يديعوت: حتى الدعوى
يديعوت 17/5/2024، ناحوم برنياع: حتى الدعوى
خمسة مظليين قتلوا أول أمس في جباليا بنار قواتنا. موت زائد، يجنن العقل، يقع في أحيان قريبة جدا في هذه الحرب. صحيح حتى يوم الأربعاء في السادسة مساء، موعد المؤتمر الصحفي الذي يعقده يوآف غالنت، موتهم لم يكن سمح بنشره بعد. وبغياب البديل، يبلغ المراسلون عن “معارك ضارية في جباليا”. وهم لا يبلغون عن المعارك بين من ومن.
غالنت، بلباس اسود، يدخل الى الغرفة بخطوة نشطة، مركز على مهمته. يقرأ النص الذي اعده مسبقا، جمل قصيرة وقاطعة، تطلق كالصاروخ الى هدف العدو. بعد ذلك يكررها المرة تلو الأخرى، كلمة بكلمة. “لا اتهم أحدا”، يقول غالنت ردا على سؤال صحفي، لكن أحدا في الغرفة لا يتشوش، ولا حتى المراسلون من قنوات نتنياهو. يصعب عليّ أن أتحرر من الإحساس من أننا كنا في هذا الموقف: قبل 25 سنة، في 1999، اسحق مردخاي – مثل غالنت، لواء في الاحتياط؛ مثل غالنت، وزير دفاع مُقال – وجه ضربة قاضية لنتنياهو في مواجهة انتخابية في التلفزيون. البث شق الطريق لانتخاب اهود باراك لرئاسة الوزراء.
لكن في حينه لم نكن في ذروة حرب آخذة في التعقد، حرب اللا مخرج.
توجد بضعة أمور للمواجهة الحالية، وكلها دراماتيكية. الامر الأول شخصي: فهو مشحون بضغينة متبادلة بشكل شكاك من الاثنين، برواسب شخصية من الماضي وبرواسب شخصية من الحاضر.
المستوى الثاني استراتيجي: غالنت يطلب ان يبنى في غزة قطار سلطوي يمكن لإسرائيل أن تتعايش معه. صواريخ ستطلق بين الحين والآخر، كما أن منظمات الإرهاب ستكون لكنها ستعمل سرا، حيال حكم معادٍ واجتياحات للجيش الإسرائيلي. غزة تحت حكم فلسطيني محلي، مرتبط برام الله، هو في نظره أسوأ الشرور.
نتنياهو يرى في كل جسم فلسطيني مؤامرة نهايتها إرهاب. حماستان، فتحستان، دحلانستان – كلهم متشابهون، كلهم نازيون. احداث 7 أكتوبر لم تغير نهجه الأساس – تطرفت به فقط. حماس لا تزال مفضلة في نظره إذ بخلاف فتح السلطة، هي لا تهدد مكانة إسرائيل في مؤسسات دولة.
ظاهرا، اربع إمكانيات، ليس أي واحدة منها تنعش القلب: حكم حماس؛ أو حكم محلي؛ إو فوضى على نمط الصومال؛ أو عودة الحكم العسكري الإسرائيلي. غالنت يختار المحليين؛ نتنياهو يختار حكم عسكري وعودة الى غزة. كل واحد وخياره.
لكن ليس في هذا تتلخص الفجوة. نتنياهم لا يستطيع أن يعرض خياره الى الجمهور: العودة الى غزة هي التطلع العلني لسموتريتش وبن غفير، لكنها تتعارض وتوقعات معظم الإسرائيليين، بما في ذلك معظم ناخبي اليمين. فليس هذا ما صلوا له عندما تلقوا الامر 8؛ ليس هذا ما حلموا به عندما نقلوا ابناءهم وبناتهم الى مواقع حشد الجنود. النصر المطلق نعم؛ تصفية حماس نعم؛ مع كل الهذر العليل الذي سكب عليهم من رسائل نتنياهو يمكنهم أن يتعايشوا، لكن حكم عسكري في النصيرات؟ في الشاطيء؟ ابني البطل مسؤول عن المجاري في جباليا؟ ليس في مدرستنا.
