ترجمات عبرية

يديعوت: حرب غزة: سيف الوقت، أحجية السنوار، ومعضلة سموتريتش

يديعوت 2023-11-04، بقلم: ناحوم برنياع: حرب غزة: سيف الوقت، أحجية السنوار، ومعضلة سموتريتش

التقيت أول من أمس في المناطق المحاذية لشمال القطاع ضابطا عسكريا كبيرا، رجل احتياط، من سكان كيبوتس في الغلاف. أخليت عائلته الى أحد الكيبوتسات في الجبهة الداخلية، وهو عاد الى الجيش، الى فرقة تتحمل في هذه اللحظة عبء القتال في غزة. تحدثنا عن الضربة القاضية التي تلقيناها في احداث 7 أكتوبر. روى لي أنه في أيام انتظار العملية البرية خرج الى جنازة صديق قتل. وقال: “لم يكن لدي وقت لأبدل ملابسي. بقيت بالبزة، وهذا لم يكن بسيطا. لأول مرة في حياتي لم اشعر بالراحة وأنا أسير بالبزة العسكرية”.

أفترض ان هناك قراء ستقول لهم هذه الجملة الكثير. فهي ستجسد لهم عمق الألم، عمق الحرج. في الأسابيع الثلاثة الأخيرة اسمع كثيرا جملا مشابهة، كما اعترف على مسمعي رئيس اركان متقاعد.

ان عصف المشاعر الذي يمر به الكثير جدا من الإسرائيليين منذ السبت اياه يمكن أن نقسمه الى ثلاثة فصول. الفصل الأول يتعلق بالقصورات التي سبقت هجوم حماس. ويتعلق الثاني بالرد الهزيل، البطيء، المغترب من قادة في الجيش على صرخات النجدة التي انطلقت على مدى اليوم في بلدات الغلاف. أما الفصل الثالث فيتعلق بدخول قوات الجيش الإسرائيلي الى غزة. انتقل الناس في غضون أيام من ثقة مطلقة الى صدمة، من صدمة الى غضب، الى إحساس بان الجيش خانهم، وانهم لن يتمكنوا ابدا من الاعتماد عليه مرة أخرى، وعندها، من ليل السبت الأخير، مرة أخرى الى تأييد وثقة مطلقتين عديمتي الشكوك.

“نصدق الجيش لأنه لا توجد جهة أخرى يمكن تصديقها”، قال ضابط الاحتياط. اشعر مثلك، قلت له. الجيش لا يزال هو الخيار الأفضل لدي. فكرت بداني فوكس من كيبوتس باري. وصلت الى كيبوتسه في اليوم الثاني من الحرب حين كان المخربون لا يزالون يتجولون بين البيوت المحترقة ويطلقون النار. روى لي فوكس عن الساعات الرهيبة التي مرت عليه وعلى عائلته حين لم يأت الجيش او جاء وترك، وعندها تحدث بانفعال عن الجنود الذين جاؤوا في النهاية وقاتلوا ببطولة.

عن مصيبة 7 اكتوبر يتحمل المسؤولية سياسيون وقادة عسكريون. للسياسيين الناس ليسوا مستعدين لان يغفروا؛ وعن حق هم غير مستعدين لأن يغفروا. أما للجيش فهم يغفرون دوماً.

في رأس السنوار

الحرب هي صدى غامض في غرفة العمليات المتقدمة لفرقة 162. حاضرة وغير حاضرة. في الغرف المبطنة بالاسمنت يجلس ضابطات وضباط معظمهم من الاحتياط ويتابعون صور الحرب على الشاشات. قادة الفرقة السابقون يلبسون البزات ويأتون لإسداء المشورة. الأدرينالين يملأ الجو. ربما أيضا اللقاء المتجدد مع الرفاق، اخوة السلاح. الأخضر الموحد. الأحذية المغبرة، الهروب من الهموم اليومية. الحيطان مليئة برسائل الحب والإعجاب التي كتبها ورسمها أطفال وبشعارات تعد باننا معا سننتصر.

16 مقاتلاً قتلوا في يوم الثلاثاء، انتقلت الشائعة من الفم الى الاذن ونقلت المجتمع المدني من النشوة المؤقتة الى اكتئاب مؤقت. ونشر أمس امر سقوط المقدم سلمان حبقة، قائد كيبة ورجل شجاع جدا تميز بالقتال على كيبوتس باري.

يوجد لهذه الحراكات تأثير قليل جدا على معنويات من ينشغلون في القتال. المقاتلون يعيشون يومهم. والأمس بعيد عنهم. اما الغد فلا يتحقق.

في أثناء الأسابيع التي سبقت التوغل البري جرت مداولات في الفرقة وفي قيادة المنطقة الجنوبية عن غزة في اليوم التالي. للكابينتان، الضيق والموسع، مضمون هذه المداولات لم يصل. فالعملية البرية هي خطوة عسكرية نتائجها مفتوحة. محاصرة وبتر، اسماها مصدر عسكري. غلاف غزة الجديد، اضفت أنا. وزير الدفاع غالنت يتحفظ من التشديد على الموضوع الجغرافي. تآكل العدو أهم في نظره من اغلاق المنطقة وهو يأمل في ان الضغط من الأسفل، من السكان، سيخضع السنوار. تفقد التعليمات التي يصدرها السنوار، كما يبدو، من الخندق بالتدريج العلاقة بما يحصل في الواقع.

لعل هذا هو الاتجاه، لكن، صحيح حتى يوم أمس، حماس لم تنهر. هي تقاتل، ولشدة الأسف تجبي منا ثمنا باهظا. فهل، كما كتب أمس في الصحيفة نداف ايال، سيفكر السنوار في لحظة ما في خروجه هو وقادة حماس الآخرون من غزة الى المنفى؟ الفكرة مشوقة. وهي تعطي مجالاً للأمل.

هل هذا ما يريده السنوار؟ يوجد في إسرائيل الكثير من الخبراء في شؤون السنوار، ومعظمهم اخطؤوا فيه خطأ رهيباً. لا اعتقد ان أحداً ما حقاً يعرف ماذا يحصل في رأسه. لكنه ليس عرفات 1982، الذي وافق على أن ينتقل من منفى لبنان الى منفى تونس وانطلق من هناك من جديد. ومع ألف فرق، فانه أيضا ليس اليعيزر بن يئير الذي انتحر مع رجاله في متسادا. الأوراق التي يحتفظ بها في هذه اللحظة قوية: 242 مخطوفاً، الاعجاب في العالم العربي والإسلامي وصعوبة إسرائيل المتفاقمة للالتزام بقيود الزمن والشرعية. وضعه صعب، لكنه ليس يائسا.

خطران

يتحدثون في الجيش عن أشهر سيتطلبها تطهير مدينة غزة من مخربي حماس. مشكوك أن يكون بوسع الإدارة الاميركية ان تتعايش مع جدول زمني كهذا، ان تواصل ردع حزب الله في الشمال والحوثيين في اليمن وتواصل اسناد إسرائيل سياسيا، رغم الصور القاسية، رغم المعارضة في الجناح اليساري بين الديمقراطيين.

بعد أن أصيب عدد كبير من غير المشاركين في المعركة مع كتيبة حماس في جباليا، رفع وزير الدفاع اوستن الهاتف لغالنت. المكالمة كانت قاسية. تحدث غالنت عن ضرر جانبي، اما أوستن فقد تحدث عن ضرر حقيقي. تحدث غالنت عن إبراهيم البياري، قائد الكتيبة الذي صفي. فقد قال “لقد وجه جنوده كيف يقتلون الأطفال ويغتصبون المجندات”.

يؤمن غالنت بانه في نهاية الحرب سيتمكن من ان يقول للجمهور انه حقق هدفين: لا يوجد حكم حماس وقطاع غزة فك عن مسؤولية إسرائيل – لا شاحنات، لا عمل، لا مستشفيات. فإما ان يحقق هذين الهدفين، او يشرح من منعه من أن يحققهما. هذه هي الرواية.

اليوم سيصل وزير الخارجية بلينكن مرة أخرى الى إسرائيل. الإنجليزية إياها، لكن لغتين. يحتاج نتنياهو الى الزمن، المال، الاسناد والشرعية، أربعة مقدرات آخذة في التآكل؛ إدارة بايدن بحاجة الى استراتيجية خروج. هي تسعى لتنظيم قوة برية تؤدي مهامها كصاحب السيادة في غزة بدلا من حماس، وفي المرحلة التالية لإعادة بناء السلطة الفلسطينية وإعادتها الى القطاع. ان شئتم، خطران من المصنع اللبناني: خطر المراوحة؛ خطر القوة الدولية التي من تحتها يزدهر الإرهاب.

تجولت هذا الأسبوع في مناطق الاستعداد. في حملة الجرف الصامد قتل نحو نصف الجنود في الخلف، في مناطق الاستعداد. هذه المرة يستعد الجيش الإسرائيلي جيداً، تحت حماية القبة الحديدية. الحقول التي استخدمت مواقف للدبابات والمجنزرات تكاد تكون فارغة. هنا وهناك مركبة أصيبت في 7 أكتوبر وتركت، هنا وهناك دبابة خرجت من غزة، هنا وهناك مجنزرات وناقلات فعلت مضادات دروع حماس فعلها فيها. لن تدخل أي ناقلة جنود هذه المرة الى غزة، كما يعدونني. لكن، كما علمت هذا الأسبوع، فان النمر، المجنزرة العسكرية الإسرائيلية الجديدة، غير محصنة.

