يديعوت: عندما تحدد الإنجاز من خلال عمليات القتل على الجانب الآخر، أشعر بالقلق

يديعوت 6-11-2023، بقلم ناحوم برنياع: عندما تحدد الإنجاز من خلال عمليات القتل على الجانب الآخر، أشعر بالقلق
البشرى الطيبة أن العملية البرية تجري حسب الخطة، ومعنويات القوات المقاتلة عالية، ومجال تحكم حماس في مناطق غزة يتقلص. إذا ما ضرب الحظ، ربما يطل رهائن أحياء من بين الأنقاض. السنوار وعصبة قيادته سيصفون أو سيخرجون من الأنفاق رافعي الأيدي يستجدون حياتهم، وستعود قواتنا بسلام إلى قواعدها. ولكن لم يحصل بعد شيء من هذا. ثمة خطة؛ ولكن دون غاية.
عندما يبدأ “مصدر أمني كبير” بتحديد إنجازات الحرب وفقاً لعدد قتلى الطرف الآخر – 2000، 10.000، 20.000، يساورني القلق. هكذا سوق الجنرالات حرب فيتنام للرأي العام الأمريكي. لم يفهموا بأن ما سيحسم مصير الحرب هو عدد القتلى في طرفهم، وليس في طرف العدو.
هناك عدة هموم أخرى: كل منها جدير بمقال منفصل. سيحاول صياغتها بإيجاز.
احتجاج الطيارين: بعد الحرب، قال نتنياهو أمس، إنه يجب فحص العلاقة بين الاحتجاج وقرار السنوار مهاجمة بلدات الغلاف. يعرف نتنياهو أنها خدعة وسكين زائدة في ظهر مقاتلي الاحتياط، لكن لا يمكنه ضبط نفسه. مثلما في الليلة إياها، التي اضطر بعدها للاعتذار لرئيس الأركان وقيادة الجيش ورئيس “الشاباك”، هكذا فعل في إحاطته أمس. في كتابي فقرة قاسية لكنها صائبة: “كلب عاد لعادته”. لمن يحتاج إلى تفسير: غبي يكرر تفاهاته مثل كلب عاد إلى عادته.
سلاح الجو. في نهاية الأسبوع، زرعت قاعدة سلاح الجو التي تستخدم المُسيرات، الطائرات التي تفعل من بعد. في أيام الانتظار التي سبقت الخطوة البرية، طور الجيش وتدرب على لوائح عمل مشترك للطائرات والقوات البرية. شاهدت مقاتلي لواء “الناحل” التي مشطت مدرسة ومقبرة في شمال غزة. شوهد مخربون مسلحون واختفوا. طائرتان في الأعلى ودبابات في الأسفل قدمت المساعدة الملاصقة للمقاتلين. كان التنفيذ مبهراً. لكن في الأسبوعين – الثلاثة الأولى، الحرجة، في 7 أكتوبر، لم يؤثر سلاح الجو على الحدث في الميدان. المبررات موجودة، وكذا قصص حول انتعاش سريع وانتباه استثنائي من جانب الطيارين والموجهين في الساعات والأيام التالية.
المفهوم الحربي الإسرائيلي يقضي بأن سلاح الجو هو خط الدفاع الأول. يفترض أن يوفر أداؤه زمناً لباقي القوات كي تنظم نفسها. لذا تستثمر المليارات فيه. فوجئنا مرتين. في يوم الغفران 73 وفي فرحة التوراة 2023. لم يفِ سلاح الجو بالتوقعات مرتين. أين كان جهاز الاستخبارات المستقل خاصته. وهل من الصواب مواصلة الإبقاء عليه؟ سلاح جو حماس، مسلح بالحوامات والشراعية، له أجرة مدرسة. “لا يوجد سحر”، قال لي أحد كبار السلاح. “نحن جزء من الجيش الإسرائيلي”.
اليوم التالي. من سيحل محل حماس في السيطرة على غزة هو سؤال يشغل بال إدارة بايدن منذ بداية المعركة. فعل الأمريكيون شيئاً وشيئاً آخر، واستنتجوا أن ليس لهم عنوان آخر غير السلطة الفلسطينية. السلطة ضعيفة وفاسدة ومليئة بعناصر محبة للإرهاب، لكنها وفروعها الجهة الوحيدة. كما أن ليس لحكومة إسرائيل عنوان آخر. البديل الوحيد للسلطة هو احتلال دائم من قبل الجيش الإسرائيلي، الكابوس الذي وحده سموتريتش وجماعته مستعدون للاطلاع عليه.
سافر بلينكن إلى رام الله أمس. يعود أبو مازن ذو 88 ونصف، إلى دائرة الاهتمام. حكومتنا، بالمقابل، تهرب من المسؤولية: لا تبلور موقفاً، ولا تبلغ الجمهور، وتبيعه أقوالاً بأن أجهزة السلطة نازية. سيتعين على الحكومة أن تتوصل إلى تسوية مع هؤلاء النازيين: لا خيار آخر.
الضغط الأمريكي. الجمعة ليلاً، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” استطلاعاً للرأي العام، قبل سنة من الانتخابات للرئاسة، وأجري الاستطلاع في الولايات الست المفتوحة للصراع، وفاز فيها بايدن كلها في 2020. في خمس منها – اريزونا، جورجيا، ميتشغان، نفادا، وبنسلفانيا – فاز ترامب هذه المرة. هذا الشهر سيبلغ بايدن 81 عاماً. العمر وتأثيره يبعدان عنه الناخبين، لكن ترامب يعد كمصداق أكثر من بايدن في الاقتصاد والسياسة الخارجية وفي الهجرة أيضاً. ترامب يسبق بايدن بـ 11 في المئة في الموضوع الفلسطيني، رغم أن ليس للناخبين أدنى فكرة عن موقف ترامب في الموضوع الفلسطيني.
ليس مؤكداً أن بايدن لن يتخلى في النهاية عن ترشيحه. هو في هذه الأثناء بحاجة ماسة لتأييد الجناح اليساري في حزبه. هذا يسار آخر – ضحل وصارخ ومعادٍ لإسرائيل، وفي الهوامش لاسامي. هو يشخص إسرائيل مع كارهي روحه الإفنجيليين، الترامبيين، مؤيدي التفوق الأبيض. صورة الدولة لونت بصورة نتنياهو، رئيس الوزراء الوحيد الذي يعرفونه. بدا نتنياهو عبئاً في كل ما يتعلق بالحزب الديمقراطي. إن معارضة إسرائيل شاملة الآن أيضاً لطاقم العاملين في البيت الأبيض، معظمهم شبان من خريجي جامعات عليا. اضطر العاملون للشروحات. ما يحصل في الجامعات والبيت الأبيض قد يحصل أيضاً في الشركات الدولية. فإسرائيل تحتل الآن المكان الذي احتلته جنوب إفريقيا في عهد الأبرتهايد: الدولة البيضاء التي من الموضة كراهيتها.
الطلب الأمريكي لوقف نار في غزة لا ينبع من عطف خفي لحماس. الدافع سياسي؛ الحاجة حقيقية. إسرائيل متعلقة اليوم بالرئيس الأمريكي أكثر من أي وقت مضى. سيفهم نتنياهو ذلك سواء بالطريقة السهلة أو الصعبة.
القنبلة الذرية. خسارة أن عميحاي إلياهو، وزير شؤون التراث، لم يطلب إحاطة أمنية من دودي أمسالم، وزير شؤون الذرة. ربما شرح له أمسالم بأن قنبلة ذرية على غزة ستفرض مصاعب شديدة على مدى عمر سكان عسقلان و”سديروت”، وهناك الكثير من المصوتين لـ حزب “قوة يهودية”. كان هذا مجرد مجاز، شرح الوزير إلياهو لزعيم حزبه، بن غفير، مجاز قنبلة.
المجاز طريقة لفهم مفهوم ما بواسطة مفهوم آخر. إذا قلنا مثلاً إن حكمة الوزير إلياهو كحكمة الوزير كيش أو الوزير كرعي أو الوزيرة غولان، حينئذ سنقول مجازاً وحقيقة على حد سواء. ويوجد آخرون: حكومتنا هي حكومة مجازات على المليء.
إلى أن نتحرر من هذه العصبة، سنعود لنسمعهم يبصقون أقوال التحريض وأقوال الشر وأقوال الهبل، لفرحة الشبكة. خيراً فعل نتنياهو أنه لم يقله. المطلوب عقاب جماعي، وليس إنفاذاً انتقائياً.