يديعوت: تجار الاوهام
يديعوت 20/5/2024، عيناب شيف: تجار الاوهام
جاءت الخطابات الأخيرة لوزير الدفاع يوآف غالنت والوزير بيني غانتس لعزل رئيس الوزراء والاشارة اليه كمسؤول عن السياسة التي تغرق إسرائيل في وحل سيصعب عليه الخروج منه. الخط الذي يربط بين الساحات والمواضيع المختلفة (غزة، لبنان، ايران، الولايات المتحدة، قانون التجنيد) والادعاء بان نتنياهو يرفض اتخاذ قرارات من شأنها أن تعرض مستقبله السياسي للخطر وهكذا يتسبب بالفعل او بانعدام الفعل باضرار رهيبة (احتلال غزة، افراغ بلدات الشمال، تدمير العلاقات مع البيت الأبيض وتخليد الظلم في التجنيد للجيش الإسرائيلي). بالمقابل، فان غالنت وغانتس يصوران نفسيهما كمن تحركهما اعتبارات موضوعية فقط ويدفعان الى اتخاذ قرارات ضرورية للامن القومي والنظام الاجتماعي.
بالفعل، غالنت وغانتس هما ليسا نتنياهو. لكنهما أيضا ليسا بديله. فالفجوة التي يحاولان خلقها، بين رجال دولة واستراتيجيين، وبين السياسي الفزع، لا تنجح في المسألة الوحيدة التي تُعرف البديل. ماذا تقترحان. وفي هذا البند، بين الموقف القاطع لغالنت و “الانذار” عديم المعنى لغانتس، لا فرق: كلاهما يعتمدان على الكثير من الهواء الساخن، الكليشيهات، الخيالات وكذا انعدام الشجاعة للتصدي باستقامة للمأساة التي تغرق فيها إسرائيل منذ سبعة اشهر.
حتى لو وقف نتنياهو هذا المساء امام الكاميرات وقال: “رحلت، فليرافقكم النجاح”، ومعه أيضا الشراكة التي تتحكم به زعما، لا يوجد أي سيناريو متماسك يعود فيه المخطوفون والمخطوفات في اطار اتفاق لا ينهي الحرب ويسحب قوات الجيش الإسرائيلي وفي نفس الوقت تفقد حماس السيطرة في القطاع ولا تحل السلطة الفلسطينية محلها أيضا لان معظم الجمهور، الذي يريد “الانتصار المطلق” الذي وعدوه به ليس مستعدا لان يسمع عن هذا. وفي مسألة التجنيد أيضا ليس لديهما بشرى حقيقية. في حالة غالنت، وزير دفاع إسرائيل والرجل الذي يدعي تمثيل احتياجات الجيش، موقفه ليس اقل دهشة: فليس لديه موقف. “قانون مقبول من عموم الشركاء في الائتلاف”، ليس موقفا.
في النهاية، كل شيء يعود لما قاله آيزنكوت في برنامج “عوفدا” التلفزيوني. “هل توجد لنا اليوم زعامة تقول الحقيقة للناس؟” تسأله ايلانا دايان. آيزنكوت، الذي يواصل التصرف وكأنه لم يستوعب بعد بانه بصفته منتخب من الجمهور عليه أن يتحدث بين الحين والآخر وبالفعل، مع الجمهور، أجاب بكلمة واحدة: لا. عندها أيضا كان ينبغي الايضاح بان “الزعامة” هي ليس فقط نتنياهو. هي أيضا غالنت وغانتس. واليوم أيضا هما لا يقولان ما ليس لطيفا سماعه: بان “الفعل السياسي” موضع الحديث إياه هو نظري على اقل تقدير ويقوم على أساس سلسلة من الفرضيات التي تتراوح بين “لن يحصل” و “الويل اذا ما حصل”؛ وان الحركة الوطنية الفلسطينية نهضت من القبر أيضا بفضلنا وهي لن تختفي اذا قلنا “تطبيع مع السعودية” ثلاث مرات في اليوم؛ وان الجيش هو ليس المشكلة ولكنه بالتأكيد أيضا ليس الحل؛ وان الحرب على الكامل في الشمال هي تحد لا تعرف الجبهة الداخلية وليست مستعدة له؛ وان هناك ثمن باهظ وأليم للحلم في أن نكون أثينا في الشرق الأوسط، لكن ان نكون سبارتا هو ايضا فشل ذريع، وانه حتى لو لم يكن مفر فانه ينبغي عمل كل شيء كي نحرص على الا يستمر الى الابد.
وبالاساس، غالنت وغانتس كانا ملزمين بان يقولا ان كل شيء يبدأ وينتهي في مسألة اذا كان الجمهور يريد الأوهام ام الواقع. اذا كان الجواب هو الأوهام فليس مهما من يبيعها له.