يديعوت: حـرب إسـرائيـل المتـدحرجـة: حـسـابـات الـربـح والـخـسـارة
يديعوت 6-4-2024، بقلم: ناحوم برنياع: حـرب إسـرائيـل المتـدحرجـة: حـسـابـات الـربـح والـخـسـارة
وزير الدفاع يوآف غالانت سافر، أول من امس، إلى حيفا، ليشاهد عرضا عن أعمال قيادة الجبهة الداخلية حيال هجوم صاروخي من لبنان، من سورية أو من ايران. استغل غالانت الفرصة كي يساهم بنصيبه في جملة التهديدات المتبادلة. «نحن سنعمل في أماكن عملنا فيها»، وعد. «نحن سنعمل في أماكن يعرفها العدو لكن أيضا في أماكن لا يعرفها العدو».
منذ 7 أكتوبر وغالانت يكثر من التهديد. هو يهدد «حماس»، «حزب الله»، سورية، ايران. عندما أسمعه، أتساءل ما الذي في أقواله هو جزء من روتين عمل وزير الدفاع، انت تهدد، إذاً، انت موجود، ما الذي يشكل جزءا من حوار واع، محسوب، هدفه ردع العدو، وما الذي يقال كدفع للحجة قبيل الكارثة التالية وما الذي يسعى لأن يعزف على مخاوف الإسرائيليين من حرب تنالهم في بيوتهم، عميقا في الجبهة الداخلية. بإيجاز، لست واثقا من الذي يهدده هو، الإيرانيين أم نحن. لعله يجدر به هو أيضا أن يركض إلى السوبرماركت ليشتري ماء.
نتنياهو يضيف إلى تهديدات غالانت سلسلة تهديدات خاصة به: هو يهدد الأميركيين، الأوروبيين، المنظمات الدولية، قطر وحتى مؤخرا الأردن ومصر. كلهم كانوا تحت تهديده.
حسن مهداوي، قائد فيلق القدس في سورية، كان إصابة سيئة. إسرائيل فتشت عن رأسه لزمن طويل. آمل فقط أن من قرر إطلاق الصاروخ إلى المبنى المحاذي للسفارة الإيرانية في دمشق أجرى الحساب حتى النهاية، فما هي منفعة هذه الخطوة، وما هو ضررها. لست واثقا أن هكذا كان. بخلاف الانطباع الناشئ لدى الجمهور منذ 7 أكتوبر تخوض إسرائيل حربا متدحرجة. توجد بعض الأماني؛ لا توجد استراتيجية. الانتصار المطلق ليس موجودا إلا في الخطابية الكاذبة لنتنياهو. عندما كتبت هذه الأمور هنا في الأسابيع الأولى من الحرب كان قراء اتهموني بالانهزامية، بالخيانة، باختيار «حماس». مرت منذئذ ستة اشهر، ولا توجد بشائر طيبة. الصفقة لإعادة المخطوفين عالقة بين القاهرة والدوحة؛ السنوار ناج ومسيطر، محوط برهائن؛ 100 ألف ممن اخلوا بيوتهم منقطعون عن حياتهم؛ الدولة انكمشت، في الشمال وفي الجنوب، تنتظر بقلق الضربة التالية. حتى لو تغلبنا على كل هذه الضربات، وليتنا نتغلب، فإن الخطر الأكبر في المدى البعيد هو فقدان أميركا. توجد سياقات تاريخية ليست قابلة للإصلاح: حلف بني على مدى 100 سنة، تعمق في الرأي العام وانتشر على كل الساحة السياسية، يمكنه أن ينهار ويتفكك أمام عيوننا. بمفاهيم عديدة هذا يحصل منذ الآن.
لم يتخيل أي من أصحاب القرار، لا في الجيش ولا في المستوى السياسي، أن يحصل هذا. الترددات في ما العمل في أعقاب كارثة 7 أكتوبر تركزت في الخطوات العسكرية. غالانت وقيادة الجيش دفعوا نحو عملية دراماتيكية في لبنان؛ غانتس وآيزنكوت عارضا؛ رئيس الأركان دفع نحو عملية برية في غزة؛ نتنياهو خاف من الثمن في الضحايا للجيش الإسرائيلي. أما، اليوم، في نظرة إلى الوراء، يوجد ألوية وفرقاء متقاعدون يسألون لماذا بدؤوا العملية البرية في شمال غزة وليس في جنوبها، في منطقة رفح. في الأسابيع الأولى من الحرب كان يمكن تحقيق تعاون مع المصريين في منطقة الحدود والصعود شمالا.
أمنية كانت في انه تحت الضغط العسكري، «حماس» ستنهار، وفي أعقابها ينثني نصر الله أيضا. هذا لم يحصل. حصل شيء آخر تماما: تحت الضغط العسكري قرابة مليون ونصف المليون غزي نزحوا جنوبا، آلاف الأطفال، النساء والشيوخ قتلوا في القصف. الضائقة في غزة حقيقية. الصور من هناك احتلت الشبكة وشطبت التأييد الذي حظيت به إسرائيل في العالم في أعقاب المذبحة. الميل المناهض لإسرائيل كف عن أن يكون مشكلة إسرائيل وحدها: اصبح مشكلة سياسية تهدد كل حكومة صديقة. إسرائيل بمثابة جنوب إفريقيا «الأبرتهايد»، روسيا بوتين.
سواء أحببنا أم لم نحب، هذا هو العالم، اليوم. يمكن أن نصدم من انعدام النزاهة في الحوار في الشبكة، من الأكاذيب، من المظاهر اللاسامية، لكن لا يوجد لنا عالم آخر.
لقد ولد إخفاق 7 أكتوبر من إغماض عيون في ضوء القدرات المكشوفة لـ»حماس». إخفاق ما بعد 7 أكتوبر نبع من إغماض العيون في ضوء قيودنا. مسؤولية نتنياهو لما حصل في 7 أكتوبر جزئية؛ مسؤوليته لما حصل من اليوم إياه وما بعد كاملة. هو المسؤول للرفض في كل ما يتعلق بالمساعدة الإنسانية؛ هو الذي تنكر لحقيقة أن التأخير في المساعدة يخلق لإسرائيل مشكلة استراتيجية. هو المسؤول عن التوقف قبل الأوان لجولات تحرير المخطوفين؛ هو المسؤول عن تحويل احتلال رفح – بيضة لأسباب عسكرية طاهرة لم تفقس بعد – إلى خصام وضع إسرائيل أمام كل الغرب وكل الدول السنية؛ هو المسؤول عن المواجهة الحادة مع إدارة البيت الأبيض.
هو المسؤول عن الفراغ الذي خلقته إسرائيل في غزة، فراغ يسمح لـ»حماس» بالعودة للسيطرة على المناطق التي أخليناها وفيها يشتد الجوع ويقتل الأبرياء. هو المسؤول ومسؤولون معه كل أعضاء «كابينت» الحرب، سواء حذروا أم لم يحذروا.
لقد اجبر موت سبعة عاملي منظمة الإغاثة «المطبخ المركزي العالمي» حكومات في العالم لأن تقول، حتى هنا. فقد دفن، مؤقتا أو نهائيا، خيار رفح. خوسيه اندراوس، الشيف الذي يترأس المنظمة هو أحد الشخصيات المحبوبة للغاية لدى الشبان الليبراليين في الولايات المتحدة. بايدن لا يمكنه أن يخسره. الخطأ في هذه الحالة كله من نصيب الجيش الإسرائيلي، لكن للرأي العام في الغرب مريح إلقاء الذنب على نتنياهو. في القدس يتظاهرون ضد نتنياهو الرجل؛ في العالم يمقتون نتنياهو الرمز.
«كفى»، في عنوان ضخم، يقول مقال افتتاحي في الصفحة الأولى لصحيفة «الإندبندنت البريطانية». «السبعة الذين قتلوا اصبحوا رمزا لكل انعدام القانونية والتسيب الذي يدير فيه نتنياهو الحرب. حان الوقت لعمل كل ما يلزم لأجل إجبار إسرائيل على وقف الحرب».
لا اعتقد أن حكومة إسرائيل ينبغي لها أن تأخذ الأوامر من صحيفة بريطانية. ولا من حكومات العالم. لكن لعله حان الوقت لإجراء حساب المنفعة/الكلفة، ما الذي تبقى لنا لنربحه من استمرار القتال في غزة وما الذي نخسره. فقد تلقينا الضربات؛ أكلنا السمك الفاسد؛ فما الذي يجعلنا نواصل إلى أن نطرد من المدينة.