ليس صحيحا أنه لم تكن لنتنياهو رؤيا حول اليوم التالي: أخطأت بحقه. كانت له رؤيا، لكنه لم يكن مستعدا ليعرضها على الملأ. ولهذا منع القرار ومنع حتى البحث ونشر الكثير من الأكاذيب على الطريق حول كل أنواع التشكيلات الدولية لادارة غزة التي لم تكن ولم يكن لها أساس. من نسب له تأجيلا عضالا، كان محقا، لكن في هذه الحالة التأجيل لم يكن الأساس. نتنياهو أراد ان يتدحرج الى العودة الى غزة، كأننا نتدحرج، وليس بنية مقصودة – بل بحكم الظروف. لا توجد استراتيجية خروج لانه لا يوجد خروج. غالنت كشف أول امس الحيلة وقدم بذلك خدمة عظيمة للجمهور. نتنياهو، الذي سارع الى الرد، لم ينفِ. فهم بانه لا يمكنه أن يعيد هذا الوزير مرة أخرى الى القمقم.
المستوى الثالث هو الذنب. في 7 أكتوبر يلقي نتنياهو المسؤولية عن الإخفاق الرهيب على كاهل جهاز الامن – هيئة الأركان، قيادة المنطقة الجنوبية، جهاز الاستخبارات، الشباك. اشارته الى الجيش محقة؛ تنكره الشخصي عن اخذ المسؤولية صادم. وهو خطير على نحو خاص عندما ينتقل البحث الى مسألة ماذا فعلت دولة إسرائيل منذ 7 أكتوبر. نتنياهو وضع امام الجيش الإسرائيلي أهدافا ليست قابلة للتحقيق، وبالتأكيد ليس في خطوة قتالية مركبة. كان هذا مقصودا سجل فشل معروف مسبقا. والان، حين يكون واضحا للجميع بان أيضا من الأهداف لم يتحقق، فانه يلوم الجيش.
ليس نحن مذنبين، انت مذنب، هذا ما يفهم من الاقوال التي اسمعها في المنظومة العسكرية، وهكذا يفهم من اقوال غالنت اول أمس. لا يوجد في هذه الحرب نصر مطلق. هذا كذب. فرفض بناء واقع لليوم التالي لا يخرب فقط على المستقبل – بل يشوس القتال في الحاضر. حماس تملأ الفراغ الناشيء. حضورها يجب تعبيره ليس فقط في السيطرة على توزيع الغذاء والمساعدات الإنسانية بلا أيضا في استئناف نار الصواريخ والاشتباكات النارية مع جنود الجيش الإسرائيلي. نتنياهو يخرب بمنهجية على الجهد الحربي وعلى تحقيق اهداف الحرب. دم المقاتلين على يديه. دم المخطوفين على يديه.
لائحة الاتهام هذه ليست وثيقة قضائية لكن جماهيريا هي اخطر من كل ما أُدعي به في ملفات 1000، 2000 و 4000. الدافع، يقول غالنت، ليس نقيا من اعتبارات شخصية وحزبية. عندما يأتي هذا الاتهام على لسان وزير دفاع قائم فهو اكثر قسوة باضعاف.
نتنياهو يرد على هذه الادعاءات بكلمتين: “بدون معاذير”. وهو يريد أن يقول: انت يا غالنت، وانتم، يا رئيس الأركان وألوية هيئة الأركان، فاشلون في تنفيذ المهمة التي كلفتم بها. وعندما ضاقت عليكم الأحوال جئتم تلاحقوني. انتم الفشل؛ انا الضحية.
هو ممنوع عنه أن يهاجم الجيش مباشرة: الجيش مقدس. لكن الاخرين – سموتريتش، بن غفير، البيبيين – يقومون بالعمل نيابة عنه.