القتل، السلب، الضم

يبشر الأسبوع الرابع من الحرب بعودة السموتريتشيين والبن غفيريين. اتخذوا في البداية خطوة الى الوراء: فلم يؤهلهم أي شيء للتصدي للضائقة التي ولدت في كارثة 7 أكتوبر. لكن هذا لا يستمر طويلا. في الوقت الذي يركز فيه كابينت الطوارئ على الجهد لمنع اتساع الحرب في غزة وفي الشمال الى ساحات أخرى، يسعى الوزيران السائبان الى فتح جبهة ثالثة. ما يعتبر في نظر معظم الإسرائيليين خطراً كبيراً، في نظر سموتريتش وبن غفير فان يعتبر فرصة. موجة إرهاب فلسطينية في الضفة، يشعل إوراها إرهاب يهودي، ستجلب الفوضى التي يمكن بعدها فرض النظام: القتل، السلب، الضم.

نشأ في هذا الموضوع  حلف مشوق بين يوآف غالنت وغادي آيزنكوت وبيني غانتس. تربى ثلاثتهم في منظومة عسكرية آمنت بأن الرزق يبعد عن الإرهاب. من يوجد له خبز يتعين عليه أن يجلبه لأطفاله، سيفكر مرتين قبل أن يحمل السكين. كما آمنت المنظومة العسكرية بالتعاون الأمني مع أجهزة السلطة الفلسطينية. سلطة قوية تكبح الإرهاب.

قبل شهرين قررت الحكومة سلسلة خطوات تستهدف تعزيز السلطة اقتصاديا. سموتريتش، بقبعته كوزير للمالية، رفض التوقيع. وهو يرفض ان يحول الى السلطة 682 مليون شيكل مدينة إسرائيل بها لها، في جباية الجمارك والضرائب. بقبعته الثانية كمسؤول عن الإدارة المدنية، يفعل كل ما في وسعه كي يمول الاستيطان غير القانوني والسلب من الفلسطينيين. بن غفير يساهم بنصيبه، بالتوزيع غير المسؤول للأسلحة على جهات مشكوك فيها بالمستوطنات وبتجاهل انتهاكات القانون. 4 آلاف عامل من غزة علقوا في إسرائيل منذ بداية الحرب؛ 3 آلاف آخرون علقوا في الضفة. يرفض بن غفير إعادتهم الى غزة. “هذا جنون”، يقول آيزنكوت. “محبان لاشعال النار يريدان اشعال جبهة ثالثة. يدور الحديث عن نحو 200 بلدة يهودية؛ مئات الكيلومترات من الطرق التي يجب حراستها. سيتعين علينا أن نضاعف القوة هناك بثلاثة اضعاف – ان نملأ يهودا والسامرة برجال الاحتياط. ليس لديهما أي فهم لمشاكل الامن في إسرائيل”.

للحكومة التي قامت قبل عشرة اشهر كان جدول اعمال خاص بها. من يومها الأول ادارت الظهر لجدول الاعمال الحقيقي الذي ينبغي لحكومة إسرائيل أن تعالجه. هذا التوتر اصبح هوة في 7 أكتوبر. إسرائيل في قارة واحدة؛ بن غفير وسموتريتش في قارة أخرى. كل شخص يفهم بانه في نهاية الحرب لن يعود الوضع الى ما كان عليه. القرارات الحاسمة الواجبة لا تنسجم والمعتقدات المتزمتة لممثلي الحزبين. يحتمل ان يكونوا يفهمون بان الوداع قريب. هذا سبب آخر لمواصلة سلب الميزانية في صالح الأموال الائتلافية. بعدهم الطوفان. لقد دخل غانتس وايزنكوت الى الكابينت كي يكبحا ما يعتبر في نظرهما خطوات تعرض الامن للخطر. السؤال هو كم تأثير يوجد لهما، لغالنت، للشاباك وللجيش حيال سموتريتش وبن غفير. ان استمرار حكم نتنياهو متعلق بالحزبين الحريديين القوميين. كلما ضعف اكثر في الجمهور بات متعلقاً اكثر بأصابع أعضائهما.

مثلما في كل مسألة الحرب، في هذه المسألة أيضا يفضل نتنياهو التأجيلات المتكررة. يتنقل من كابينت الى كابينت، يثرثر ويتحدث. وفي هذه الأثناء يعود الإرهاب في الضفة ليرفع الرأس.

“دخلت الى الحكومة بأمر التجنيد 8″، يقول آيزنكوت. “أمر 8 هو لزمن محدد ومحدود”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى