ترجمات عبرية

يديعوت – بقلم سيفر بلوتسكر- الشلل الوطني

يديعوت – بقلم  سيفر بلوتسكر– 12/10/2020

وزير المالية كاتس تسلم المالية كتمهيد لمنصب رئيس الوزراء، ويجد نفسه مطيعا لنتنياهو وتقلباته مهملا التراث العريق من مهنية ورسمية وابداع في وزارة المالية. من الظاهر أننا لا نحتاج فقط الى مدير مشروع للصحة، وآخر للاقتصاد، بل ومدير مشروع لانقاذ الدولة “.

لم يأت اسرائيل كاتس الى وزارة المالية كي يوجه الاقتصاد الاسرائيلي عبر عاصفة الكورونا؛ جاء ليستخدم منصبه كخشبة قفز لمنصب رئيس الوزراء المنشود. وإذ يكون هذا هدفه، فلا غرو أن الكلمة الاكثر تكرارا في كل لحظات ظهوره الجماهيرية هي “أنا” ومرة اخرى “أنا”، فيما يصرف من محيطه وعن طريقه كل موظفة وكل موظف كبير يتجرأ على الاختلاف معه ومع نهجه.

ولكن ما هو نهجه؟ باختصار، أن ينفذ بنجاعة تعليمات رئيس الوزراء. يرى نتنياهو نفسه كخبير في الاقتصاد لا يقل عظمة عنه كخبير أوبئة – دون أن نذكر خبراته في الأمن وفي الديمقراطية – وهو يبتكر بين الحين والآخر خطوات يفترض بها أن تسهل من ضائقة الكورونا الاقتصادية. توجد فيها وسائل معقولة وتوجد وسائل غير معقول بل وضارة، معظمها إن لم تكن كلها لا تأتي كنتيجة لدراسة مرتبة من وزارة المالية ولا تعكس اختيارا عاقلا بين بدائل اقتصادية واجتماعية، بل تعبر عن الحدس السياسي وربما ايضا المصالح الشخصية المعقدة لنتنياهو. أما بني غانتس، رئيس الوزراء البديل، كما يبدو بوضوح، فلا يجد اهتماما في المواضيع الاقتصادية. فهي تثير السأم لديه. وزير المالية كاتس مسؤول بالتالي فقط عن تنفيذ تعليمات نتنياهو، حتى لو لم تكن معقولة في نظره. صحيح أنه مخول بأن يسمع آراءه (ومن الافضل همسا)، ولكن آراءه لا تؤخذ بالحسبان، هي في اقصى الاحوال زن مزعج في أذني نتنياهو. اجواء “أنا وليس بعدي” السائدة في مكتب وزير المالية شطبت اجواء “أنا وليس بعدي” السائدة في مكتب رئيس الوزراء.

هكذا تلقى الى سلة المهملات انظمة الادارة السليمة، وبالاساس في وزارة المالية، ثمرة سنوات عديدة من التقاليد التي ثبتت فيها المالية مكانتها كجسم حكومي من الصعب جدا اخضاعه لجنونات ائتلافية سلطوية متبدلة. أما الآن فلم يعد هذا: في النصف سنة التي انقضت اصبحت وزارة المالية بالتدريج دائرة في ديوان رئيس الوزراء. المديرة العامة المستقيلة، حديثة العهد في الوزارة، وقبلها رئيس شعبة الميزانيات والمحاسب الاقتصادي الذين استقالوا، يروون علانية عن ذلك ويعبرون عن غضبهم واحباطهم. هذا تطور غير مرغوب فيه في الايام العادة وخطير جدا هذه السنة، في ظل الكورونا. حيال تواصل الوباء تحتاج اسرائيل الى اطار ميزانية يكون بعيد الأمد ومرن في نفس الوقت، تحتاج ميزانية عليا “متنفسة” للسنتين 2021 و2022، مع التشديد على التشغيل المكثف لمحركات النمو – إذ النمو وحده هو الذي سيعيد مئات آلاف العاطلين عن العمل الى العمالة الانتاجية والى نيل الرزق بشرف.

الجواب الاساس على الركود من انتاج الكورونا هو مخطط لفتح قابل للحياة للمرافق الاقتصادية، وليس فقط مخطط لتوزيع الاموال النقدية المؤقتة؛ مشاريع واستثمارات، وليس فقط تعويضات ومخصصات. ليس سهلا الاعداد والتمرير بالتشريع لمخطط كهذا للميزانية، يستجيب سواء لاحتياجات الاقتصاد والمجتمع في السنوات القادمة أم يتيح التكيفات الفورية والسريعة في الانفاق المالي وفقا للتغييرات في شدة الوباء. في ضوء المهمة الاستثنائية هذه كان متوقعا من وزارة المالية أن تشمر عن اكمامها، تعزز عمودها الفقري المهني وأن تحرس بسبع عيون الموظفين ذوي العمود الفقري المستقل والقدرات الابداعية. كم هي خسارة أن وزير المالية، منذ لحظة دخوله الى غرفة عمله في المبنى القاتم لوزارة المالية في دار الحكومة، يفعل العكس – والعكس الهدام. ليس لدولة اسرائيل الآن اطار ميزانية مرتب، ليس لأنها لا تحتاجه – كما اسلفنا تحتاجه الدولة جدا – بل لأن نتنياهو وغانتس لم ينجحا في التوصل الى التوازن بالنسبة لمدة الميزانية. أحرقا الوقت السلطوي والثقة الجماهيرية على جدال سياسي عابث. أي نسبة من الجمهور تتذكر اليوم هل طلب ازرق ابيض في هذا الجدال “ميزانية لسنتين” والليكود “ميزانيتين لسنتين” أو العكس؟ أنا لا أتذكر. في النهاية أعدوا حلا وسطا لا أحد يفهمه ومفتوح للتلاعبات السياسية التي لا تنتهي، والتي تستأنف منذ الآن.

في هذه الظروف، حين تكون منظومة التحكم والرقابة المالية مشلولة والهيمنة السياسية الشخصية تتحكم بها، وقبل أن يفوت الأوان يجب أن يعين في اقرب وقت ممكن مدير مشروع لمنع ازمة اقتصادية، مثل مدير المشروع الذي عين لمنع الازمة الصحية. مثلا، البروفيسور مناويل تريختنبرغ كالصورة الاقتصادية للبروفيسور غمزو. لقد سبق لامور كهذه أن كانت: في عامي 1984 حتى حزيران 1985 لم تنجح حكومة الوحدة الليكود –المعراخ في وقف التضخم المالي العظيم والعجز المالي العظيم ووقفت اسرائيل على شفا الافلاس. وفي اللحظة الاخيرة عين البروفيسور ميخائيل برونو كـ “مدير مشروع” خطة استقرار تاريخية انقذت الاقتصاد والدولة. فهل يوجد احتمال لمدير مشروع اقتصادي الآن؟ يبدو أن لا. من كان ينبغي أن يعينه، رئيس الوزراء ورئيس الوزراء البديل، سيجدان صعوبة في التوافق على مرشح ما وسيخشيان أساسا من السابقة. فاذا ما عين مدير مشروع لادارة ازمة الصحة ومدير مشروع لادارة ازمة الاقتصاد، فلماذا لا يعين ايضا مدير مشروع لادارة ازمة الحكومة؟ مدير مشروع لادارةلانقاذ الدولة؟ امام المصداقية الصفرية التي يكنها الجمهور للحكومة القائمة وامام اخفاقاتها المتراكمة، هذه بالتأكيد فكرة مغرية.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى