يديعوت: بين التطبيع وصفقة مخطوفين
يديعوت 30/4/2024، سمدار بيري: بين التطبيع وصفقة مخطوفين
قبل أكثر من سبعة اشهر بقليل، في نهاية أيلول الماضي، بالضبط قبل أسبوعين من هجمة حماس الاجرامية على بلدات الجنوب، وقعت مفاجأة كبرى من جهة السعودية. ولي العهد محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي، وقف امام كاميرات شبكة “فوكس” واعلن بان “في كل يوم نحن نقترب اكثر” من صفقة مع إسرائيل و “سنرى قريبا جدا كيف سيكون هذا”.
غير أن هجمة حماس أوقفت الخطوات. السعودية، كما من المهم التشديد، بالضبط مثل إسرائيل (مع مصر والأردن)، تمقت حماس، منظمة الاخوان المسلمين التي نشأت عنها، وكل ما يرتبط بالإرهاب الإسلامي.
في تلك الأيام ما قبل 7 أكتوبر كانت الإدارة الامريكية في ذروة جديدة من الاتصالات مع السعودية، وكأنه شطب من الذاكرة قتل الصحافي جمال خاشقجي، والضغط على السعوديين للقفز الى المياه العميقة، الى صفقة تطبيع مع إسرائيل.
محمد بن سلمان قال في حينه في مقابلة مع “فوكس” انه يأمل في أن “نصل الى صورة وضع نتمكن فيه من التخفيف عن حياة الفلسطينيين”. غير أنه قصد فقط الفلسطينيين في الضفة. اما حماس في غزة فلم يذكرها ولي العهد حتى ولا بكلمة واحدة.
وعندها جاءت هجمة 7 أكتوبر. السعودية، كما يجدر الانتباه، هي احدى الدول القليلة في العالم العربي التي رغم غناها وقدراتها لم تبعث بمساعدات الى غزة. لا طائرات محملة بالعتاد، لا شاحنات، لم تطلب وساطة مصرية اردنية لنقل بطانيات، ادوية ووجبات غذائية. فقط 40 مليون دولار، مبلغ زهيد بالنسبة لها، حوّل الى الاونروا، لرفع العتب.
السعودية، التي استأنفت في تلك الأيام العلاقات الرسمية مع ايران، جلست على الجدار وشاهدت الحرب. المتحدثون الرسميون تحدثوا، في أوقات بعيدة، ان الحاجة الى إقامة دولة فلسطينية، ووجهوا النظر الى رام الله. وحتى الطلبات التي وصلت الى الرياض، وكانت غير قليلة، للمشاركة في تمويل إعادة بناء غزة، ردت بالرفض. أجهزة استخبارات السعودية فضلت ملاحقة إجراءات ايران الخفية وبحثت عن مسارات نقل الأموال من طهران الى القطاع عبر دول ثالثة او تجار وهميين.
على مدى سبعة اشهر الحرب بقي اتصال معين جدا بين الرياض والقدس، من خلال مبعوثين سعوديين في الولايات المتحدة وفي أوروبا. بالتوازي من المشوق ان نكتشف بان السعودية تجري متابعة لفرص نتنياهو للبقاء في الحكم. في الأسبوع الأخير يحرص المتحدثون السعوديون على الايضاح بان “حتى مع نتنياهو” سيجري هامش العلاقات.
وبالتالي ما الذي تريده السعودية في واقع الامر؟ لهذا الغرض مرغوب فيه متابعة الرحلة الحالية لوزير الخارجية الأمريكي انطوني بلينكن الذي وصل امس الى افتتاح المؤتمر الاقتصادي في الرياض، لكنه التقى بمسؤولين سعوديين وعلى رأسهم الحاكم الفعلي ابن سلمان للحديث مجددا عن مستقبل العلاقات مع إسرائيل.
هذه المرة يدور الحديث عن صفقة دوارة: واشنطن تمنح الرياض غلافا امنيا، توفر السىلاح، وتوقع اتفاقات لتعاون استخباري ضد الإيرانيين. بالمقابل، السعودية تستأنف الجهد الذي قطع، بالتطبيع مع إسرائيل.
فقط أمس، في المؤتمر الاقتصادي إياه في الرياض فاجأ رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن حين اعلن بان “إسرائيل تستحق الامن”، وان السلطة الفلسطينية ملتزمة بالتعاون، من الجانب الأمني، مع دولة إسرائيل. كما ان وزير الخارجية المصري تحدث بشكل مريح للاذان الإسرائيلية وأوضح بانه “يوجد اقتراح موضوع على الطاولة” حول صفقة مخطوفين، وانه يأمل “بان يقبله الطرفان”. هذا هو الطريق الدبلوماسي المصري للضغط على حماس التي بعثت أمس بوفد رفيع المستوى الى القاهرة لكن جوابها غامض.
ولا يزال يحوم خطر الهجوم الإسرائيلي على رفح، الامريكيون يعارضون، المصريون يضغطون لمنعه، ورئيس الوزراء نتنياهو لا يتعهد. هكذا يبدو الامر: بدون رفح، لا يمكن تهدئة غزة. مع رفح متوقع مزيد من المصابين الإسرائيليين. وكأننا لم نعرف، في حماس اعلنوا امس بعد الظهر بان رجالهم يبحثون عن مسار جديد للمفاوضات بنية ضغط إسرائيلي اكثر.
حتى لو اعطى خليل الحية وموسى أبو مرزوق الإحساس بالاقتراب من نهاية المفاوضات، فان الجواب لا يزال في يد يحيى السنوار الذي لا يسارع.
السيسي، رئيس مصر، الذي يدير المفاوضات من خلال رئيس المخابرات المجرب عباس كامل، يعود ليوضح بانه بلاده لا تعتزم السماح للفلسطينيين بالعبور بجموعهم الى سيناء. فقط من توجد تحت تصرفه عشرة الاف دولار للراشد و 2500 دولار للطفل او الطفلة حتى سن 16 يمكنهم أن يجتازوا معبر رفح الى الجانب المصري.
وزير الخارجية المصري، استغل أمس المنصة الدولية في الرياض كي يضغط على حماس لتحرير 33 مخطوفا إسرائيليا. بالمقابل، تلتزم مصر والولايات المتحدة بكبح الخطة لاجتياح رفح.
بلينكن توجه امس مباشرة الى السنوار ان يقبل “الخطة الإسرائيلية السخية” وعلى الفور ربط ثلاثة عناصر: وقف نار لسنة، تحرير مخطوفين إسرائيليين مقابل سجناء فلسطينيين بينهم أيضا “سجناء ثقال”، وبدء ترميم وإعادة بناء غزة. ويشدد بلينكن على أن حماس ملزمة بان تقرر بسرعة.
مشوق بقدر لا يقل متابعة مسار رحلات وزير الخارجية الأمريكي. من السعودية خرج امس الى الأردن للقاء الملك عبدالله وقادة الأجهزة. الموقف غير العلني لمسؤولي الحكم في المملكة وعلى رأسهم الملك عبدالله، اجتاز تغييرا منذ الهجوم الصاروخي الإيراني والتحالف المؤقت الذي اقامته الولايات المتحدة لاسقاط “الاجسام الطائرة” في داخل الأردن.
لفرحة الجميع لم تلحق اضرارا، والأردن الرسمي تعلم درسا صعبا حين أوضحت ايران بان “انتم أيضا على بؤرة الاستهداف”. منذ فترة طويلة يلوح تخوف اردني من هجوم إيراني في أراضي المملكة. ايران لا تخفي نواياها لضم الأردن الى العراق، سوريا وحزب الله في لبنان. اذا نجحوا، فسيكسبوا اختصارا هاما للطريق نحو أراضي إسرائيل والمملكة السعودية.
ومع ذلك، يفضل الأردن، لاعتبارات امنية مواصلة الجلوس على الجدار وارسال وزير الخارجية ايمن الصفدي لتشديد تصريحاته ضد إسرائيل. مسؤولو الأجهزة والقصر الملكي في عمان يعرفون بان إسرائيل ملتزمة بالأردن حتى لو كانت العلاقات بين نتنياهو والملك عبدالله، وبالعكس، تبدو سيئة. مسموح التخمين، بانه ستأتي اللحظة التي ستتفرغ فيها الادارة الامريكية لاعادة تنظيم هذه العلاقات أيضا.