ترجمات عبرية

يديعوت – بقلم  اليكس فيشمان –  جبهة غزة ، اختبار 29 تشرين الثاني

يديعوت – بقلم  اليكس فيشمان – 27/11/2019

يتباهى جهاز الامن في أنه نجح في ان يفرض على حماس الحفاظ على الهدوء على طول الجدار في الاسبوعين الاخيرين، بما في ذلك الغاء استثنائي للمظاهرات الجماهيرية في نهاية الاسبوع. ولكن هل حملة “الحزام الاسود” خلقت بالفعل انعطافة جوهرية في الاحتكاك مع قطاع غزة أم ان الهدوء في الاسبوعين الاخيرين هو خطوة تكتيكية اخرى من جانب حماس؟ الاختبار الاول لذلك سيكون في نهاية الاسبوع القريب القادم: يوم الجمعة سيحيي الفلسطينيون، مثل الاسرائيليين، 72 سنة على 29 تشرين الثاني 1947، اليوم الذي تقرر فيه في الام المتحدة تقسيم البلاد. اذا ما ساد الهدوء على طول الجدار، أو جرت مظاهرات رمزية فقط – فسيكون هذا مؤشرا واضحا على تغيير محتمل. اذا لم تنتقل ايام الغضب في الضفة الى قطاع غزة، فسيكون هذا مؤشرا ايجابيا اكثر. عندها فقط سيكون ممكنا البدء بالتفكير بتعابير “نافذة الفرص” لتسوية بعيدة المدى في غزة.

عندنا يسارعون الى الاحتفال بالانجازات التكتيكية، ولكن النشوى بعد الحملات العسكرية الناجحة تؤدي دوما عندنا الى اخطاء سياسية في فهم المجتمع الفلسطيني. دوما يخيل لنا ان الحسم في معركة تكتيكية ما هو انتصار شامل. الان ايضا، مثلا، تمكنا من ان ننسى بان هدوء الاسبوعين الاخيرين جاء بعد سنة ونصف من المظاهرات المتواصلة، في كل نهاية اسبوع، شارك فيها بين 5 الاف الى 50 الف نسمة. اسرائيل، القوة العظمى الاقليمية، لم تنجح في لجم العربدة التي جعلت الحياة في غلاف غزة لا تطاق. فعندما سجل في الطرف الاخر اكثر من 300 قتيل والاف الجرحى، يحتمل أن يكون الحكم في غزة ببساطة يعيد احتساب المسار فقط. 

من غير المستبعد ان تكون حماس حرصت على الغاء المظاهرات على الجدار منعا للاصابات بنار الجيش الاسرائيلي، مما كان يسمح للجهاد الاسلامي بان يناكف مرة اخرى قولتها ويطلق النار نحو اسرائيل. كما انه من غير المستبعد أن يكون الهدوء الذي فرضته حماس على المنظمات الاخرى في غزة ينبع من اعتمالات داخلية في حماس، بعد أن صفت اسرائيل عنها حجر عثرة في شكل مسؤول الجهاد ابو العطا، الذي لم يقبل إمرتها وتصدرها. فحماس ترى نفسها اليوم كجيش بكل معنى الكلمة، وليس كذراع عسكري لمنظمة ارهاب. وللتجسيد على ذلك، يعتبر محمد ضيف في بيانات حماس كرئيس هيئة الاركان العامة لكتائب عز الدين القسام وليس كقائد الذراع العسكري، كما كان يسمى في الماضي. اما الجهاد الاسلامي فقد رفض الدخول تحت سلسلة القيادة هذه. 

على الارض نفسها توجد بضعة مؤشرات مشجعة اخرى. فالقوى اللاجمة لحماس اطلقت في اثناء الاسبوعين الاخيرين النار على متظاهرين حاولوا الخروج عن التعليمات لعدم الدخول الى الاراضي الاسرائيلية أو القاء عبوات على الجنود، بل واوقفت اطلاق البالونات واحراق الحقول في اسرائيل. اما قادة الوحدات الذين لم يقبلوا بإمرة المنظمة فقد اعتقلوا. تتصرف حماس بشكل متصالح ايضا مع السلطة الفلسطينية: لشدة خيبة أمل مكتب ابو مازن في رام الله وافقت على قبول شروطه لاجراء الانتخابات، بلا تحفظ تقريبا، بما في ذلك الموافقة على السير الى انتخابات للبرلمان في الضفة في اطار قائمة لا تتماثل مباشرة مع منظمة حماس.

غير أن الجيش لا يكتفي بالانجاز العسكري، بل ويدفع القيادة السياسية لتثبيت الانجاز بخطوات مدنية داعمة، معناها تحسين الوضع الاقتصادي في قطاع غزة وعمليا تثبيت حكم حماس في القطاع. ان يكون الجيش راض عن الانجاز العسكري هو شيء، واللعب بالمادة المتفجرة السياسية فهو شيء آخر. فهذا لم يعد ملعب الجيش. من قال ان حماس بالفعل غيرت السياسة؟ من قال ان على اسرائيل أن تطور قبضتها في قطاع غزة؟ هدف حماس – قبل أن تعالج “الكيان الصهيوني” – هو ان تسيطر قبل ذلك على السلطة الفلسطينية، على الجمهور الفلسطيني كله سواء بالانتخابات ام بواسطة الارهاب. لهذا الغرض تجدها تحتاج الى وقف نار بعيد المدى كي تترسخ.  هل تشتري اسرائيل هدوءا للمدى القصير، يؤدي الى نشوء عدو اقوى بكثير للمدى البعيد؟ وهل هذه بالفعل تعليمات القيادة السياسية للجيش؟ أم انه في ظل عدم وجود قيادة سياسية يقود الجيش قرارات ذات آثار سياسية بعيدة المدى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى