ترجمات عبرية

يديعوت– بقلم اشكول نافو – أمور رأيتها في بلفور

يديعوت– بقلم  اشكول نافو – 23/10/2020

مئة الف شخص الى بلفور ونصف مليون في الجسور وفي المفترقات لن يتركوا للساحة السياسية مفرا غير الاشارة الى نتنياهو على طريق الخروج. عندها،  فقط عندها سنتمكن من ترميم الحطام ورأب الصدوع لنبني هنا مجتمعا اسرائيليا متكافلا، متسامحا وديمقراطيا. مجتمع نكون فخورين به .

“فجأة نهض شخص في الصباح فشعر بانه شعب وبدأ يسير”

من موقف السيارات حتى بلفور 20 دقيقة سير.  القدس هي مدينة كبيرة. الشوارع فارغة. هادئة. رغم أننا نأتي الى هنا كل منتهى سبت، منذ ثلاثة اشهر، وفي اطار المسيرة  ينشأ التخوف من أن يكون  الميدان هذه المرة مقفرا. في الصعود في شارع غزة يكون يسير بعض من الناس هم يحملون اعلاما سوداء. ولكن فقط بعد الانعطافة يسارا باتجاه شارع رمبان، نبدأ بسماع ضجيج الطبول وصفير المزامير. وعندها، قبل فندق هملخيم، ينبسط ميدان باريس امام ناظرينا ويتبين لنا مرة اخرى لسعادتنا، اننا لسنا وحدنا. ولعل هذا هو اهم ما حصل في بلفور وفي الجسور في الاشهر الاخيرة. مئات الاف الاشخاص فهموا بانهم ليسوا وحدهم. ليس هم فقط من يشعرون بانه تم اجتياز خط.  ليسوا هم فقط من يشعرون بانه لم يعد الوضع يحتمل. ليسوا هم فقط غاضبين. ليسوا هم فقط غير قادرين على احتمال المظالم، الاكاذيب والفساد. مئات الاف الاشخاص نهضوا، فهموا بانهم شعب، وبدأوا يسيرون.

“كنت محظوظا فأمسكت بقلم، فامسكه وكأنه سيف”

أخذني أبواي الى المظاهرات من سن مبكرة. وأنا آخذ بناتي الى المظاهرات منذ ولادتهن تقريبا. ومع ذلك ثمة شيء ما في موجة الاحتجاج الحالية، تختلف عن كل ما سبقها. قبل كل شيء: الحماسة. المظاهرات في بلفور غاضبة، متطلبة، صاخبة. والطاقات تذكر بطاقات ثورة. لا يوجد عنف من جانب المتظاهرين، ولكن الاحساس هو احساس التفاني. ما يبرز للعيان ايضا هو الارتباط بين الاجيال وبين القبائل. الشبان يعطون  الوتيرة. كبار السن يعطون المفعول. من يمكنه، يتظاهر في الحي، او في الجسر. ومن يمكنه يصعب بعد المظاهرات في الحي وفي الجسر الى القدس. يأتي الناس من ملخية التي في الشمال. من ايلات في الجنوب. يأتي الناس من اليمين. ومن اليسار. ورجل واحد، يقف كل اسبوع في نزلة شارع اغرون وعلى ظهره يافطة، قاتلت في أربع حروب، هذه حربي الخامسة”. نعم، موضوع آخر خاص في المظاهرات في بلفور هو الابداعية. اليافطات، العروض، الموسيقى. كل هذه تتحدث من تلقاء ذاتها:  احد لن يأخذ منا حرية التعبير، تقول اليافطات. لا يمكن فرض اغلاق على الخيال، تقول العروض. نحن غير مستعدين للمرور مكرور الكرام عن الفساد، يقول العلم الاسود. نحن غير مستعدين لان نتنازل عن الامل، يقول العلم الوردي.  

“خسارة اننا وصلنا الى مثل هذا الوضع الرهيب كي نصحو ونرى هذا. انا صحوت. انا صحوت بشكل ما”

فقدت صديقا بسبب الكورونا. شعر بوعكة، لم يتوجه الى المستشفى خوفا من العدوى، وفي الليل مات في منامه. حصل هذا تماما مع نشوب الوباء، ومنذئذ فان الناس الذين يتحدثون عن الفيروس بتعابير “الفرصة” يخرجونني عن صوابي. مع ذلك، لا يمكن أن نتنكر بان وباء الكورنا، بصفته حدثا يطلق حربا على نطاق واسع يكشف الحقائق. يؤكد امورا لعله ما كان يمكن لها أن تبقى غامضة لولا نشوبه.

هذا يحصل على المستوى الشخصي – وهذا يحصل على المستوى الوطني. لو كانت لي شكوك حول الدوافع من خلف قرارات نتنياهو، لاوضح الكورونا بان هدفه الاساس، حتى في زمن الازمة الوطنية القاسية، هو نجاته من لائحة الاتهام. لو كانت عندي تساؤلات حول معاييره الشخصية، فان حقيقة انه في زمن أزمة وطنية قاسية حاول ان يرتب لنفسه استردادات ضريبية بملايين الشواكل، تكون اغلقت الزاوية. لو لم اكن واثقا من أن نتنياهو يتطلع حقا لان يكون اردوغان، لجاءت محاولاته “الفاشلة” لقمع المظاهرات لتوضح ما هي نواياه الحقيقة. لو كانت عندي علامات استفهام حول كفاءات نتنياهو القيادية، لجاء الكورونا ليوضح بانه في كل ما يتعلق بالشؤون الداخلية، فانه رئيس وزراء فاشل، ضعيف، عديم الوسيلة. اهماله عند الخروج من الاغلاق الاول حكم علينا بالاغلاق الثاني. وعدم قدرته على التصدي للخروقات المنهاجية للتعليمات من جانب الاصوليين الان يجلب علينا الاغلاق الثالث. وفوق كل شيء، اثبتت الاشهر الاخيرة بان الجدال السياسي الاساس في اسرائيل في هذه اللحظة هو على الاطلاق ليس بين  اليمين واليسار، بل بين الموالين لنتنياهو والموالين لاسرائيل.

“لا توجد لي بلاد اخرى حتى لو كانت ارضي  تشتعل”

في نهاية المطاف، بعد أن ينتهي كل شيء  يتعين علينا أن نعود لنسأل: ما هي القيم المشتركة لنا؟ التي تربط بيننا؟ التي ستسمح لنا بان نعيش معا رغم الخلافات؟ ولكن في هذه اللحظة مسموح لنا بصراحة أن نجيب، وهام ان نجيب: بان رئيس الوزراء لم يعد منذ زمن بعيد يمثل هذه القيم.

باسم الرغبة في النجاة من حكم محكمة في المستقبل يفرض عليه فانه مستعد لان يدوس المرة تلو الاخرى على تلك القيم الاساسية التي ترد في وثيقة الاستقلال، تلك القيم الاساس التي يمكن ان يبنى عليها الاجماع الاسرائيلي الجديد: الديمقراطية، احترام سلطة القانون، حرية التعبير، التكافل الاجتماعي.

وعليه، فان من يأتي الى بلفور والى الجسور كي يقف عند هذه القيم، من ليس مستعدا لان يسكت على تغيير بلاده لوجهها، من يسافر على مدى ساعات في قافلة، من يعد مع ابنائه اليافطات، من يسير كيلومترات وهو يحمل علما في اليد وكمامة على الفم، ليس فوضويا.  وليس ناشرا للامراض. بالعكس  هو وطني، محب لاسرائيل بينما نتنياهو، وانا اكتب هذا بحزن، نسي ماذا يعني أن يكون المرء اسرائيليا.

“اذا لم تنهض لتكون مواطنا، فانهم سيجعلونك رعية”

إذن انهضوا من نتفليكس خاصتكم. انهضوا من برامجكم التلفزيونية. انهضوا من خططكم المعيشية ومن مناسباتكم العملية. ومن الكسل. ومن الانهزامية. انهضوا عن “الزوم” وانزعوا عنكم شعارات “بالكلام لا يتغير شيء” و “بالكلام لا نؤثر”.

لقد بات هذا مؤثرا: فالمظاهرات منعت جولة انتخابات اخرى، ادت الى استقالة وزير من الحكومة. وفوق كل هذا اثبتت أنه توجد في اسرائيل قوة مدنية مصممة على أن تقاتل ضد كل مس بالقيم الاساس لهذا المكان. ولكن هذا لا يكفي. ينبغي تشديد الضغط على الساحة السياسية ولهذا الغرض يجب توسيع دائرة المتظاهرين. عندما يصل مئة الف شخص الى بلفور، ونصف مليون الى المفترقات والجسور، يتحول الاحتجاج من مؤثر على حاسم. ويفيد التاريخ بان السياسيين يميلون الى الرأي العام  كما تميل العشبة الى الشمس. مئة الف شخص الى بلفور ونصف مليون في الجسور وفي المفترقات لن يتركوا للساحة السياسية مفرا غير الاشارة الى نتنياهو على طريق الخروج. عندها، فقط عندها سنتمكن من ترميم الحطام ورأب الصدوع لنبني هنا مجتمعا اسرائيليا متكافلا، متسامحا وديمقراطيا. مجتمع نكون فخورين به.                                                          

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى