ترجمات عبرية

يديعوت– بقلم ناحوم برنياع – من أجل هذا يوجد أصدقاء

يديعوت– بقلم  ناحوم برنياع – 21/8/2020

التطبيع مع الامارات هو انجاز كبير لإسرائيل ولنتنياهو. الخطوة جديرة بالثناء حتى لو انطوت على تنازلات. مع صفقة السلاح يمكن التعايش وشطب الضم عن جدول الاعمال هو ربح صافٍ. موضوع الضم هو احد الحالات النادرة التي يكون فيها الثمن الذي تدفعه إسرائيل مفرح بقدر لا يقل عن المقابل الذي تتلقاه “.

منذ أربع سنوات وأنا أتلقى كل يوم نحو 20 رسالة الكترونية من دونالد ترامب،  ابنائه، ابنته وزوجته. كل  رسالة تبدأ بالكلمة الحميمة “عزيزي” وتعرض علي اللقاء مع الرئيس، للتبرع للرئيس، للاعراب عن رأيي الايجابي بالرئيس، لشراء قميص، قبعة، فنجان عن الرئيس. واعتقدت دوما ان هذا امر اعتيادي: مئات ملايين المعجبين في العالم –  كل من طلب ذات مرة تلقي آخر الانباء من قيادة الانتخابات – يحصلون على رسائل الكترونية مشابهة. اما أول امس فهمت اني اخطأت: ترامب ليس فقد عظيم اصدقاء اسرائيل في كل الازمنة، بل هو صديقي الشخصي ايضا، واحد يمكنني أن اعتمد عليه في ساعة الضيق.

يوم الثلاثاء  نشرت “يديعوت احرونوت” في  عنوانها الرئيس نبأ يكشف النقاب عن موضوع لم ينشر في  البيان الاحتفال عن اتفاق التطبيع بين اسرائيل واتحاد الامارات: طلب ازالة الفيتو الاسرائيلي على بيع منظومات سلاح امريكية من الصف الاول، وعلى رأسها طائرات اف 35 وطائرات مسيرة مسلحة. نقلت القصة ووسعت في افضل وسائل الاعلام في العالم. “انباء ملفقة”، رد نتنياهو. لا اساس لهذا من الصحة على الاطلاق. فنتنياهو ومحللو بلاطه، جندوا على الفور للظهور في  الاذاعة، في التلفزيون وفي الشبكات “أنباء ملفقة”  صرخ ايلي كوهين، وزير الاستخبارات في مقابلة اذاعية. “انباء ملفقة” قضت جيلا جمليئيل، وزيرة حماية البيئة وما شابه وهلمجرا. كل الطريق الى الاسفل، حتى المحلل بروغو. المدققون اضافوا: “كاذب”. والاكثر مفاجأة: “كاره السلام”. بعد بضع ساعات، جاءت، كما كان متوقعا، الرسائل الالكترونية القذرة والمهددة. هكذا تسير الامور.

من يفهم في الانباء الملفقة هو دونالد ترامب، صديقي في البيت الابيض. أول أمس، يوم الاربعاء، وقف خلف المنصة في غرفة الصحافة في البيت الابيض واجاب على الاسئلة. تحدث باسلوبه المعتاد، الاسلوب الذي تحبه الناس. وقال: “لديهم (للاماراتيين) المال وهم معنيون بشراء بضعة طائرات اف 35. هذه هي الطائرة القتالية الافضل في العالم. وكما تعرفون فهي متملصة، متملصة تماما.

“هم يريدون ان يشتروا. سنرى ما سيحصل. هذا في الفحص. ولكنهم اتخذوا خطوة كبرى في تحقيق السلام في الشرق الاوسط”.

“نيويورك تايمز” الصحيفة الجدية بشكل عام كرست للقصة نبأ مفصلا، من عمل  أربعة مراسلين، في عددها أول امس. “ادارة ترامب سرعت عملية تنفيذ الصفقة، رغم قلق اسرائيل”، يقول العنوان. وحسب النبأ، منحت الادارة في الاسابيع الاخيرة استعراضات لمندوبي الامارات، نقلت اليهم فيهم تفاصيل سرية عن منظومات السلاح. وقدمت المعلومات رغم معارضة محافل في مجلس الامن القومي. وقالت مصادر في الادارة للصحيفة ان تحقيق الصفقة ليس جزءا من الاتفاق بين اسرائيل والامارات، ولكنها نتيجة له: الصفقة مرتبطة بالمبادرة الدبلوماسية.  

يذكر النبأ مسؤولين اثنين في البيت الابيض يؤديان وظيفة مركزية في تحقيق صفقة السلاح: جارد كوشنير، صهر  ومستشار ترامب والميجر جنرال ميغويل كوريا، الملحق العسكري الامريكي السابق في ابو ظبي، وعضو كبير اليوم في دائرة الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي. ترك الجنرال كوريا منصبه في ابو ظبي بعد أن اتهمه المفوض في السفارة الامريكية بالعمل على صفقة السلاح من خلف ظهره.

“الاف 35 هي منظومة السلاح الاكبر التي تطلب اتحاد الامارات شراءها على مدى السنين”، قالت للصحيفة باربارة ليف، سفير سابقة في الامارات. وعلى حد قولها، في الامارات يتوقعون الان، في اعقاب الاعلان عن التطبيع، ان ترفع اسرائيل معارضتها.

