يديعوت – بقلم ميخائيل ميلشتاين – السياسيون العرب ، القليل من السلالم، الكثير من الحبال

يديعوت – بقلم ميخائيل ميلشتاين ، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان في جامعة تل ابيب – 17/11/2019
تجري السياسة العربية في اسرائيل في الاسابيع الاخيرة مثل لعبة “السلالم والحبال”. في الواقع الحالي، يبدو أن السلالم، أي التقدم، قليلة وقصيرة، بينما الحبال كثيرة وطويلة. فسلوك النواب العرب في اثناء جولة التصعيد الاخيرة في غزة كان الحبل الاطول، ومشكوك أن يكون ممكنا في الزمن القريب القادم العثور على سلم يتيح العودة الى نقطة البداية.
كان يخيل في الاسابيع الاخيرة انه يجري تغيير لي سياق علاقات اليهود والعرب في الدولة. في أصله– اشارات القائمة المشتركة الاستثنائية حول الاستعداد لبلورة توافقات مع أزرق أبيض وتشكيل كتلة مانعة لائتلاف مستقبلي. في هذا، كان يبدو أن النواب العرب اظهروا تغييرا ايجابيا وعميقا في انماط السلوك التقليدي لهم: الاستعداد لاعطاء اولوية لمعالجة المشاكل الحادة للجمهور العربي (وعلى رأسها الجريمة) على الانشغال بالموضوع الفلسطيني، وجواب لطموح المواطنين العرب للتأثير وللاندماج.
ولكن عندها وقعت جولة التصعيد في غزة، وردود فعل اعضاء القائمة المشتركة اثبتت للجميع بان التغيير الذي يلوح في الافق كان عمليا وهما. وفي ما بدا كرد شبه تلقائي، منح النواب العرب اولوية واضحة للموضوع الفلسطيني، وبالاساس الاستعداد للتبني الكامل واحادي البعد للرواية الفلسطينية دون أي جهد لمواجهة ما في الواقع من تعقيد، فما بالك فحص ادعاءات اسرائيل بشأن الاحداث في غزة. هذه خسارة للجمهورين، ولا سيما للمواطنين العربي. فثقة الكثيرين بالجمهور اليهودي في امكانية تغيير القيادة العربية شطبت في لحظة. تجاه الجمهور العرب سيتعين على السياسيين أن يشرحوا كيف يعتزموا الايفاء بالتوقعات منهم لتجنيد مقدرات اكثر، نفوذ اكثر واندماج اكثر.
هذا هو الوقت الذي من المجدي فيه أن يسمعوا ايضا اصواتا اخرى، نقدية وشجاعة، من بين الجمهور العربي تجاه قيادته. ثمة حاجة لان يرفعوا اصواتا اقل دغماتية، تعكس مثلا الفهم بان في غزة لا يوجد فقط “ضحايا” وان خطوات اسرائيل ليست فقط “جرائم حرب”. فالتمسك المتزمت بصورة الاسود – الابيض الحادة تملأ باليأس الكثيرين في الجمهور اليهودي من تعاون عميق وصادق بين الجمهورين في الدولة. ان النقد على السياسيين العرب يجب أن ينطلق اساسا على لسان اولئك المتمسكين بتقدم الاندماج، حتى اكثر من الاصوات التي تنطلق من اولئك الذين منذ البداية يعارضون الاندماج ويستخدمون التصريحات الاخيرة كذخيرة اعلامية باهظة الثمن.
في اثناء الجولة في غزة قتل مواطنان عربيان آخران في احداث العنف. 84 بالاجمال منذ بداية السنة التي حظيت منذ الان على اللقب المهزوز للسنة الاكثر فتكا في سياق الجريمة والعنف في المجتمع العربي. اما الموقف الحالي الذي اتخذه النواب العرب فمن شأنه أن يجعل نفوذهم محدودا جدا، وبصفته هذه ايضا قدرتهم على اعطاء جواب للمشاكل الاساسية التي تمزق المجتمع العربي.