يديعوت: الغرق في وحل غزة
يديعوت 1-4-2024، بقلم: رونين بيرغمان: الغرق في وحل غزة
منذ بداية الحرب، بدأ المحللون يستخدمون تعبيرا “ينبغي أن يقال بصدق” في كل مرة يوشكون على أن يقولوا فيها شيئا ما غير إيجابي أو غير لطيف أو غير مفتخر عن إسرائيل وجهازها الأمني. هذا تعبير غريب بعد الشيء. إذ انه إذا كان ينبغي الآن أن يقال بصدق، فما الذي فعلناه حتى الآن؟
السؤال كيف تصرفت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية تجاه جملة أنصاف الحقائق، الأخطاء، صرف الانتباه والألاعيب الإعلامية باسم الوطنية المزعومة لخلق صورة شوهاء عن الوضع لا بد سيطرح بالتأكيد ويؤدي إلى حساب النفس.
لكن إذا كنا سنستخدم اللغة نفسها فإنه ينبغي أن يقال بصدق، إن كل شيء عالق. دولة إسرائيل تراوح في ميدان المعركة، تغرق في الوحل الذي خلقته لنفسها في غزة، تتدهور إلى الهوة في العالم السياسي والدولي.
وشيء آخر يجب أن يقال بصدق: دولة إسرائيل تترك المخطوفين لمصيرهم ولا تضعهم في رأس القائمة ولا حتى ضمن المواضيع الثلاثة الأولى، في رأس سلم الأولويات.
أمس، 30 آذار، تكتمل بالضبط أربعة اشهر على تفجير وقف النار وصفقة المخطوفين مع “حماس”. أربعة شهر في قسمها الأكبر ضاعت هباء.
“الكابينت” ورئيسه يتصرفان بطريقة التسويف و”رُح وعد” مع طاقم المفاوضات، الذي يواصل عدم تلقي ما يكفي من التفويض لخوض مفاوضات سريعة لأجل الوصول أخيرا إلى “صفقة إنسانية” تضم تحرير 40 مخطوفا. وفقط عندما تنتهي سيكون ممكنا خوض المفاوضات على الجنود المخطوفين.
من ناحية، كل اللاعبين المشاركين في موضوع المفاوضات والتجربة الفاشلة حاليا يروى لهم عن تقدم، عن “اليومين التاليين الحرجين” وعن المرونة الكبيرة والهائلة لحكومة إسرائيل.
أعضاء الطاقم المفاوض قالوا في المداولات التي تأجلت لثلاثة أيام بسبب دخول السبت قبل أسبوعين، إن “المُلح فقط هو أن المخطوفين يذوون في غزة”، ومع التفويض الذي أعطاه نتنياهو لهم، لا يوجد أي احتمال لأن توافق (حماس) على أي شيء. نتنياهو رفض أن يعطي أكثر وقال لهم اعرضوا الموقف وإذا رفض عودوا لتلقي تفويض آخر. “حماس” رفضت والطاقم عاد من الدوحة إلى البلاد. في جلسة “الكابينت” الأخيرة، بعد أن ضاع أسبوعان من العيش في جحيم غزة بالنسبة للمخطوفين، نزعت الأقنعة ووقف نتنياهو بشكل قاطع مع الوزراء المتطرفين ضد حل وسط إضافي.
أفادت دانا فايس، أمس، بأنه في أعقاب الواقع الرهيب الذي كشفت عنه المخطوفة عميت سوسانا في المقابلة مع “نيويورك تايمز” غير العديد من وزراء “الليكود” رأيهم وباتوا يؤيدون الآن تنازلات يعتقد رئيس “الموساد” بأن بوسعها أن تولد صفقة.
في كل ما يتعلق بالمخطوفين من الصعب الافتراض بأنه يمكن للأمر أن يكون أسوأ. والدليل هو أنه عندما لا تكون صفقة يذوي المخطوفون، وإسرائيل تنشغل بأمور كثيرة بالذات وهم ليسوا بالذات بينها.
في 23 أكتوبر، عندما كان الجدال حول الخطوة البرية أو إعطاء فرصة للمفاوضات التي كادت تنضج لصفقة المخطوفين كتبنا هنا ناحوم برنياع وأنا بأنه “فضلا عن الجدال على توقيت المناورة نشأت أزمة ثقة بين نتنياهو والجيش وداخل “الكابينت” الضيق و”الكابينت” الموسع. أزمة الثقة هي ضرر إضافي إلى ضرر 7 أكتوبر، وهو يجعل من الصعب التركيز على الحرب وعلى اتخاذ القرارات بما فيها القرارات الأليمة. إسرائيل بحاجة الآن إلى زعامة فاعلة تركز على مهمتها. إسرائيل لا توجد لها مثل هذه القيادة. هذه “ورطة 23”. ورطة 23 أصبحت الآن ورطة 24 مع حكومة لا تؤدي مهامها، “كابينت” موسع، منقسم ومشلول.
ينبغي أيضا أن يقال بصدق بالطبع، انه في معظم الأماكن، المواضيع، المستويات والمجالات التي خلق فيها عالم جديد بعد 7 أكتوبر، دولة إسرائيل، بما فيها أسرة الاستخبارات والجيش، بما فيها موضوع المخطوفين على نحو خاص لم تستعد المبادرة والعبقرية اليهودية، إلى جانب الشقاوة الإسرائيلية وإحساس الابتكار وأمة الاستحداث تكاد لا تكون ظاهرة. فمحافل الحكومة الثلاثة، مثل الجيش أيضا تعنى بردود الأفعال، لا تبادر إلى خطوات واسعة مفعمة بالإقلاع وكثيرة الخيال. كان ينبغي للجيش الإسرائيلي ورئيس الأركان هليفي أن يأتيا إلى “الكابينت” ويقولا بشكل لا لبس فيه إن المخطوفين يذوون ودولة إسرائيل ملزمة بأن تغير الاتجاه وتضع مصيرهم في رأس سلم الأولويات، قبل اعتبارات أخرى.
الأمور تتعلق أيضا في كل ما يتعلق بالجيش. هليفي يشدد على أن الجيش جاهز لأن ينفذ كل خطة وكل أمر يصدر عن الحكومة، فهو يساند أعمال اللواء نيتسان الون في المفاوضات، لكنه لم يقلب الطاولة ولم يقل ما يكفي عن تضليل الجمهور وكأنه يمكن هزيمة “حماس” وتفكيكها من قدراتها العسكرية والسياسية معا وتحرير المخطوفين في الوقت نفسه، ومع جهة مركزية أخرى من رجال 7 أكتوبر، وزير الدفاع يوآف غالانت هو المعارض المركزي للتنازل في مواضيع بتر القطاع وإعادة اللاجئين إلى الشمال.
الجيش الإسرائيلي حسب خططه هو نفسه لم يحقق أهدافه وليست له “سيطرة عملياتية” في أرجاء القطاع مثل تلك التي كان يفترض أن تكون له مع انتهاء المرحلة الثانية في نهاية كانون الأول وحسب مصادر استخبارية أميركية نجح في أن يقتل ثلث عدد رجال “حماس” فقط ويدمر ثلث أنفاقها فقط. منذ منتصف كانون الثاني لم يتقدم الجيش في القطاع باستثناء عمليات موضعية ناهيك عن أنه لم يحرر مخطوفين، رغم الوعد بأن هذا مرتبط بذاك.
بعض أسباب ذلك تتعلق بحقيقة أن نتنياهو يحبط كل محاولة لقطف ثمار سياسية مع الإنجازات العسكرية المعتبرة التي كانت، غير مستعد لأن يتحدث عن السلطة الفلسطينية لليوم التالي ويدهور العلاقات مع الولايات المتحدة إلى درك تاريخي اسفل. لكن بعضا منها أيضا يرتبط بأداء وقدرات الجيش وكذا بحقيقة أن الجيش وعد شيئا لا يعرف انه لا يمكنه أن ينفذه. من الصعب التحرر من الإحساس بأن حقيقة أن الجيش لا يضرب على الطاولة ويطالب بصفقة ويقول، انه معني حقا بوقف نار هي رغبة بعض من قياداته ممن هن أيضا مسؤولون عن الإخفاق الرهيب في 7 أكتوبر، بخروج بإنجاز مهم ما وعدم التنازل إلى أن يتحقق.
“كل المسائل مرتبطة”، قال هذا الأسبوع احد قدامى وخبراء المفاوضات في المخطوفين والمفقودين بما فيها المفاوضات الحالية. “الصفقة لا تقف وحدها – مخطوفون، انسحاب، اليوم التالي، حركة الفلسطينيين شمال، الشمال – (حزب الله). ثمة من لا يريد أن يحقق نهاية للمسائل لأن نهاية المسائل هذه هي بداية قصص أخرى – استقالة، لجنة تحقيق وربما انتخابات”.