أما الطائرات المُسيرة التي تطلب الامارات شراءها، فردتور من انتاج جنرال اتومكس وريفر من انتاج لوكهايد مارتن فمحظورة على البيع للدول الاجنبية. وبدأت ادارة ترامب المساعي لالغاء الحظر. الفيتو الذي استخدمته اسرائيل في الماضي على بيع اف 35 للامارات نبع من الخوف من كشف منظومات الطائرة لجهات معادية خوفا من فتح الباب لدول اخرى، اقل ودية، ومن خوف آخر: ان ينقلب ذات يوم قلب حاكم الامارات على اسرائيل، تماما مثلما انقلب قلب اردوغان، رئيس تركيا. قرابة 50 سنة، منذ حرب يوم الغفران، حافظ الفيتو على التفوق النوعي لاسرائيل على الدول العربية. ونحن كفيلون ان نشتاق اليه.

في اثناء المفاوضات مع البيت الابيض قال نتنياهو انه يحتفظ لنفسيه بحق الاعتراض على بيع الطائرات. وقد أعطى لذلك ايضا تعبيرا خطيا. سجل الامريكيون امامهم، وواصلوا العمل على الصفقة. فترامب  يريدها بقدر لا يقل عما يريدها الشيخ بن زايد: هو يرى أمامه المليارات التي ستتلقاها صناعة السلاح الامريكية، أماكن العمل، حملة الانتخابات، يرى الدولارات.

يسير نتنياهو في هذا الموضوع على حبل رفيع. حين سيصل إقرار الصفقة الى الكونغرس، سيكون اللوبي الإسرائيلي مطالبا بابداء الموقف. سيكون نتنياهو ملزما بالاعتراض، ولكن محظور  عليه أن ينجح والا فسيعرض التطبيع للخطر ويغضب الرجل في البيت الأبيض. ترامب ليس أوباما: هو رجل حساس. الويل  لمن يغضبه.

الرؤساء يتحدثون

إن التفاهمات بالغمز هي جزء  من الخطاب السياسي. سلسلة من رؤساء الوزراء الإسرائيليين  بينهم نتنياهو طلبوا من رؤساء أمريكيين تحرير جوناتان بولارد. كانوا يعرفون مسبقا ان الجواب سيكون  سلبيا. بعضهم حتى تمنى  جوابا سلبيا. ولكنهم عرفوا اننا نحن الصحافيين الذين ننتظر في الخارج سنسأل وهم سيضطرون الى الإجابة. “في البيت الأبيض فهموا الموضوع”، قال لي  هذا الأسبوع دوف فايسغلاس، الذي كان اليد اليمنى لرئيس الوزراء  شارون.

عندي عن هذا قصة قديمة.  وصل مناحم بيغن الى لقاء مع الرئيس كارتر في البيت  الأبيض. وكان اللقاء رهيبا. كارتر، شرير كبير، ترك بيغن يتحدث بضع دقائق، وبعدها انقض عليه في خطاب مزايدة طويل، مليء بتعابير معادية. وعندما خرجوا، سأل سمحا دينتس، السفير في واشنطن، بيغن كيف يجمل اللقاء. “كان جيدا جدا”، أجاب بيغن. “أعطيت لنا فرصة مناسبة لاسماع قولنا”.  

هذا هو الوضع في ضوء  صفقة  المتملصات: أعطيت  لنا فرصة مناسبة لاسماع قولنا.

أسبوع الكذب

التطبيع مع الامارات هو انجاز كبير لإسرائيل ولنتنياهو. الخطوة جديرة بالثناء حتى لو انطوت على تنازلات. مع صفقة السلاح يمكن التعايش وشطب الضم عن جدول الاعمال هو ربح صافٍ. موضوع الضم هو احد الحالات النادرة التي يكون فيها الثمن الذي تدفعه إسرائيل مفرح بقدر لا يقل عن المقابل الذي تتلقاه.

ما الذي يقلق: الاخفاء، الأكاذيب، التحريض، حقيقة أن وزراء في الحكومة، بعضهم أناس فعلوا شيئا في حياتهم، يكررون كالببغاوات نصوصا كتبها لهم فرخ تويتر خرج أمس فقط من الناطقية بلسان الجيش. مثلما كتبت هنا في اثناء الأسبوع، كان بوسع نتنياهو أن يعرض قصة الامارات كما هي حقا، بالاثمان التي تنطوي عليها، وينتصر مع ذلك. أحيانا الحقيقة هي خيار.

في عصر ترامب نال تعبير “انباء ملفقة” حياة خاصة به. فقد اصبح كليشيه قولا يسود أساسا على لسان الكذابين. هذا مصير التعابير التي يكثر تردادها.  ذات مرة قلنا “خسارة على الوقت” حين كنا نقصد بان الموضوع غير جدير باللاهتمام. بعد ذلك انقلب التعبير واصبحنا نقصد بـ “خسارة على الوقت” “مذهل”، “رائع”، “فريد من نوعه”. وعندها تآكل التعبير واختفى. يحتمل أنه حين قال نتنياهو عن قصة الصفقة “انباء ملفقة” ان يقول ان النبأ صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى