ترجمات عبرية

يديعوت – بقلم سيما كدمون – نتنياهو المتهم .. من “عاشق لاتيني” إلى “معلم” في انتهاز الفرص ونكث العهود

يديعوت –  بقلم  سيما كدمون – 9/4/2021

الثلاثاء الماضي، كلف رئيس الدولة نتنياهو بتشكيل الحكومة التالية، فقد قرر إعطاء التكليف لمن يقدم إلى المحاكمة الجنائية بقضايا الرشوة والغش وخيانة الأمانة المدعوم من 52 نائباً فقط.

فشل الرئيس ريفلين في تفكره لمرتين. ثمة من سيقول إن مرتين خلال سبع سنوات ليستا كثيراً، ولكن هذان فشلان سيلقيان بظلال ثقيلة على ولايته، على الأقل في وعي الكثيرين من مواطني إسرائيل: الأول، حين احتفل في ليل الفصح الماضي مع عائلته، في الوقت الذي أطاع مواطنو الدولة تعليمات الإغلاق، والثاني جرى هذا الأسبوع حين قرر إعطاء التكليف لنتنياهو. اعتذر ريفلين على المرة الأولى وطلب المغفرة، وسيتعين على التاريخ أن يغفر له على المرة الثانية.

كان يمكن لرئيس الدولة أن يكسب عالمه بقرار قيمي. كان من واجبه أن يرفض إعطاء التكليف لمن يقدم إلى محاكمة جنائية بمخالفات خطيرة تشكل مساً بطهارة المقاييس. كان يمكنه أن يفعل أمورا ًكثيرة… أن يرفض.. أن يكلف شخصاً آخر.. أن يدعو لبيد وبينيت كما طلب منه مندوبو “أمل جديد”، ومثلما فعل مع غانتس ونتنياهو، أو أن يستقيل. نعم، حتى أن يستقيل، وأن يقول إن ضميره لا يسمح له بذلك. ولكن ريفلين الذي يوشك على إنهاء ولايته، اختار أن يفعل ما يعرف كيف يفعله على النحو الأفضل… أن يكون رسمياً.

فهل تأثر أحد ما من أن نقل التكليف بواسطة رسول ولم يعطَ لنتنياهو في مقر الرئيس؟ هل خرج أحد ما عن طوره من شدة الانفعال حين رفض الرئيس أن تلتقط له صورة مع رئيس الوزراء؟ هل هذا ما توقعناه من الرئيس في ساعة اختبار كهذه – أن يفرض عقوبات عديمة الجدوى وألا يستخدم قوته على نحو مناسب؟

إن ألف خطاب دموع من ريفلين لن ينجح في تشويش العار. لقد وقعت في حجر ريفلين فرصة للتأثير على التاريخ الدستوري لدولة إسرائيل في ظل تبني طهارة المقاييس، ففوتها.

بعض من العقاب على الأقل تلقاه ريفلين في احتفال الذكرى في “يد واسم”، حين اضطر للاستماع إلى الخطاب الفضائحي لمن منحه التكليف. دون ذرة خجل، حول نتنياهو هذا الاحتفال المقدس إلى منصة أخرى للتباهي الشخصي. لخطاب تختلط فيه ضحايا الكارثة بضحايا كورونا، ويكون هو الذي يقود فيه إسرائيل من الكارثة إلى الانبعاث. خطاب كان كل ما هو مطلوب فيه التواضع وطأطأة الرأس، فتحول إلى خطاب أنا وأنا وأنا، مما دفع الناس إلى إحساس بالخجل والإهانة. ما الذي لم يدخل إلى ذاك الخطاب: فايزر وبورلا، إيران وسلونيكي، أنا وسارة، سارة وأنا. إلى أي درك سيتعين على الدولة أن تنزل إليه إذا كان قدس أقداسها قد أصبح منصة لإقصاء شخص آخر.

في الأسبوع القادم ستصدر محكمة العدل العليا قرارها بشأن التماس يطلب إلغاء التكليف بتشكيل الحكومة لمتهم بالجنائي. بدعوى أن لريفلين تفكر واسع وجوهري وأن قراره التكليف بتشكيل الحكومة للمتهم نتنياهو غير معقول بشكل متطرف. في هذه الأثناء، يواصل نتنياهو محاولاته لتشكيل الحكومة، فيما التقى أمس سموتريتش وبينيت. إذا كان ثمة شيء ما ينبغي أن يتعلمه المعسكر الثاني، فهو الشكل الذي يعمل به نتنياهو عندما يحاول تشكيل حكومة؛ يتحول إلى بساط “أحمر”، إلى عاشق لاتيني. وتصبح جهوده مغازلة مصيرية، ضغطاً مهووساً، فلا إهانات، ولا ألعاب يصعب الوصول إليها. نتنياهو سخي بوعوده مثلما هو وحشي في نكثها.

 حتى لو نجح نتنياهو في إقامة حكومة أم لا، فالحديث يدور هنا عن فشل مدوٍ لكتلة التغيير. بدلاً من استغلال الفرصة التي تبدي فيها الساحة السياسية استعداداً لإيداع المفاتيح في يد من حصل على سبعة مقاعد فقط في الانتخابات، اختار بينيت الخروج في نزهة عائلية، وأن يبذر الزمن والمجيء للتفاوض مع لبيد في اللحظة الأخيرة مع مطالب مبالغ فيها ومدحوضة. أما لبيد من جهته، فسعى للتحدث مع بينيت شخصياً بدلاً من الشروع فوراً في مفاوضات الطواقم. خطاب بينيت هذا الأسبوع وفيه تشويش أكثر منه إيضاحاً لنواياه، الذي تمنى فيه، ولشدة الحرج، نجاح نتنياهو في إقامة حكومة – عزز لبيد لأنه عمل على نحو صحيح حين طلب بقاء التكليف لديه.

ولكن قد تحمل القراءة السليمة للخريطة لبيد إلى الاستنتاج بأن الخطوة السليمة كانت التوصية ببينيت والسماح بالمفاوضات بينهما في أثناء 28 يوماً، بدلاً من نقل التكليف لنتنياهو. من جهة أخرى، كان ساعر يعرف جيداً أنه لو أعطي التكليف للبيد – فإن بينيت هو الذي سيشكل حكومة وسيكون رئيس الوزراء الأول في التناوب. فلماذا لم يوصِ بلبيد إذن؟ كان أحد الادعاءات التي يطرحها محيط ساعر أنهم تلقوا رسالة من بينيت بأنهم إذا أوصوا بلبيد فإن “يمينا” سيوصي بنتنياهو.

ولكن حذار أن نقع في الخطأ: الاتصالات تتواصل. وإن كانت على مستويات متدنية – بيبي يعمل، بينيت يتردد ولبيد يستجم – ولكن الطواقم على اتصال. لقد كان لبيد هذا الأسبوع متصالحاً. فقد تحدث أحد من طرفه مع ساعر مطولاً وأعرب أمامه عن خيبة أمله، ولكن لبيد رأى ساعر في ترسيم الكنيست وأخذ الانطباع بأنه في ضائقة. ما بدا له في البداية كتلاعب، يفهم الآن بأنها زاوية دحر إليها ساعر رغم أنفه.

والرابح الأكبر هو بالطبع نتنياهو. ليست لديه نية لتفويت الفرصة التي خلقها له خصومه. وتصوروا أن نتنياهو كان في موقف أي واحد من زعماء معسكر التغيير، فهل كان من المحتمل أن يرتكب نتنياهو ما ارتكبوه من أخطاء؟

في الفترة القريبة سيتبين لنا كم كان نتنياهو مستعداً للسير في تحقيق أهدافه السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى