ترجمات عبرية

يديعوت – بقلم  اليكس فيشمان –  يلعب بالنار

يديعوت – بقلم  اليكس فيشمان – 21/11/2019

جولة الضربات في الجبهة الشمالية لم تنتهي بعد. هذه مواجهة حساسة، كل كلمة زائدة تقال في اسرائيل من شأنها ان تغير الوضع. وهنا، في اختباره الاول كوزير دفاع، تصرف نفتالي بينيت كولد تناول بيديه رزمة العاب نارية فركض ليري الرفاق كيف يكون اللعب. تبجحاته – “لم تعودوا محصنين” – والتي كان يقصد بها زعماء ايران، تؤخذ بجدية في طهران. وبشكل عام، منذ متى تمس اسرائيل بزعماء دول اجنبية، حتى لو كانت معادية بل وتعلن عن ذلك مسبقا؟ هذه شعارات للميادين. على بينيت أن يفهم بانها انتهت الايام التي كان يتحدى فيها وزراء الدفاع. الان هو مطالب بان يكون الراشد المسؤول. 

بزعم الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الروسية، كان الهجوم أمس هو الرابع في سلسلة هجمات جوية نفذتها اسرائيل منذ محاولة تصفية رجل الجهاد الاسلامي اكرم العجوري، في حي الدبلوماسيين في دمشق في 12 من هذا الشهر. منذئذ، حسب الروس، الذين بشكل عام لا يزيفون في البيانات الرسمية – هاجمت اسرائيل ايضا في 18 من الشهر اهدافا على حدود سوريا – العراق. الطائرات، حسب الروس، مرت في المجال الجوي للاردن والعراق. في 19 من الشهر، هكذا حسب الروس، هاجمت اسرائيل المطار في دمشق واطلقت صواريخ ايضا ضد اهداف توجد على مسافة 18 كيلو متر جنوب العاصمة السورية – ما يشرح، ربما، اطلاق الصواريخ الايرانية الاربعة نحو جبل الشيخ. وأمس، في 20 منه، في حدث اخذت اسرائيل المسؤولية عنه، اطلق سلاح الجو بزعم الروس 40 صاروخ جوال نحو ضواحي دمشق وتسبب ضمن امور اخرى بموت عشرة سوريين. هذه الهجمات المتتالية، بعد “صوم” طويل جدا، لم يأت ردا على نار صواريخ لمرة واحدة. هناك انطباع بانه توجد هنا خطة سياسية – عسكرية وان الامر الاخير الذي تحتاجه هو ثرثرة وزير دفاع غر. 

لقد تلقى الروس بلاغا بالهجوم الاسرائيلي قبل بضعة دقائق فقط من ضربة الصواريخ، وصباح امس اصدروا “بطاقة صفراء” في بيان شجب فاتر جدا على لسان نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف. وبعد الظهر اصدرت وزارة الخارجية لدولة اسرائيل “بطاقة حمراء”. الروس هم الاخرون فهموا، اغلب الظن، بانه يوجد هنا ميل جديد من شأنه ان يعرض طائراتهم للخطر. ولهذا فقد قرروا ان يصدروا امس منشورا مفصلا للاعمال العسكرية الاسرائيلية في سوريا، تماما مثلما فعلوا بعد اسقاط طائرتهم الاستطلاعية في ايلول 2018، بعد هجوم جوي اسرائيلي. لقد حدد الروس لاسرائيل، حتى قبل بضعة اشهر، بان دمشق – واساسا المطار – هي منطقة مصالح روسية واضحة حيوية للحفاظ على مكانتهم في سوريا وللحفاظ على نظام الاسد. وهم الان يلمحون بان الحساب على الطريق. في هذا السياق يشار الى انه بخلاف بعض المنشورات، فان رئيس هيئة الامن القومي، مئير بن شباط، وان كان في زيارة الى روسيا قبل  الهجوم الا انه لم يطلع مضيفيه على ما هو مرتقب. 

أمس في اثناء الهجوم، دمر سلاح الجو بطاريات صواريخ مضادة للطائرات سورية فتحت النار نحو الطائرات. وضمن امور اخرى دمرت بطارية من طراز روسي متطور نسبيا، أس آي 22. لاسرائيل مصلحة في الايضاح للرئيس الاسد من خلال ضرب اهداف في دمشق والجيش السوري بان استقرار حكمه منوط باسرائيل ايضا. اذا كان لا يستطيع مطالبة الايرانيين بالانصراف – فليمارس الضغط على الروس. 

والان نحن نرى ثلاثة سيناريوهات محتملة في الشمال. الاول: ان يتجاهل الايرانيون الضربة لقياداتهم ومنشآتهم في دمشق، حتى الحادثة التالية. احتمال ان يتحقق هذا السيناريو ليس عاليا، وذلك لان ايران تكبدت خسائر واضرار في لباب منظومة القيادة، التحكم والبنى التحتية لها في سوريا. هذه المرة اسرائيل حتى لا تختبيء خلف ذريعة مهاجمة اسلحة متطورة هربت الى سوريا. فالاهداف التي تقررت في سلاح الجو امس كانت اساسا قيادات رئيسية في منطقة دمشق: واحدة لقوة القدس نفسها والثانية للميليشيات الشيعية المؤيدة لايران. ايران، التي ترى نفسها كقوة عظمى اقليمية وعيون حلفائها تتطلع اليها، لا يمكنها أن تمر على ذلك مرور الكرام. 

السيناريو الثاني معقول اكثر: ايران سترد بنار صاروخية، مقنونة، نحو اهداف عسكرية في الشمال. والسيناريو الثالث هو الاخر ممكن، ولكنه اغلب الظن ليس قابلا للتنفيذ في المدى القريب: هنا بات الحديث يدور عن صواريخ دقيقة نحو مواقع لبنى تحتية في عمق اسرائيل. مثل هذا التنفيذ يستدعي من الايرانيين سلسلة من الاعمال ليست موجودة بقدر ما هو معروف في المدى القصير. في كل الاحوال يتعين على الجيش الاسرائيلي أن يحافظ على التأهب – ولا سيما الدفاعي – لفترة زمنية غير قصيرة. 

تستغل اسرائيل هذه اللحظة نافذة فرص استراتيجية – تغرق فيها طهران في ازمة اقتصادية وتحديات الاضطرابات في الداخل، في العراق وفي لبنان. وهجمات اسرائيلية ناجحة ضد اهداف ايرانية كفيلة ايضا بان تمنح ريح اسناد لمحافل في العراق وفي لبنان تعارض تواجد الايرانيين في دولتيهما.

موعدان سياسيان سيؤثران على السلوك الايراني في الاشهر القادمة: الاول، شباط 2020، موعد الانتخابات للبرلمان في طهران، حيث قد تعود الى الحكم القوى المحافظة المدعومة من الحرس الثوري. والموعد الثاني هو الانتخابات في الولايات المتحدة في نهاية 2020. ولو كان هذا منوطا بالرئيس الايراني الحالي، لكانت بلاده ضبطت نفسها ولم تخلق ازمات دراماتيكية في المنطقة الى ان يتبين من سيكون في البيت الابيض.

في هذه الاثناء، اللهيب في الساحة الشمالية قد يتفجر في كل لحظة – وهو يستوجب يدا مستقرة، متوازنة وهادئة على الدفة الامنية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى