يديعوت / ضوء تحذير

يديعوت – بقلم يوعز هندل – 27/5/2018
اذا كان أحد ما بحاجة الى تفسير لماذا تعد الشرطة ضعيفة خطرا ذا مغزى فانه حصل عليه في راهط يوم الجمعة. فجموع تهاجم سيارة شرطية في دولة سيادية يجب أن تشكل ضوء تحذير. وحين يحصل هذا المرة تلو الاخرى فانه لا يعود مجرد تحذير – بل حقيقة.
في الدولة الديمقراطية هناك حق وصلاحية للشرطة لاستخدام القوة على الفرد كي تدافع عن العموم. قد لا يكون هذا صحيحا سياسيا، ومشددا أقل على خلفية التركيز على العنف الشرطي، ولكن من اجل خلق انفاذ للقانون هناك حاجة لان يخاف المواطنون من افراد الشرطة وليس العكس. أن يروا في الشرطة مصدر صلاحية وانفاذ. أن يخافوا. يمكن تجاوز الادعاءات المعروفة عن دولة الشرطة. ففي الولايات المتحدة، الديمقراطية الاكبر، يخافون من الشرطة. والقواعد للمواطنين واضحة في كل لقاء مع الشرطي: لا يوجد أي غموض اين يمر الخط الاحمر ولا يهم اذا كان ايقافا على قارعة الطريق لطلب الرخصة ام للاعتقال. أما في اسرائيل فالخطوط مشوشة، وكل وسط اجتماعي يمارس العنف يرى في الشرطة هدفا مشروعا. بين النموذج الشرطي المجتمعي اللطيف وعديم الاسنان، على نمط الشرطي ازولاي، وبين نموذج الشرطي الصلب – فان الاخير اكثر نجاعة امام العنف. هل تحصل اخطاء؟ نعم. ولكن هذا لا يغير الحاجة لان يفضل السكان الاسرائيليون، سواء في راهط ام في مئة شعاريم العودة الى البيوت من الصدام مع الشرطة.
ان حق التظاهر او الاحتجاج لا يتضمن العنف، اغلاق الطرق بدون ترخيص أو المس بالممتلكات العامة. طالما لا يكون ردع – سنواصل مشاهدة صور كهذه.
عند مراجعة جملة الاحداث من الاسابيع الاخيرة نتبين ان دائرتين مختلفتين تختبآن خلف حادثة في راهط. فهو فقدان سيطرة مستمر على ما يجري في النقب. كمية الكلمات التي سكبت في الصحف – بما في ذلك من كاتب هذه السطور – عن انعدام قدرة الحكم، البناء غير المرخص، تعدد الزوجات والجريمة في الوساط البدوي، يساوي فقط كمية تصريحات السياسيين. عمليا لا توجد خطة استراتيجية حكومية للوسط البدوي تتضمن الكثير من العصي للانفاذ الى جانب الجزر. توجد فقط كلمات وخطوات صغيرة جدا.
الدائرة الثانية، ولعلها الاهم في سياق تلك الصور من راهط ونتائج المظاهرة في حيفا الاسبوع الماضي، هي الاسناد والدعم لعمل الشرطة.
في السنوات الاخيرة نشأت مسيرة نزع شرعية لشرطة اسرائيل من كل الاتجاهات. اخطرها هو بالذات من السياسيين. فالتصدي لمظاهرات البدو يحظى بانتقاد من جانب اليسار، والتصدي لمظاهرات المستوطنين يحظى بانتقاد من جانب اليمين واخيرا جعلت التحقيقات مع الشخصيات العامة وعلى راسهم رئيس الوزراء الشرطة هدفا – جزء من حملة تعرض الشرطة كهيئة ذات اجندة سياسية. وعلى كل هذه تتصدر وسائل الاعلام – وفي هذا السياق يمكن ايجاد تطابق شبه تام في الاراء – التي تسوق الشرطة للجمهور بشكل عام كجسم عنيف وعديم المنفعة. هكذا لا يمكن للامر ان ينجح. فالشرطة بحاجة الى قوة والى شرعية من الجمهور الذي يفترض بها أن تحرسه. وبدون هذا فان كل المهامة تنهار. يخيل لي ان ليس هناك احد لا يفهم هذا.
هذا وقت الطواريء: فنقاط الخلل الداخلية يمكن للشرطة ان تصلحها بقواها الذاتية، ولكن الاجواء وانعدام الرغبة في تحديد اهداف واضحة امام التسيب في النقب – تحتاج لان يصلحها آخرون. انه من واجب الجمهور ان يكف عن التذكر وان يدفع السياسيين. اذا قلتم ان الشرطة ليست جيدة بما يكفي، فانكم محقون، ولكن دون تعزيز الشرطة فانه لن تجدي الملفات من ايران او العلاقات الطيبة مع ترامب. فهذه هي الحياة نفسها.