ترجمات عبرية

يديعوت: اليوم التالي للضربة القاسية: في انتظار سُلّم للنزول

يديعوت 2024-01-25، بقلم: ناحوم برنياع: اليوم التالي للضربة القاسية: في انتظار سُلّم للنزول

غادي آيزنكوت الذي كان السكرتير العسكري لأرئيل شارون في بداية الانتفاضة الثانية، ذكّر زملاءه بما حصل في حملة السور الواقي، الحملة العسكرية التي أعادت للجيش الإسرائيلي السيطرة في معاقل الإرهاب وأنهت إرهاب الانتحاريين. وأنا أقتبس أقواله من مصدر ثالث. فقد قال انه “كان للحملة مهمتان. تصفية الإرهاب وتقويض السلطة الفلسطينية. اليوم، بعد 22 سنة من الحملة، يوجد إرهاب في يهودا والسامرة والسلطة الفلسطينية موجودة أيضا”.

ذكرى حملة السور الواقي تثور أحياناً في المداولات على الحرب في استديوهات التلفزيون. الحملة كانت بطولية. النجاح مبهر. خسارة أن المحللين يربطون بالحملة إنجازات لم تكن لها. حسب النشر الرسمي فان الحملة استمرت لشهر ونصف، في ربيع 2002. ثمة من يدعي ان الحملة استمرت سنتين؛ ثمة من يدعي بانها مستمرة حتى اليوم.

الاستنتاج واضح: في جولات الحروب في الساحة الفلسطينية لا توجد انتصارات مطلقة. خسارة انها لا توجد: إسرائيل والمنطقة كانتا ستخرجان كاسبتين لو كانت منظمة الإرهاب الجهادية حماس تباد حتى الحمساوي الأخير. لكن احد الأمور التي تعلمناها في حروبنا هو أن من يدعي بانه سيحقق في ميدان المعركة اكثر مما هو قادر على أن يبتلعه ينتهي بمصيبة. لقد انتصرت إسرائيل على أعدائها بطريقة أخرى – بما فعلته بين الجولات. مثلما يذكرنا بين الحين والآخر توماس فريدمان، رجل الـ “نيويورك تايمز”، فانه عندما ضيعت المنظمات الفلسطينية الهدن بين الجولات على الإرهاب، الفساد، تنمية الكراهية وحفر الأنفاق، بنت إسرائيل اقتصادا قويا، جيشا حديثا، ديمقراطية هائجة وحياة نزيهة. حماس انتصرت في 7 أكتوبر. ليس في هذا النصر ما تحسد عليه.

يوم الاثنين بعد الظهر تلقينا ضربة قاسية. الحدث الذي سقط فيه 21 مقاتلاً وقع قرب الحدود، قبالة كيبوتس كيسوفيم. كانت هذه حادثة على هوامش الحرب: لم تكن لها صلة بالجهد العسكري الأساس، في غرب خان يونس. مثل كثيرين آخرين وجدت صعوبة في أن أحتوي الأسى والغيظ حيال سقوط الجنود، وهو أساساً سقوط كان يمكن ظاهراً منعه. ومع ذلك اعرف ان هذه هي طبيعة الحرب. فالحروب لا تأتي مع بوليصة تأمين.

في الحروب التي تديرها دول ديمقراطية، فان ما يقرر هو ليس عدد القتلى في أوساط العدو بل عدد القتلى في أوساط قواتنا. هذا صحيح أيضا بالنسبة للحرب الحالية، التي عدالتها ليست موضع جدال. من زاوية معينة يبدأ الجمهور بإجراء حساب الثمن حيال الإنجازات، الكلفة حيال المنفعة. لا أعتقد ان عدد القتلى في يوم الاثنين غير في شيء تأييد الشارع الإسرائيلي للحرب. لكن في نظرة للمستقبل فان للثمن أيضا يوجد معنى.

هكذا كان في لبنان: طالما لم يرتفع العدد عن بضع عشرات في السنة كان بقاء الجيش الإسرائيلي في لبنان يحظى بتأييد جماهيري واسع. مصيبة المروحيتين في شباط 1997، قلب الجرة على فمها. الاحتجاج تصاعد، وايهود باراك وبنيامين نتنياهو المرشحان لرئاسة الوزراء، اضطرا للتعهد بالانسحاب الى خطوط الهدنة (باراك انتصر في الانتخابات وأوفى بوعده).

ما ينبغي أن يقلقنا في هذه المرحلة من المناوشات، في غزة وفي الحدود اللبنانية أيضا، هو الفجوة المتسعة بين فهم المستوى السياسي، فهم المستوى العسكري، توقعات الجمهور، الفهم الأميركي والواقع على الأرض. آمل أن اتناول بتفصيل أوسع هذه المسألة بعد يومين في ملحق السبت، لكني في هذه الاثناء سأطرح بضع نقاط باختصار.

نتنياهو يعد كل يوم بان تتواصل الحرب حتى النصر التام على حماس. هو لا يوضح ما هي طبيعة هذا النصر، وأي واقع سيولده. دور المستوى السياسي هو تحويل الإنجاز العسكري الى اتفاق، الى مستقبل يمكن التعايش معه. اما نتنياهو فقد اعفى نفسه من المسؤولية عن المستقبل.

يشدد الجيش الإسرائيلي إنجازاته على الأرض: فككنا 17 كيبة لحماس. كل كتيبة لحماس تصل الى حجم لواء – ناقص في الجيش الإسرائيلي. الكتيبة الـ 18 تقصف الآن في خان يونس. 24 كتيبة توجد لحماس بالاجمال. قتل حتى الآن 10 آلاف من مقاتليها (ثمة من يذكر عدداً ادنى من ذلك بكثير ويدعي بأن ليس كل من ينتمي لـ “حماس” يعتبر مقاتلاً). لكن قيادة حماس، أولئك الثلاثة أو الخمسة الذين يوجدون على رأس قائمة المطلوبين، ينجون وكذا المقاتلون ينجون ويعملون: الحرب حولت المنظمة من جيش منظم الى منظمة عصابات. لم تشلها ولم تهزمها، ولم تلطف حدة شروطها لتحرير المخطوفين. التوقعات في الجيش في هذا الموضوع لم تتحقق.

وبالأساس: بغياب قرارات في المستوى السياسي فإن الإنجازات العسكرية تتآكل. رفض نتنياهو اتخاذ قرارات بالنسبة لليوم التالي يعيد حماس الى الصورة ويودي بإسرائيل الى مواجهة قاسية مع الإدارة الاميركية ومع الدول العربية المعتدلة.

بغياب قرارات يفعل الجيش الإسرائيلي ما يمكنه حسب ما يراه. تقليص القوات في القطاع، ما يسمى المرحلة الثالثة، تمت دون تعليمات من الكابينت. لأحد ما في مكتب رئيس الوزراء قد يكون لا يزال أمل في ان يوفر القتال في غرب خانيونس صورة نصر سيكون ممكنا التباهي بها. آيزنكوت، في المقابلة المشوقة التي منحها لايلانا دايان، أوضح بان بتقديره لن تكون صورة كهذه. كما أنه لن تكون هنا عنتيبة. اقدر بان هذا هو المزاج في قيادة الجيش الإسرائيلي أيضا.

مثلما ان عشية وقف النار الذي أعاد الى الديار بعض من المخطوفين، تحتاج إسرائيل لصفقة مثلما تحتاجها حماس تقريبا. لا توجد في هذه اللحظة صفقة: توجد فقط أفكار إسرائيلية غير ملزمة تهمس في آذان القطريين والاميركيين. ليتها تكون: فهي لن تعيد فقط المزيد من المخطوفين بل وستوفر أيضا للمستوى السياسي سلما ينزل عنه الى ارض الواقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى