ترجمات عبرية

يديعوت: خراب 7 أكتوبر: لا انتصارات تلوح في الأفق

يديعوت 2023-11-11، بقلم: ناحوم برنياعخراب 7 أكتوبر: لا انتصارات تلوح في الأفق

صباح 7 أ­كتوبر كان الأصعب والأكثر مرارة في تاريخ دولة إسرائيل: كل حدث هو قصة بحد ذاتها. لا يدرك بحجم الفظاعة، بعمق المأساة، بحجوم الضرر. نحن نغرق في القصص الإنسانية: كيف يمكن الا نفعل ذلك. انت تصل الى دولة في ذروة العزاء، قلت لصديق هبط هنا. مثلما في العزاء، الناس يأكلون، يضحكون، يثرثرون، لكن من تحت غلاف الطبيعة الرقيق يكمن الكرب، الجسيم والمضني، والى جانبه الغضب. وشيء آخر: من العزاء ينهض الناس؛ للعزاء يوجد تاريخ انتهاء. المجتمع الإسرائيلي سيعرف كيف ينهض من عزائه، يرمم نفسه ويعيد خلق التفاؤل والأمان، لكنه سيفعل ذلك في ظروف أصعب بكثير، اكثر تعقيدا بكثير. لمشكلة 7 أكتوبر لا يوجد حاليا تاريخ انتهاء.

لعل هذا هو الفرق بين الحادثة والمصيبة. في الحادثة يكون التطلع هو العودة الى الواقع الذي سبق الحادثة، اما في المصيبة فيجب التفكير بإعادة التفكير بالمسار من جديد.

في كابينت الحرب يجلس أناس تحوم سحابة قصور 7 أكتوبر فوقهم. يمكن ان نبدأ القائمة بالجيش، برئيس الأركان، برئيس شعبة الاستخبارات، بالسكرتير العسكري وبقائد المنطقة وقائد الفرقة الذين لا يجلسون هناك. يمكن أن نواصلها الى رئيس الشباك. ولعله من الادق ان نبدأ بالمستوى السياسي: رئيس الوزراء، وزير الدفاع، والوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت اللذين كانا رئيسي اركان في السنوات التي تجذرت فيها المفاهيم المغلوطة بالنسبة لحماس، بالنسبة للسنوار، بالنسبة للدفاع عن البلدات، بالنسبة للعائق. باستثناء نتنياهو كلهم اعلنوا، كل واحد بطريقته، بانهم يأخذون المسؤولية.

لا أدري اذا كانت قرارات وقصورات الماضي تلاحقهم حين يتخذون القرارات. فالنفس هي موضوع مركب حتى لدى الجنرالات والسياسيين. أحد الوزراء وعدني بان مداولات كابينت الحرب تجري في أجواء موضوعية. ما يحصل بعد ذلك، في التسريبات، في التشهيرات، أضاف وقال، يجري على حده.

التشبيه بكابينت حرب يوم الغفران غير ذي صلة. فعندما كانت غولدا وددو يتخذان القرارات لم يتصورا ان في نهاية الحرب سيخرج موطي اشكنازي للتظاهر، ستقام لجنة تحقيق وتبدأ مسيرة نهايتها سقوط الحكومة. حرب يوم الغفران كانت حرب القصور الأولى. نتنياهو وهليفي يعرفان. نتنياهو يعمل في الليل بكد كي يمنع ما هو متعذر منعه.

الدين الذي بدأ به مشاركو الكابينت الحرب يحتاج الى تغطية. الانتصار، هذا ما يريده الجميع، ايجاز يمنح نهاية طيبة، لا لبس فيها، لخراب 7 أكتوبر. لقد تباهى نتنياهو في احد خطاباته في نهاية الأسبوع بان جنرالات من كل العالم يأتون الى إسرائيل كي يتعلموا من الإنجازات المبهرة للجيش الإسرائيلي في الحرب. الحقيقة هي انهم يأتون قبل كل شيء كي يتلقوا جوابا على اللغز الذي يشغل في الشهر الأخير بال كل منظومة عسكرية وسياسية في العالم: كيف حصل ان جيشا خبيرا بهذا القدر، غنيا ومسلحا بهذا القدر، فشل بهذا القدر الفتاك في 7 أكتوبر. الإنجازات المبهرة للجيش الإسرائيلي منذئذ بالتنسيق بين القوات البرية والجوية، بالنار الدقيقة المجاورة لقواتنا، بمعالجة الانفاق هي بدرجة أهمية ثانية.

انا أيضا اريد الانتصار، تحرير كل المخطوفين، حتى آخرهم، تصفية تامة لحماس في غزة، ابعاد قوات حزب الله عن جدار الحدود في لبنان، تعمير فوري للبلدات المدمرة. عودة آمنة للبلدات التي هجرت. لشدة الأسف لا يوجد في الأفق انتصار كهذا. احاديث نتنياهو عن حرب لزمن طويل ليست رؤيا على نمط تشرتشل لأمة متألمة – هي بديل تسويقي على انتصار ليس موجودا. إما الانتصار أن الحرب. الواقع الذي ينتظرنا مختلف: مواجهات مع الدول الحليفة، وقف نار، تحرير سجناء، ابتزاز من إرهابيين متعطشين للدماء. على الرغم من ذلك، من الصواب أن نرى في كل شخص يتحرر حياً من هناك انتصارا، في كل يوم تتقدم فيه القوات في الميدان دون ِأن تتكبد خسائر كثيرة انتصارا. اقل انتفاخا، اقل تواضعا. أحيانا، كتبت هذه الأسبوع، الفهم بانه لا يوجد انتصار هو أيضا انتصار.

الغرور كان غرورنا

تباهينا لسنوات بقدراتنا الهائلة حيال ايران. انظروا اليهم: نحن، حسب منشورات اجنبية، نصفي لهم علماء نووي، نسرق لهم الأرشيف، نقصف لهم قوافل في سورية، مخازن، مواقع، ميليشيات، وهم يستلقون مشلولين على الأرض، مهانين، عديمي الوسيلة. في احاديث اجريتها على مدى السنين مع مسؤولين كبار في الحكومة وفي جهاز الامن عدت وسألت: كيف يمكن لهذا ان يكون. وكان الجواب: حقيقة. وفضلا عن هذا، حاول الإيرانيون ان يمسوا بالاسرائيليين في الخارج وبشكل عام فشلوا.

الغرور كان غرورنا. في الوقت الذي عملنا فيه على الهوامش، عمل الإيرانيون على الأساس: الدفع قدما بالمشروع النووي، تسليح فروعهم في لبنان، في سورية وفي اليمن بصواريخ دقيقة، تعزيز المحور الذي رأسه في طهران، وتتمته في دمشق، في بيروت، في اليمن، في غزة وأخيرا أيضا في موسكو. في المقابلات التي منحها ممثلو حماس في قطر لـ «نيويورك تايمز» اعلنوا بان الهجوم في 7 أكتوبر استهدف إعادة رفع القضية الفلسطينية الى الطاولة الدولية. وكأن الهجوم في الغلاف لم يكن انفجار تزمت ديني وتعطش للدم والغنيمة بل خطوة عاقلة، وطنية وسياسية. أن رفعوا الفلسطينيين الى جدول أعمال نجحوا فيه. مساهمتهم للسيد الإيراني لا تقل أهمية.

امام تعزز المحور الإيراني تحتاج اسرائيل لاميركا ولرئيسها مثلما لم تحتجهما ابدا.

كاتب الرأي توماس فريدمان كتب امس في «نيويورك تايمز» بان الرئيس بايدن يمكنه أن يواصل تزويد الجيش الإسرائيلي باحتياجاته ودعم الاعمال العسكرية في غزة فقط اذا ما دخلت إسرائيل الى مسيرة سياسية مع الفلسطينيين في الضفة بهدف الوصول الى دولتين. فريدمان يكتب بتخويل وبإذن. حكومة إسرائيل الحالية لا تريد ولا تستطيع استيفاء هذا الشرط للرئيس الأميركي. لإسرائيل توجد حكومة ما قبل 7 أكتوبر ليست مبنية لواقع 8 أكتوبر. انعدام التوافق بين الاحتياجات الفورية والظروف السياسية يخلق صعوبة. والنتيجة هي ضغط اميركي متعاظم للموافقة على وقف النار.

ظاهرا، الجدال حول المعنى. الاميركيون يقولون وقف نار؛ إسرائيل تقول هدنة، وقفة. الأفضل، هدنة إنسانية. تعبير «هدنة» اكثر راحة للجمهور في البيت، التعبير يعبر عن «إنسانية» اكثر راحة للاعلام في الخارج.

ويوجد موضوع آخر، قال الإسرائيليون للاميركيين: تعبير «وقف نار» يعطي للسنوار ولجنوده إحساسا بان الخلاص قريب. يجدر مواصلة القتال. ليس هكذا في الهدنة.

من خلف المعنى يختبيء جدال عسير على سلم الأولويات. الجيش الإسرائيلي يحتاج الى الزمن. بعد استكمال التطويق لمدينة غزة وعزلها عن وسط القطاع، فان الهدف هو الوصول الى حسم في حيين. صحيح حتى صباح امس، انتقلوا في بعض الأماكن من الحسم الى الإبادة – هذه هي الاصطلاحات العسكرية. في أماكن أخرى، سلسلة قيادة حماس تواصل العمل، والمخربون يواصلون القتال. الامل هو ان يكون الضغط كبيرا بما يكفي لتغيير مواقف السنوار للسماح بتحرير مخطوفين بحجم كبير او بخروج عام لحماس من غزة.

حي آخر هو التالي في الدور. لهذا مطلوب زمن. اما بايدن فليس لديه زمن: الصور من غزة المدمرة تكشفه لانتقاد في الجناح اليساري من حزبه وتعرضه كمن استسلم لارادة حكومة إسرائيلية غير شعبية. حلفاء أميركا في المنطقة يخشون على استقرار حكمهم. استطلاعات الرأي العام رهيبة دون صلة بإسرائيل، ليست لديه احتياطات.

غالنت يتحدث عن قرارات صعبة يتعين على الكابينت ان يتخذها. وهو لا يفصل عن أي قرارات يقصد – هل المواجهة مع الإدارة الاميركية او وقف القتال على الأرض قبل الأوان. هل رفض صفقة مخطوفين او العكس، تحرير سجناء اشداء.
ان الانباء عن صفقات لتحرير سجناء مغمسة بانباء ملفقة. حماس تدعي بانها تقترح صفقة لكن مشكوك أن تكون لديها قائمة متفق عليها لكل المخطوفين في غزة. في هذه الاثناء تطلب وقف نار كي تعد قائمة. محافل في حكومة إسرائيل تدلي بدلوها في لجة الشائعات. كل مصدر وتلاعباته. وفي هذه الاثناء، كل يوم، كل ساعة، يزداد الخوف بان مزيدا من المخطوفين سيمرضون او سيموتون.

في غضون أسبوع، حد اقصى أسبوعين، سيتعين على إسرائيل أن توافق على وقف نار. الجيش الإسرائيلي سيبقى في شمال القطاع، بحجم قوات اضيق، في شيء ما مثل حزام امني. وعندها، ماذا عندها؟ ليس لاصحاب القرار في هذه اللحظة أجوبة.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى