يديعوت: انظروا إلى ما هو على المحك هنا
يديعوت 5-5-2024، ناحوم برنياع: انظروا إلى ما هو على المحك هنا
استمرار الحرب ودخول الجيش الإسرائيلي إلى غلاف منطقة رفح هما الآن على إحدى كفتي الميزان، وتقف على الكفة الأخرى الحرب وإعادة المخطوفين، وعودة 100 ألف إسرائيلي إلى بيوتهم وحياتهم في غلاف غزة وفي الشمال، وترميم العلاقات مع الإدارة الأمريكية ومع الرأي العام في الغرب، وإقامة تحالف إقليمي ضد إيران وتطبيع العلاقات مع السعودية. أخشى أن لا مفر من إضافة عنصر ثقيل الوزن آخر إلى إحدى كفتي الميزان: شرخ عميق ومروع داخل المجتمع الإسرائيلي، وداخل الجيش، وداخل العائلات. هكذا تبدأ حروب أهلية.
ينعقد اليوم كابنت الحرب في ما يبدو كجلسة حاسمة. لكن التجربة علمتنا ألا نبني توقعات؛ ففي كابنت عشية صفقة المخطوفين الأولى، بعد انتهاء الاستيضاحات كلها، قال نتنياهو إنه يريد إجراء مكالمة هاتفية أخرى واستيضاحاً آخر. تهديد صريح من آيزنكوت أجبره على قبول الحسم. التأجيل هو الجوهر.
نعم، حماس منظمة إرهاب إجرامية. من الخير لو عرفنا كيف نمحوها عن وجه البسيطة. لكن بعد 210 أيام من القتال نعرف قيود قوتنا. يقدر الجيش الإسرائيلي إنجازاً عسكرياً محدوداً في رفح بثمن عالٍ. الجيش الإسرائيلي سيقوض هيكل أربع كتائب لحماس ترابط هناك – موضوع إيجابي بحد ذاته – لكن حماس لن تباد، وسندفع الثمن بمزيد من المصابين من بين المقاتلين والمخطوفين ونلحق هدماً وقتلاً على مستوى واسع في المدينة وفي محيطها. وسيكون رد فعل الحكومات والرأي العام في العالم فتاكاً.
كل من له عينان، بما في ذلك قيادتنا الأمنية وإدارة بايدن، يفهم ما الموجود على كفتي الميزان. الأمر ليس مسألة مخطوفين مقابل رفح، بل استراتيجية مقابل سياسة. استعداد إسرائيلي لإنهاء الحرب، ليس نظرية ربما، لكنه عملياً، قرار استراتيجي يفتح الباب للخروج من الحفرة التي وقعنا فيها في 7 أكتوبر وإلى تسويات يمكن لإسرائيل أن تعيش وتزدهر معها. كانت لنا إنجازات عسكرية مهمة في الحرب، يتعين علينا الاكتفاء بها.
الثمن باهظ: حماس ستنتهي في غزة كجيش وحكومة، لكنها ستظل منظمة إرهاب وبنية تحتية اجتماعية، في الضفة وغزة أيضاً. الثمن باهظ أيضاً لقائمة السجناء الثقيلين الذين سيتحررون. إسرائيل ستخرج من غزة دون النصر المنشود، المعلن. هذه طبيعة القرارات الاستراتيجية.
لقد اختار نتنياهو الهروب من المسار الاستراتيجي إلى المسار السياسي. أصدر أمس بيانين تحت غطاء شبه مغفل استهدفا إحباط الاحتمال للصفقة. الجمهور المستهدف كان الوسطاء وحماس الخارج والكهانيين في حكومته. إذا اقتنعوا بأنه لا توجد صفقة فسيعفى من الحسم. الحرب ستستمر، والضغط الأمريكي سيتبدد، والتهديدات من اليمين واليسار بتفكيك حكومته ستتأجل إلى مواعد أخرى. حقيقة أن نتنياهو أغري على إصدار البيانين بل وفي السبت، تدل على أنه مفزوع حقاً، وأنه يؤمن بأن الصفقة هي بمثابة الممكن.
هذه المناورات نجحت من قبل. لكنها لا تنجح اليوم، لا مع حماس، ولا مع غانتس وآيزنكوت، ولا الوسطاء. الزمن يلح للإدارة الأمريكية بقدر لا يقل عما يلح لملايين الإسرائيليين القلقين على حياة المخطوفين. لم تتبق سوى ستة أشهر على الانتخابات الأمريكية. بايدن في وقت حرج، ولهذا وعد الأمريكيون قادة حماس لضمان عدم استئناف الحرب إذا عقدت صفقة. تطالب حماس بضمانة كهذه منذ زمن بعيد. وهي لا تصدق الوعد الإسرائيلي. وفي هذه الظروف يمكن تفهمها.
وعليه، فإن رئيس “السي.اي.ايه” يبكر في الوصول إلى القاهرة؛ وتضغط الإدارة علناً على قطر لتهديد زعماء حماس وتضغط علناً على حكومة إسرائيل للاستجابة للصفقة. كل شيء موضوع على الكفة، من ذخيرة تحملها الطائرات وحتى التحالف الإقليمي والاتفاق في لبنان.
كلنا نعرف القصة عن ذاك الذي أكل السمك الفاسد وطرد من المدينة أيضاً. في 7 أكتوبر ضُربنا؛ في تواصل الحرب في ست أو سبع جبهات أكلنا وفرة من السمك الفاسد؛ بالطريقة التي يتصرف فيها نتنياهو، فسنطرد من المدينة في النهاية.