ترجمات عبرية

 يديعوت – بقلم  عوفر شيلح –  العنف يزدهر على عفن المملكة

يديعوت– بقلم  عوفر شيلح – 24/10/2021

” العنف المعربد هو أولا وقبل كل شيء قصة دولة تنازلت منذ زمن بعيد وربما منذ البداية عن ان تكون “مملكة” “.

أسكن على مسافة اقل من كيلو متر في خط جوي عن اللد. منذ  عقدين على الاقل، فان قصيدة العرش التي ترافق عائلتي في الليل هي اصوات النار من هناك، وأنا لا اتحدث عن عيارات منفردة بل عن شيء ما يشبه اكثر مناورة سرية بالنار. 

لا ادري اذا كان هذا عرسا، تصفية حسابات أو تجربة أدوات، وهذا لا يهم حقا: في مكان يجري في واحد من هذه الامور دون عراقيل ودون تدخل من السلطات فان الامريكين الاخيرين سيحصلان ايضا. ولكن  حتى “حارس الاسوار” حين اتجه هذا العنف نحو سكان يهود والمفترق الذي يؤدي الينا كان يغلق كل ليلة، ولم يكن يهم هذا احدا – باستثناء سكان اللد أنفسهم، ولكن من يأبه بهم. 

العنف الذي يعربد في شوارعنا ليس شأنا موضعيا، ليس قصة وسط او اقليم. هذا رغم أنه بالطبع، اكثر من مئة جريمة قتل كانت هذه السنة في الوسط العربي، بل ان بلدات المحيط تعاني اكثر من المركز. هذه أولا وقبل كل شيء قصة دولة تخلت منذ زمن بعيد، بل وحتى منذ البداية عن التحدي لان تكون “مملكة” تقيم جدول أعمال عام، مع نظرة واسعة ومؤسسات مدنية قوية – في صالح سلسلة صفقات قطاعية موضعية. حتى بن غوريون الذي باسم الرسمية حلت بلماخ وأمر باطلاق النار على “ألتلينا” عقد صفقات كهذه مع الحريديم، العرب وقطاعات صغيرة اكثر. واذا كان هكذا بن غوريون، فماذا نقول عن ذبابات الحائط. 

سكنت في نيويورك في الثمانينيات. كانت هذه مدينة كان يتعين عليك فيها أن تجري الحساب الى اين تذهب ومتى، وعندما يقترب منك شرطي لا تسأل نفسك ما هو السيء الذي فعلته بل كنت تشعر بامان اكبر. تحدثوا في حينه عن ان المدينة ضائعة، ولكن حصل العكس بالضبط. نيويورك تغيرت ليس فقط لان جولياني جاء، فضاعف بثلاثة اضعاف قوة الشرطة واتبع سياسة “صفر تسامح”؛ تغيرت بسبب الازدهار الاقتصادي، الذي أدى بالسكان لان يصروا على حقوقهم.

وقد نجح هذا ايضا بالطبع في أن ينحي جانبا الضعفاء، الامر الذي لا يمكن للدولة أن تفعله. فلا يمكن ان تخرج الاجزاء الضعيفة او البعيدة في المجتمع. فالخطاب المنكر الذي يقول “مع حسم الحريديم والعرب وضعنا ممتاز” –قال نتنياهو، كل الباقين يتحدثون بشكل اجمل ولكنهم لا يفعلون بشكل افضل – لا يخرجهم حقا من القصة. 

كما ان الدعوة “لجلب الشباك والجيش” هي هراء. واذا كنتم تظنون اننا تعلمنا شيئا من أزمة الكورونا، ففي ايضا ظهر هذا وهو لا صلة له بالواقع بل بالاساطير فقط – مساهمة جهاز الامن كانت هامشية، وبالتأكيد بالنسبة للارتفاعات وتدنت في جودتها اكثر بكثير من جودة مساهمة السلطات المحلية او صناديق  المرضى. تفيد التجربة بان كل ما خرج من هذا هو مزيد من الميزانيات لجهاز الامن، الذي يختص في الاستجابة الحماسية للتحدي الذي في العناوين الرئيسة، سواء كانت هذه مهمته ام لا. 

لكن المشكلة اعمق بكثير: فاخراج منظمات امنية من الصندوق دون ان تكون لها اي معرفة او يكون عملها اشكاليا بحكم طبيعته، يشهد فقط كم هو تفكيرنا لا يتناسب مع الواقع. فنحن لا نتوقع من المملكة ان تؤدي مهامها ببساطة، من المؤسسات المدنية ان تفعل ما ينبغي لها ان تفعله، نحن مدمنون على التهديد الخارجي وعلى الجهات المكلفة بالتصدي له، وعليها فقط. 

نحن بحاجة الى شرطة قوية، مسلحة بقدرات بشرية وتكنولوجية وباسناد حقيقي، ونحن نحتاجها كأمر دائم. نحن نحتاج الى مفهوم واسع، يفهم أن عصابات الجريمة تزدهر على عفن البطالة، التبطل وانعدام البديل. ان جذور العنف هو في أن الدولة لا توفر مبيدات الاعشاب الضارة، التعليم، التشغيل، النوادي للشبيبة والشرطة التي تعيش في داخل الجمهور – كل الوقت، وليس عندما يصعد العنف الى العناوين وتكون حاجة لعمل ما. 

فوق كل شيء، نحن بحاجة الى أن نقرر بانه توجد هنا مملكة، تكفي التسويات الموضعية، الميزانيات الخاصة والضغوط السياسية وغض النظر عن كل ما ليس مريحا رؤيته. يكفي مجالس خاصة، مدراء لمشاريع واعلانات للاعلام. مملكة تضم الجميع وتخدم الجميع وتبني مؤسسات ملكية قوية في كل مكان. بدون هذا القرار، مشكوك أن يساعد اي شيء حقا. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى