ترجمات عبرية

يديعوت – بقلم  اهود باراك – ما العمل مع ايران ..؟

يديعوت – بقلم  رئيس  الوزراء الاسبق اهود باراك- 5/12/2021

” خطر النووي الايراني اكثر مما هو خطر وجودي، هو خطر سياسي  يتدحرج فيه العالم نحو النووي وقد يصل الى المنظمات الارهابية ايضا “.

إذن أين نقف في موضوع ايران؟ كان بينيت محقا في شكواه عن الفجوة التي لا تعقل بين الخطاب وانعدام الفعل والتي وجدها في الموضوع الايراني حين وصل الى مكتب رئيس الوزراء. في السياسة تجاه ايران منذ 2015 هي افلاس له عنوان ومسؤول. قصور في اساسه اهمال  سائب ووهم ذاتي خطير. فالاتفاق في  2015  كان سيئا بالفعل، ولكن ما ان وقع حتى اصبح حقيقة. اما نتنياهو فاختار صداما غير مسبوق مع اوباما وهكذا فوت فرصة ذهبية لتمكين اسرائيلي غير مسبوق وتسلح بوسائل ستتيح لها عملا مستقلا ضد النووي الايراني. في 2018 حث نتنياهو ترامب على الخروج من الاتفاق، وهي خطوة هاذية سمحت للايرانيين بركض متسارع نحو “الدولة الحافة” بزعم ان الامريكيين هم الذين يخرقونه. والاخطر من ذلك، في الحالتين، وفي ظل الغرق في وهم ذاتي، لم يعمل نتنياهو على مدى سنوات على اعداد خطة “ب” اسرائيلية وامريكية في شكل عمل عسكري موضعي يعيد الايرانيين سنوات الى الوراء ويتخذ الى مقر الايرانيين التحرك نحو دولة حافة. ايران هي خصم مرير يعمل على تحقيق اهدافه ولكن الفشل هو بمسؤولية نتنياهو. 

في التفافة يتميز بها عصر هندسة الوعي، ليس بعيدا اليوم الذي نسمع فيه نتنياهو وشركاؤه يشكون من أنه “طالما قاد نتنياهو وترامب “القويان” ردع الايرانيون من التحرك الى الامام. ولكن ما أن وقف بايدن وبينيت “الضعيفان” في القيادة حتى اندفع الايرانيون نحو النووي”. هذا بالطبع هراء تام، يبدل النتيجة بالسبب، ولكننا لا بد سنسمع اسوأ منه ايضا.

وتتضح خطورة القصور حين نفهم ان اعداد الخيار العسكري لارجاء حقيقي للبرنامج النووي مطلوب عدة سنوات ومساعدة مكثفة من الولايات المتحدة. ولكن نتيجته هي انه قبل ذلك بكثير، في مدى بضعة اشهر، يمكن للايرانيين ان يصبحوا دولة حافة نووية لن يكون ممكنا منعها من الوصول الى سلاح نووي في الوقت الذي تختاره. هذا واقع جديد يستوجب تقويما ذكيا للوضع، قرارات وافعال وليس مجرد تهديدات متبجحة فارغة – قد تعطي انطباعا وأثرا على بعض من مواطني اسرائيل – ولكن ليس على الايرانيين ولا على شركائهم في المفاوضات. يبدو أن المفاوضات نفسها ستستأنف في ظل المراوحة في المكان مما سيتيح للايرانيين استمرار الزحف نحو دولة الحافة، او أنها ربما لن تستأنف على الاطلاق. 

اكثر من استخدام تعبير دولة حافة لان بتقديري ليس للايرانيين مصلحة في السير نحو هذه الحافة، مما يسمح لهم بان يتمتعوا بانجازاتهم دون أن يضطروا لان يعترفوا بخرق ميثاق منع انتشار السلاح النووي الذي وقعوا عليه – وهكذا يدفعون متصدري الميثاق لان يعملوا ضدهم مرة اخرى بواسطة العقوبات.

حتى لو اصبح الايرانيون دولة حافة، وذلك عندما يجمعوا ما يكفي من المادة المشعة لمستوى 90 في المئة لـ 1 – 3 إداة سلاح نووي، يبقى أنهم سيحتاجون لنحو سنتين كي ينتجوا اليورانيوم المعدني وان يبنوا السلاح. ولكن “الحافة” عرفت كما عرفت لان استمرار التخصيب الى 90 في المئة  وعمل “مجموعة السلاح”، قابل بسهولة للاخفاء. من اللحظة التي يتم فيها تجاوز تلك الحافة، لا تكون لمراقبي الامم المتحدة القدرة للتأكد من أن ايران لا تتقدم سرا الى قوة نووية حقيقية. الماضي مع الباكستان واساسا مع كوريا الشمالية اثبت انه في حالة محاولة الاخفاء المقصود عندما يرفع الستار في النهاية، تكون الدولة توجد متقدمة جدا على التقديرات المسبقة. 

ايران لا تسعى الى سلاح نووي كي تلقي قنبلة على الولايات المتحدة، اسرائيل أو جار آخر. مثلما لا تحوز كوريا الشمالية سلاحا نوويا كي تلقي قنبلة على كوريا الجنوبية، اليابان او الولايات المتحدة بل كي تضمن بقاء نظام كينغ يونغ أون وحرية عمله. آيات الله متزمتون ومتطرفون ولكنهم ليسوا اغبياء. بعيدا عن ذلك. مثلهم كمثل كوريا الشمالية  التي تريد أن تبقى وان تؤثر ايضا على ما يحصل في المنطقة وفي محيطها ولكن لا تريد أن تعود الى العصر الحجري. ايران، اذا ما وصلت لتكون دولة حافة ستتمتع بمكانة اقليمية وعالمية محسنة، منيعة على التدخل العسكري الخارجي لاسقاط النظام وبحرية عمل مضاعفة للتآمر والاعمال في كل المنطقة. وهي ستعد كمن حققت توازنا استراتيجيا مع اسرائيل وستتمتع بصورة من استفزت وفرضت ارادتها على العالم. 

يفكر الايرانيون ويتحدثون عن اسرائيل بتعابير ظاهرة ليست طبيعية للشرق الاوسط وحكمها ان تختفي تحت الضغط الشامل لمقاومة جوهرها، طريقها ووجودها – طريق احاطتها بطوق من العداء النشط واستنزافها في جمع من المقاومة العنيفة من الخارج والاضعاف من الداخل. لا ينبغي الاستخفاف بالقدرات الايرانية او بصدق تطلعهم لان يروا اسرائيل ضعيفة، مهزومة وأخيرا مختفية عن الخريطة. ولكن لا ينبغي النسيان بان اسرائيل ليست ضعيفة. في كل مدى منظور للعيان نحو اقوى من ايران او من كل جمع للخصوم. توجد لنا فرص للتعاون مع بعض من الجيران السُنة وبقدر ما نتصرف بحكمة سيكون تحت تصرفنا الاسناد الشامل للقوة الاقوى (لا تزال) في العالم. 

فضلا عن ذلك، منذ اكثر من خمسين سنة تعد اسرائيل في العالم قوة عظمى نووية. وحسب مصادر اجنبية تستعد منذ يوبيل باستثمارات عظمى لامكانية رغم كل مساعيها سيظهر سلاح نووي في دولة معادية لها في المنطقة. 

الولايات المتحدة توجه القوة الجغرافية السياسية لها للتصدي للصين وتخرج من التزامها بتواجد أو تدخل عسكري مادي في مطقتنا. هذا ميل بدأ لدى اوباما، تعاظم لدى ترامب ونضج الى خطوات عملية لدى بايدن. لا يوجد اي احتمال لاقناع الولايات المتحدة التراجع عن سلم الاولويات هذا أو لان تنفذ في الزمن القريب هجوما على النووي الايراني بهدف دفعه الى الوراء عدة سنوات. ليس واضحا على الاطلاق ايضا بانه  توجد للولايات المتحدة أو لاسرائيل الان خطة قابلة للتنفيذ لهذا الهدف. إذ ان هذه هي خلاصة القصور التاريخي لنتنياهو الذي وصفناه أعلاه. 

ولكن يجب ان يستخلص من الوضع الناشيء الحد الاقصى لاسرائيل. الحاجة الاسرائيلية العاجلة هي تنسيق وثيق مع الولايات المتحدة لتحديد اهداف مشتركة وسبل تحقيقها في وضع تكون فيه ايران دولة حافة، وليس خلافات داخلية واتهامات متبادلة مع الادارة، ليس فيها منفعة عملية وهي تعد في العالم كإماءات عليلة تعكس حرجا وليس سياسة واعية مسنودة بقدرة عمل. هذا يتضمن توثيق التعاون الاستخباري، بلورة توافقات على اوضاع واحداث تستوجب ردا اسرائيليا/او امريكيا واعداد خطط عمل ملموسة وجاهزة لحالة تحقق هذه الاوضاع حقا. ان تنسيق المساعدة المكثفة لاسرائيل بواسطة عمل ذاتي تجاه ايران عند الحاجة، وتسريع بناء  المنظومة متعددة الطبقات للدفاع ضد الصواريخ والمقذوفات الصاروخية لاسرائيل. بما في ذلك حل مشكلة  صواريخ الاعتراض للقبة الحديدية، تسريع تطوير الاعتراض الدفاعي والهجومي بواسطة الليزر ونشر “العصا السحرية” وبطاريات حيتس من الجيل التالي. في ظروف الثقة المتبادلة، ستكون الولايات المتحدة معنية بمثل هذا التنسيق، بالذات لان انصاتها موجه للصين.

ايران نووية، او حتى كدولة حافة هي تغيير جذري سلبا في وضعنا الاستراتيجي، ولكنه لا يتضمن في المدى المنظور تهديدا وجوديا على اسرائيل. فلا يتوقع لاي تطور ان يعفينا من المسؤولية عن مواصلة البحث عن كل سبيل لاحباط تحقيق هذه الاهداف الايرانية، ولكن لا ينبغي ابدا فقدان القدرة على فهم الواقع. كما أن الفهم بان في حالة الامة يوجد ثمن للقصورات. وان أحد اقساها هو الادمان على الاوهام والزعماء الذين يعيشون في الافلام.  

في هذه المرحلة، فان الخطر الاساس في وصول ايراني محتمل لدولة حافة ليس ان اسرائيل ستقف في المستقبل المنظور للعيان امام خطر قنبلة نووية تلقى عليها. الخطر الحقيقي هو انهيار لا مرد له لنظام منع انتشار السلاح النووي. في حالة ايران نووية، من المتوقع لتركيا، مصر والسعودية ان تسعى لان تصبح في غضون عقد الى نووية وكل دكتاتور في العالم الثالث يرغب في ذلك سيبني لنفسه قدرة نووية. في الوضع الناشيء (الذي وصفه قبل سنوات في كتابه البروفيسور رام اليسون من هارفرد، سيظهر بعد 20 او 30 سنة سلاح نووي، حتى وان كان بدائيا، في ايدي منظمة ارهابية متطرفة ومن شـأن هذا ان يكون خطيرا على العالم كله، وليس فقط على اسرائيل. لهذه الحالات ايضا، واساسا بما يتعلق بانتشار النووي في الشرق الاوسط، يجب الاستعداد سياسيا منذ  اليوم. 

ان التبجح الفارغ ليس الطريق الصحيح. هذه ليست سياسة بل وصفة لاضعاف اسرائيل وتقليص قدرة الردع وحرية العمل لديها. من حكومة التغيير الجديدة نتوقع اكثر.  

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى