاقبت” الايرانيين، إذ من هذه السفينة خرج  ذاك القارب للكوماندو الذي زرع العبوة في جانب السفينة التجارية التابعة لرجل الاعمال الاسرائيلي وكانت في خليج عُمان.

       يخيل أن ذاك المحفل الاسرائيلي الذي “اطلع” محفلا امريكيا كي يطلع هذا “النيويورك تايمز” لن يهدأ الى ان يرى سفينة اسرائيلية تتفجر بعصف الى السماء أو عندها ستندلع مواجهة وتكون له فرصة لان يلوح بعباءة سوبرمانه.    

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى